36/03/04
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الاول ــــ تنبيهات البراءة ــــ الأصول
العملية.
كان الكلام في أصل التنبيه الاول وحاصله ان البراءة اصل حكمي فاذا وجود أصل موضوعي تقدم عليه، وذكر الاعلام مثالاً للتمرين، وذكرنا ان البحث يقع في جهتين واضاف الشهيد الاول+ جهة ثالثة وهي أنَّ الميتة سبب ومسبب أو لا؟.
لاحظوا ان هذه المنهجية في البحث في الجهات الثلاث تثُار في كل بابٍ من ابواب الفقه لغرض تنقيح وتحرير الموضوعات في تلك الابواب فهو هنا من باب المثال وإلا فالبحث مطرد وسيال.
الشهيد الاول+ بنى على أنَّ عنوان الميتة سببٌ ومسببٌ، كما أنَّ عنوان المذكى سبب ومسبب فهناك اطلاق في الروايات للتذكية على السبب وبعد ان تقع التذكية ايضا يطلق الشارع على الحيوان انه مذكى، كما هو الحال في الوضوء فان الطهارة تارة تطلق على السبب وهو الوضوء وتارة تطلق على المسبب الحاصل من السبب وحيث أنَّ المذكى ــ وهو نوع من انواع الطهارة كما مر بنا ــ في قبال الميتة ــ وهو نواع من انواع النجاسة ــ فهي في الحقيقة من قبيل السبب والمسبب وهذا هو الصحيح، وكما أنَّ الطهارة والنجاسة من العناوين الوضعية فالميتة والمذكى من العناوين الوضعية ايضا، وهي كما تشير اليه الروايات ان عنوان الميتة والمذكى كان لدى العرب قبل الاسم مستعملٌ وهو موجود عندهم بسبب تعليم الانبياء^ فالذي لا يستكمل شرائط الذبح عندهم لا يأكل بل يتقذر منه فهذا ليس تأسيس في شريعة سيد الانبياء ﷺ بل كان في الملل والشرائع السابقة غاية الأمر هو كعرف بشري عقلائي موروث عن الانبياء^ غاية الأمر في شريعة سيد المرسلين ﷺ اضيف اليه بعض الشرائط وهذبت بعض الشرائط فقد ورد ان مشركي قريش يمتنعون عن أكل الميتة المنخنقة.
هذه خلاصة الجهة التي ذكرها الشهيد الاول+ فلاحظوا هذا تنقيح آخر للموضوع غير التنقيح للموضوع في الجهة الاولى.
الجهة الثالثة في تنقيح الموضوع:-
فانه وان تم تنقيح الموضع في الجهة الاولى والثانية ولكن تبقى الحاجة الى تنقيح الموضوع من جهة ثالثة فنقول يوجد سؤال وهو:-
ان هذه الاحكام هل رتبت على عنوان الميتة او رتبت على عنوان غير المذكى او يقال بالتفصيل كما ذهب اليه النراقي+ وجماعة ومنهم السيد الخوئي+ واغلب تلاميذه.
وحاصل هذا التفصيل:- بان يقال أنَّ النجاسة رتبت على عنوان الميتة اما حرمة الاكل وبطلان الصلاة فقد رتبت على عنوان غير المذكى.
ولكن الغريب من النراقي+ والسيد الخوئي+ أنهم في الجهة الاولى التزموا بأن المراد من الميتة هو كل ما لم يذكى، بينما التزموا في الجهة الثالثة بان بطلان الصلاة وحرمة الاكل مرتبة على غير المذكى وليست مرتبة على الميتة، وهذا تدافع بين الكلامين لانه من الاول كانت الميتة هي ما ليس بمذكى ولذا بعض تلامذة السيد الخوئي+ ذهب في الجهة الاولى الى ان الميتة هي ما مات حتف انفه للتخلص من هذا التدافع.
ولتنقيح هذا البحث نذكر ما ذكره الميرزا النائيني+ في رسالته (اللباس المشكوك) فانه ذكر جملة من الفوائد:
منها:- أن الموضوع في كل باب من ابواب الفقه له عناوين مضادة وعناوين نقيضه لها مثل الميتة فان ضده هو المذكى ولكن نقيض المذكى هو ما ليس بمذكى ونقيض الميتة هو ما ليس بميتة، وكذا في باب الطهارة فان الطهارة ضدها النجاسة ولكن نقيض النجاسة هو ما ليس بنجاسة ونقيض الطهارة هو ما ليس بطهارة، وكذا المباح فان ضده الحرام ولكن نقيض الحرام هو ما ليس بحرام ونقيض المباح هو ما ليس بمباح، اذن في كثير من عناوين الابواب له نقيض وله ضد.
ومنها:- ان الادلة التي تتعرض للاحكام والآثار المرتبة على عناوين الموضوعات كثيراً ما نراها تارة ترتب الآثار على عنوان وتارة ترتب الآثار على عنوان آخر كما هنا فإنها تارة ترتب الآثار على عنوان ما ليس بمذكى وتارة ترتب الآثار على عنوان الميتة، وكذا تارة ترتب الآثار على عنوان المؤمن وتارة ترتب الآثار على عنوان ما ليس بمؤمن، اذن بعض الادلة ترتب الآثار على بعضِ عناوينِ الاضداد وبعض الأدلة ترتب الاثار على نفي الاضداد الاخرى وان كان نفي الاضداد الاخرى ملازم للضد الاول فان نفي الضد الثاني يلازم اخذ الضد الاول، ولكن هل الموضوع هو نفي الضد الثاني وعدمه او الموضوع هو الضد الاول فمثلا في باب الصلاة هل ان الطهارة الخبثية أي طهارة البدن واللباس شرط او نجاسة البدن واللباس مانع؟
فلاحظوا ان النجاسة ضد الطهارة والمانعية تغاير الشرطية فانه رتب المانعية على النجاسة ورتب صحة الصلاة على الطهارة. اذن بمن نأخذ؟ هل نأخذ بكليهما او بأحدهما؟
لاحظوا ان هذه حالة جديدة فان الحرمة نفسها تارة ترتب على الضد الاول الميتة وتارة ترتب على الضد الثاني ما ليس بمذكى وتارة الحلية ترتب على المذكى والحرمة ترتب على الميتة، فهذه حالة ثانية في الادلة.
السؤال لماذا هذا الترديد في لسان الادلة؟ اي موجود لسان جعل النجاسة مانعا ولسان جعل الطهارة شرط.
ولماذا لا نعمل بكلا الدليلين؟ اي نعمل بكلا الدليلين فنقول ان الحرمة وبطلان الصلاة موضوعها الميتة وموضوعها مالم يذكى ؟
الجواب:- توجد فكرة بلورها تفصيلا الميرزا النائيني+ وان كان قد ذكرها صاحب الجواهر+ وهي أنَّ جعل الطهارة شرط في صحة الصلاة وجعل النجاسة مانع لغو او ممتنع.
والسبب:- لان الشارع اذا جعل النجاسة مانع يستطيع ان يكتفي به عن جعل الطهارة شرط والعكس ايضا لان الغاية هي تجنب المصلي عن النجاسة وتوخيه الطهارة.
ولكن هذا المبنى لا يوافق عليه الجميع بل المحقق العراقي+ يقول لا يوجد مانع من البناء عليه أي جعل الطهارة شرط والنجاسة مانع ولكن الميرزا النائيني+ يقول انه لغو او ممتنع
دليل النائيني+ على امتناعه:- هو ان مرتبة الشرط مقدمة على مرتبة المانع فيقول ان العلة تتألف وتتكون من ثلاثة اجزاء وهي المقتضي والشرط وعدم المانع ومرتبة الشرط مقدمة على مرتبة عدم المانع عقلا وهذا محرر في محله فاذا ورد دليل على اعتبار الشرطية مثل شرطية الطهارة فتلقائيا حينئذ لا تصل النوبة الى جعل المانعية للضد الاخر وهي النجاسة لانه بأخذ الطهارة شرط فتلقائيا النجاسة تتجنب وهذا الاستدلال مع كونه إستدلالاً عقليا ولكن يوجد من ناقش الميرزا النائيني+ واجاب عنه:-
حاصل الجواب:- قال انه لا مانع من جعل الاثنين في عالم الاعتباريات لأننا لسنا في عالم التكوينيات.
ولكن اياً ما كان فان جعل الشرطية والمانعية معا إنْ اعتبرناه لغواً او ممتنعاً او لا فلا يلتزم به بل يعطف أحدهما على الآخر.
كان الكلام في أصل التنبيه الاول وحاصله ان البراءة اصل حكمي فاذا وجود أصل موضوعي تقدم عليه، وذكر الاعلام مثالاً للتمرين، وذكرنا ان البحث يقع في جهتين واضاف الشهيد الاول+ جهة ثالثة وهي أنَّ الميتة سبب ومسبب أو لا؟.
لاحظوا ان هذه المنهجية في البحث في الجهات الثلاث تثُار في كل بابٍ من ابواب الفقه لغرض تنقيح وتحرير الموضوعات في تلك الابواب فهو هنا من باب المثال وإلا فالبحث مطرد وسيال.
الشهيد الاول+ بنى على أنَّ عنوان الميتة سببٌ ومسببٌ، كما أنَّ عنوان المذكى سبب ومسبب فهناك اطلاق في الروايات للتذكية على السبب وبعد ان تقع التذكية ايضا يطلق الشارع على الحيوان انه مذكى، كما هو الحال في الوضوء فان الطهارة تارة تطلق على السبب وهو الوضوء وتارة تطلق على المسبب الحاصل من السبب وحيث أنَّ المذكى ــ وهو نوع من انواع الطهارة كما مر بنا ــ في قبال الميتة ــ وهو نواع من انواع النجاسة ــ فهي في الحقيقة من قبيل السبب والمسبب وهذا هو الصحيح، وكما أنَّ الطهارة والنجاسة من العناوين الوضعية فالميتة والمذكى من العناوين الوضعية ايضا، وهي كما تشير اليه الروايات ان عنوان الميتة والمذكى كان لدى العرب قبل الاسم مستعملٌ وهو موجود عندهم بسبب تعليم الانبياء^ فالذي لا يستكمل شرائط الذبح عندهم لا يأكل بل يتقذر منه فهذا ليس تأسيس في شريعة سيد الانبياء ﷺ بل كان في الملل والشرائع السابقة غاية الأمر هو كعرف بشري عقلائي موروث عن الانبياء^ غاية الأمر في شريعة سيد المرسلين ﷺ اضيف اليه بعض الشرائط وهذبت بعض الشرائط فقد ورد ان مشركي قريش يمتنعون عن أكل الميتة المنخنقة.
هذه خلاصة الجهة التي ذكرها الشهيد الاول+ فلاحظوا هذا تنقيح آخر للموضوع غير التنقيح للموضوع في الجهة الاولى.
الجهة الثالثة في تنقيح الموضوع:-
فانه وان تم تنقيح الموضع في الجهة الاولى والثانية ولكن تبقى الحاجة الى تنقيح الموضوع من جهة ثالثة فنقول يوجد سؤال وهو:-
ان هذه الاحكام هل رتبت على عنوان الميتة او رتبت على عنوان غير المذكى او يقال بالتفصيل كما ذهب اليه النراقي+ وجماعة ومنهم السيد الخوئي+ واغلب تلاميذه.
وحاصل هذا التفصيل:- بان يقال أنَّ النجاسة رتبت على عنوان الميتة اما حرمة الاكل وبطلان الصلاة فقد رتبت على عنوان غير المذكى.
ولكن الغريب من النراقي+ والسيد الخوئي+ أنهم في الجهة الاولى التزموا بأن المراد من الميتة هو كل ما لم يذكى، بينما التزموا في الجهة الثالثة بان بطلان الصلاة وحرمة الاكل مرتبة على غير المذكى وليست مرتبة على الميتة، وهذا تدافع بين الكلامين لانه من الاول كانت الميتة هي ما ليس بمذكى ولذا بعض تلامذة السيد الخوئي+ ذهب في الجهة الاولى الى ان الميتة هي ما مات حتف انفه للتخلص من هذا التدافع.
ولتنقيح هذا البحث نذكر ما ذكره الميرزا النائيني+ في رسالته (اللباس المشكوك) فانه ذكر جملة من الفوائد:
منها:- أن الموضوع في كل باب من ابواب الفقه له عناوين مضادة وعناوين نقيضه لها مثل الميتة فان ضده هو المذكى ولكن نقيض المذكى هو ما ليس بمذكى ونقيض الميتة هو ما ليس بميتة، وكذا في باب الطهارة فان الطهارة ضدها النجاسة ولكن نقيض النجاسة هو ما ليس بنجاسة ونقيض الطهارة هو ما ليس بطهارة، وكذا المباح فان ضده الحرام ولكن نقيض الحرام هو ما ليس بحرام ونقيض المباح هو ما ليس بمباح، اذن في كثير من عناوين الابواب له نقيض وله ضد.
ومنها:- ان الادلة التي تتعرض للاحكام والآثار المرتبة على عناوين الموضوعات كثيراً ما نراها تارة ترتب الآثار على عنوان وتارة ترتب الآثار على عنوان آخر كما هنا فإنها تارة ترتب الآثار على عنوان ما ليس بمذكى وتارة ترتب الآثار على عنوان الميتة، وكذا تارة ترتب الآثار على عنوان المؤمن وتارة ترتب الآثار على عنوان ما ليس بمؤمن، اذن بعض الادلة ترتب الآثار على بعضِ عناوينِ الاضداد وبعض الأدلة ترتب الاثار على نفي الاضداد الاخرى وان كان نفي الاضداد الاخرى ملازم للضد الاول فان نفي الضد الثاني يلازم اخذ الضد الاول، ولكن هل الموضوع هو نفي الضد الثاني وعدمه او الموضوع هو الضد الاول فمثلا في باب الصلاة هل ان الطهارة الخبثية أي طهارة البدن واللباس شرط او نجاسة البدن واللباس مانع؟
فلاحظوا ان النجاسة ضد الطهارة والمانعية تغاير الشرطية فانه رتب المانعية على النجاسة ورتب صحة الصلاة على الطهارة. اذن بمن نأخذ؟ هل نأخذ بكليهما او بأحدهما؟
لاحظوا ان هذه حالة جديدة فان الحرمة نفسها تارة ترتب على الضد الاول الميتة وتارة ترتب على الضد الثاني ما ليس بمذكى وتارة الحلية ترتب على المذكى والحرمة ترتب على الميتة، فهذه حالة ثانية في الادلة.
السؤال لماذا هذا الترديد في لسان الادلة؟ اي موجود لسان جعل النجاسة مانعا ولسان جعل الطهارة شرط.
ولماذا لا نعمل بكلا الدليلين؟ اي نعمل بكلا الدليلين فنقول ان الحرمة وبطلان الصلاة موضوعها الميتة وموضوعها مالم يذكى ؟
الجواب:- توجد فكرة بلورها تفصيلا الميرزا النائيني+ وان كان قد ذكرها صاحب الجواهر+ وهي أنَّ جعل الطهارة شرط في صحة الصلاة وجعل النجاسة مانع لغو او ممتنع.
والسبب:- لان الشارع اذا جعل النجاسة مانع يستطيع ان يكتفي به عن جعل الطهارة شرط والعكس ايضا لان الغاية هي تجنب المصلي عن النجاسة وتوخيه الطهارة.
ولكن هذا المبنى لا يوافق عليه الجميع بل المحقق العراقي+ يقول لا يوجد مانع من البناء عليه أي جعل الطهارة شرط والنجاسة مانع ولكن الميرزا النائيني+ يقول انه لغو او ممتنع
دليل النائيني+ على امتناعه:- هو ان مرتبة الشرط مقدمة على مرتبة المانع فيقول ان العلة تتألف وتتكون من ثلاثة اجزاء وهي المقتضي والشرط وعدم المانع ومرتبة الشرط مقدمة على مرتبة عدم المانع عقلا وهذا محرر في محله فاذا ورد دليل على اعتبار الشرطية مثل شرطية الطهارة فتلقائيا حينئذ لا تصل النوبة الى جعل المانعية للضد الاخر وهي النجاسة لانه بأخذ الطهارة شرط فتلقائيا النجاسة تتجنب وهذا الاستدلال مع كونه إستدلالاً عقليا ولكن يوجد من ناقش الميرزا النائيني+ واجاب عنه:-
حاصل الجواب:- قال انه لا مانع من جعل الاثنين في عالم الاعتباريات لأننا لسنا في عالم التكوينيات.
ولكن اياً ما كان فان جعل الشرطية والمانعية معا إنْ اعتبرناه لغواً او ممتنعاً او لا فلا يلتزم به بل يعطف أحدهما على الآخر.