33/04/06
تحمیل
الموضوع: مبحث الحجج
كان الكلام في عبارة الشيخ الأنصاري وهي ان المكلف اذا التفت الى الحكم فاما ان يقطع أو يظن أو يشك، ووصلنا الى بحث معترض وهو ان لكل مرحلة من مراحل الحكم لها محمول ولها موضوع وهو من المواضيع المستجدة في علم الاصول الحساسة المؤثرة في الأبواب الفقهية وفي المسائل الاصولية بالغ التأثير
وتقدم ان مرحلة الفعلية الناقصة موضوعها القيود الشرعية المأخوذة في الدليل وربما هناك بعض القيود العقلية ولكن القيود الشرعية هي الدخيلة في ملاك الحكم أما قيود وموضوعات بقية مراحل الحكم فليست دخيلة في ملاك الحكم سواء كانت تلك القيود شرعية أو عقلية
وان البناء على ان كل قيد شرعي اُخذ في الأدلة العامة الشرعية أو الخاصة فان القيد يكون دخيلاً في اصل الفعلية الناقصة وفي الملاك فهذا المبنى لايرتضيه مشهور القدماء من الطبقات المتقدمة
فالقيود الشرعية ليس كما تقدم تعليم ذلك في كتب السطوح من ان القيد الشرعي دخيل في الملاك والفعلية فهذا غير صحيح والصحيح هو ان القيد الشرعي يمكن ان يكون دخيلا في الفعلية الناقصة مع الدليل الخاص ويمكن ان يكون دخيلا في المراحل اللاحقة وان المراحل اللاحقة ليس لها صلة بملاك الحكم الشرعي
ثم ان القيود العقلية قد يكون البعض منها نادرا في الفعلية الناقصة وغالبا قد يؤخذ في التنجيز أو في الامتثال أو في الفاعلية التامة والفاعلية الناقصة فالقيود العقلية أيضا على أنواع
فالاستطاعة في أدلة الحج المشهور انها مأخوذة في الملاك والحال ان الاستطاعة التي أخذها الشارع كدليل في الأدلة ليست دخيلة في الفعلية الناقصة وفي أصل الملاك وإنما هي دخيلة في التنجيز لذا فالقدماء في جملة من الموارد ولورود روايات كثيرة وهو الصحيح فان انتفاء الاستطاعة لايوجب كون الحجة حجة ندبية ولاينفي عن الحجة انها حجة اسلام
وهذا البحث يجب ان يراعيه الباحث في علم الفقه وعلم الاصول في كل باب فالمفهوم في أيّ مرحلة ومرحلة العام والخاص في أيّ مرحلة فالقدماء يبنون على ان الخاص يتواجه مع العام في المرحلة الثانية أو الثالثة بينما متأخري العصر ذهبوا الى ان المجابهة تحصل في المرحلة الاولى
ثم انه تارة نلاحظ النسبة بين الحكمين أي بين مدلول الدليلين سواء الكلي أو الجزئي وتارة بين دليل الحكمين ولكل منهما ثمراته الخاصة
ومبحث آخر وهو العلاقة بين الحكمين أو بين دليلي الحكمين وهلم جرّاً وان العلم بهذه المباحث يحتاج الى قرائة يومية الى مدة مديدة لكي يتمرس الانسان عليها وتحصل له الملكة الاجتهادية
اذاً يقول الشيخ الانصاري المكلف اذا التفت الى الحكم الشرعي فاما ان يقطع أو يظن أو يشك والمكلف هو عام يشمل حتى الصبي والحكم هو الحكم الواقعي فاما ان يقطع أو يظن أو يشك فهل هو بيان لموضوع الحكم الظاهري أو لنفس الحكم الظاهري
على كل حال فكلام الشيخ الآن في أدلة الأحكام الظاهرية لأنه قد بحث في القطع أو الظن أو الشك وهو بحث في الإحراز والبحث في الاحراز ليس هو في المراحل الاولى أو الوسطى من الحكم الواقعي بل هو بحث عن مرحلة التنجيز في الحكم الواقعي وان مرحلة التنجيز في الحكم الواقعي مرتبطة بالحكم الظاهري
فعلم الفقه جلّه يبحث عن الحكم الواقعي وعلم الاصول جلّه يبحث عن الحكم الظاهري لأنه بحث عن دليلية الدليل وقلنا ان هذا التعريف ليس شاملا لعلم الاصول والصحيح ان الاصول فيه علمان علم عن دليلية الدليل وعلم عن نفس الأحكام الواقعية