34/11/07
تحمیل
الموضوع: خوف الضعف
قال السيد صاحب العروة ولا يكفي الضعف وإن كان مفرطا ما دام يتحمل عادة، نعم لو كان مما لا يتحمل عادة جاز الإفطار
الضعف هنا على ثلاثة اقسام
أولا: ان الصائم يضعف ضعفا جزئيا أي يتمكن من العمل خمسة ساعات بدلا من ثمانية ساعات
ثانيا: قد يكون الضعف أشد من الاول بحيث انه اذا صام فانه لايتمكن العمل أصلاً
ثالثا: الضعف يكون أكثر من الثاني بحيث انه اذا صام فيكون الصوم عليه حرجيا فضلا عن عدم تمكنه من العمل، ففي الصورة الاولى والثانية لايجوز الإفطار بينما في الصورة الثالثة يجوز الإفطار لأدلة نفي الحرج وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فالإطاقة هو اعمال القدرة في اقصى مرتبتها المساوية للحرج فيكون الصوم حرجيا
ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة إشكال فلا يترك فلو قال له الطبيب بأنه يتضرر من الصوم الاّ انه قال ليس الأمر كذلك ولاضرر ولكن فيما بعد تبين بأن الصوم ضرر عليه، فهل صومه صحيح؟
قال السيد صاحب العروة ان صومه فيه اشكال فهو لم يفتي الاّ انه احتاط بالاحتياط الوجوبي بينما السيد الخوئي يفتي بالبطلان ووجوب القضاء ويوجد قول ثالث يقول بصحة الصوم
نحن فيما تقدم قلنا اذا صام باعتقاد الضرر وكان الضرر موجودا فقلنا بأن صومه باطل لأنه خالف الله تعالى مع ان هذا الصوم لا أمر فيه وقال صاحب الجواهر بانه آثم بلاخلاف للإجماع والنصوص المستفيضة أو المتواترة في الباب 20 و22 من أبواب من يصح منه الصوم بالإضافة الى الآية القرآنية حيث أمرته بالإفطار والقضاء
اما فيما نحن فيه فيصوم مع زعمه عدم الضرر لكن في الواقع هذا الاصوم ضرري وهو لايعلم به فقال صاحب العروة بانه يستشكل بصحة هذا الصوم فيحتاط بالاحتياط الوجوبي بالقضاء
وأما السيد الخوئي فإنه يفتي بالبطلان وذلك لأن الصحة تتوقف على احد امرين ولايوجد احدهما هنا، أولاً لابد من وجود الأمر حتى تتحقق الصحة ومع عدم الامر فنستكشف بدليل قطعي أو بدليل بحكم القطعي ان الصوم محبوب لكنه لايمكنه ان يأمر به للمانع كالتزاحم بين الأهم والمهم فلابد من تقديم الأهم ومعه فلا امر بالمهم لكن قبل التزاحم كان يوجد أمر بالمهم، أما هنا فلا أمر أصلا لأن الآية القرآنية تقول ان الصوم يجب على الحاضر الصحيح وهذا الحاضر غير صحيح بل هو مريض ومعه فلا أمر موجود في البين، والثاني هو إحراز الملاك فإن إحراز الملاك يتحقق من طريق الأمر فالأمر موجود الاّ انه تحقق التزاحم والأمر يكون بالأهم وهو الصوم الصحيح الحاضر وغير المريض فالمريض الحاضر لايوجد أمر بالنسبة له فيقول السيد الخوئي بالحكم بالبطلان
ثم أشكل السيد الخوئي على نفسه بأن الفقهاء وهو منهم في مسألة صحة الوضوء أو الغسل الضررين اذا اعتقد عدم الضر ثم يتبين ان الغسل أو الوضوء ضرري فقالوا هناك بصحة الوضوء والغسل الضرري
فيجيب بإن دليل عدم الإعادة في الوضوء والغسل الضرري هو قاعدة لاضرر ولاضرار فهذه القاعدة قد شرعت بلسان الامتنان فلو اعتقد عدم الضرر في الغسل فاغتسل وتبين الضرر فان بطلان الغسل يكون خلاف الامتنان ومعه فالبطلان لايكون مشمولا للغسل والوضوء فيبقى الوضوء والغسل وآجدا للأمر
ففي مسألة الوضوء والغسل الأمر بالوضوء والغسل موجود في كل مصاديق الوضوء والغسل لكن قاعدة لاضرر تقول تيمم ولايمكن للمولى أن يأمر بالوضوء والغسل في صورة اعتقاد وجود الضرر فإن خالف فلا تأتي القاعدة لأنها امتنانية وبطلان الوضوء خلاف الامتنان
أما الصوم فبطلانه ليس بقاعدة لاضرر بل بالآية القرآنية والروايات فالمريض لم يكن واجدا للأمر فصوم المريض لا أمر فيه أصلا بل فيه أمر بالإفطار فلو صام فهو صوم غير مأمور به فلابد من القول بالبطلان
في الوهلة الاولى قد نؤيد كلام السيد الخوئي فنقول ببطلان الصوم لرواية الزهري عن علي بن الحسين (عليه السلام) في حديث قال فإن صام في حال السفر أو حال المرض ثم تبين الضرر فعليه القضاء فان الله عزوجل يقول فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر
[1]
أي باطل وهذه تؤيد كلام السيد الخوئي
نحن نقول هنا يوجد قول ثالث لا بالاحتياط ولا بالبطلان بل يقول بصحة الصوم وهذا هو الصحيح لأن الآية القرآنية والروايات الدالة على ان الصوم المضر منهي عنه وغير مأمور به لاتشير الى الضرر الواقعي بل تشير الى الضرر الواقعي وخوف الضرر أو انها تشير الى خوف الضرر فقط
وقد ذهب الى هذا القول وهو الصحة الكثيرون منهم صاحب الجواهر حيث قال ان القول بالصحة لايخلو من قوة
والسبب هو ان موضوع الإفطار أمران:
الأول: الخوف من ضرر الصوم ولو كان الخوف على نحو الطريقية كما تصرح به صحيحة حريز
الثاني: الضرر الواقعي وهذا الذي تصرح به الروايات الكثيرة وان موضوع الإفطار كلا الأمرين
فموردنا وان كان الضرر الواقعي موجود الاّ انه لم يخف المكلف من الصوم فلم يحصل سبب الإفطار فصومه صحيح
السيد صاحب العروة لم يقل بصحة الصوم ولابعدمه ولكنه احتاط بالقضاء احتياطا الزاميا ولكن الصحيح حسب الأدلة هو الاحتياط الاستحبابي لأن صحيح حريز أيّدت الإفطار بالضرر الواقعي المخوف منه فلو لم يخف فصومه صحيح لوجود الأمر بالصيام
أما السيد الحكيم فعنده دليل آخر على صحة الصوم يأتي الكلام عليه
[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب 22 ممن يصح منه الصوم، الحديث 2، طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام