34/11/17
تحمیل
الموضوع: وقت صلاة الكسوفين
كان الكلام في ان الظواهر الكونية التي لاتظهر لعموم الناس لاتوجب صلاة الآيات
ثم انتقلنا الى وقت صلاة الكسوفين من ان مبدأ صلاة الكسوفين كقيد زماني هو حين وقوع الكسوفين الى تمام الانتهاء من الكسوفين لا الى المبدأ خلافا لمشهور المتقدمين حيث ذهبوا الى منتهى وقت الكسوفين هو حين الأخذ في الانجلاء فان بدأ الإنجلاء هو منتهى صلاة الآيات
ومر ان مقتضى القاعدة مطابق لمشهور المتأخرين لا لمشهور المتقدمين أي انه مادام الكسوف موجود فالموضوع موجود ووقت الواجب أيضا موجود الى ان يزول تماما
علاوة على ذلك فهناك روايات خاصة
صحیح جمیل بن دراج:
محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال قال : وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها ، الحديث.
[1]
فمن حيث المبدأ يكون عند تحقق الكسوف بل لها دلالة ايضا على المنتهى
مصحح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم:
محمد بن الحسن بإسناده عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قلنا لأبي جعفر ( عليه السلام ) هذه الرياح والظلم التي تكون ، هل يصلى لها ؟ فقال : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن .
[2]
فظاهره أيضا واضح من ان المنتهى بلحاظ منتهى الآية وكذا المبدأ بلحاظ البدأ
معتبرة الفضل بن شاذان المتقدمة في التعليل عن الرضا (عليه السلام) قال إنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله لايدرى ءلرحمة ظهرت أو لعذاب فأحب النبي (صلى الله عليه واله) ان تفزع امته الى خالقها وراحمها عن ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا الى الله عزوجل ﴿فلولا كانت قرينة امنت فنفعها ايمانها الاّ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين﴾
[3]
صحيح الفضلاء عن كليهما:
وعن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة ، عن رهط وهم : الفضيل وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم ، عن كليهما ، ومنهم من رواه عن أحدهما ـ إلى أن قال ـ قال : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها.
[4]
وقد وقع لغط في استظهار هذا الصحيح من ناحية وقد انجلى كسوفها
فقد فسره المتقدمون بأنه قد أخذ في الانجلاء ولكنه من فعل الماضي وهو يعني الزوال وان كان الإحتمال الأول في الوهلة الاولى قد يتوهم أو يستظهر لكن الفعل الماضي ظهوره في الزوال
وقد يشكل أيضا على الاستظهار من هذا الصحيح بزوال الانجلاء بأن هذا لايدل على امتداد الوقت الى زوال الانجلاء للمختار فقد يكون استمرار صلاته (صلى الله عليه واله وسلم) قد أطالها الى ان تحقق الانجلاء أما من لم يشرع في الصلاة فمن قال انه يشرع له ان يشرع في الصلاة حين الانجلاء
وان هذا الإشكال مبني على ان الإنجلاء هو خارج الوقت وهذا شبيه من أدرك ركعة من الوقت فقد أحرز الوقت فالامتداد لمن أدرك الركعة الاولى داخل الوقت لالمن أوقع الركعة الاولى خارج الوقت
فإن امتداد الوقت لمن شرع في الصلاة لايلازم إمتداد الوقت لمن لم يبتدأ، هكذا قد اشكل على دلالة هذه الرواية
والجواب هو ان مدّ الصلاة من جانبه (صلى الله عليه واله) من الواضح انه لم يمدّها الى خارج الوقت فإن هذا خلاف الظاهر الأولي، فدلالة الرواية سليمة وتامة واستظهار القدماء ليس في محله
نعم هنا نقطة اخرى وهي ان ظاهر جملة الأدلة والروايات ان صلاة الآيات فورية وهذا مثل حجة الإسلام لمن استطاع فلو عصى سنة أو أكثر فيبقى ان مايأتي به هو أداء وليس من القضاء لأنه ليس للحج وقت يزول وان الفورية لاتعني انه مضيق أي انه ليس بمؤقت
والاية:
﴿ فلو كانت قرية منت فنفعها إيمانها الاّ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين﴾
[5]
فمناسبة خطورة العذاب الالهي المهلك هو سرعة المبادرة لا التراخي لأن حكمة تشريعها هو وقاية العذاب وهذا لايناسب التراخي وان كانت الفتوى هي التراخي
أيضا صحيح حماد بن عثمان:
وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن الحجال ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : ذكروا انكساف القمر وما يلقى الناس من شدته ، قال : فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إذا انجلى منه شيء فقد انجلى.
[6]
وقد يستفاد منه القدماء بأنه اذا أخذ بالانجلاء فحكمه حكم الانجلاء وزوال الكسوف
والجواب انه (عليه السلام) في صدد تسكين روع الناس من انه اذا أخذ بالانجلاء فاليطمئن الناس من زوال مظهر العذاب، فهذه الرواية الشريفة ليست بصدد ان المنتهى هو البدء بالانجلاء وإنما هو تعقيبا على كلام الراوي من ان الناس في هلع حيث قال (عليه السلام) ان الهلع يندفع عند الأخذ بالانجلاء وان الأخذ بالانجلاء هو علامة الأمان
موثق عمار:
وعن محمد بن علي بن محبوب ، عن علي بن خالد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : قال : إن صليت الكسوف حتى يذهب الكسوف عن الشمس والقمر فتطول في صلاتك فإن ذلك أفضل ،
[7]
وواضح هنا ان المبدأ الشروع في الصلاة والمنتهى هو الى ان يذهب الكسوف
وتقريب عام في الأدلة هو ان ظاهر الأدلة ان وجود الآية بمثابة الحيثية التقيدية لوجوب صلاة الآيات فمادامت الآية موجودة فان صلاة الآيات موجودة فهو من الحيثية التقييدية لا الحيثية التعليلية وان الحيثية التقييدية على أقسام وانواع وليست على منوال واحد بل هي على انماط مختلفة وما اكثر هذه الطبيعة في الأحكام
معتبرة الفضل بن شاذان عن الامام الرضا (عليه السلام) قال وإنما لم يجعل بدل الركوع سجودا لأن الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا ولأن القائم يرى الكسوف والانجلاء والساجد لايرى
[8]
أي يرى الحدوث والانتهاء
الرواية السابعة والثامنة وهي روايات مستفيضة في أبواب صلاة الكسوف الباب 10 تفصل في قضاء صلاة الكسوف بين من علم بالكسوف أو الخسوف وفاته وبيم من لم يعلم أو بين ما اذا إحترق القرص كله أو إحترق بعضه ففيها تنصيص على انتهاء امد الاداء بذهاب الكسوف وتمام انجلائه، والغريب انجملةة من متأخري الأعصار لم يستدلوا بها مع انها صريحة من جهة المنتهى ولالبس فيها
فإنتهاء صلاة الكسوفين من صلاة الآيات بتمام الإنجلاء أمر بيّن في الروايات، وهذا بالنسبة لإنتهاء الأداء وأما القضاء فإنه يبقى ولو عصى أو فرط أو ترك بل حتى في الجاهل مع إحتراق كل القرص وهذا يقرّب لنا الوجوب لصلاة الآيات في بقية الأسباب
وكما هو معلوم فإن الموضوع في كل صلات الآيات هو موضوع واحد وهو ظهور الآيات أو الآية
وسيأتي في باب الزلزلة والريح انه هل يبقى الوجوب أو لايبقى ففيه لغط بين الأعلام وسبب هذا اللغط هو ان الأعلام جعلوا صلاة الآيات في الزلزلة وفي بقية الأسباب موضوع آخر غير الكسوفين
وان اشتمال الكسوف على بعض الآثار لايستلزم انها ليس لها طبيعة موحدة موضوعا مع بقية المصاديق، بخلاف ما اذا جعلنا لها مفادا وموضوعا موحدا فتكون استفاضة ويجبر السند بعضه بعضا فان دراسة المتن والاستظهار من المتن مؤثر على اعتبار الصدر في الروايات
[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج7، ص488، ابواب الكسوف، الباب الرابع، ح2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج7، ص486، ابواب صلاة الكسوف، الباب الثاني، ح1، ط آل البييت.
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج7،ص496، أبواب صلاة الكسوف والخسوف، الباب الأول، ح 11، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج7، ص489، ابواب صلاة الكسوف، الباب4، ح 4، ط آل البيت.
[5] یونس/سوره10، آیه98
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي،ج7، ص488، ابواب صلاة الكسوف، الباب4، ح 3، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، للحر العاملي،ج7، ص489، ابواب صلاة الكسوف، الباب4، ح 5، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، للحر العاملي،ج7،ص496، ابواب صلاة الكسوف، الباب7، ح11، ط آل البيت.