33/06/20
تحمیل
الموضوع: حجية قطع القطاع وحجية حكم العقل
كان الكلام في لزوم الموافقة الالتزامية وتقدم ان هناك وجوها عديدة لوجوب الموافقة الالتزامية وان تلك الأدلة بنفسها دالة على ان البناء النفسي هو مرتبة من مراتب امتثال الحكم
ونفس هذا البحث متعاضد مع بحث التجري فكلما يذكر هنا يصلح معاضدا لبجث التجري والانقياد وان البحث في المقام هو غير البحث في الداعي القربي وإنما بمعنى البناء على ان هذا لازم أو حرام أو واجب
وان من الأدلة التي مرّت هو نفس الأدلة الدالة على ان أحد مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو المرتبة القلبية ومعنى إنكار المنكر قلبا فضلا عن حرمته نفسانيا و التبرم منه نفسيا وكذا بالنسبة للأمر بالمعروف قلبا فعلاوة على البناء النفسي على وجوبه لابد من استحسانه قلبا
وهذا الدليل الذي هو دليل متواتر بين المسلمين في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لايظن انه دليل على لزوم الموافقة الالتزامية ولكنه دليل على حكم مستقل للموافقة الالتزامية بعيدا عن مراتب نفس الحكم الاولي، فلايتوهم ذلك
لأن المفروض في أدلة وقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انها لأجل الحفاظ على رعاية الأحكام الأولية
فباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمرتبة القلبية دال على ان من مراتب المعروف والمنكر هو المرتبة القلبية مضافا الى ما مر بنا من أدلة التجري
وقد ورد في تفسير الآية المباركة خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا مافيه لعلكم تتقون حيث جاء في الروايات بالنسبة الى تفسيرها ان المراد به من الأخذ هنا هو الأخذ العملي والقلبي
فالأخذ ليس مختصا بالعمل البدني بل هو شامل للجانب الروحي والقلبي، وان المتتبع في ذلك يمكنه ان يجد أدلة كثيرة على لزوم الموافقة الالتزامية وانها على درجات
ثم ان في باب التوصليات وباب الأحكام عموما من أحد موارد سقوط الاحكام هو أداء الاحكام أو امتثالها وكذا معصية الاحكام موجب لسقوطها وهكذا إنتفاء الموضوع فهو سبب لسقوط الأحكام فان أحد هذه الامور الأربعة موجب لسقوط الأحكام
والفرق بين أداء الاحكام وبين امتثال الحكم هو ان أداء الأحكام يكون اتيانا لمتعلق الحكم من دون قصد قربي وأما امتثال الأحكام فلا محالة ان يكون بجعل الداعي للاتيان هو الأمر ففرق بين الامتثال والأداء، ففي باب التعبدي والتوصلي فرق بين الأداء والامتثال
فعنوان الامتثال في التعبديات والتوصليات نفس الآخوند قال لامحالة في صدق عنوان الامتثال ولابد من الموافقة الالتزامية الاّ ان الكلام في التوصليات يمكن الاكتفاء فيها بالاداء دون الامتثال مع ان الامتثال مسلم عندهم بانه متقوم بالموافقة الالتزامية وواضح هذا التسالم وكما تقدم في التعبدي فان الموافقة الالتزامية لابد منها معللا ذلك صاحب الكفاية بأنه لابد من القصد الامري فيه وقصد الأمر لايتم الا بعد البناء على وجوبه وانه فعل متعلق للامر
فالكلام هنا في لزوم الموافقة الالتزامية في فرض الأداء للتوصلي بأنه هل الأداء التوصلي لايتم الاّ بالموافقة الالتزامية أم لا؟ أو يمكننا ان نقول ان الأداء يتم في التوصلي بالموافقة العملية دون الالتزامية لكنه يكون آثما أوعاصيا
وان الأدلة التي استدل بها الأعلام لنفي الموافقة الالتزامية هي دالة على حصول الاداء في التوصلي بدون الموافقة الالتزامية لا على ان الموافقة الالتزامية ليست بلازمة
وان الادلة التي استدلوا بها هو ان الغرض من التوصلي قائم بالعمل فاذا اوتي بالموافقة العملية حصل الغرض وسقط الوجوب بالاداء ولكن هذا لايعني انه ليس بآثم وانه لم يتخلف عن كل لزوميات الواجب
ومثاله في باب الخمس والزكاة فكل الأعلام تقريبا افتوا بان المكلف اذا قصد عنوان الخمس والزكاة ولكنه لو قام بالرياء فهل يجب اعادة اعطاء الزكاة والخمس باعتبار ان الرياء يوجب بطلان العبادة ففي الجواب قالوا بعدم الإعادة ويكون مؤديا للخمس والزكاة لكنه آثم في ترك الداعي القربي اللزومي وهذا في التعبديات
وكذا الحال فيما نحن فيه فنقول ان الموافقة الالتزامية لازمة لكننا نلتزم بانه اذا اتى بالوافقة العملية في التوصليات فعمدة الغرض يتحقق ولايُلزم بالاعادة لكنه يأثم لتخلفه عن الأداء التام في التوصلي والدليل عليه هو ما استدل عليه الأعلام لنفي لزوم الموافقة الالتزامية من ان تلك الأدلة ليست نافية للزوم بل دالة على حصول الغرض في التوصليات بمجرد العمل البدني وليس دالا على نفي اللزوم وهذا صحيح وتام
هذا تمام الكلام في الموافقة الالتزامية فهي لازمة وذكرنا لها جملة من الثمرات والأدلة وهي ناظرة الى البناء الاجتماعي
قطع القطاع وحجية حكم العقل
أما الكلام في التنبيه اللاحق وهما تنبيهان ربما اُدمجا في تنبه واحد فالبحث يقع في حجية قطع القطاع مع البحث في حجية القطع الناشئ من مقدمات عقلية
بالنسبة الى تسمية العنوان الثاني وهو البحث في حجية القطع الناشئ من مقدمات عقلية فان هذه التسمية من الشيخ أو من الوحيد البهبهاني وأيضا لهذا البحث عنوان قديم وهو حجية حكم العقل وله عنوان قديم ايضا وهو هل ان كل ماحكم به العقل حكم به الشرع أو لا؟ وان تعنونه بالعنوان القديم أولى من العنوان الجديد
أما بالنسبة الى قطع القطاع فقد عرف عن الشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير بانه يقول ان قطع القطاع ليس بحجة فوقع الكلام في مراد الشيخ كاشف الغطاء وهذا البحث من البحوث المنبهة على ان مراد الأعلام من كون القطع حجيته ذاتية هو كلام صوري وكذا بالنسبة للبحث الاخر وهو حجية القطع الناشئ من المقدمات العقلية يدل على ان القطع حجيته لديهم ليست ذاتية بل العلم ومنشأ العلم حجيته ذاتيه ومرادهم هنا من ان القطع حجيته ذاتية معنى اخر
فقالوا في مناقشة الشيخ جعفر كاشف الغطاء ان كان مراده ان القطاع اذا أخطأ قطعه فهو غير معذور فهذا كلام صحيح لأن القطاع لسرعة القطع لديه فانه يوجب ان يتنكر المسير الطبيعي للانسان فلايتوخى الطريق السليم ويكون مقصرا بالمقدمات ومعه فيعاقب على التقصير والتفريط في المقدمات
فان أراد الشيخ جعفر عدم عذريته عندما يخطأ الواقع فله وجه وقد التزم أكثر الاعلام بهذا الوجه وهذا يدل على ان الحجية عند الأعلام بمعنى التنجيز والتعذير تدور مدار المقدمات الناشئ منها القطع
ثم ان الحجية ذات شعبتين أو شعبة واحدة أي ان الحجية هي للتعذير والتنجيز أو هي شعبة واحدة وهي التنجيز فقط فان التعذير ليس من صفات الحجية بل هو من صفات انتفاء الحجية وكلامنا الان في الحجية التكوينية
أما الحجية الشرعية فقالوا ان الحجية الشرعية ذات شعبتين فهي منجزة ان اصابت ومعذرة ان اخطأت
فالتسائل هنا هو لماذا اختلفت الحجية التكوينية عن الحجية الشرعية؟