34/05/26
تحمیل
الموضوع: يجوز التبرع بالكفارة عن الميت
كان البحث في المسألة 20 وهي:
مسألة 20: يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره وفي جواز التبرع بها عن الحي إشكال والأحوط العدم خصوصا في الصوم فالروايات الكثيرة دلت على جواز التبرع في الكفارة عن الميت وانه والمتبرع يحصلان على الثواب
ولكن هل يصح التبرع بالكفارة عن الحي؟
الأقوال هنا ثلاثة:
القول الأول: الجواز مطلقا سواء كان مايأتي به المتبرع عتقا أو صوما أو صدقة
القول الثاني: عدم الجواز مطلقا
القول الثالث: التفصيل حيث قال بصحة التبرع في العتق والاطعام ولايصح التبرع في الصيام
دليل القول الأول:
أولا: ان الكفارة دين كسائر الديون الإلهية
الثاني: ان كل دين يجوز التبرع فيه من دون إذن ولاتوكيل
فيجوز التبرع بالكفارة عن الحي لأنها دين لله على المتبرع عنه
نحن نقول في مناقشة هاتين المقدمتين وهما الصغرى والكبرى، ففي المناقشة نقول:
أما الصغرى فان اطلاق الدين على الواجبات الإلهية في الروايات هو إطلاق مجازي وليس اطلاقا حقيقيا فان الدين الحقيقي هو في الأموال فقط لافي الواجبات الإلهية
ولو سلمنا صحة الصغرى وقلنا ان الواجبات الإلهية هي ديون حقيقية لله في العهدة لكن لادليل على جواز التبرع عن الغير في كل دين حتى الدين الالهي نعم ثبت التبرع عن الحي في الديون المالية
كما ان السيرة العقلائية وبعض الروايات قالت بجواز التبرع عن الغير في سداد ديونه المالية أما الديون غير المالية من الصلاة والصوم فلا سيرة عقلائية على التسديد من دون علمه وإذنه فلادليل عليه بل الدليل على العدم
فاتضح الدليل على عدم الصحة في بعض الفروض كما في النيابة عن صلاة الحي فهو غير جائز
نعم في الحج قالوا بالجواز فاذا وجب عليه الحج على الشخص وكان عاجزا فقالوا بجواز التبرع عنه لخبر الكفعمية المتقدم
وبعض الفقهاء قال بجواز التبرع في الحج لخبر الأعرابي الذي ادعى العجز عن الكفارة فقا له النبي (صلى الله عليه واله وسلم) خذ هذا التمر وتصدق به وعليه فيجوز التبرع في الكفارة
ولكن في الحقيقة ان هذا مال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يجوز له ان يتصرف بماله كما ان الذي يظهر من هذه الرواية ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قد ملّكه التمر
الى هنا تبين عدم وجود دليل يدل على جواز التبرع عن الحي في الكفارة وهذا بالنسبة للقول الأول
أما القول الثاني الذي يقول بعدم جواز التبرع عن الغير في الكفارة مطلقا بدليل ان ظاهر الأمر المتوجه للشخص الذي أفطر متعمدا هو وجوب المباشرة فظاهر الأمر المباشرة أو في حكم المباشرة بمعنى التوكيل
أما سقوط الكفارة عن الشخص بفعل غيره فهذا خلاف ظاهر اطلاق (اعتق رقبة) فلابد من الدليل على جواز التبرع في الكفارة كما دل الدليل على الجواز بالنسبة للميت وهنا لادليل على جواز التبرع عن الغير
أو نقول كما قال صاحب المستند من ان التكفير هو من العبادات التي امر بها الشخص نفسه وان الإجتزاء بعمل الغير في العبادات موقوف على دليل يدل على الجواز
وقد نسب هذا القول صاحب الجواهر الى المشهور بعد ان قوّاه لأن ظاهر الخطاب المتوجه الى شخص هو المباشرة أو مابحكم المباشرة
واما القول الثالث وهو التفصيل حيثث قالوا بصحة التبرع عن الحي في الكفارة بالعتق والاطعام ولايصح التبرع بالصيام وقد اختار هذا القول في الشرائع
ودليل هذا القول هو القاعدة التي تقول ان كل مايقبل التوكيل يقبل التبرع فالعتق والاطعام يقبل التوكيل فيقبل التبرع وهذا بخلاف الصوم فانه لايقبل التوكيل فلايقبل التبرع
التوكيل يُقبل في صورتين:
الصورة الاولى: في الامور الاعتبارية كالبيع والهبة والزواج والطلاق والعتق والإطعام فالتوكيل يصح ويترتب الأثر على الوكالة لأن عمل الوكيل هو عمل الموكل
فالتوكيل في كل الامور الاعتبارية جائز
الصورة الثانية: صحة التوكيل في الامور التكوينية التي فيها قبض واقباض بخلاف الامور التكوينية التي ليس فيها قبض واقباض كالنوم والأكل والشرب فلايصح التوكيل فيها
فالامور التكوينية التي فيها قبض واقباض هي بمنزلة الامور الاعتبارية التي تجري فيها الوكالة
أما الصلاة والصوم والحج فهي امور خارجية ليست تكوينية وليس فيها قبض واقباض فلاتصح فيها الوكالة الاّ بالدليل ومع عدم الدليل فلاتصح الوكالة
نعم ورد الدليل في صحة الوكالة في الصلاة والصوم والحج عن الموتى أما عن الأحياء فلا دليل
فالنتيجة كما قالوا هي صحة التوكيل في أمرين وهما الإطعام والعتق لأنهما يقبلان الوكالة وطبقا للقاعدة القائلة ان كل مايقبل الوكالة يقبل التبرع فقالوا بان العتق والاطعام يقبلان الوكالة فيقبلان التبرع وهذا بخلاف الصيام فانه لايقبل الوكالة عن الحي لأنه طاعة فلايقبل التبرع وهذا التفصيل وهو القول الثالث الذي اختاره صاحب الشرائع
أما مناقشة القول الثالث فان منع التبرع بالصوم عن الحي فهو مقبول لأنه عبادة وقد خوطب بها الشخص نفسه فان سقوطها بفعل الغير يحتاج الى دليل ولادليل هنا على ذلك
أما بالنسبة للعتق والطعام فقد جوز فيه التبرع عن الحي قياسا بالتبرع على التوكيل فهذا قياس باطل فليس كلما صح التوكيل فان التبرع يصح فلا دليل على التفصيل الذي ذكره صاحب الشرائع
فالصحيح هو القول الثاني أي ان التبرع لايجزي عن الحي بالكفارة نعم يجزي التبرع عن الميت للدليل على اكتفاء التبرع عن الميت في الكفارة ولادليل على التبرع عن الحي بالكفارة فان الصوم والصلاة هي امور خارجية وليست تكوينية وتحتاج الى دليل لاجزاء التبرع ولادليل ومعه فلايصح التبرع