36/11/13
تحمیل
الموضوع: لايجوز تقدم المأموم على الامام في الأفعال
كنا في صدد الأدلة الاجمالية على لزوم لمتابعة واستعرضنا ثلاثة طوائف من الأدلة، وكنّا في الطائفة الثالثة في مصححة علي بن جعفر حيث دفعنا الاشكال السندي عنها
وأما اشكال في الدلالة حيث ذكره جملة الأعلام ومنهم السيد الخوئي، والرواية هي عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد): عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يصلي، له أن يكبر قبل الامام؟ قال: لا يكبر إلاّ مع الامام، فإن كبر قبله أعاد التكبير[1] ومرّ ان المراد من التبعية ليس هو التأخر الزماني بل المراد من التبعية هو التأخر الرتبي كما ورد في الوضوء وفي الغسل وفي امور عديدة
فليس المراد من التأخر بالضرورة ان يكون المراد منه التأخر الزماني فإن التأخر الزماني هو شرطية تأخر الرتبة فيكون التأخر الرتبي مفروغ عن إرادته وعليه فيكون التفريع هو تفريع رتبي وليس تفريع زماني
وأما اشكال كون ان هذه الرواية وآردة خاصة في صلاة الميت، فكون الشيخ الطوسي أو المفيد أو الحميري أو أيّ محدث آخر نقلها وذكرها في صلاة الميت فهذا في نفسه لايوجب انحصار دلالتها في هذا الباب والحصر في هذا الباب من دون تدبّر وتأمل يعني التقليد
نعم الشك في كون القرينة إجمالية أو قابلة للتعويل أو اتفاق المحدثين على إدراج الرواية في باب معين يوجب التسائل والإثارة فهذا أمر صحيح وفي محله لكنه لايعني ان هذا برهان لايمكن العدول عنه
ولكن هذا الشاهد ليس بتام لأن صلاة الميت هي صلاة غاية الأمر فان الروايات الدالة على صلاة الميت دلت على عدم اشتراط الوضوء في الصلاة على الميت لأنها ليس فيها ركوع أو سجود فالنفي ليس نفي لأصل الصلاة بل هو نفي لنمط من أنماط الصلاة، فالصلاة نوعان صلاة مع الركوع والسجود وصلاة بدون ركوع وسجود ولذا ذكروا شرائط صلاة الجماعة بعينها في صلاة الميت، فالصحيح ان صلاة الميت هي صلاة لكن ليس فيها ركوع وليس فيها سجود
وجواب آخر من قال هناك قرينة على صلاة الميت؟ فان صلاة الميت بعد التكبير لايحق للمصلي الفعل ماشاء فان لها شرائط وان اعادة التكبيرة يعني الخروج عن الصلاة لحاجة موجّهة ولاشاهد عليه، وان لصلاة الميت صياغات عديدة
وقد اشكل اشكال اخر على هذه الرواية وهو ان الاقتران في لفظ وعنوان الامام لا يكبر إلاّ مع الامام ليس معناه تقارن التكبيرتين ، فيقول المستشكل ان هذه الرواية لاتختلف مع الروايات السابقة فالمعية يعني التبعية وليس المرد منه المقارنة
واشكال آخر هو ان الاقتران في المتابعة ربما يلتزم به المشهور لكن بخصوص تكبيرة الاحرام لايلتزم به المشهور فلايقول المشهور بتجويز الاقتران الزماني
والجواب: سيأتي قريبا ان الاقتران الزماني الذي يمنعه المشهور هو ان يتلفظ بهمزة التكبير قبل همزة تكبير الامام أو مع همزة تكبير الامام أما اذا كانت همزة تكبير المأموم مقارنة زمانا مع اللام في (الله) التي يقولها الامام في (الله أكبر) فالمشهور يمنع التقارن بالدقة أما التقارن العرفي فلا مانع منه
واشكال خامس على الاستدلال بهذه الرواية المصححة هو ان هذه الرواية واردة في تكبيرة الاحرام ولادليل على ان هذا الأمر سائغ في بقية افعال الصلاة
والجواب: ان هذا عكس الاشكال فيما تقدم فان المشهور يدقق في تكبيرة الإحرام في المتابعة أكثر من غيرها لأن تكبيرة الاحرام فيها انعقاد الصلاة وسيأتي ان تكبيرة الاحرام في صلاة الجماعة مع المخالفين يقول عليه السلام (لايكون تكبيرك مع تكبيرهم لكي لاتنعقد صلاتك بصلاتهم) باعتبار ان الجماعة في هذه الصورة هي جماعة صورية، فالحساسية في المتابعة في تكبيرة الاحرام أشد وأكثر من غيرها في أفعال الصلاة معه فالاشكال غير وارد
فتكون هذه المصححة المباركة دالّة على ان المتابعة اللازمة في صلاة الجماعة بمعى عدم التقدم الزماني وليست بمعنى عدم التقارن لاسيما التقارن العرفي، نعم التقارن الدقي فيه إشكال من جهة شبهة عدم إحراز عدم التقدم فان عدم التقدم هو شرط بمعنى انه دخيل في انعقاد المتابعة والجماعة، فالرواية تامة الدلالة
ثم ان المستفاد من هذه المصححة هو التقدم سيما في تكبيرة الاحرام أما التأخر الزماني ولو بفاصل فلادليل على دلالة الرواية عليه وان التقارن والتبعية مع امام الجماعة إجمالا منه قدر وضعي ومنه تكليفي وهو القدر المتوسط
فلو أعطى الشارع طبيعة ذات مراتب وكان التشكيك في طرف من هذه المراتب وضعي وطرف منها ندبي فهنا تلقائيا يستخلص منه التكليفي الالزامي أي لايؤخذ بالوضعي ولا بالندبي، فكأنما الندبي يشتد ويصير تكليفي الزامي وهذا التكليفي الالزامي يشتد فيكون وضعي ودخيل في الصحة