34/11/11
تحمیل
الموضوع: صلاة الآيات
إجمالا مرّ بنا أستعراض الأدلة الدالّة على وجوب صلاة الآيات بسبب كسوف الشمس وخسوف القمر وتبيّن لنا ان الموضوع هو طبيعة الآية المخوفة وان كسوف الشمس وخسوف القمر هو من باب الآية ولامانع من ان يجعل الشارع الطبيعة العامة موضوع ويتدرج في خصوصية بعض المصاديق
ومن ذلك تبين أيضا ان أصل تشريع صلاة الآيات هو تشريع قرآني ونبوي فان الآية تشير فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها الاّ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الدنيا ومتعناهم الى حين وهو التضرع، كما انه قد ورد في روايات صلاة الآيات ان صلاة الآيات الزم بوجوبها باب التضرع ولذا يستحب أيضا عند حدوث الآيات الإتيان بكل أنواع التضرع والذكر والاستغفار والدعاء الجماعي فكل هذه الامور داخلة في عموم الآية الكريمة، فالمقصود ان أصل تشريع صلاة الآيات مستنده مافي الآية 98 من سورة يونس نعم ان خصوص الصلاة هو تشريع نبوي
الثالث: الزلزلة، وهي أيضا سبب لها مطلقا، وإن لم يحصل بها خوف على الأقوى
فالمقصود بالخوف هو الخوف الآيتي بحسب نظم نظام الطبيعة والتكوين وإنما شأن الآية ان تكون قد ظهرت للعذاب فهذا هو المدار هنا، وان المنجمين والسحرة الى الآن يلتفتون الى ان الخسوف والكسوف خطر فقد ينذر بعذاب الهي أو شيء معين
الأدلة على لزوم الصلاة عند الزلزلة
أولا: ان الموضوع كبرويا ليس خصوص الخسوف والكسوف فإن نفس روايات الخسوف والكسوف هي تمهد لبحث الزلزلة لأنها أثبتت الموضوع العام وهو الآية فإن الزلزلة أظهر في العذاب من الخسوف والكسوف لكونها خلاف النظم الطبيعي وقد أظهر القران الكريم وبيّن في موارد عديدة ان الزلزلة هي مظهر من مظاهر العذاب الالهي، فلو كنا وماتقدم لكفي
ثانيا: الروايات الخاصة الداعمة لعموم الموضوع ولما استظهرناه سابقا
صحيح الفضلاء عن كليهما (عليهما السلام) ومنهم من رواه عن أحدهما ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات واربع سجدات صلاها رسول الله (صلى الله عليه واله) والناس خلفه في كسوف ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها
[1]
وان هذه الصحيحة في مفادها الأولي المطابقي هي في صدد تسوية ماهية صلاة الآيات في الشمس والقمر والرجفة والزلزلة، وان دلالتها على اللزوم من جهة ان التسوية بحسب المفاد المطابقي للرواية ليس فقط في بيان ماهية صلاة الآيات فعند التدقيق في مفاد الرواية فهي أيضا بصدد التسوية بأن اللزوم مفروغ منه وهو سرد لمواضيع الوجوب وبعده تبين ان الماهية واحدة وموضوع الوجوب واحد
ورواية محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال ان الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام الساعة وافزعوا الى مساجدكم
[2]
فنريد هنا ان نستقرأ كلام الله في عالم التكوين من انه أي خلل في النتظم الكوني هو جرس انذار عن هول العذاب، فان أعظم الخلق قربا الى الله يعيش خوفا من الله عزوجل
فليس مستندنا الآن هو خصوص صحيح الفضلاء مع اعتباره بل أيضا ماتقدم برمته في الكسوفين وهو تام كبرى وصغرى فهو دليل على ذلك
رواية سليمان الديلمي، وكونها رواية مع ان الصدوق رواها بطريقين فان سليمان الديلمي هو سليمان بن عبد الله الديلمي وقيل هو سليمان بن زكريا وهو من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) صاحب كتاب وابنه محمد بن سليمان الديلمي البصري حيث سكن البصرة وهو أيضا صاحب كتاب
وان سليمان الديلمي قد اعتمد كتابه القمييون كالصفار ومحمد بن الحسن بن الوليد وهو شيخ الصدوق الكبير وهو من المتشددين ضد الضعفاء حيث انهما كانا من سلسلة رواة هذا الكتاب وجعلوا هذا الكتاب من المصادر
بينما النجاشي والغضائري قالا ان محمد بن سليمان الديلمي وأبوه من كبار الغلاة، ولكن الرمي بالغلو من قبل النجاشي هو من المدح وليس من الذم حيث قالوا ان كل توسع في المعارف هو من الغلو وقد طعن به الشيخ الطوسي أيضا لكن طعنه ضعيف وليس بطعن شديد
وان البحث طويل في المباني الرجالية وذكرنا هذا فقط للتنبيه لذا فان استضعاف السيد الخوئي لسليمان الديلمي ومحمد بن سليمان الديلمي وهلم جرا لانعتد به لما ذكرنا من إعتبار توثيق الأقدمين وليس على آراء النجاشي
ومرّ بنا انه عند الدوران بين توقيق الأقدمين من الرواة والمتأخرين من الرجاليين في القرن الرابع أو الخامس كالنجاشي والغضائري فإن الإعتماد على الأقدمين ولانحيد عنه فان التراث منقول منهم وعليه فهذه الرواية معتبرة عندنا وإنما نقول رواية فهو لأجل تعبير الآخرين
سليمان الديلمي أنه سأل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الزلزلة ماهي؟ فقال آية ثم ذكر سبب الى قال (عليه السلام) صل صلاة الكسوف فهذه تندرج وتتعاضد بالصفة المعنوية التي مرت بالروايات فدراسة المتن مقدمة على دراسة السند والطريق عند القدماء كما مرّ
[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، أبواب صلاة الكسوف، الباب السابع، الحديث الأول، طبعة مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، أبواب صلاة الكسوف، الباب الثاني، الحديث 4، طبع مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث