34/11/04
تحمیل
الموضوع: حرمة قطع الصلاة
كان الكلام في الأدلة الواردة على حرمة قطع الصلاة مطلقا ومرّ بنا ثلاث طوائف دالّة على حرمة قطع الصلاة وكان فيها مايدل على حرمة قطع مطلق الصلاة لاخصوص الفريضة كما في موثقة السكوني التي مرّت بنا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليهم السلام) في رجل يصلي ويرى الصبي يحبو الى النار أو الشاة تدخل البيت لتفسد الشيء؟ قال فالينصرف وليحرز مايتخوف ويبني على صلاته مالم يتكلم
[1]
وقد مر بنا الاشكال على خصوص هذه الطائفة في المفهوم وهي بخصوص صحيحة حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق او غريما لك عليه ماله أو حيّة تتخوفها على نفسك فاقطع الصلاة واتبع غلامك أو غريمك واقتل الحية
[2]
فقالوا بأن هذه الشرطية مسوقة لتحقيق الموضوع وان أيّ شرطية مسوقة لتحقيق الموضوع لادلالة لها على المفهوم
وان بحث مفهوم الجملة الشرطية معروف عند علماء البلاغة فانه يبحث في علم المعاني لكن علماء الاصول أعطوا وأسدوا انجازات علمية كبيرة لعلم البلاغة لم ينجزها نفس علماء البلاغة وكذا في الفلسفة، فان مبحث المعنى الحرفي هو مبحث خطير في التوحيد والمعاد والعرفان فان ماانجزه علماء الاصول في المعنى الحرفي بقراءة عقلية عميقة أكثر بمراتب مما أنجزه الفلاسفة أنفسهم فان علم الاصول له علماء علمية كثيرة لعلوم اخرى
فهل الجملة الشرطية المسوقة لتحقيق الموضوع لامفهوم لها مطلقا أو لها مفهم على تقدير ما، وان علماء الاصول والشيخ اجمالا في الرسائل قالوا يجب التفصيل فان بعض الجمل الشرطية المسوقة لتحقيق الموضوع لامفهوم لها وبعض الجمل الشرطية المسوقة لتحقيق الموضوع لها مفهوم، فماقاله علماء البلاغة وعلماء المعاني من ان الجمل الشرطية المسوقة لتحقيق الموضوع لامفهوم لها هو كلام غير صحيح بل لها ضابطة
والضابطة التي ذكرها الميرزا النائيني والشيخ في الرسائل هو ان كان تمام الشرط هو تمام الموضوع فالجملة الشرطية لامفهوم له واما ان كان تمام الموضوع جزء الشرط فالجملة الشرطية لها مفهوم لأنه اذا قرر ان الشرط تمامه ليس تمام الموضوع فيمكن فرض بقاء الموضوع وانتفاء الشيء الآخر
فمثلا الآية الكريمة ان جاءكم فاسق بنبأ فالنبأ موضوع لحجية الخبر ويتصور لها مفهوم لأن بعض الشرط هو النبأ والبعض الآخر هو الفسق، ومانحن فيه هكذا فاذا كنت في صلاة الفريضة وهذا هو الموضوع وهو جزء الشرط ورأيت غلاما تخشى إباقه فهذا هو الجزء الآخر وهو من مسوغات قطع الصلاة ومفهومه انك اذا كنت في الصلاة ولم تخش فلا تقطع الصلاة
هذا تمام الكلام في الطوائف التي يستدل بها على حرمة قطع الصلاة مطلقا سواء في النافلة أو الفريضة من دون حاجة أما مع الحاجة العقلائية فيجوز قطع الصلاة فريضة كانت أو نافلة
لايقال ما الفائدة صناعيا من الأدلة المؤيدة مع ان دأب العلماء في العلوم العديدة دائما العناية وبذل الجهد العلمي للأدلة المؤيدة فماهي الفائدة الصناعية منها؟
فنقول ان للأدلة المؤيدة فوائد عديدة
منها: زيادة اطمئنان الفقيه أو الباحث في ذلك العلم بالنتيجة التي توصل اليها المستندة الى أدلة متينة في نفسها
وان العمل بالدليل المعتبر قبل الفحص ليس بحجة فانه قبل الفحص معتبر اقتضاء لافعلا وبعد الفحص يكون حجة فعلا
ومنها: كثيرا ماتكون الأدلة المؤيدة فيها نسبة من التطابق والتشابه بين الدليل المؤيد ومع هذا التطابق في المضمون والمتن والتحليل الماهوي لمفاد الدليل فلامحالة تكون هناك صلة علمية في ماهية المعنى بين الشيئين، وهذه الصلة الماهوية حيث لم يغور الباحث فيها كثيرا تكون النسبة محدودة فربما يوما من الأيام يكتشف الباحث ان هذا الدليل المؤيد تطابقه تمام مع الدليل الأصلي ومعه فيتبدل هذ الدليل المؤيد من دليل غير معتبر الى دليل معتبر
ذكرنا سابقا ان هناك اصول القانون كالفقه الدستوري وهناك انشعابات قانونية منشعبة من اصول تشريعية فوقية للدستور وتوجد صلة بينها فهذا المنهج يعتمد على التحليل الماهوي بين القوانين المنشعبة والقوانين الفوقية التي هي اصول التشريع، فمثلا عندما يقال الانسان فيقال انه جسم حساس نامي متحرك فتفتق معاني عديدة من معنى واحد ويعبّر عنه في العلم القديم بصناعة التحليل والتركيب
فمن فوائد الأدلة المؤيدة هو زيادة الوثوق في الدليل المعتبر وهكذا استكشاف الارتباط الماهوي في المعنى بين الدليل المعتبر وغير المعتبر بغية ان يتبدل هذا الدليل غير المعتبر الى دليل معتبر ويفيد في بحوث كثيرة فالتأييد ليس من الفضول في الكلام
[1] وسائل الشيعة، الباب 21 من ابواب قواطع الصلاة
[2] وسائل الشيعة، ابواب قواطع الصلاة، الحديث الاول