35/11/12
تحمیل
الموضوع:- أدلة البراءة الشرعية (حديث الرفع) / الأصول العملية.
كنا في هذا البحث وهو المفاد الاصلي لحديث الرفع؟ وان المسند اليه في الرفع ما هو؟ هل هو الحكم او المؤاخذة في البراءة او في بقية الفقرات الخمس ومر ان مختار القدماء او المشهور شهرة كثيرة ان الرفع مسند الى المؤاخذة أي الى مرتبة التنجيز للحكم بينما على راي متأخري الاعصار فانهم بنو على ان المرفوع هو الحكم وبنو على ان المرفوع فيما لا يعلمون هو الحكم الظاهري بينما في الفقرات الخمس الاخرى المرفوع هو الحكم الواقعي ومرادهم من الواقعي هو المرحلة الإنشائية والفعلية للحكم وبالتالي في الفقرات الخمس او الثمان يكون حديث الرفع مخصص. وعمدة استدلالهم ان الرفع هنا اسند الى الحكم، طبعا فيما لا يعلمون وفي الخطاء والنسيان اسند الى الحكم وفي الوسوسة والحسد ايضا يسند الى الحكم بتقدير مثلا الحكم،لكن في ما اضطروا اليه وما اكرهوا عليه وما لا يطيقون اسند الى الفعل ولكن بلحاظ حكمه.
وعلى أي حال فإسناد شيء الى الحكم كالرفع او شيء اخر لا يعين ارادة مطلق مراتب الحكم أي ان المرفوع مطلق مراتب الحكم وذلك لان الحكم له مراتب ومراحل، مثلا له مرحلة انشائية ومرحلة فعليه ناقصة ومرحلة فعلية تامة والمرحلة الإنشائية ثلاث مراحل والمرحلة الفعلية مرحلتين ناقصة وتامة والمرحلة الفاعلية الباعثية المحركية مرحلتين فاعلية ناقصة وفاعلية تامة وتنجيز وامتثال واحراز امتثال فالحكم طبعته هذه المراحل، اذا يتذكر الاخوة نقلنا مبنى مشهور القدماء ــ ونعم المبنى ــ عندهم حتى التخصيص ليس رافع للعام في كل مراحله الانشائية هذا في العام والخاص الصريح في التخصيص وليس مردد بين التخصيص وعدمه،كلا بل هو اصلا دليل صريح في التخصيص فعند مشهور القدماء التخصيص غير مغاير لحقيقة التخصيص عند متأخر الاعصار فان التخصيص عندهم رافع للمرحلة الثانية والثالثة للأنشاء اما المرحلة الاولى للأنشاء غير رافع لها نظير النسخ حتى عند السيد الخوئي (قدس) ارتكازا ــ لا اقول ان هذا عنده عنوانا او اعلانا او تبنيا ــ ان الذي ينفيه في البيان او اصول الفقه انما هو النسخ بالمعنى الذي عند متاخري الاعصار ولكنه يتبنى النسخ بمعنى التخصيص الذي عند القدماء يعني ان الناسخ لا يمحو المنسوخ من كل صفحات التشريع انما يرفع المرحلة الثانية والثالثة الانشائية من الحكم المنسوخ اما المر حلة الاولى الانشائية فعلى حالها،طبعا اذا تراجعون كلامه في البيان هو ينكر صغريات النسخ ولكنه بالدقة لا ينكر النسخ ولو انه يعنونه بإنكار النسخ لكن لباً وارتكازاً يذهب الى شيء آخر وان كان حقيقة ما يذهب اليه لم يبلوره بشكل دقيق ولكن حقيقة ما يذهب اليه السيد الخوئي (قدس) هو هذا. وهذا المبنى متين في حقيقة النسخ،فأصل الملاك مجمد موجود في المنسوخ وله شواهد ذكرناها في بحث الالفاظ، فاذا كان النسخ هكذا والتخصيص هكذا والا ليس اعتباطاً عبر عن منظومة الحكم بعام وخاص فانه من الاول كان بالإمكان ان يعبر عنها بشكل خاص وبيان تفصيلي فلماذا يعبر اولاً عام ثم خاص ثم منظومة درجات خاص ومنظومة درجات عام فهل هذا التعبير اعتباطاً؟ كلا بل لها فلسفة في التشريع لما مر من ان التخصيص كما هو مشهور الفقهاء او احد قولي المشهور ان المخصص كالناسخ لا يرفع العام في كل مراحل التشريع الانشائية وانما يرفع المرحلة الثانية والثالثة ولا يرفع المرحلة الاولى. الآن هذه المراحل ما هي؟ هذا بحث في محلة مضى وربما سياتي الاضطرار الى بيانه تفصيلاً.
على أيتي تقدير اذا كان النسخ هكذا والتخصيص هكذا فكيف بحالات اخرى مرددة ان تكون حقيقتها ما هي؟ لاحظوا ان متأخري الاعصار يذهبون في حديث الرفع كما مر بنا ان حديث الرفع ــ وهو ست قواعد وليس قاعدة واحدة ــ ان حديث الرفع في ما لا يطيقون وما اكرهوا عليه وما اضطرو اليه مخصص تماما صناعيا فلا ضرر مخصص وما جعل عليكم في الدين من حرج مخصص بينما مشهور الفقهاء القدماء يقولون ليس مخصص لان المخصص عندهم لا يرفع كل مراحل الحكم فكيف غير المخصص! بل هو عندهم مرخص وليس مخصص والمرخص غير المخصص فالمرخص يرفع ويزيل عزيمة الحكم وهي مرحلة ما قبل التنجيز التي هي مرحلة الفاعلية التامة لا الناقصة والفاعلية التامة مع التنجيز اسمها عزيمة الحكم وهذا اسم شرعي عقلائي قانوي قديم كما مر بنا ان كل مرحلة من مراحل الحكم لها اسم في القانون العقلائي فالتكليف ايضا اسم آخر لمرحلة فاعلية الحكم وتنجيز الحكم فالتكليف ليس كما يتوهمه متاخري العصر وهو انه اسم للحكم بلحاظ مرحلة اصل الفعلية، الميرزا النائيني (قدس) وتلاميذه ومنهم السيد الخوئي (قدس) بنو على ان التكليف اسم لمرحلة فعلية الحكم وهذه خلاف المشهور فان المشهور عندهم ان التكليف اسم لمرحلة فاعلية الحكم او تنجيزه مثل العزيمة فرفع التكليف هو رفع الثقل وليس رفع الحكم اذا رفعت ورخصت في الحكم وان كان الحكم الفعلي باقي على حاله رُفِعت كلفة وعبء الحكم في حين الحكم موجود ملاكه وفعليته موجودة،انما انت رفعت العبء والمؤاخذة وهو الدفع الاكيد كما يعبر عنها المحقق العراقي، اذا رفعت الفاعلية التامة المحركية الباعثية الزاجرية الاكيدة للحكم فثقل الحكم وكلفت الحكم وعبئه قد ارتفع لا ان اصل ملاك وجوده فيه كلفة ومشروعية الحكم في نفسه فيه كلفة. اي كلفه؟
اذن مختار القدماء ان حديث الرفع بقرائن عديدة كثيرة في صدد الترخيص لا في صدد التخصيص والترخيص يعيني رفع المؤاخذة فقط رفع الكلفة فقط رفع العزيمة فقط. الان هل منة الحرج ان يرفع مشروعية الوضوء الحرجي بحيث اذا جاء بالوضوء الحرجي يكون وضوؤه باطل؟ أيُ منة هذه وأيُ امتنان هذا؟ هذه قرينة الامتنان في حديث الرفع او في الادلة الاخرى للقواعد الست المذكورة في حديث الرفع مر بنا ان حديث الرفع بمتنه السداسي له السنة مختلفة كل السنته امتنانية فمثلا لا ضرر ولا ضرار في الاسلام هل معنى الضرر هذا رفع مشروعية الحكم؟ هذا خلاف الامتنان. وكذا ما جعل عليكم في الدين من حرج وهلم جرا، فمتأخري الاعصار عندهم هذا الكلام وهو صحيح ان من يعي حقيقة مراتب الحكم ببصيرة نافذة يقبض على العمود الفقري في علم الاصول وعلى الصناعة في الفقه لان مراحل الحكم مهمة والالتفات الى حقيقة مراحل الحكم وماهيتها وآثارها.
اذن عندنا نحن ادلة الرفع وعندنا العمومات الاولية للأحكام فنريد ان نلاحظ النسبة بين ادلة الرفع والعمومات هل هي تخصيص؟ كلا هي ترخيص.
من البحوث المهمة جدا بعد مراحل الحكم معرفة ان الادلة التي تعالج بعضها البعض وتنافي بعضها البعض وتصطك مع بعضها البعض وتتناظر مع بعضها البعض ما نقطة التنافر او التناظر او العلاج بين تلك الادلة وفي أي مرحلة من مراحل الحكم؟ هل هو في المرحلة الانشائية فيصير تخصيص او في مراحل اخرى لها اسماء اخرى قد يكون اسمها ورود او قد يكون اسمها حكومة او قد يكون اسمها مرخص او قد يكون اسمها مفرغ،والمفرغ غير المخصص فلا تعاد عند المشهور مفرغة بينما النائيني في بداية حياته العلمية كان يرى انها مفرغة وبعد ذلك تبنى انها مخصِصة والسيد الخوئي والسيد هادي الميلاني ايضا بنو على انها مخصصة، ولكن هل ان لا تعاد مخصصة؟ هل ان مفاد لا تعاد ان الجزء الفلاني الذي نسيته ليس مطلوب منك من راس اصلا؟ هكذا مفاد لا تعاد ؟!! الجواب هذا خلاف مفادها.
على كلٍ هذا تترتب عليه آثار كثيرة،فلا تعاد دليل والعمومات الاولية دليل فان لا تعاد تصطك وترتبط بالأدلة الاولية في أي مرحلة من المراحل؟ هل هي مخصصة او مفرغة؟ وكذا قاعدة التجاوز والفراغ ماذا تصنع بالأدلة الاولية؟ الجواب ان قاعدة التجاوز والفراغ دليل فراغ ظاهري اي مفرغ ظاهري ولا تعاد مفرغ واقعي، هذه كلها مراحل في الحكم اصلا الصناعة الاصولية والفقهية قائمة على هذه فاذا كان لا يميز الفقيه بين المراتب فان البحوث تختلط مع بعضها البعض هذا حسب كلام المحقين انفسهم.
اذن قرائن عديدة على كلام المشهور ان هذا الرفع في القواعد المتعددة امتناني والامتناني لا يرفع نفس المشروعية بل يكفي في الامتنان رفع العزيمة ويرخص فيه لا ان يرفع الرخصة في العمل بالحكم فاذا رفع الحكم الانشائي اصلا يرفع اصل الرخصة، فهذا اذن لا يمكن الالتزام به هذا شاهد من شواهد المشهور.
امس ذكرنا شاهد آخر هو ان رفع في موارد استعماله استعمل في النائم (رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ) ولكن رفع القلم عن النائم بضرورة الفقه ليس تخصيص وانما هو ترخيص ورفع المؤاخذة ورفع الكلفة والا اصل الحكم الفعلي موجود في حق النائم ولذلك يلزم بالقضاء واثار اخرى وهلم جرا. وطبعا هذه القرينة تدعم ان رفع القلم عن الصبي كذلك فانه وان كان اختيار المشهور أي الاكثر ان رفع القلم مخصص للعمومات ولكن غير الاكثر قال كلا هذا غير صحيح ــ وهو الصحيح ــ وقالوا رفع القلم ايضا دليل مرخص رفع مؤاخذة لا انه رفع مشروعية بشاهد الروايات المستفيضة الواردة في ابواب مقدمات العبادات في باب الصبي ان قلم السيئات لا تكتب على الصبي حتى يحتلم وعن الجارية حتى تحتلم وقلم السيئات يعني قلم المؤاخذة بينما قلم الحسنات غير معلق على البلوغ وهذا دليل واضح فحسنات يعني مصلحة ملاك بل هناك ما يدل على انه تكتب الحسنات للصبي وهو رضيع لا وهو مميز وهي الحج في الصبي الرضيع فهل هذا تمرين ولو هو طبعا في العلم التربوي الان ايضا تمرين أي تمرين في اللاشعور مثل صوة القران للمرأة الحامل تمرين في اللاشعور للصبي لكن على ايتي حال بحسب النظرة العرفية تمرين ولكن اصلا الملاك موجود ولكن اذا بلغ الصبي الرضيع ولم يطف به وليه طواف النساء فللازم عليه ان يطوف طواف النساء والا يحرم عليه النكاح وهذا واضح ان الملاك موجود، فعلى أي تقدير الشواهد الواردة في الصبي في باب كتابة الحسنات والسيئات ايضا معينة لكون معنى رفع القلم عن الصبي رفع قلم المؤاخذة وليس اصل التشريع وهو الصحيح وقد ذهب اليه الشهيد الاول وصاحب الجواهر في بعض الابواب وجماعة من الاعلام من ان الصبي عباداته مشروعة بالأدلة الأولية،هذه شواهد متعددة لكون رفع المراد به رفع المؤاخذة او قل رفع الحكم في مرتبة التنجيز او العزيمة هذا المراد بالبراءة وغيرها من القواعد،حتى الحسد ايضا ذهب المشهور الى ذلك فتعيبر صاحب الشرايع (الحسد حرام وابرازه كبيرة) يعني الحسد حتى في باطن النفس ويتمنى زوال النعمة من غيره حرام ولكن حرام معفو عنه والحال ان الرزق حتى المعنوي والمادي اذا خلا قلب الانسان من الحسد هو فتح لباب الرزق (من لم يتمنى نعمة الله على غيره يفتح الله له الرزق) على كلٍ فالحسد حرام لا انه رُفع الحسد يعني رَفع اصل الحرمة الانشائية او الفعلية كلا بل المؤاخذة عليه مرفوعة فالمبغوضية على حالها موجودة مثل الظهار حرام معفو عنه مثل الصغائر حرام معفو عنها مثل مسلك المشهور في ترك الصلاة في اول الوقت من دون عذر ولو كان خفيف فتأخير الصلاة معصية لكن معفو عنها، اذن هذه شواهد متعددة عند المتقدمين ان الرفع هنا ليس رفع للحكم وقرينة اخرى هي نفس كلمة الرفع فالرفع يعني ماذا؟ الرفع يعني شيء موجود ترفعه، فلاحظ رفع ماذا؟ المناسب رفع اثاره مراتبة مراحله اللاحقة المتأخرة الاخرى لا ان رفعه بمعنى مثل دفعة، فاذا كان مرفوع عن لوح التشريع كأنما مثل دفعه لا رفعه.
فهذه جملة من القرائن العديدة الدالة على ان القواعد والاحكام الثانوية لا تُعْدِم الاحكام الاولية ولا تزيل ولا تعدم الاحكام الاولية فالأحكام الاولية على حالها وانما ترفع المؤاخذة ترفع العزيمة هذا المسلك مشهور المتقدمين وحقيقة مبناهم ايضا اعمق من مما صورناها وهو رفع المؤاخذة ورفع العزيمة كلا حقيقة مبناهم في غور اعمق سنتعرض له فيما بعد التعرض الى مسلك متاخري الاعصار وهذا الشرح الذي سياتي لمسلك المتقدمين هو الآخر شاهد وقرينة على مسلكهم وهو ان الرفع هنا ليس رفع لأصل الحكم من المراحل الانشائية وانما هو رفع للمؤاخذة للكلفة ولا باس بان نعنونه وهو انه عند مشهور القدماء ان قواعد الرفع والعناوين الثانوية لباً مزاحمة للأحكام الاولية تزاحم ملاكي وليس تزاحم امتثالي هذه خلاصة حقيقة مبنى مشهور القدماء فعندهم ان الاحكام الثانوية أي ثانوية المحمول وليست ثانوية الموضوع هذه القواعد الست قواعد ثانوية المحمول اولية الموضوع عكس موارد اخرى في الفقه لدينا ثانوية الموضوع اولية المحمول تلك ايضا خمسة او سته مثل قاعدة الشروط المؤمنون عند شروطهم النذر اليمين الصلح امر الوالدين هذه عناوين ثانوية الموضوع اولية المحمول، الان ليس كلامنا فيها لأنها اولية المحمول فقاعدة الشعائر الدينية هكذا قاعدة ثانوية الموضوع اولية المحمول فكيف نبحث في قاعدة الشعائر ولا تعرف انها اوليه او ثانوية وثانوية الموضوع او المحمول اذا كانت هذه النكات الصناعية لا تحرر فكيف تريد ان تبحث حقيقة الشعائر فهذه النكات الصناعية روح البحث الاصولي والفقهي عند المتأخرين فقاعدة الشعائر ليست ثانوية المحمول البعض توهم انها اولية الموضوع اولية المحمول كلا هذا اشتباه كبير صناعي في تحرير قاعدة فقهية خطيرة وبعض توهم انها اولية الموضوع ثانوية المحمول هذا ايضا اشتباه ابجدي في علم الصناعية فهذه النكات الصناعية في التفرقة بين القواعد اصلا الشريان الوريدي في معرفة بحوث الصناعة.
كنا في هذا البحث وهو المفاد الاصلي لحديث الرفع؟ وان المسند اليه في الرفع ما هو؟ هل هو الحكم او المؤاخذة في البراءة او في بقية الفقرات الخمس ومر ان مختار القدماء او المشهور شهرة كثيرة ان الرفع مسند الى المؤاخذة أي الى مرتبة التنجيز للحكم بينما على راي متأخري الاعصار فانهم بنو على ان المرفوع هو الحكم وبنو على ان المرفوع فيما لا يعلمون هو الحكم الظاهري بينما في الفقرات الخمس الاخرى المرفوع هو الحكم الواقعي ومرادهم من الواقعي هو المرحلة الإنشائية والفعلية للحكم وبالتالي في الفقرات الخمس او الثمان يكون حديث الرفع مخصص. وعمدة استدلالهم ان الرفع هنا اسند الى الحكم، طبعا فيما لا يعلمون وفي الخطاء والنسيان اسند الى الحكم وفي الوسوسة والحسد ايضا يسند الى الحكم بتقدير مثلا الحكم،لكن في ما اضطروا اليه وما اكرهوا عليه وما لا يطيقون اسند الى الفعل ولكن بلحاظ حكمه.
وعلى أي حال فإسناد شيء الى الحكم كالرفع او شيء اخر لا يعين ارادة مطلق مراتب الحكم أي ان المرفوع مطلق مراتب الحكم وذلك لان الحكم له مراتب ومراحل، مثلا له مرحلة انشائية ومرحلة فعليه ناقصة ومرحلة فعلية تامة والمرحلة الإنشائية ثلاث مراحل والمرحلة الفعلية مرحلتين ناقصة وتامة والمرحلة الفاعلية الباعثية المحركية مرحلتين فاعلية ناقصة وفاعلية تامة وتنجيز وامتثال واحراز امتثال فالحكم طبعته هذه المراحل، اذا يتذكر الاخوة نقلنا مبنى مشهور القدماء ــ ونعم المبنى ــ عندهم حتى التخصيص ليس رافع للعام في كل مراحله الانشائية هذا في العام والخاص الصريح في التخصيص وليس مردد بين التخصيص وعدمه،كلا بل هو اصلا دليل صريح في التخصيص فعند مشهور القدماء التخصيص غير مغاير لحقيقة التخصيص عند متأخر الاعصار فان التخصيص عندهم رافع للمرحلة الثانية والثالثة للأنشاء اما المرحلة الاولى للأنشاء غير رافع لها نظير النسخ حتى عند السيد الخوئي (قدس) ارتكازا ــ لا اقول ان هذا عنده عنوانا او اعلانا او تبنيا ــ ان الذي ينفيه في البيان او اصول الفقه انما هو النسخ بالمعنى الذي عند متاخري الاعصار ولكنه يتبنى النسخ بمعنى التخصيص الذي عند القدماء يعني ان الناسخ لا يمحو المنسوخ من كل صفحات التشريع انما يرفع المرحلة الثانية والثالثة الانشائية من الحكم المنسوخ اما المر حلة الاولى الانشائية فعلى حالها،طبعا اذا تراجعون كلامه في البيان هو ينكر صغريات النسخ ولكنه بالدقة لا ينكر النسخ ولو انه يعنونه بإنكار النسخ لكن لباً وارتكازاً يذهب الى شيء آخر وان كان حقيقة ما يذهب اليه لم يبلوره بشكل دقيق ولكن حقيقة ما يذهب اليه السيد الخوئي (قدس) هو هذا. وهذا المبنى متين في حقيقة النسخ،فأصل الملاك مجمد موجود في المنسوخ وله شواهد ذكرناها في بحث الالفاظ، فاذا كان النسخ هكذا والتخصيص هكذا والا ليس اعتباطاً عبر عن منظومة الحكم بعام وخاص فانه من الاول كان بالإمكان ان يعبر عنها بشكل خاص وبيان تفصيلي فلماذا يعبر اولاً عام ثم خاص ثم منظومة درجات خاص ومنظومة درجات عام فهل هذا التعبير اعتباطاً؟ كلا بل لها فلسفة في التشريع لما مر من ان التخصيص كما هو مشهور الفقهاء او احد قولي المشهور ان المخصص كالناسخ لا يرفع العام في كل مراحل التشريع الانشائية وانما يرفع المرحلة الثانية والثالثة ولا يرفع المرحلة الاولى. الآن هذه المراحل ما هي؟ هذا بحث في محلة مضى وربما سياتي الاضطرار الى بيانه تفصيلاً.
على أيتي تقدير اذا كان النسخ هكذا والتخصيص هكذا فكيف بحالات اخرى مرددة ان تكون حقيقتها ما هي؟ لاحظوا ان متأخري الاعصار يذهبون في حديث الرفع كما مر بنا ان حديث الرفع ــ وهو ست قواعد وليس قاعدة واحدة ــ ان حديث الرفع في ما لا يطيقون وما اكرهوا عليه وما اضطرو اليه مخصص تماما صناعيا فلا ضرر مخصص وما جعل عليكم في الدين من حرج مخصص بينما مشهور الفقهاء القدماء يقولون ليس مخصص لان المخصص عندهم لا يرفع كل مراحل الحكم فكيف غير المخصص! بل هو عندهم مرخص وليس مخصص والمرخص غير المخصص فالمرخص يرفع ويزيل عزيمة الحكم وهي مرحلة ما قبل التنجيز التي هي مرحلة الفاعلية التامة لا الناقصة والفاعلية التامة مع التنجيز اسمها عزيمة الحكم وهذا اسم شرعي عقلائي قانوي قديم كما مر بنا ان كل مرحلة من مراحل الحكم لها اسم في القانون العقلائي فالتكليف ايضا اسم آخر لمرحلة فاعلية الحكم وتنجيز الحكم فالتكليف ليس كما يتوهمه متاخري العصر وهو انه اسم للحكم بلحاظ مرحلة اصل الفعلية، الميرزا النائيني (قدس) وتلاميذه ومنهم السيد الخوئي (قدس) بنو على ان التكليف اسم لمرحلة فعلية الحكم وهذه خلاف المشهور فان المشهور عندهم ان التكليف اسم لمرحلة فاعلية الحكم او تنجيزه مثل العزيمة فرفع التكليف هو رفع الثقل وليس رفع الحكم اذا رفعت ورخصت في الحكم وان كان الحكم الفعلي باقي على حاله رُفِعت كلفة وعبء الحكم في حين الحكم موجود ملاكه وفعليته موجودة،انما انت رفعت العبء والمؤاخذة وهو الدفع الاكيد كما يعبر عنها المحقق العراقي، اذا رفعت الفاعلية التامة المحركية الباعثية الزاجرية الاكيدة للحكم فثقل الحكم وكلفت الحكم وعبئه قد ارتفع لا ان اصل ملاك وجوده فيه كلفة ومشروعية الحكم في نفسه فيه كلفة. اي كلفه؟
اذن مختار القدماء ان حديث الرفع بقرائن عديدة كثيرة في صدد الترخيص لا في صدد التخصيص والترخيص يعيني رفع المؤاخذة فقط رفع الكلفة فقط رفع العزيمة فقط. الان هل منة الحرج ان يرفع مشروعية الوضوء الحرجي بحيث اذا جاء بالوضوء الحرجي يكون وضوؤه باطل؟ أيُ منة هذه وأيُ امتنان هذا؟ هذه قرينة الامتنان في حديث الرفع او في الادلة الاخرى للقواعد الست المذكورة في حديث الرفع مر بنا ان حديث الرفع بمتنه السداسي له السنة مختلفة كل السنته امتنانية فمثلا لا ضرر ولا ضرار في الاسلام هل معنى الضرر هذا رفع مشروعية الحكم؟ هذا خلاف الامتنان. وكذا ما جعل عليكم في الدين من حرج وهلم جرا، فمتأخري الاعصار عندهم هذا الكلام وهو صحيح ان من يعي حقيقة مراتب الحكم ببصيرة نافذة يقبض على العمود الفقري في علم الاصول وعلى الصناعة في الفقه لان مراحل الحكم مهمة والالتفات الى حقيقة مراحل الحكم وماهيتها وآثارها.
اذن عندنا نحن ادلة الرفع وعندنا العمومات الاولية للأحكام فنريد ان نلاحظ النسبة بين ادلة الرفع والعمومات هل هي تخصيص؟ كلا هي ترخيص.
من البحوث المهمة جدا بعد مراحل الحكم معرفة ان الادلة التي تعالج بعضها البعض وتنافي بعضها البعض وتصطك مع بعضها البعض وتتناظر مع بعضها البعض ما نقطة التنافر او التناظر او العلاج بين تلك الادلة وفي أي مرحلة من مراحل الحكم؟ هل هو في المرحلة الانشائية فيصير تخصيص او في مراحل اخرى لها اسماء اخرى قد يكون اسمها ورود او قد يكون اسمها حكومة او قد يكون اسمها مرخص او قد يكون اسمها مفرغ،والمفرغ غير المخصص فلا تعاد عند المشهور مفرغة بينما النائيني في بداية حياته العلمية كان يرى انها مفرغة وبعد ذلك تبنى انها مخصِصة والسيد الخوئي والسيد هادي الميلاني ايضا بنو على انها مخصصة، ولكن هل ان لا تعاد مخصصة؟ هل ان مفاد لا تعاد ان الجزء الفلاني الذي نسيته ليس مطلوب منك من راس اصلا؟ هكذا مفاد لا تعاد ؟!! الجواب هذا خلاف مفادها.
على كلٍ هذا تترتب عليه آثار كثيرة،فلا تعاد دليل والعمومات الاولية دليل فان لا تعاد تصطك وترتبط بالأدلة الاولية في أي مرحلة من المراحل؟ هل هي مخصصة او مفرغة؟ وكذا قاعدة التجاوز والفراغ ماذا تصنع بالأدلة الاولية؟ الجواب ان قاعدة التجاوز والفراغ دليل فراغ ظاهري اي مفرغ ظاهري ولا تعاد مفرغ واقعي، هذه كلها مراحل في الحكم اصلا الصناعة الاصولية والفقهية قائمة على هذه فاذا كان لا يميز الفقيه بين المراتب فان البحوث تختلط مع بعضها البعض هذا حسب كلام المحقين انفسهم.
اذن قرائن عديدة على كلام المشهور ان هذا الرفع في القواعد المتعددة امتناني والامتناني لا يرفع نفس المشروعية بل يكفي في الامتنان رفع العزيمة ويرخص فيه لا ان يرفع الرخصة في العمل بالحكم فاذا رفع الحكم الانشائي اصلا يرفع اصل الرخصة، فهذا اذن لا يمكن الالتزام به هذا شاهد من شواهد المشهور.
امس ذكرنا شاهد آخر هو ان رفع في موارد استعماله استعمل في النائم (رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ) ولكن رفع القلم عن النائم بضرورة الفقه ليس تخصيص وانما هو ترخيص ورفع المؤاخذة ورفع الكلفة والا اصل الحكم الفعلي موجود في حق النائم ولذلك يلزم بالقضاء واثار اخرى وهلم جرا. وطبعا هذه القرينة تدعم ان رفع القلم عن الصبي كذلك فانه وان كان اختيار المشهور أي الاكثر ان رفع القلم مخصص للعمومات ولكن غير الاكثر قال كلا هذا غير صحيح ــ وهو الصحيح ــ وقالوا رفع القلم ايضا دليل مرخص رفع مؤاخذة لا انه رفع مشروعية بشاهد الروايات المستفيضة الواردة في ابواب مقدمات العبادات في باب الصبي ان قلم السيئات لا تكتب على الصبي حتى يحتلم وعن الجارية حتى تحتلم وقلم السيئات يعني قلم المؤاخذة بينما قلم الحسنات غير معلق على البلوغ وهذا دليل واضح فحسنات يعني مصلحة ملاك بل هناك ما يدل على انه تكتب الحسنات للصبي وهو رضيع لا وهو مميز وهي الحج في الصبي الرضيع فهل هذا تمرين ولو هو طبعا في العلم التربوي الان ايضا تمرين أي تمرين في اللاشعور مثل صوة القران للمرأة الحامل تمرين في اللاشعور للصبي لكن على ايتي حال بحسب النظرة العرفية تمرين ولكن اصلا الملاك موجود ولكن اذا بلغ الصبي الرضيع ولم يطف به وليه طواف النساء فللازم عليه ان يطوف طواف النساء والا يحرم عليه النكاح وهذا واضح ان الملاك موجود، فعلى أي تقدير الشواهد الواردة في الصبي في باب كتابة الحسنات والسيئات ايضا معينة لكون معنى رفع القلم عن الصبي رفع قلم المؤاخذة وليس اصل التشريع وهو الصحيح وقد ذهب اليه الشهيد الاول وصاحب الجواهر في بعض الابواب وجماعة من الاعلام من ان الصبي عباداته مشروعة بالأدلة الأولية،هذه شواهد متعددة لكون رفع المراد به رفع المؤاخذة او قل رفع الحكم في مرتبة التنجيز او العزيمة هذا المراد بالبراءة وغيرها من القواعد،حتى الحسد ايضا ذهب المشهور الى ذلك فتعيبر صاحب الشرايع (الحسد حرام وابرازه كبيرة) يعني الحسد حتى في باطن النفس ويتمنى زوال النعمة من غيره حرام ولكن حرام معفو عنه والحال ان الرزق حتى المعنوي والمادي اذا خلا قلب الانسان من الحسد هو فتح لباب الرزق (من لم يتمنى نعمة الله على غيره يفتح الله له الرزق) على كلٍ فالحسد حرام لا انه رُفع الحسد يعني رَفع اصل الحرمة الانشائية او الفعلية كلا بل المؤاخذة عليه مرفوعة فالمبغوضية على حالها موجودة مثل الظهار حرام معفو عنه مثل الصغائر حرام معفو عنها مثل مسلك المشهور في ترك الصلاة في اول الوقت من دون عذر ولو كان خفيف فتأخير الصلاة معصية لكن معفو عنها، اذن هذه شواهد متعددة عند المتقدمين ان الرفع هنا ليس رفع للحكم وقرينة اخرى هي نفس كلمة الرفع فالرفع يعني ماذا؟ الرفع يعني شيء موجود ترفعه، فلاحظ رفع ماذا؟ المناسب رفع اثاره مراتبة مراحله اللاحقة المتأخرة الاخرى لا ان رفعه بمعنى مثل دفعة، فاذا كان مرفوع عن لوح التشريع كأنما مثل دفعه لا رفعه.
فهذه جملة من القرائن العديدة الدالة على ان القواعد والاحكام الثانوية لا تُعْدِم الاحكام الاولية ولا تزيل ولا تعدم الاحكام الاولية فالأحكام الاولية على حالها وانما ترفع المؤاخذة ترفع العزيمة هذا المسلك مشهور المتقدمين وحقيقة مبناهم ايضا اعمق من مما صورناها وهو رفع المؤاخذة ورفع العزيمة كلا حقيقة مبناهم في غور اعمق سنتعرض له فيما بعد التعرض الى مسلك متاخري الاعصار وهذا الشرح الذي سياتي لمسلك المتقدمين هو الآخر شاهد وقرينة على مسلكهم وهو ان الرفع هنا ليس رفع لأصل الحكم من المراحل الانشائية وانما هو رفع للمؤاخذة للكلفة ولا باس بان نعنونه وهو انه عند مشهور القدماء ان قواعد الرفع والعناوين الثانوية لباً مزاحمة للأحكام الاولية تزاحم ملاكي وليس تزاحم امتثالي هذه خلاصة حقيقة مبنى مشهور القدماء فعندهم ان الاحكام الثانوية أي ثانوية المحمول وليست ثانوية الموضوع هذه القواعد الست قواعد ثانوية المحمول اولية الموضوع عكس موارد اخرى في الفقه لدينا ثانوية الموضوع اولية المحمول تلك ايضا خمسة او سته مثل قاعدة الشروط المؤمنون عند شروطهم النذر اليمين الصلح امر الوالدين هذه عناوين ثانوية الموضوع اولية المحمول، الان ليس كلامنا فيها لأنها اولية المحمول فقاعدة الشعائر الدينية هكذا قاعدة ثانوية الموضوع اولية المحمول فكيف نبحث في قاعدة الشعائر ولا تعرف انها اوليه او ثانوية وثانوية الموضوع او المحمول اذا كانت هذه النكات الصناعية لا تحرر فكيف تريد ان تبحث حقيقة الشعائر فهذه النكات الصناعية روح البحث الاصولي والفقهي عند المتأخرين فقاعدة الشعائر ليست ثانوية المحمول البعض توهم انها اولية الموضوع اولية المحمول كلا هذا اشتباه كبير صناعي في تحرير قاعدة فقهية خطيرة وبعض توهم انها اولية الموضوع ثانوية المحمول هذا ايضا اشتباه ابجدي في علم الصناعية فهذه النكات الصناعية في التفرقة بين القواعد اصلا الشريان الوريدي في معرفة بحوث الصناعة.