37/03/09
تحمیل
الموضوع:- حكم
ارتفاع العذر بعد انتهاء الوقت - أي حكم القضاء - مبحث الإجـــزاء.
الجهة الثانية:- لعلّ ذلك من باب أنّ المتنجّس لا ينجّس، فإنّ هناك مسألة هي محلّ اختلافٍ بين الفقهاء وهي أنّ عين النجاسة ينجّس بلا إشكال على كلامٍ من بعضهم في أنّه هل ينجس الماء القليل أو لا ؟ وبعضهم ذهب إلى أنه لا ينجّسه ولكن تلك قضة جانبية، ولكن المعروف عندنا هو أن عين النجاسة تنجّس، وإنما الكلام في المتنجّس بعين النجس، كالمرأة التي تبيع الحليب والجبن فهي كانت تحلب البقرة وطفلها بال في الأثناء فغيّرت ملابسه ومسحت يديها بالعباءة فيديها سوف تصير متنجّسة، فهل تنجّس الحليب أو لا ؟ إنَّ هذا محلّ خلافٍ بين الفقهاء، وقد ذهب البعض إلى أنّ المتنجّس لا ينجّس - إمّا مطلقاً أو على تفصيلٍ -، ومن جملة رواد هذا المسلك الشيخ الهمداني(قده) في مصباح الفقيه وذكر دليلاً وقال لو كان المتنجّس ينجّس فسوف تصير كلّ الأمكنة متنجّسة، خصوصاً أيام المطر فإنّه إذا توقّف المطر ومرّت الكلاب مثلاً ونحن نمشي في الشارع ونذهب إلى البيت فهنا يلزم تنجّس بقاع الأرض[1]، فلعلّ هذه السيرة ناشئة من أنّ المتنجس لا ينجّس - فصحيح أنا نسلّم أنّ هناك سيرة بأنّا نأكل ونشرب من غيرنا وكذلك نأكل ونشرب من بائعة الحليب والجبن - ولم تنشأ ممّا أشار إليه - وهو أنّ الحكم الثابت في حقّ المخالف يكون واقعياً في حقنا -، ويكفينا هذا الاحتمال، فلا نتمكن أن نقول إنّ هذه السيرة حتماً هي ناشئة من أنّ ما ثبت في حقّهم يكون ثابتاً في حقنا.
الجهة الثالثة:- الغيبة، فلعلّ هذا ناشئاً من الغيبة، إذ أنّ الغيبة هي من أحد المطهرات عندنا، يعني لو جئت إلى بيتك وجاء الطفل فبال على الفراش ثم غبت أنا عن البيت لفترةٍ أحتمل فيها أن المكان قد طُهِّر - نعم لو كانت الغيبة قصيرة بحيث لا يحتمل فيها التطهير فالغيبة هنا ليست من المطهرات - فمقتضى الاستصحاب هنا هو النجاسة، ولكن هل نحكم بالنجاسة أو لا ؟ كلّا لا نحكم بالنجاسة فإنّ الغَيبة من المطهرات.
ومن باب الفائدة الجانبية نقول:- لماذا تكون الغيبة من المطهرات ؟
والجواب:- المدرك في ذلك هو السيرة فإنها جارية على ذلك، فحينما أرجع بعد فترةٍ أحتمل فيها حصول التطهير وصاحب البيت أو الثوب مثلاً مبالٍ للطهارة والنجاسة - لا أنه ليس بمبالٍ - وكان يعلم أنّ هذا المكان أو الثوب قد تنجّس، فالغيبة في مورد تحقّق هذه الشروط تكون من المطهرات فالسيرة جارية جزماً على الحكم بحصول الطهارة، فالغيبة من المطهرات ومدركها السيرة ولكنها في ظلّ شروطٍ لأنّ القدر المتيقّن منها هو حالة توفّر هذه الشروط.
نعم من حقك أن تضيف شرطاً رابعاً أو تحذف شرطاً، فمثلاً كان يقال بإنّ صاحب الجواهر(قده)[2] كان يقول:- إنّه حتى لو كان صاحب البيت يعتقد بطهارة هذا الشيء - كبول الرضيع - فمع ذلك تكون الغيبة من المطهرات، فهنا سوف تصير الدائرة أوسع.
فلعلّ منشأ هذه السيرة الثابتة هو الغيبة والغيبة من أحد المطهرات، يعني بتعبيرٍ آخر:- صحيحٌ أنّنا رأينا بأعيننا أنّ المخالف أو بائعة اللبن قد ساورت النجس ولكن بعد ذلك غبنا عنها ومادامت حصلت غيبة فهي حسب السيرة من موجبات الطهارة.
إذن لعله في هذا المورد نساور المخالف أو بائعة اللبن من باب أنّ الغَيبة من جملة المطهرات خصوصاً إذا بنينا على رأي صاحب الجواهر(قده) الذي كان يقول بأنّه حتى لو كان الطرف الآخر يعتقد بطهارة هذا الشيء - كما لو كان يرى أنّ زوال عين النجاسة من المطهّرات أو أنّ بائعة اللبن ترى أنّ بول الرضيع طاهر - فمع ذلك الغيبة تكون من المطهرات، فلعلّ هذه السيرة ناشئة من مطهّرية الغيبة.
والنتيجة:- هي أنّا لا نتمكن أن نقول إنّ ما عليه المخالف في باب الطهارة يكون ثابتاً في حقنا واقعاً فإنّ هذا لا يمكن أن نستنتجه من السيرة إذ لعلّ منشأ السيرة هو أحد الجهات الثلاثة المتقدّمة، ويكفينا الاحتمال.
ولعل قائلا يقول:- أنا أضيّف منشأً رابعاً، وهو أنّ شرطيّة الطهارة في المأكول والمشروب مرتفعة مادمنا نرتبط معهم ونعيش معهم كما قد يقال بالنسبة إلى المسجد الحرام، فقد يقال إنّ أرض المسجد الحرام نحسة ولكن شرطيّة الطهارة في موضع السجود مرتفعٌ وإلا يلزم التكليف بغير المقدور - أو التعسّر -، فكما ربما يقال هناك ربما يقال هنا أيضاً، فإنه مادمنا نختلط معهم فشرطيّة الطهارة في المأكول والمشروب مرتفعة.
والجواب:- إنّ هذا قابلٌ للمناقشة، ووجه المناقشة هو أنّه إذا كان الشارع قد رفع يده عن شرطيّة الطهارة مادام هناك خلطة عندنا معهم فيلزم عند ارتفاع المخالطة أن نطهّر كلّ أشيائنا من ظروف أو فراش أو غير ذلك لأنّ الخلطة قد ارتفعت، فعند الخلطة معهم ارتفعت شرطية الطهارة والسيرة موجودةٌ بهذا المقدار، أمّا بعد ارتفاع المخالطة فحينئذٍ يلزم عود شرطيّة الطهارة فيلزم أن نطهّر الملابس والأواني وما شاكل ذلك وهذا لا يُلتزَمُ به، فهذا الاحتمال ضعيفٌ، والاحتمال الأوجه هو أحد الجهات الثلاثة التي أشرنا إليها.
والخلاصة:- إن هذا المورد الثاني كالمورد الأوّل لا يمكن أن نقول بانعقاد السيرة عليه والحكم بثبوت الاستثناء بلحاظه لأجل المنشأ الذي ذكره، فنحن نسلّم بأصل السيرة لكن لا للمنشأ الذي أشار إليه، بل لعلّه توجد مناشيء أخرى.
وبهذا أنهينا هذين الأمرين اللذين ذكرناهما من باب الكلام يجرّ الكلام.
وللسيد الخميني(قده)[3]رأيٌ في هذه المسألة:- وحاصلههو التفصيل بين المجتهد نفسه وبين المكلّف العامي، فالمجتهد إذا تغيّر رأيه ففي مثل ذلك تبنّى تفصيل صاحب الكفاية(قده) - يعني إذا كان مستند رأي هذا المجتهد هو الأصل العملي الذي يوسّع من دائرة الشرطيّة أو الجزئيّة فيحكم بالإجزاء، وإذا كان مستنده هو الأمارة فتلزم الاعادة-.
وأمّا بالنسبة إلى المكلّف العامي - المقلِّد - فتلزمه الاعادة من دون تفصيلٍ، وذلك لأنّ مستنده هو رأي المجتهد ورأي المجتهد في حقّه أمارة والأمارة إذا كانت هي المستند فليس بلحاظها إجزاء كما ذكرنا - وأنا أقول قد صار حال المكلّف العامي أضيق وأشدّ حراجةً من المجتهد -.
وإذا لاحظنا تحرير الوسيلة[4] رأيناه يحكم بالإجزاء مطلقاً إذا تغيّر رأي المجتهد، فصار له رأيان، وإذا ضممنا إليه الرأي الذي تقدّم نقله سابقاً لأنّنا نقلنا عنه رأياً عند التعرض لتفصيل الشيخ الخراساني(قده)[5]، فهناك كان يتبنّى رأي صاحب الكفاية(قده) من دون تفصيلٍ بين المجتهد والمكلف، يعني صارت آراءه ثلاثة - أحدها أنّه لا فرق بين المجتهد والعامي فكلاهما يفصّل فيه تفصيل صاحب الكفاية(قده)، وثانيها ما هو موجودٌ في أواخر تهذيب الأصول في مبحث الاجتهاد والتقليد وهو التفصيل بين المجتهد والعامي، وثالثها ما هو موجود في تحرير الوسلة.
وعلى أيّ حال اتضح ممّا ذكرنا أنّ المناسب هو بطلان تفصيل صاحب الكفاية(قده) لما أشرنا إليه من أنّ المدرك حتى لو كان هو الأصل ووظيفة الأصل هو الحكومة والتوسعة لدائرة الشرطيّة أو الجزئية بيد أنا ذكرنا أنّ هذه الحكومة حكومةٌ ظاهريّة وليست واقعيّة والحكومة الظاهريّة تعني التوسعة مادام الجهل موجوداً، مثل قاعدة الطهارة فهي تقول ( كلّ شيءٍ لك طاهر حتى تعلم أنه قذر ) وهي جارية مادمت جاهلاً فإذا علمت بأنّه نجسٌ فهنا ترتفع هذه القاعدة لأنّه لا يوجد عندي الآن شك في النجاسة بل صار عندي علم بها فنقول لابدّ من التطهير، فهذه حكومة ظاهريّة - أي مادام الجهل موجوداً فأنت طبق الأثار فأشرب الماء مثلاً فإذا - ارتفعت الجهالة فتعود حينئذٍ أحكام الواقع، وهذه توسعة ظاهريّة ويعبّر عنها بالحكومة الظاهريّة، وعلى هذا الأساس لا يثبت الإجزاء، فالتفصيل المذكور تفصيلٌ مرفوض.
الجهة الثانية:- لعلّ ذلك من باب أنّ المتنجّس لا ينجّس، فإنّ هناك مسألة هي محلّ اختلافٍ بين الفقهاء وهي أنّ عين النجاسة ينجّس بلا إشكال على كلامٍ من بعضهم في أنّه هل ينجس الماء القليل أو لا ؟ وبعضهم ذهب إلى أنه لا ينجّسه ولكن تلك قضة جانبية، ولكن المعروف عندنا هو أن عين النجاسة تنجّس، وإنما الكلام في المتنجّس بعين النجس، كالمرأة التي تبيع الحليب والجبن فهي كانت تحلب البقرة وطفلها بال في الأثناء فغيّرت ملابسه ومسحت يديها بالعباءة فيديها سوف تصير متنجّسة، فهل تنجّس الحليب أو لا ؟ إنَّ هذا محلّ خلافٍ بين الفقهاء، وقد ذهب البعض إلى أنّ المتنجّس لا ينجّس - إمّا مطلقاً أو على تفصيلٍ -، ومن جملة رواد هذا المسلك الشيخ الهمداني(قده) في مصباح الفقيه وذكر دليلاً وقال لو كان المتنجّس ينجّس فسوف تصير كلّ الأمكنة متنجّسة، خصوصاً أيام المطر فإنّه إذا توقّف المطر ومرّت الكلاب مثلاً ونحن نمشي في الشارع ونذهب إلى البيت فهنا يلزم تنجّس بقاع الأرض[1]، فلعلّ هذه السيرة ناشئة من أنّ المتنجس لا ينجّس - فصحيح أنا نسلّم أنّ هناك سيرة بأنّا نأكل ونشرب من غيرنا وكذلك نأكل ونشرب من بائعة الحليب والجبن - ولم تنشأ ممّا أشار إليه - وهو أنّ الحكم الثابت في حقّ المخالف يكون واقعياً في حقنا -، ويكفينا هذا الاحتمال، فلا نتمكن أن نقول إنّ هذه السيرة حتماً هي ناشئة من أنّ ما ثبت في حقّهم يكون ثابتاً في حقنا.
الجهة الثالثة:- الغيبة، فلعلّ هذا ناشئاً من الغيبة، إذ أنّ الغيبة هي من أحد المطهرات عندنا، يعني لو جئت إلى بيتك وجاء الطفل فبال على الفراش ثم غبت أنا عن البيت لفترةٍ أحتمل فيها أن المكان قد طُهِّر - نعم لو كانت الغيبة قصيرة بحيث لا يحتمل فيها التطهير فالغيبة هنا ليست من المطهرات - فمقتضى الاستصحاب هنا هو النجاسة، ولكن هل نحكم بالنجاسة أو لا ؟ كلّا لا نحكم بالنجاسة فإنّ الغَيبة من المطهرات.
ومن باب الفائدة الجانبية نقول:- لماذا تكون الغيبة من المطهرات ؟
والجواب:- المدرك في ذلك هو السيرة فإنها جارية على ذلك، فحينما أرجع بعد فترةٍ أحتمل فيها حصول التطهير وصاحب البيت أو الثوب مثلاً مبالٍ للطهارة والنجاسة - لا أنه ليس بمبالٍ - وكان يعلم أنّ هذا المكان أو الثوب قد تنجّس، فالغيبة في مورد تحقّق هذه الشروط تكون من المطهرات فالسيرة جارية جزماً على الحكم بحصول الطهارة، فالغيبة من المطهرات ومدركها السيرة ولكنها في ظلّ شروطٍ لأنّ القدر المتيقّن منها هو حالة توفّر هذه الشروط.
نعم من حقك أن تضيف شرطاً رابعاً أو تحذف شرطاً، فمثلاً كان يقال بإنّ صاحب الجواهر(قده)[2] كان يقول:- إنّه حتى لو كان صاحب البيت يعتقد بطهارة هذا الشيء - كبول الرضيع - فمع ذلك تكون الغيبة من المطهرات، فهنا سوف تصير الدائرة أوسع.
فلعلّ منشأ هذه السيرة الثابتة هو الغيبة والغيبة من أحد المطهرات، يعني بتعبيرٍ آخر:- صحيحٌ أنّنا رأينا بأعيننا أنّ المخالف أو بائعة اللبن قد ساورت النجس ولكن بعد ذلك غبنا عنها ومادامت حصلت غيبة فهي حسب السيرة من موجبات الطهارة.
إذن لعله في هذا المورد نساور المخالف أو بائعة اللبن من باب أنّ الغَيبة من جملة المطهرات خصوصاً إذا بنينا على رأي صاحب الجواهر(قده) الذي كان يقول بأنّه حتى لو كان الطرف الآخر يعتقد بطهارة هذا الشيء - كما لو كان يرى أنّ زوال عين النجاسة من المطهّرات أو أنّ بائعة اللبن ترى أنّ بول الرضيع طاهر - فمع ذلك الغيبة تكون من المطهرات، فلعلّ هذه السيرة ناشئة من مطهّرية الغيبة.
والنتيجة:- هي أنّا لا نتمكن أن نقول إنّ ما عليه المخالف في باب الطهارة يكون ثابتاً في حقنا واقعاً فإنّ هذا لا يمكن أن نستنتجه من السيرة إذ لعلّ منشأ السيرة هو أحد الجهات الثلاثة المتقدّمة، ويكفينا الاحتمال.
ولعل قائلا يقول:- أنا أضيّف منشأً رابعاً، وهو أنّ شرطيّة الطهارة في المأكول والمشروب مرتفعة مادمنا نرتبط معهم ونعيش معهم كما قد يقال بالنسبة إلى المسجد الحرام، فقد يقال إنّ أرض المسجد الحرام نحسة ولكن شرطيّة الطهارة في موضع السجود مرتفعٌ وإلا يلزم التكليف بغير المقدور - أو التعسّر -، فكما ربما يقال هناك ربما يقال هنا أيضاً، فإنه مادمنا نختلط معهم فشرطيّة الطهارة في المأكول والمشروب مرتفعة.
والجواب:- إنّ هذا قابلٌ للمناقشة، ووجه المناقشة هو أنّه إذا كان الشارع قد رفع يده عن شرطيّة الطهارة مادام هناك خلطة عندنا معهم فيلزم عند ارتفاع المخالطة أن نطهّر كلّ أشيائنا من ظروف أو فراش أو غير ذلك لأنّ الخلطة قد ارتفعت، فعند الخلطة معهم ارتفعت شرطية الطهارة والسيرة موجودةٌ بهذا المقدار، أمّا بعد ارتفاع المخالطة فحينئذٍ يلزم عود شرطيّة الطهارة فيلزم أن نطهّر الملابس والأواني وما شاكل ذلك وهذا لا يُلتزَمُ به، فهذا الاحتمال ضعيفٌ، والاحتمال الأوجه هو أحد الجهات الثلاثة التي أشرنا إليها.
والخلاصة:- إن هذا المورد الثاني كالمورد الأوّل لا يمكن أن نقول بانعقاد السيرة عليه والحكم بثبوت الاستثناء بلحاظه لأجل المنشأ الذي ذكره، فنحن نسلّم بأصل السيرة لكن لا للمنشأ الذي أشار إليه، بل لعلّه توجد مناشيء أخرى.
وبهذا أنهينا هذين الأمرين اللذين ذكرناهما من باب الكلام يجرّ الكلام.
وللسيد الخميني(قده)[3]رأيٌ في هذه المسألة:- وحاصلههو التفصيل بين المجتهد نفسه وبين المكلّف العامي، فالمجتهد إذا تغيّر رأيه ففي مثل ذلك تبنّى تفصيل صاحب الكفاية(قده) - يعني إذا كان مستند رأي هذا المجتهد هو الأصل العملي الذي يوسّع من دائرة الشرطيّة أو الجزئيّة فيحكم بالإجزاء، وإذا كان مستنده هو الأمارة فتلزم الاعادة-.
وأمّا بالنسبة إلى المكلّف العامي - المقلِّد - فتلزمه الاعادة من دون تفصيلٍ، وذلك لأنّ مستنده هو رأي المجتهد ورأي المجتهد في حقّه أمارة والأمارة إذا كانت هي المستند فليس بلحاظها إجزاء كما ذكرنا - وأنا أقول قد صار حال المكلّف العامي أضيق وأشدّ حراجةً من المجتهد -.
وإذا لاحظنا تحرير الوسيلة[4] رأيناه يحكم بالإجزاء مطلقاً إذا تغيّر رأي المجتهد، فصار له رأيان، وإذا ضممنا إليه الرأي الذي تقدّم نقله سابقاً لأنّنا نقلنا عنه رأياً عند التعرض لتفصيل الشيخ الخراساني(قده)[5]، فهناك كان يتبنّى رأي صاحب الكفاية(قده) من دون تفصيلٍ بين المجتهد والمكلف، يعني صارت آراءه ثلاثة - أحدها أنّه لا فرق بين المجتهد والعامي فكلاهما يفصّل فيه تفصيل صاحب الكفاية(قده)، وثانيها ما هو موجودٌ في أواخر تهذيب الأصول في مبحث الاجتهاد والتقليد وهو التفصيل بين المجتهد والعامي، وثالثها ما هو موجود في تحرير الوسلة.
وعلى أيّ حال اتضح ممّا ذكرنا أنّ المناسب هو بطلان تفصيل صاحب الكفاية(قده) لما أشرنا إليه من أنّ المدرك حتى لو كان هو الأصل ووظيفة الأصل هو الحكومة والتوسعة لدائرة الشرطيّة أو الجزئية بيد أنا ذكرنا أنّ هذه الحكومة حكومةٌ ظاهريّة وليست واقعيّة والحكومة الظاهريّة تعني التوسعة مادام الجهل موجوداً، مثل قاعدة الطهارة فهي تقول ( كلّ شيءٍ لك طاهر حتى تعلم أنه قذر ) وهي جارية مادمت جاهلاً فإذا علمت بأنّه نجسٌ فهنا ترتفع هذه القاعدة لأنّه لا يوجد عندي الآن شك في النجاسة بل صار عندي علم بها فنقول لابدّ من التطهير، فهذه حكومة ظاهريّة - أي مادام الجهل موجوداً فأنت طبق الأثار فأشرب الماء مثلاً فإذا - ارتفعت الجهالة فتعود حينئذٍ أحكام الواقع، وهذه توسعة ظاهريّة ويعبّر عنها بالحكومة الظاهريّة، وعلى هذا الأساس لا يثبت الإجزاء، فالتفصيل المذكور تفصيلٌ مرفوض.