36/04/21
تحمیل
الموضوع:-الدوران بين الوجوب والحرمة - الأصول العملية.
مر بنا في النقطة الاولى ان هناك فرق بين الامارات والاصول العملية وهي ان الاصول العملية يُركّز فيها على النظرة الاحادية او الفردية وليس النظرة المجموعية بخلاف باب الامارات فحيث ان الغرض والقصد هو حكاية الواقع فيركز على النظرة المجموعية، وبناء على هذا الفرق رتب الفقهاء والاصوليون جملة من الفوارق:-
منها:- ان المخالفة الالتزامية للواقع وان لم تكن مخالفة عملية في الامارات فإنها موجبة للتعارض او التناقض او التساقط، بخلافه في الاصول العملية ـــ جملة من الموارد استعرضها الشيخ الانصاري + في تنبيهات القطع ـــ فهي عبارة عن التزام بالحكم الظاهري المستفاد من الاصول العملية وان كانت مخالف للواقع التزاما وان لم يكن مخالف للواقع عملاً، ولذا هذا اساس في الاصول العملية وهو ان سبب التعارض في الاصول العملية ليس التناقض في المفاد فإنها وان كانت متناقضة في المفاد ولكنه لا يوجب التناقض ولا التعارض ولا التساقط فانه من الممكن ان يجعل الشارع اصول عملية متناقضة ما دام لا توجد مخالفة عملية بل الاصوليون وسعوا ذلك الى ما هو اكثر في الحكم الظاهري فمثلا يتعبد الشارع شخص بوظيفة ويتعبد شخص اخر بوظيفة اخرى مناقضة لوظيفة الاول في الحكم الظاهري وكلا الوظيفتين الظاهريتين على طبق الموازين فهذا لا مانع منه وهذا موجود حتى في الامارات فانهم انما قبلوا ان المخالفة الالتزامية تستلزم التناقض فيما اذا كان لشخص واحد اما في الشخصين فلا مانع منه.
اذن المخالفة الالتزامية في باب الاصول العملية لا تستلزم التناقض و التعارض وانما الذي يوجب التناقض والتعارض هي المخالفة العملية المنجزة والا فغير المنجزة فلا توجب التعارض.
النقطة الثانية:- ان الشارع بإمكانه ان يجعل الاحتياط المعين او الا معين كما يدعى ـــ وهو احد الاقوال لم نتعرض له وهو قول مشهور بين القدماء ـــ ان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة فعند دوران الامر بين الوجوب والحرمة يحتاط بالحرمة فهذا قول من الاقوال وهو محتمل ويستدل له بروايات موجودة وان كانت لا تنهض لإثبات المدعى اما لضعف السند او ان مفادها شيء اخر، اذن يوجد احتمال ان الشارع يجعل الاحتياط على احد الطرفين المعين اما الحرمة او الوجوب.
وحينئذ يقال:- لمن منع من جريان البراءة انه لا يوجد دافع لمثل هذا الاحتمال الا جريان البراءة، ولذا المؤاخذة على النائيني + او العراقي + وغيرهم ممن اعترض على صاحب الكفاية هي انهم لاحظوا مجموع الوجوب والحرمة أي ان الانسان قهريا لا يخلوا من احدهما.
ولكن يقال:- ان الكلام ليس في مجموع الطرفين بل الكلام حتى في صرف احتمال الوجوب في طرف العلم الاجمالي او احتمال الحرمة الموجود في طرف العلم الاجمالي.
ولك ان تقول ان البراءة ليست بلحاظ التعذير عن العلم الاجمالي كي يجاب بان هذا العلم الاجمالي بالأصل غير منجز فلا يحتاج الى معذر لأنه العلم الاجمالي في نفسه المكلف عاجز عن مراعاته فالعجز وعدم القدرة هي المسقطة لمنجزية العلم الاجمالي فلا يحتاج الى البراءة.
بل نقول:- ان هذا صحيح اذا لاحظنا العلم الاجمالي او قل لاحظنا المجموع.
ولكن نقول:- اذا لاحظنا كل طرف بمفرده ـــ سيما انه كما مر بنا ان خاصية الاصول العملية انها ينظر اليها نظرة احادية ـــ فمثلا اذا لاحظنا الوجوب فنقول هل له مؤمن او لا؟ نقول نعم يوجد وهو البراءة. وكذا اذا لاحظنا الحرمة فنقول هل لها مؤمن او لا؟ نقول نعم يوجد مؤمن وهو البراءة او قل اصالة الحل.
اذن البراءة العقلية او الشرعة في الطرفين ليست هي بلحاظ اسقاط منجزية العلم الاجمالي.
نعم لو قلنا انها يحتاج اليها لإسقاط منجزية العلم الاجمالي فنقول هي لغو ولا يحتاج اليها لان المكلف عاجز عن مراعاته.
بل هي بلحاظ صرف الاحتمال في هذا الطرف بغض النظر عن كونه مقرون بالعلم الاجمالي او لا.
وهذا سياتي في منجزية العلم الاجمالي وهي ان اطراف العلم الاجمالي تلحظ بلحاظين لحاظ هي في نفسها وبما ينطوي فيها من احتمال مجرد وتلحظ بما هي مقرونة بأطراف العلم الاجمالي ويترتب على كليها اثر.
اذن الصحيح ان البراءة الشرعية والعقلية واصالة الحل تجري عن هذا الطرف بعينه وعن هذا الطرف بعينه والحق مع صاحب الكفاية.
ويوجد جواب آخر عمن منع جريان البراءة غير الذي ذكرناه:-
مر بنا مرارا في بحث تنبيهات القطع ان التنجيز أمر مشكك أي ذو درجاتٍ تتفاوت شدة وضعفا خلافا لمتأخري العصر فانهم عندهم ان المتنجز لا يتنجز، وكذا العذر يشتد كما ان التنجيز يشتد وهذا موجود في بعض الروايات في كتاب النكاح باب المتزوجة جهلا او غفلة او في باب المعتدة فانه يسال الامام × (ايهما اعذر) ؟، وهذا معناه ان العذر فيه درجات والامام × يجبه (ان ذاك اعذر من هذا).
اذن ما المانع ان يكون سقوط تنجيز العلم الاجمالي لأجل العجز وعدم القدرة ولكن زيادة على هذا التعذير تعذير البراءة الشرعية وزيادة على ذلك البراءة العقلية وزيادة على ذلك اصالة الحل، فما المانع في ان يشتد العذر ويشتد المؤمن؟، كما دأب الاعلام عندما يستدلون على التنجيز فانهم يكدسون ادلة عديدة على التنجيز وعندما يستدلون على التعذير ايضا يكدسون ادلة عديدة.
ولذا بعضهم يشكل ويقول انه اذا كانت لدينا براءة عقلية فما وجه الحاجة الى البراءة الشرعية؟
الجواب:- الجواب عنه هو نفس الجواب أي زيادة في العذر.
ويبقى القول بان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة لم نتعرض لوجهه:-
هذا المفاد موجود في رواية بهذا اللفظ بل في روايات اخرى بألفاظ اخرى موجود بل حتى في الآيات الكريمة.
ولكن يراد منه ليس ما نحن فيه وهو الدوران بين الوجوب والحرمة بل المراد منه مطلبين او اكثر غير ما نحن فيه وذكر ونبه عليه في الروايات
احدهما:- ان المكلف لا يتذرع ولا يسوغ لنفسه بارتكاب الفاسد بحجة دفع الافسد، لذا عندنا في مدرسة الامامية (اعزهم الله) خلافا للعامة ان دفع الافسد لا يُسّوغ للمكلف هو بنفسه ان يرتكب الفاسد، فإنها وان وردت في مورد خاص جزئي ولكنه لا يعني ان نؤسس قاعدة مطردة كلية عليه.
نعم لو كان الغير يرتكب الافسد وغير ثاني يرتكب الفاسد في هذا المورد نعم دفع الافسد الذي يرتكبه الغير اولى من دفع الفاسد الذي يرتكبه الغير سواء كان الغير واحد او اثنين.
الثاني:- وهو ايضا لا يقبله علماء الامامية وهو ان ارتكاب امر محرم لأنه مقدمة للإتيان بالواجب وهذ ايضا غير صحيح الا في موارد منصوصة وخاصة والا فارتكاب الحرام بلغ ما بلغ بذريعة اداء الواجب غير صحيح لان الوجوب لا يجب الا بآلية مباحة لا محرمة.
اذن هذه القاعدة وهي دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة ليست فيما نحن فيه.
مر بنا في النقطة الاولى ان هناك فرق بين الامارات والاصول العملية وهي ان الاصول العملية يُركّز فيها على النظرة الاحادية او الفردية وليس النظرة المجموعية بخلاف باب الامارات فحيث ان الغرض والقصد هو حكاية الواقع فيركز على النظرة المجموعية، وبناء على هذا الفرق رتب الفقهاء والاصوليون جملة من الفوارق:-
منها:- ان المخالفة الالتزامية للواقع وان لم تكن مخالفة عملية في الامارات فإنها موجبة للتعارض او التناقض او التساقط، بخلافه في الاصول العملية ـــ جملة من الموارد استعرضها الشيخ الانصاري + في تنبيهات القطع ـــ فهي عبارة عن التزام بالحكم الظاهري المستفاد من الاصول العملية وان كانت مخالف للواقع التزاما وان لم يكن مخالف للواقع عملاً، ولذا هذا اساس في الاصول العملية وهو ان سبب التعارض في الاصول العملية ليس التناقض في المفاد فإنها وان كانت متناقضة في المفاد ولكنه لا يوجب التناقض ولا التعارض ولا التساقط فانه من الممكن ان يجعل الشارع اصول عملية متناقضة ما دام لا توجد مخالفة عملية بل الاصوليون وسعوا ذلك الى ما هو اكثر في الحكم الظاهري فمثلا يتعبد الشارع شخص بوظيفة ويتعبد شخص اخر بوظيفة اخرى مناقضة لوظيفة الاول في الحكم الظاهري وكلا الوظيفتين الظاهريتين على طبق الموازين فهذا لا مانع منه وهذا موجود حتى في الامارات فانهم انما قبلوا ان المخالفة الالتزامية تستلزم التناقض فيما اذا كان لشخص واحد اما في الشخصين فلا مانع منه.
اذن المخالفة الالتزامية في باب الاصول العملية لا تستلزم التناقض و التعارض وانما الذي يوجب التناقض والتعارض هي المخالفة العملية المنجزة والا فغير المنجزة فلا توجب التعارض.
النقطة الثانية:- ان الشارع بإمكانه ان يجعل الاحتياط المعين او الا معين كما يدعى ـــ وهو احد الاقوال لم نتعرض له وهو قول مشهور بين القدماء ـــ ان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة فعند دوران الامر بين الوجوب والحرمة يحتاط بالحرمة فهذا قول من الاقوال وهو محتمل ويستدل له بروايات موجودة وان كانت لا تنهض لإثبات المدعى اما لضعف السند او ان مفادها شيء اخر، اذن يوجد احتمال ان الشارع يجعل الاحتياط على احد الطرفين المعين اما الحرمة او الوجوب.
وحينئذ يقال:- لمن منع من جريان البراءة انه لا يوجد دافع لمثل هذا الاحتمال الا جريان البراءة، ولذا المؤاخذة على النائيني + او العراقي + وغيرهم ممن اعترض على صاحب الكفاية هي انهم لاحظوا مجموع الوجوب والحرمة أي ان الانسان قهريا لا يخلوا من احدهما.
ولكن يقال:- ان الكلام ليس في مجموع الطرفين بل الكلام حتى في صرف احتمال الوجوب في طرف العلم الاجمالي او احتمال الحرمة الموجود في طرف العلم الاجمالي.
ولك ان تقول ان البراءة ليست بلحاظ التعذير عن العلم الاجمالي كي يجاب بان هذا العلم الاجمالي بالأصل غير منجز فلا يحتاج الى معذر لأنه العلم الاجمالي في نفسه المكلف عاجز عن مراعاته فالعجز وعدم القدرة هي المسقطة لمنجزية العلم الاجمالي فلا يحتاج الى البراءة.
بل نقول:- ان هذا صحيح اذا لاحظنا العلم الاجمالي او قل لاحظنا المجموع.
ولكن نقول:- اذا لاحظنا كل طرف بمفرده ـــ سيما انه كما مر بنا ان خاصية الاصول العملية انها ينظر اليها نظرة احادية ـــ فمثلا اذا لاحظنا الوجوب فنقول هل له مؤمن او لا؟ نقول نعم يوجد وهو البراءة. وكذا اذا لاحظنا الحرمة فنقول هل لها مؤمن او لا؟ نقول نعم يوجد مؤمن وهو البراءة او قل اصالة الحل.
اذن البراءة العقلية او الشرعة في الطرفين ليست هي بلحاظ اسقاط منجزية العلم الاجمالي.
نعم لو قلنا انها يحتاج اليها لإسقاط منجزية العلم الاجمالي فنقول هي لغو ولا يحتاج اليها لان المكلف عاجز عن مراعاته.
بل هي بلحاظ صرف الاحتمال في هذا الطرف بغض النظر عن كونه مقرون بالعلم الاجمالي او لا.
وهذا سياتي في منجزية العلم الاجمالي وهي ان اطراف العلم الاجمالي تلحظ بلحاظين لحاظ هي في نفسها وبما ينطوي فيها من احتمال مجرد وتلحظ بما هي مقرونة بأطراف العلم الاجمالي ويترتب على كليها اثر.
اذن الصحيح ان البراءة الشرعية والعقلية واصالة الحل تجري عن هذا الطرف بعينه وعن هذا الطرف بعينه والحق مع صاحب الكفاية.
ويوجد جواب آخر عمن منع جريان البراءة غير الذي ذكرناه:-
مر بنا مرارا في بحث تنبيهات القطع ان التنجيز أمر مشكك أي ذو درجاتٍ تتفاوت شدة وضعفا خلافا لمتأخري العصر فانهم عندهم ان المتنجز لا يتنجز، وكذا العذر يشتد كما ان التنجيز يشتد وهذا موجود في بعض الروايات في كتاب النكاح باب المتزوجة جهلا او غفلة او في باب المعتدة فانه يسال الامام × (ايهما اعذر) ؟، وهذا معناه ان العذر فيه درجات والامام × يجبه (ان ذاك اعذر من هذا).
اذن ما المانع ان يكون سقوط تنجيز العلم الاجمالي لأجل العجز وعدم القدرة ولكن زيادة على هذا التعذير تعذير البراءة الشرعية وزيادة على ذلك البراءة العقلية وزيادة على ذلك اصالة الحل، فما المانع في ان يشتد العذر ويشتد المؤمن؟، كما دأب الاعلام عندما يستدلون على التنجيز فانهم يكدسون ادلة عديدة على التنجيز وعندما يستدلون على التعذير ايضا يكدسون ادلة عديدة.
ولذا بعضهم يشكل ويقول انه اذا كانت لدينا براءة عقلية فما وجه الحاجة الى البراءة الشرعية؟
الجواب:- الجواب عنه هو نفس الجواب أي زيادة في العذر.
ويبقى القول بان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة لم نتعرض لوجهه:-
هذا المفاد موجود في رواية بهذا اللفظ بل في روايات اخرى بألفاظ اخرى موجود بل حتى في الآيات الكريمة.
ولكن يراد منه ليس ما نحن فيه وهو الدوران بين الوجوب والحرمة بل المراد منه مطلبين او اكثر غير ما نحن فيه وذكر ونبه عليه في الروايات
احدهما:- ان المكلف لا يتذرع ولا يسوغ لنفسه بارتكاب الفاسد بحجة دفع الافسد، لذا عندنا في مدرسة الامامية (اعزهم الله) خلافا للعامة ان دفع الافسد لا يُسّوغ للمكلف هو بنفسه ان يرتكب الفاسد، فإنها وان وردت في مورد خاص جزئي ولكنه لا يعني ان نؤسس قاعدة مطردة كلية عليه.
نعم لو كان الغير يرتكب الافسد وغير ثاني يرتكب الفاسد في هذا المورد نعم دفع الافسد الذي يرتكبه الغير اولى من دفع الفاسد الذي يرتكبه الغير سواء كان الغير واحد او اثنين.
الثاني:- وهو ايضا لا يقبله علماء الامامية وهو ان ارتكاب امر محرم لأنه مقدمة للإتيان بالواجب وهذ ايضا غير صحيح الا في موارد منصوصة وخاصة والا فارتكاب الحرام بلغ ما بلغ بذريعة اداء الواجب غير صحيح لان الوجوب لا يجب الا بآلية مباحة لا محرمة.
اذن هذه القاعدة وهي دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة ليست فيما نحن فيه.