34/03/14
تحمیل
الموضوع: التسليم في الصلاة
هناك جملة من الروايات دالة على تحقق الاجتزاء بالمجيء بأي من الصيغتين وهما السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وكذا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والبحث الآن في ذيل مصححة أبي بصير فان المصلي اذا أتى بالصيغة الاولى والصيغة الثانية فقد ذكر الماتن بأنه يكون جزء مستحب ومقصود الماتن ليس ان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هو جزء مستحب بل ان المجيئ بالصيغة الثانية بعد الصيغة الاولى هو أمر مستحب
وعليه فو لم يأت بالصيغة الاولى فتكون الصيغة الثانية في هذه الحالىة واجبة
وبحسب البيان الصناعي فان كلامه في الوهلة الاولى كلاما تاما وصحيحا باعتبار ان الطبيعة الواجبة للسلام تتحقق بأول الافراد وجودا فاما ان يتحقق السلام بالصيغة الاولى فهو الواجب وما بعدها من الأفراد يكون مستحب تلقائيا واما ان يتحقق السلام بالصيغة الثانية فيكون هو الواجب وهذا بيان صناعي معروف على طبق القاعدة يجري في كل الأبواب اذا كانت الطبيعة واجدة
ولكن هناك بيان صناعي آخر يقرب ان الصيغة الثانية ولو جيئ بالصيغة الاولى فان الصيغة الثانية تبقى على الوجوب
ومثاله الصلاة في الفريضة المعادة جماعة فهي بسبب كونها صلاة الظهر مثلا فهي فريضة ولكن بسبب كونها معادة فهي مستحبة
هنا قالوا ان الفريضية في أصل الطبيعة وان الاستحباب في الخصوصيات الفردية نظير صلاة الفريضة التي لم يمتثلها المكلف فاذا أراد إيقاع أول فرد من أدائها فهو مخير بين ان يكون في المسجد وبين كونه في الدار فان الطبيعة الفردية هنا لاتتنافى مع كون أصل الفرد هو فرد واجب فهنا أصل الطبيعة واجبة ولكن الخصوصيات الفردية مستحبة
فبهذا التقريب يمكن ان نصور هنا ان الصيغة الثانية أيضا واجبة نعم فرديتها مستحبة
تقريب ثالث صناعي وهو ما مرّ بنا في بحث الاصول وفي الفقه من ان العموم ليس كما يتوهم انه ثلاث أقسام وهي بدلي واستغراقي ومجموعي بل ان العموم أعم من ذلك فان العموم امتدادي وعموم منظومي وعموم نظامي وعموم شكل دائري وعموم غير دائري
أما العموم الامتدادي فهو مثل صلاة الجمعة فان خطبتيها واجبتين فان الامام في صلاة الجمعة سواء خطبة الخطبة بربع ساعة أو نصف ساعة أو ساعة كاملة ففي الجميع تسمى خطبة الجمعة ويصدق عليها الوجوب وذلك لأن الطبيعة هنا إمتدادية
فهنا كذلك ولعل صاحب الحدائق يقصد هذا المطلب وهو انك اذا أتيت بالصيغة الاولى ثم بالصيغة الثانية فلازلت تتكلم فتأتي بالواجب من التسليم بمجموعهما الامتدادي
وظاهر هذا البيان ان التسليم لايقع مستحبا بل يقع في امتداد الطبيعة الواجبة أي ان التسليم حصل بهما ممتدا وهذا لاينافي استقلالية التسليم الأول ولاينافي استقلالية التسليم الثاني وهذه خاصية العموم الامتدادي فهي تختلف عن العموم الاستغراقي
وإن قدم الثانية اقتصر عليها أي لايسوغ له ان يأتي بالصيغة الاولى بعد الصيغة الثانية
بينما المحكي عن بعض فتاوى المحقق الحلي والعلامة الحلي انه لوقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فانه يجوز ويشرع له ان يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد افتيا بأن الصيغة الثانية ولو أخّرها عن الصيغة الاولى فهي مستحبة
واشكل عليهما بأن الصيغة الاولى إنما تكون مشروعة اذا أتى بها قبل الصيغة الثانية والاّ فلا مشروعية للصيغة الاولى بعد الثانية
لكن يمكن تقريب مشروعية فتوى المحقق الحلي في المعتبر والعلامة الحلي في التذكرة ببيان ان أصل طبيعة التسليم واجبة وهي تصدق على الفرد الأول وعلى الفرد الثاني والمفروض ان الشارع أوجبها ضمن فردين سواء أتى بهما معا أو أتى بها منفردة وهذا يعطي وجه مشروعية للصيغة الاولى حتى لو أتى بها بعد الثانية باعتبار صدق الطبيعة
وبعبارة اخرى فان القدماء يبنون على البحث التحليل الماهوي أكثر مما يبنون على حرفية موازين الدلالة الإثباتية فنلاحظ هنا ان السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لم يلحظها القدماء باعتبار ان هذه الصيغة بخصوصيتها تعلق بها حكم الوجوب بل ان القدماء يلاحظون ان أصل تشريع وجوب السلام علينا أو السلام عليكم بالدقة كان على عنوان التسليم بطبيعته العامة
فهنا لدينا طبقتين من التشريع الثبوتي المضموني وهذا بحث مضموني تحليلي فنسمع كثيرا ان العموم هو ذو طبقات ولكن عند المعاصرين ان هذا الترتيب في الدلالة هو ترتيب صوري واثباتي وان المجعول شيء واحد وهو النتيجة فهو بحث اثباتي ودلالي محض بينما عند المتقدمين ان كل واحد من طبقات العموم هذه كل منها تشريع ثبوتي ذو مراتب وطبقات والفرق هو تارة نقول في الثبوت ليس لدينا طبقات متولدة من بعضها البعض بل لدينا قانون واحد وهو النتيجة النهائية فقط عند المعاصرين بينما عند المتقدمين فالتقنين طبقات اثباتية وثبوتية