34/04/23
تحمیل
الموضوع: حجية قول اللغوي
كان الكلام في إشكال صاحب الكفاية الكبروي ومرّ انه على حجية الرجوع الى أهل الخبرة أو الى علماء علوم اللغة أو الى علماء اللغة في المفردات اللغوية
وإن الإشكال الصغروي الذي مرّ بنا هو ان علماء علوم اللغة أو علماء المفردات ليس دورهم هو الإستنتاج بل دورهم هو النقل الحسي كالمؤرخين فهم بمثابة رواة اللغة وليسوا هم علماء اللغة بينما العالم هو الذي يقوم بالاستنتاج الحدسي من أدلة وموازين لايضطلع بها عموم الناس
ومرّ ان هذا على درجتين درجة الاستكشاف من الأدلة المعروف بالأدلة الإجتهادية وهناك استنتاج أيضا كاشف في اصول القانون أو المبادئ الأحكامية أو اسس الحكم
وللتوضيح انه استكشاف وليس توليد هو ما وضحناه مرارا من ان حقيقة الاستنتاج الذي هو سنخ آخر لعلم اصول الفقه ولكل العلوم هو عبارة عن تشجير وتوليد فروع من الاصول كما قال الامام الرضا (عليه السلام) نحن نلقي اليكم بالاصول وعليكم بالتفريع يشير الى الاستنتاج من نمط آخر
وتوضيحه هو ان اعتبار النسبة بين القوانين الدستورية والقوانين النيابية أو حتى ديباجة الدستور ونفس الدستور أو الأبواب الأولية في الدستور والأبواب اللاحقة وغير ذلك فهنا سلسلة مراتب وهذا التقنين النيابي متولد من النظام الدستوري وليس كالقاعدة الفقهية حيث تطبق بموردها وعنوانها بل من قبيل صناعة التحليل والتركيب فمثلا أساس العدالة تلاحظه الجهة المقننة فانه لايمكن فرضه في النقد بجعل النقد الكتروني فإنه في النقد الالكتروني لايمكن استيفاء الفرص في البيئة المالية أو بيئة الثروات كما لو كان النقد ورقي أو العكس كما انه قد اكتشف أخيراً من انه لايسبب العدالة في استثمار الثروات الطبيعية للبلاد لكل المواطنين فلابد من الرجوع الى الذهب والفضة
فان مؤسسة النقد الدولي الى الآن لم تتمكن من الوصول الى معيار يوجب استتباب العدالة فان تعريف العدالة ليس يعني المساواة كما كان يظنه البشر الى فترة قريبة لكن الصحيح ان العدلة تتنزل بإعطاء كل ذي حق حقه وان التساوي في الفرص لابد منه الاّ ان الجد والمثابرة لابد من اعتبارها
ففي ضمن هذا النظام نفس ماهية العدالة بشكل ضمني وانطوائي تتنزل فيه النظم فالباحث في النظام المالي يكتشف ان العدالة مبتنية على أي جنس وفصل وهكذا
فالتداخل الشبكي في الماهيات والمعاني بشكل يدمج ثم يظهر فيه بصورة اخرى فان الانسان كانه معنى وحداني ولكن بعد التأمل يمكن استخراج معاني عديدة من معنى الانسان وهذا يسمى صناعة التحليل والتركيب أي الدمج ولهذا المنهج دور هيمني على بقية المعاني
فاضابطة الكبيرة في الإستنتاج بلحاظ اصول القانون هو صناعة التحليل والتركيب وهو يعني ان الباحث لايوجد من نفسه شيء بل هو يستكشف ويفتق المعنى المندمج الى أجناس وفصول فيراها بشكل مبسوط وتنزيلي انها كيف تتنزل فهي استكشاف لكنها استكشاف غامض
فالنص ليس كما توهمه ابو حنيفة بل النص يعني سطوح وطبقات من المعاني التي لم تصل الى ذهن ابي حنيفة فتصور ان النص يعني سطوح الفاظ فيقول عن جعفر الصادق (عليه لسلام) انه رجل صحفي قال نعم صحف السماء التي هي عبارة عن طبقات وسلالم طرف منه عند الناس وطرف منه عند الله وكذا بالنسبة لمالك والشافعي فان الروايات المتواترة تقول ان لكلامنا بطن ولبطنه بطن الى سبعين بطن كالقران وكذا ان كلامنا ليتصرف الى سبعين وجه فهذه منظومة كبيرة و ان لفي كلامنا محكم ومتشابه كمحكمات القران ومتشابه ناسخ ومنسوخ وهو بمعنى آخر من الناسخ والمنسوخ وسنبينه في موضع آخر انشاء الله
فالمراد من المحكم والمتشابه هو انه مبني على منظومات وأعمدة ومحاور فهو نظام ومنظوم وهذه هي علوم أهل البيت (عليهم السلام) ونصوص أهل البيت (عليهم السلام) ونصوص القران كما انه ليس انفلاتي بل كله تابع لموازين فمعنى النص هو ان طرف منه عند الله وطرف منه عند الناس
فهذه اذن درجات الاستنباط التي سنخها الرابع هو اصول القانون والاستنتاج
فإشكال صاحب الكفاية هو ان اللغويين ليسوا هم من ذو الاختصاص إنما هم رواة وقد عزز هذا المطلب الميرزا النائيني
ولكن هنا عدة أجوبة
أولا: ان البحث ليس مختصا بعلماء علوم المفردات اللغوية بل مطلق علوم اللغة بل مطلق العلوم فلايرد الاشكال عليهم عدا علماء المفردات اللغوية فان علماء البلاغة والنحو والصرف لابد فيه من تحليل واستنتاج وكذا علماء الاشتقاق وفقه اللغة والآن توالد العلوم اللغوية كثيرا فلايرد الاشكال عليها
وأما علماء المفردات اللغوية فإن صاحب الكفاية والميرزا النائيني يقبل انهم يعينون موارد الإستعمال ولايعينون المعنى الحقيقي فهم رواة حس وليسوا هم أهل الخبرة وهذا كلام صحيح منهما
لكن تعيين معاني الإستعمال ليس حسي أصلاً بل يحتاج الى فطنة قرائن ومقارنة ويقضة ونباهة وتثبت من امور كثيرة الى ان يستطيع ان يبين المعنى الاستعمالي وان بيان وتعيين المعنى الاستعمالي ليس أمرا سهلاً
لذا كلما يتنبه اللغوي اكثر فاكثر فانه يضبط وتكون عنده نباهة اكثر فاكثر وليس هو مجرد راوي حتى رواة التاريخ فانه ليس حس فقط وهو شبيه بالمراسل الخبري فانه يرى الحادثة من زاوية ثم يراها من زاوية اخرى وهكذا فان صياغة الخبر والشاهد هو علم من العلوم كما قال سيد الأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم) ان من البيان لسحرا فبيان الطريقة والسبك هو شيء مؤثر جدا
فالصحيح ان اللغويين والمؤرخين هم ليسوا رواة عاديين بل هم أهل خبرة وان الإشكال الصغروي غير وآرد من جهات عديدة كما تبيّن
وللكلام تتمة