32/12/23
تحمیل
الموضوع: الخطاب الديني والأجيال
قلنا ان الخطاب الشرعي له ثلاث جهات
وقد تقدم البحث في الجهة الاولى وهي الامكانية العقلية لتعميم الحكم لغير الموجودين المشافهين كالغائبين والمعدومين
اما الجهة الثانية وهي الامكانية العقلية لتوجيه الخطاب للمعدومين او الغائبين عن مجلس المشافهة
فالبحث هنا عقلي من جهة ان انشاء الخطاب بالاستعمال اللفظي يوجب التنبّه للسامع وهذا التنبه ناشئ من الاثر التكويني للالفاظ، نعم هناك زاوية واحدة في الالفاظ اعتبارية وهي زاوية العلاقة بين اللفظ والمعنى اما نفس اللفظ في نفسه ونفس المعنى في نفسه فهذه امور تكوينية
فالاستعمال اذا كان في الجمل الخبرية او الانشائية او الاستعمال المهمل او غير المهمل تترتب عليه اثار تكوينية لاصلة لها بالمبحث اللغوي
يقول المحقق العراقي (قده) ان العلاقة بين اللفظ والمعني في بدايتها اعتبارية ولكنها بقاء تصير تكوينية اي هناك نوع من التلازم في الاقتران الذهني في الذاكرة والذي يعبر عنه السيد الشهيد الصدر (قده) القرن الاكيد
اذاً لابد من الالتفات ان الاستعمال للالفاظ ليست من الضروري ان تكون جميع زواياه اعتبارية بل فيها زوايا تكوينية كثيرة
وهذه نكتة مفيدة في مباحث الألفاظ
فتوجيه الخطاب هو نوع تواصل بين المتكلم والسامع وهذا هو الاثر التكويني المترتب تكوينا على استعمال اللفظ في المعنى
فالخطاب اثر تكويني مترتب على استعمال الكلام فاذا كان الخطاب اثرا تكوينيا مترتبا على استعمال الكلام فهنا ياتي بحث تكويني اخر وهو:
هل يمكن توجيه الخطاب او التفاعل بين المتكلم والسامع مع شخص غير حاضر في مجلس المشافهة او شخص معدوم؟
عند القدماء عرف عندهم لانه غير ممكن باعتبار ان التفاعل هو لابد من وصول الصوت الى السامع فضلا عن المعدوم فلايمكن التفاعل مع المتكلم فالخطاب تكوينا وعقلا لايمكن مع غير المشافه من الغائبين او المعدومين
فاذا كان الاستدلال بهذا المقدار وهو ان قضية الامتناع لتوجيه الخطاب للمعدومين هو بسبب عدم وصول الصوت
فنقول ليكن الخطاب معلقا على وقت وصول الخطاب ففي الوقت الحاضر الذي يتكلم المتكلم لايمكن توجيه الخطاب للغائبين والمعدومين لكن اذا علق الخطاب على وقت وصول الكلام نظير قول النبي ( صلى الله عليه واله) في جملة من الاحاديث فليحذر امرء بلغته مقالتي هذه وكثير من هذا النمط من التعبير وحتى في خطبة الغدير فاليبلّغ الشاهد الغائب
فلو كان الخطاب متوقفا على وصول الكلام فلامانع عقلا من توجيه الخطاب في كلام واحد الى جميع الاجيال
وان القران الكريم كما وردت روايات كثيرة عن اهل البيت (عليهم السلام) ان القران الكريم يجري مجرى الليل والنهار ويجري مجرى الشمس والنهار ويجري مجرى الايام والدهور ويجري على اولنا كما يجري على اخرنا وغير ذلك والاّ لزال القران والعياذ بالله
المهم هناك آيات عديدة في القران الكريم تدل على ان الارادة الاستعمالية في ايات القران الكريم بنيت لتوجيه الخطاب لكل من يبلغه
فالامكان العقلي متأتي بسهولة وليس بممتنع
بل يظهر من الروايات ان الخطاب بالدين والشريعة ليس مخصوصا بالوحي النبوي والرسالة بل حتى وحي الفطرة للانسان
يقول الميرزا القمي (قده) في رده على الاخبارين ان الفطرة وحي بمقدار البداهة وهذا قد استعمل حتى في الايات والسور القرانية
وقد ورد في الروايات ان الرضيع في البداية يلتفت الى فعالية الفطرة في التوجه الى الله فهناك اشعاع اللهي من الله تجاه الرضيع وتوجه تلقي من الرضيع المولود يولد على الفطرة وانما ابواه يمجسانه أويهودانه أوينصراه أي عنده قابلية تلقي خطاب تكويني الهي بان هناك قدرة لامحدودة وذلك عندما يتوجه الى ثدي امه فهو اعتقاد بوجود قدرة فيض وارادة
فملخص العلاج الثاني ان الخطاب الالهي ليس مخصوصا ولا مقصورا بالصوت المتموج في الهواء بل هناك ارتباط بين الروح والخطاب الالهي وهذا الذي اشار اليه القران الكريم فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم
كما ان تواصل الانبياء والرسل والاوصياء مع الامم ليس منحصرا بالصوت اللهم...واعلم ان رسولك وخلفاءك عليهم السلام احياء عندك يرزقون يرون مقامي ويسمعون كلامي ويردون سلامي وانك حجبت عن سمعي كلامهم وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتاهم نعم الحجية فقط للظاهر