35/12/24
تحمیل
الموضوع:- حديث الحل – ادلة البراءة - الأصول العملية.
كنا في روايات أصالة الحل وقلنا أنه استشكل فيها من جهة انها وردت في ثلاث طرق وطريقين منها قد طبق على قواعد وأمارات موضوعية اخرى وذكرنا الاشكالين وكان حاصلهما ان الروايات ليس مفادها تأسيس حلية ظاهرية وانما عنوان مشير الى الحلية المتولدة من امارات موضوعية ظاهرية ولو سلمنا انها تؤسس لقاعدة اسمها اصالة الحل فهي انما تجري في الشبهات الموضوعية لا في الشبهات الحكمية،وقلنا ان في قبال هذا كلام المرحوم النراقي (قدس سره) الذي يقول ليس فقط هذه الروايات تؤسس الى قاعدة ظاهرية هي اصالة الحل بل هذه القاعدة فيها ثلاث قواعد، القاعدة الاولى لتأسيس عموم فوقاني اجتهادي لحلية واقعية للأشياء والقرينة على ذلك هو ان الحلية قد رتبت على عنوان شيئية الشيء نفسه لا انها مرتبة على الشيء بتوسط عنوان آخر فلا محالة تكون حلية واقعية والقاعدة الثانية هي الحلية الظاهرية المستفادة من لفظة (تعلم) والقاعدة الثالثة الاستصحاب المستفاد من لفظة (حتى)،اذن لفظة واحدة وهي الحلية فيها عدّة إسنادات فإنها تسند الى (الشيء) فتكون حلية واقعية وتسند الى (تعلم) فتكون حلية ظاهرية وتسند الى (حتى) فتصير استصحاب فهنا ما دام قد اختلف المسند اليه في الحل فمن هنا صار في منزلة ثلاث جمل،وكذا الكلام في تركيب قاعدة الطهارة فهذا ما التزم به المحقق النراقي (قدس سره) ووافقه صاحب الكفاية (قدس سره) وجملة من الاعلام ولكن بعضهم لم يقبل الثلاثة وقبل اثنين،اذن لاحظوا ان الاعلام قبلوا تركيب جملة واحدة صورتا ولكنها في اللب فككوها الى ثلاث جمل وما اكثر هذا في السنة والوحي سواء في باب التشريع او باب المعارف فليس هو شيء مستغرب بل لسان الوحي كله قائم على هذا النمط، فالمقصود ان تحليل التراكيب القرآنية اذا تم وفق معطيات وموازين وقواعد نحوية وصرفية وبلاغية وبشكل متعدد ومتكثر لا ينتبه اليه آحاد او جمهور المفسرين او جمهور الفقهاء فعدم التفاتهم لا يضر بهذا الاستنباط ما دام انه على وفق الموازين،فغرابة الاستنباط وعدمها ليس هو المدار بل المدار هي الموازين التي يستند اليها وان كانت هذه الموازين لم يتفطن اليها أحد قبل كشفها،وهذا شبيه بمسالة رياضية معقدة جدا جدا ولكن لما يأتي شخص نابغة ولديه نباهة ويحل هذه المسالة ويكشفها للآخرين فبعد كشفها أكيد تصبح سهلة وان كانت قبل كشفها معقدة، وهذا نفس ما ذكرناه في حجية الظهور مراراً من ان حجية الظهور لا تتكأ ولا ترتكز على قدرة العرف او فهم العرف ولا على فهم جمهور الفقهاء ولا على فهم جمهور المفسرين ولا على جمهور علم من العلوم بل ترتكز على القواعد لان تلك القواعد معادلات فوق قدرة البشر ومثلنا لهذا المطلب بهذا المثال وهو مباريات النقد الادبي منذ عهد الجاهلية الى اليوم ففي سوق عكاظ لماذا يجعلون الحكم في مسابقات القصائد الشعرية او النثر ناقد لوذعي وخبير ادبي؟ وذلك لانه يلتفت الى نكات في الكلام لم يلتفت اليها الاخرون،فهل يعني هذا ان التفاتاته شاذة وغير سديدة؟ كلا سديدة ولكن الاخرين ليس لديهم قدرة الالتفات فمادامت التفاتاته على الموازين وعلى القواعد ويبين هذه الموازين والقواعد التي استند اليها في الرأي الادبي فهي حجة،اذن حجية الظهور غير مرهونة بقدرة الاخرين بل هي مرهونة بالقواعد والموازين التي يستند اليها،اذن المفروض ان هذا يرفع من العرف العلمي وهو ان المدار على قدرة وفهم العرف او قدرة وفهم الفقهاء او قدرة وفهم المفسرين وغيرهم،وكذا لاحظوا ان جملة (لا تنقض اليقين بالشك ولكن انقضه بيقين آخر[1]) كم مطلب استنبط منها الفقهاء فتنبيهات الاستصحاب كلها استفادوها منها وكذا شرائط جريان الاستصحاب كلها منها وكذا ما يقارب مئة او اكثر صفحة في الكتب كلها استنبطوها منها فهذا ليس تلاعب بالنص بل غور في النص، وكما في كتاب البيع للشيخ الانصاري (قدس سره) فان اكثر شرائط واحكام ونكات البيع اخذوها من لفظة واحدة وهي (البيع) فلفظة واحدة انطلق منها الفقهاء واسسوا قواعد عامة الا ما خصص بالدليل وهكذا في بقية المعاملات،اذن هذا استنباط وتحقيق ولذا استنبط الملا احمد النراقي (قدس سره) منها ثلاث قواعد، وكذا استشكل بعضهم في شمولها للشبهة الحكمية لان مفاد الروايات مناسب للشبهة الموضوعية وكذا استشكل بعضهم في شمول اصالة الطهارة ايضا للشبهة الحكمية وهي مفاد موثقة عمار ابن موسى الساباطي (كل شيء لك طاهر حتى تعلم انه نجس) وللفقهاء ومنهم الشهيد الصدر في بحوث في كتاب الطهارة كلام ومحاولات في كيفية تعميمها وشمولها للشبهة الحكمية منها الاطلاق المقامي وغيره من القرائن الدالة على الشمول ولكن يوجد طريق آخر معبد يمكن من خلاله استفادة الشمول امتن من هذا الاطلاق الذي قد يخدش فيه وهي خطوة في علم الحديث وعلم الدراية في بعض الاحيان تختصر هذه الخطوة الاستنباط للفقيه وتحلحل عقد عجيبة وهذه الخطوة هي مراجعة المصادر ففي الوسائل قطع الرواية فان صاحب الوسائل دأبه تقطيع الروايات وكثيرا ما يشير الى التقطيع كما لو قال الحديث فان معناه ان الحديث مقطع او يقول في حديث فانه واضح فيه انه مقطع وفي كثير من الموارد لا يشير الى التقطيع،واذا كانت الرواية مقطعة فلابد ان تذهب الى متن الحديث الكامل وتلاحظ سياقاته ومن الاحاديث المقطعة هو موثقة عمار الساباطي فإنها موجودة في كتاب التهذيب بصفحة ونصف وهذا الحديث الموثق يعزز ما قاله النراقي من استفادة القواعد الثلاث وسنبين تتمته غدا.
كنا في روايات أصالة الحل وقلنا أنه استشكل فيها من جهة انها وردت في ثلاث طرق وطريقين منها قد طبق على قواعد وأمارات موضوعية اخرى وذكرنا الاشكالين وكان حاصلهما ان الروايات ليس مفادها تأسيس حلية ظاهرية وانما عنوان مشير الى الحلية المتولدة من امارات موضوعية ظاهرية ولو سلمنا انها تؤسس لقاعدة اسمها اصالة الحل فهي انما تجري في الشبهات الموضوعية لا في الشبهات الحكمية،وقلنا ان في قبال هذا كلام المرحوم النراقي (قدس سره) الذي يقول ليس فقط هذه الروايات تؤسس الى قاعدة ظاهرية هي اصالة الحل بل هذه القاعدة فيها ثلاث قواعد، القاعدة الاولى لتأسيس عموم فوقاني اجتهادي لحلية واقعية للأشياء والقرينة على ذلك هو ان الحلية قد رتبت على عنوان شيئية الشيء نفسه لا انها مرتبة على الشيء بتوسط عنوان آخر فلا محالة تكون حلية واقعية والقاعدة الثانية هي الحلية الظاهرية المستفادة من لفظة (تعلم) والقاعدة الثالثة الاستصحاب المستفاد من لفظة (حتى)،اذن لفظة واحدة وهي الحلية فيها عدّة إسنادات فإنها تسند الى (الشيء) فتكون حلية واقعية وتسند الى (تعلم) فتكون حلية ظاهرية وتسند الى (حتى) فتصير استصحاب فهنا ما دام قد اختلف المسند اليه في الحل فمن هنا صار في منزلة ثلاث جمل،وكذا الكلام في تركيب قاعدة الطهارة فهذا ما التزم به المحقق النراقي (قدس سره) ووافقه صاحب الكفاية (قدس سره) وجملة من الاعلام ولكن بعضهم لم يقبل الثلاثة وقبل اثنين،اذن لاحظوا ان الاعلام قبلوا تركيب جملة واحدة صورتا ولكنها في اللب فككوها الى ثلاث جمل وما اكثر هذا في السنة والوحي سواء في باب التشريع او باب المعارف فليس هو شيء مستغرب بل لسان الوحي كله قائم على هذا النمط، فالمقصود ان تحليل التراكيب القرآنية اذا تم وفق معطيات وموازين وقواعد نحوية وصرفية وبلاغية وبشكل متعدد ومتكثر لا ينتبه اليه آحاد او جمهور المفسرين او جمهور الفقهاء فعدم التفاتهم لا يضر بهذا الاستنباط ما دام انه على وفق الموازين،فغرابة الاستنباط وعدمها ليس هو المدار بل المدار هي الموازين التي يستند اليها وان كانت هذه الموازين لم يتفطن اليها أحد قبل كشفها،وهذا شبيه بمسالة رياضية معقدة جدا جدا ولكن لما يأتي شخص نابغة ولديه نباهة ويحل هذه المسالة ويكشفها للآخرين فبعد كشفها أكيد تصبح سهلة وان كانت قبل كشفها معقدة، وهذا نفس ما ذكرناه في حجية الظهور مراراً من ان حجية الظهور لا تتكأ ولا ترتكز على قدرة العرف او فهم العرف ولا على فهم جمهور الفقهاء ولا على فهم جمهور المفسرين ولا على جمهور علم من العلوم بل ترتكز على القواعد لان تلك القواعد معادلات فوق قدرة البشر ومثلنا لهذا المطلب بهذا المثال وهو مباريات النقد الادبي منذ عهد الجاهلية الى اليوم ففي سوق عكاظ لماذا يجعلون الحكم في مسابقات القصائد الشعرية او النثر ناقد لوذعي وخبير ادبي؟ وذلك لانه يلتفت الى نكات في الكلام لم يلتفت اليها الاخرون،فهل يعني هذا ان التفاتاته شاذة وغير سديدة؟ كلا سديدة ولكن الاخرين ليس لديهم قدرة الالتفات فمادامت التفاتاته على الموازين وعلى القواعد ويبين هذه الموازين والقواعد التي استند اليها في الرأي الادبي فهي حجة،اذن حجية الظهور غير مرهونة بقدرة الاخرين بل هي مرهونة بالقواعد والموازين التي يستند اليها،اذن المفروض ان هذا يرفع من العرف العلمي وهو ان المدار على قدرة وفهم العرف او قدرة وفهم الفقهاء او قدرة وفهم المفسرين وغيرهم،وكذا لاحظوا ان جملة (لا تنقض اليقين بالشك ولكن انقضه بيقين آخر[1]) كم مطلب استنبط منها الفقهاء فتنبيهات الاستصحاب كلها استفادوها منها وكذا شرائط جريان الاستصحاب كلها منها وكذا ما يقارب مئة او اكثر صفحة في الكتب كلها استنبطوها منها فهذا ليس تلاعب بالنص بل غور في النص، وكما في كتاب البيع للشيخ الانصاري (قدس سره) فان اكثر شرائط واحكام ونكات البيع اخذوها من لفظة واحدة وهي (البيع) فلفظة واحدة انطلق منها الفقهاء واسسوا قواعد عامة الا ما خصص بالدليل وهكذا في بقية المعاملات،اذن هذا استنباط وتحقيق ولذا استنبط الملا احمد النراقي (قدس سره) منها ثلاث قواعد، وكذا استشكل بعضهم في شمولها للشبهة الحكمية لان مفاد الروايات مناسب للشبهة الموضوعية وكذا استشكل بعضهم في شمول اصالة الطهارة ايضا للشبهة الحكمية وهي مفاد موثقة عمار ابن موسى الساباطي (كل شيء لك طاهر حتى تعلم انه نجس) وللفقهاء ومنهم الشهيد الصدر في بحوث في كتاب الطهارة كلام ومحاولات في كيفية تعميمها وشمولها للشبهة الحكمية منها الاطلاق المقامي وغيره من القرائن الدالة على الشمول ولكن يوجد طريق آخر معبد يمكن من خلاله استفادة الشمول امتن من هذا الاطلاق الذي قد يخدش فيه وهي خطوة في علم الحديث وعلم الدراية في بعض الاحيان تختصر هذه الخطوة الاستنباط للفقيه وتحلحل عقد عجيبة وهذه الخطوة هي مراجعة المصادر ففي الوسائل قطع الرواية فان صاحب الوسائل دأبه تقطيع الروايات وكثيرا ما يشير الى التقطيع كما لو قال الحديث فان معناه ان الحديث مقطع او يقول في حديث فانه واضح فيه انه مقطع وفي كثير من الموارد لا يشير الى التقطيع،واذا كانت الرواية مقطعة فلابد ان تذهب الى متن الحديث الكامل وتلاحظ سياقاته ومن الاحاديث المقطعة هو موثقة عمار الساباطي فإنها موجودة في كتاب التهذيب بصفحة ونصف وهذا الحديث الموثق يعزز ما قاله النراقي من استفادة القواعد الثلاث وسنبين تتمته غدا.