37/04/21
تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد.
كان الكلام في المورد السادس في صحيحة عيص بن القاسم وقلنا بأن الاستدلال بها في محل الكلام يواجه مشكلة, وقلنا بأن المشكلة ليس في وجوب القضاء على من اكل وإنما في عدم وجوب القضاء على من لم يأكل بناءً على أن ظاهر الرواية عدم المراعاة فكيف يحكم بعدم القضاء على من لم يأكل _ بعد الاخبار وقد اكل قبل الاخبار _ مع فرض تبين الخلاف وعدم المراعاة لأن هذا ينافي موثقة سماعة المتقدمة, وقلنا بأن ظاهر الرواية اولاً عدم المراعاة وثانياً تبين الخلاف و ثالثاً اختصاص وجوب التمام والقضاء بمن اكل والاختصاص يعني عدم وجوب القضاء على من كف عن الطعام, وهذه الظهورات الثلاثة هي التي توقع المشكلة, وحلها يتحقق برفع اليد عن احدها.
فنرفع اليد عن الظهور بأختصاص وجوب القضاء بمن اكل ونقول بأن (يتم ويقضي) غير مختصة بمن اكل وحينئذ لا نستفيد منه عدم القضاء على من امتنع عن الاكل لكي نقع في المشكلة, فنقول أن الرواية تعرضت لمن ظن أنه يسخر واكل واوجبت عليه القضاء وسكتت عمن امتنع عن الاكل وحينئذ لا تخالف هذه الرواية موثقة سماعة فنلتزم بموثقة سماعة في من امتنع عن الاكل ونقول بان هذا يجب عليه القضاء ايضاً لأنه اكل بعد طلوع الفجر(بعد اخبار المخبر) مع عدم المراعاة.
أو نرفع اليد عن ظهور الرواية بعدم المراعاة وحملها على المراعاة فيكون حينئذ عدم وجوب القضاء على من امتنع على القاعدة لأنه اكل بعد المراعاة ولا يضره تبين الخلاف ومن لم يكف نقول بوجوب القضاء عليه لأجل اكله الواقع بعد الاخبار أي مع عدم المراعاة, لا بلحاظ الاكل الاول الذي كان مع المراعاة.
أو نرفع اليد عن ظهور الرواية في تبين الخلاف بالنسبة لمن لم يأكل بعد الاخبار فتكون الرواية اجنبية عن محل الكلام فلا يجب القضاء على القاعدة لأنه لم يأكل بعد طلوع الفجر.
ولعل هذه الرواية تساعد على بعض هذه الوجوه وهي كما في فقه الرضا ( عليه السلام ) : " ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر ؟ ثم قال : قد طلع الفجر، وظن بعضهم أنه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم" .)[1]
وفي هذه الرواية كان المخبر بطلب منهم وهذا يمكن اعتباره نوع من المراعاة ثم أن الرواية لم تقل كانوا يتسحرون بل كانوا مجتمعين فممكن افتراض انهم لم يأكلوا حتى يخبرهم بل الظاهر هو ذلك وحينئذ لا يمكن أن نثبت تبين الخلاف, نعم من ظن أن المخبر يمزح اكل وشرب, ولم تفرض الرواية أن اكل هذا وشربه بعد طلوع الفجر الا انها تحكم عليه بوجوب القضاء فيفهم منه أن اكله هذا كان بعد طلوع الفجر, ولعل هذه الرواية تساعد على احد الاحتمالات والتوجيهات التي تقدمت وعلى كل حال فهي غير تامة سنداً ولا يمكن التعويل عليها.
والخلاصة
أن صحيحة العيص بن القاسم لا يخلو الاستدلال بها من شيء لكن قلنا أن الصحيح هو ما عليه المشهور من أنه في هذا المورد يجب القضاء دون الكفارة, كما ذهب إليه المشهور بل نُقل عن المدارك أن هذا مما قطع به الاصحاب, ونحن نقول بأن هذا هو مقتضى القاعدة.
قال الماتن
(السابع : الإفطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جائزا له لعمى أو نحوه وكذا إذا أخبره عدل بل عدلان بل الأقوى وجوب الكفارة أيضا إذا لم يجز له التقليد)[2]
الافطار بتخيل دخول الليل تارة يكون من جهة الاعتماد على اخبار مخبر واخرى يكون من جهة الاعتماد على فحص الصائم ونظره, وهو (والفحص) تارة يكون مع عدم العلة في السماء واخرى يكون مع وجود العلة كغيم ونحوه.
والفرض الثاني والثالث سيذكرهما السيد الماتن في المورد الثامن والكلام يقع في الفرض الاول (ما اذا كان الافطار اعتمادا على خبر مخبر بدخول الليل), والتعبير بالتقليد كما في المتن موجود في كثير من الكتب الفقيهة فالشيخ في النهاية يعبر بالتقليد وابن البراج في المهذب والمحقق في الشرائع لكن بعض الفقهاء لا يعبر بالتقليد وانما يعبر بالإخبار, وبعضهم يعبر بالإخلاد إلى قول الغير كالمحقق في المختصر, فالتعابير مختلفة وهذا قد يؤثر في النتيجة وأن موضوع المسألة ما هو ؟؟
فالإخلاد يستبطن نوع من الاعتماد على قول المخبر, فأخلد يعني سكن إلى خبره, بينما التقليد اذا تمسكنا بحاق اللفظ ليس فيه اعتماد بل هو بمعنى تابع الغير حتى ولو لم يحصل له الظن كما في التقليد الاصطلاحي, وعلى كل حال هذا هو موضوع المسألة في كلمات الفقهاء, كما أن الملاحظ في كلمات الفقهاء أن بعضهم قيد موضوع المسألة بالقدرة على العلم بدخول الليل أو حسب تعبير البعض كان قادراً على المراعاة, أي أن الذي يجب عليه القضاء دون الكفارة هو من قلد أو اخلد إلى الغير مع كونه قادراً على المراعاة أو معرفة دخول الليل, أما اذا لم يكن قادراً على معرفة دخول الليل لعمىً أو نحوه فكأنه يستثنوه من الحكم واحترزوا بقيد القدرة على معرفة دخول الليل عمن لم يكن قادراً على ذلك, وكأن هذا اذا اكل وتبين الخلاف لا يجب عليه القضاء, وعلى كل حال فالكلام يقع في امور اشار اليها السيد الماتن في المتن بعبارته المختصرة.
الأمر الاول: في الحكم التكليفي في جواز الافطار لهذا المكلف الذي اخبره المخبر بدخول الليل, فالصائم يوجد عنده استصحاب بقاء النهار وعدم الليل, فلو بقي هو والاستصحاب لا يجوز له الافطار تكليفاً لأن الاستصحاب حجة معتبرة, وفي مقابل هذا الاستصحاب يوجد خبر المخبر, فهل يجوز تكليفاً تناول المفطر اعتماداً على اخبار هذا المخبر أو لا؟؟
الظاهر من عبارة السيد الماتن أنه يجوز له ذلك اذا تعذر عليه العلم بدخول الليل (وإن كان جائزا له لعمى أو نحوه).
ولكن ما يظهر من السيد الماتن من الجواز في حالة تعذر العلم بدخول الليل على تقدير تحقق هذا الشيء _لأنه ليس واضحاً تحقق ذلك فحتى الاعمى يمكن له أن يتأخر لكي يقطع بدخول الليل فتعذر العلم بالليل ولو بالتأخير لا يتحقق لا في حق الاعمى ولا في حق المحبوس ولا غيرهما فأي فرض نفترضه يمكن أن يعلم الشخص فيه بدخول الليل ولو بالتأخير إذن فرض تعذر العلم بدخول الليل لا وجود له نعم قد يفترض في بعض الحالات كما في المحبوس في طامورة لا يمكن له التمييز بين الليل والنهار لفترات طويلة جداً_ لعله يكون مقبولاً وليس بعيداً بأعتبار أنه يجري في حقه دليل اشبه بدليل الانسداد , لأنه يجب عليه الصوم وتجب عليه الصلاة ولهذه الواجبات اوقات معينة وقد انسد عليه باب العلم تماماً حتى بالتأخير ولا يمكن له الاحتياط فيكون اشبه بدليل الانسداد, فيقال يمكن له الاعتماد على خبر المخبر خصوصاً اذا حصل له الظن به وان لم يكن كلامه حجة في حد نفسه, لأن دليل الانسداد لا يفرق بين من يكون قوله حجة ومن لا يكون كذلك.
وأما اذا فرضنا بإمكانه تحصيل العلم ولو بالتأخير فالظاهر أنه لا يجوز له الاعتماد على خبر المخبر, اذا لم يكن حجة في حد نفسه, لأنه مطلوب منه امتثال التكليف الذي اشتغلت به ذمته, فكيف يعتمد على كلام هذا الشخص ويأكل مع أنه لم يثبت عنده دخول الليل بشكل معتبر خصوصاً أنه يوجد عنده استصحاب بقاء النهار, فمقتضى القاعدة عدم جواز اعتماده على خبر هذا المخبر, نعم اذا كان خبر المخبر حجة شرعاً لأثبات الوقت فلا اشكال في جواز الاعتماد على كلامه ورفع اليد عن الاستصحاب لأن الاستصحاب لا يعارض الحجة المعتبرة شرعاً , فإذا فرضنا أن خبر المخبر كان حجة سواء كان هو ثقة وعادل وقلنا بكفاية خبر الثقة الواحد في الموضوعات الخارجية (لأن كلامنا في دخول الوقت وهو موضوع خارجي ) أم كان بينة شرعية وهي حجة حتى في الموضوعات بلا اشكال, وحينئذ لا اشكال في جواز التناول تكليفاً تعويلاً على الحجة المعتبرة, لكن الظاهر أن السيد الماتن عندما ذكر هذه العبارة لم يفترض أن الخبر حجة, ولذا قال وان جاز التعويل عليه لعمىً ونحوه, فخص التعويل بصورة تعذر تحصيل العلم بينما لو كان حجة معتبرة لما كان وجه لتخصيص التعويل وجوازه على كلامه بما اذا كان لعمىً أو نحو, لأنه يكون حجة مطلقاً سواء كان اعمى أم بصيراً, إذن فرض المسألة في كلام السيد الماتن هو فرض عدم حجية خبر المخبر .
الأمر الثاني: في الحكم الوضعي (أي وجوب القضاء دون الكفارة فيما لو اكل وتبين أن اكله وقع في النهار) وفيه نفترض أن التقليد أو التعويل جائز أي يجوز التناول تكليفاً, فأكل ثم تبين الخلاف فهل تجب الكفارة أو لا ؟ وهل يجب القضاء أو لا؟ السيد الماتن يقول بوجوب القضاء دون الكفارة.
أما عدم وجوب الكفارة فواضح في فرض المسألة لأننا افترضنا فيها جواز التناول تكليفاً أي جواز الاعتماد على خبر المخبر شرعاً, فلا يكون قد صدر منه ذنب أو معصية لكي تجب عليه الكفارة, وعلى فرض الشك في وجوب الكفارة فأن البراءة تجري لنفيها لعدم الدليل على وجوبها.
كان الكلام في المورد السادس في صحيحة عيص بن القاسم وقلنا بأن الاستدلال بها في محل الكلام يواجه مشكلة, وقلنا بأن المشكلة ليس في وجوب القضاء على من اكل وإنما في عدم وجوب القضاء على من لم يأكل بناءً على أن ظاهر الرواية عدم المراعاة فكيف يحكم بعدم القضاء على من لم يأكل _ بعد الاخبار وقد اكل قبل الاخبار _ مع فرض تبين الخلاف وعدم المراعاة لأن هذا ينافي موثقة سماعة المتقدمة, وقلنا بأن ظاهر الرواية اولاً عدم المراعاة وثانياً تبين الخلاف و ثالثاً اختصاص وجوب التمام والقضاء بمن اكل والاختصاص يعني عدم وجوب القضاء على من كف عن الطعام, وهذه الظهورات الثلاثة هي التي توقع المشكلة, وحلها يتحقق برفع اليد عن احدها.
فنرفع اليد عن الظهور بأختصاص وجوب القضاء بمن اكل ونقول بأن (يتم ويقضي) غير مختصة بمن اكل وحينئذ لا نستفيد منه عدم القضاء على من امتنع عن الاكل لكي نقع في المشكلة, فنقول أن الرواية تعرضت لمن ظن أنه يسخر واكل واوجبت عليه القضاء وسكتت عمن امتنع عن الاكل وحينئذ لا تخالف هذه الرواية موثقة سماعة فنلتزم بموثقة سماعة في من امتنع عن الاكل ونقول بان هذا يجب عليه القضاء ايضاً لأنه اكل بعد طلوع الفجر(بعد اخبار المخبر) مع عدم المراعاة.
أو نرفع اليد عن ظهور الرواية بعدم المراعاة وحملها على المراعاة فيكون حينئذ عدم وجوب القضاء على من امتنع على القاعدة لأنه اكل بعد المراعاة ولا يضره تبين الخلاف ومن لم يكف نقول بوجوب القضاء عليه لأجل اكله الواقع بعد الاخبار أي مع عدم المراعاة, لا بلحاظ الاكل الاول الذي كان مع المراعاة.
أو نرفع اليد عن ظهور الرواية في تبين الخلاف بالنسبة لمن لم يأكل بعد الاخبار فتكون الرواية اجنبية عن محل الكلام فلا يجب القضاء على القاعدة لأنه لم يأكل بعد طلوع الفجر.
ولعل هذه الرواية تساعد على بعض هذه الوجوه وهي كما في فقه الرضا ( عليه السلام ) : " ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر ؟ ثم قال : قد طلع الفجر، وظن بعضهم أنه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم" .)[1]
وفي هذه الرواية كان المخبر بطلب منهم وهذا يمكن اعتباره نوع من المراعاة ثم أن الرواية لم تقل كانوا يتسحرون بل كانوا مجتمعين فممكن افتراض انهم لم يأكلوا حتى يخبرهم بل الظاهر هو ذلك وحينئذ لا يمكن أن نثبت تبين الخلاف, نعم من ظن أن المخبر يمزح اكل وشرب, ولم تفرض الرواية أن اكل هذا وشربه بعد طلوع الفجر الا انها تحكم عليه بوجوب القضاء فيفهم منه أن اكله هذا كان بعد طلوع الفجر, ولعل هذه الرواية تساعد على احد الاحتمالات والتوجيهات التي تقدمت وعلى كل حال فهي غير تامة سنداً ولا يمكن التعويل عليها.
والخلاصة
أن صحيحة العيص بن القاسم لا يخلو الاستدلال بها من شيء لكن قلنا أن الصحيح هو ما عليه المشهور من أنه في هذا المورد يجب القضاء دون الكفارة, كما ذهب إليه المشهور بل نُقل عن المدارك أن هذا مما قطع به الاصحاب, ونحن نقول بأن هذا هو مقتضى القاعدة.
قال الماتن
(السابع : الإفطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جائزا له لعمى أو نحوه وكذا إذا أخبره عدل بل عدلان بل الأقوى وجوب الكفارة أيضا إذا لم يجز له التقليد)[2]
الافطار بتخيل دخول الليل تارة يكون من جهة الاعتماد على اخبار مخبر واخرى يكون من جهة الاعتماد على فحص الصائم ونظره, وهو (والفحص) تارة يكون مع عدم العلة في السماء واخرى يكون مع وجود العلة كغيم ونحوه.
والفرض الثاني والثالث سيذكرهما السيد الماتن في المورد الثامن والكلام يقع في الفرض الاول (ما اذا كان الافطار اعتمادا على خبر مخبر بدخول الليل), والتعبير بالتقليد كما في المتن موجود في كثير من الكتب الفقيهة فالشيخ في النهاية يعبر بالتقليد وابن البراج في المهذب والمحقق في الشرائع لكن بعض الفقهاء لا يعبر بالتقليد وانما يعبر بالإخبار, وبعضهم يعبر بالإخلاد إلى قول الغير كالمحقق في المختصر, فالتعابير مختلفة وهذا قد يؤثر في النتيجة وأن موضوع المسألة ما هو ؟؟
فالإخلاد يستبطن نوع من الاعتماد على قول المخبر, فأخلد يعني سكن إلى خبره, بينما التقليد اذا تمسكنا بحاق اللفظ ليس فيه اعتماد بل هو بمعنى تابع الغير حتى ولو لم يحصل له الظن كما في التقليد الاصطلاحي, وعلى كل حال هذا هو موضوع المسألة في كلمات الفقهاء, كما أن الملاحظ في كلمات الفقهاء أن بعضهم قيد موضوع المسألة بالقدرة على العلم بدخول الليل أو حسب تعبير البعض كان قادراً على المراعاة, أي أن الذي يجب عليه القضاء دون الكفارة هو من قلد أو اخلد إلى الغير مع كونه قادراً على المراعاة أو معرفة دخول الليل, أما اذا لم يكن قادراً على معرفة دخول الليل لعمىً أو نحوه فكأنه يستثنوه من الحكم واحترزوا بقيد القدرة على معرفة دخول الليل عمن لم يكن قادراً على ذلك, وكأن هذا اذا اكل وتبين الخلاف لا يجب عليه القضاء, وعلى كل حال فالكلام يقع في امور اشار اليها السيد الماتن في المتن بعبارته المختصرة.
الأمر الاول: في الحكم التكليفي في جواز الافطار لهذا المكلف الذي اخبره المخبر بدخول الليل, فالصائم يوجد عنده استصحاب بقاء النهار وعدم الليل, فلو بقي هو والاستصحاب لا يجوز له الافطار تكليفاً لأن الاستصحاب حجة معتبرة, وفي مقابل هذا الاستصحاب يوجد خبر المخبر, فهل يجوز تكليفاً تناول المفطر اعتماداً على اخبار هذا المخبر أو لا؟؟
الظاهر من عبارة السيد الماتن أنه يجوز له ذلك اذا تعذر عليه العلم بدخول الليل (وإن كان جائزا له لعمى أو نحوه).
ولكن ما يظهر من السيد الماتن من الجواز في حالة تعذر العلم بدخول الليل على تقدير تحقق هذا الشيء _لأنه ليس واضحاً تحقق ذلك فحتى الاعمى يمكن له أن يتأخر لكي يقطع بدخول الليل فتعذر العلم بالليل ولو بالتأخير لا يتحقق لا في حق الاعمى ولا في حق المحبوس ولا غيرهما فأي فرض نفترضه يمكن أن يعلم الشخص فيه بدخول الليل ولو بالتأخير إذن فرض تعذر العلم بدخول الليل لا وجود له نعم قد يفترض في بعض الحالات كما في المحبوس في طامورة لا يمكن له التمييز بين الليل والنهار لفترات طويلة جداً_ لعله يكون مقبولاً وليس بعيداً بأعتبار أنه يجري في حقه دليل اشبه بدليل الانسداد , لأنه يجب عليه الصوم وتجب عليه الصلاة ولهذه الواجبات اوقات معينة وقد انسد عليه باب العلم تماماً حتى بالتأخير ولا يمكن له الاحتياط فيكون اشبه بدليل الانسداد, فيقال يمكن له الاعتماد على خبر المخبر خصوصاً اذا حصل له الظن به وان لم يكن كلامه حجة في حد نفسه, لأن دليل الانسداد لا يفرق بين من يكون قوله حجة ومن لا يكون كذلك.
وأما اذا فرضنا بإمكانه تحصيل العلم ولو بالتأخير فالظاهر أنه لا يجوز له الاعتماد على خبر المخبر, اذا لم يكن حجة في حد نفسه, لأنه مطلوب منه امتثال التكليف الذي اشتغلت به ذمته, فكيف يعتمد على كلام هذا الشخص ويأكل مع أنه لم يثبت عنده دخول الليل بشكل معتبر خصوصاً أنه يوجد عنده استصحاب بقاء النهار, فمقتضى القاعدة عدم جواز اعتماده على خبر هذا المخبر, نعم اذا كان خبر المخبر حجة شرعاً لأثبات الوقت فلا اشكال في جواز الاعتماد على كلامه ورفع اليد عن الاستصحاب لأن الاستصحاب لا يعارض الحجة المعتبرة شرعاً , فإذا فرضنا أن خبر المخبر كان حجة سواء كان هو ثقة وعادل وقلنا بكفاية خبر الثقة الواحد في الموضوعات الخارجية (لأن كلامنا في دخول الوقت وهو موضوع خارجي ) أم كان بينة شرعية وهي حجة حتى في الموضوعات بلا اشكال, وحينئذ لا اشكال في جواز التناول تكليفاً تعويلاً على الحجة المعتبرة, لكن الظاهر أن السيد الماتن عندما ذكر هذه العبارة لم يفترض أن الخبر حجة, ولذا قال وان جاز التعويل عليه لعمىً ونحوه, فخص التعويل بصورة تعذر تحصيل العلم بينما لو كان حجة معتبرة لما كان وجه لتخصيص التعويل وجوازه على كلامه بما اذا كان لعمىً أو نحو, لأنه يكون حجة مطلقاً سواء كان اعمى أم بصيراً, إذن فرض المسألة في كلام السيد الماتن هو فرض عدم حجية خبر المخبر .
الأمر الثاني: في الحكم الوضعي (أي وجوب القضاء دون الكفارة فيما لو اكل وتبين أن اكله وقع في النهار) وفيه نفترض أن التقليد أو التعويل جائز أي يجوز التناول تكليفاً, فأكل ثم تبين الخلاف فهل تجب الكفارة أو لا ؟ وهل يجب القضاء أو لا؟ السيد الماتن يقول بوجوب القضاء دون الكفارة.
أما عدم وجوب الكفارة فواضح في فرض المسألة لأننا افترضنا فيها جواز التناول تكليفاً أي جواز الاعتماد على خبر المخبر شرعاً, فلا يكون قد صدر منه ذنب أو معصية لكي تجب عليه الكفارة, وعلى فرض الشك في وجوب الكفارة فأن البراءة تجري لنفيها لعدم الدليل على وجوبها.