34/04/15
تحمیل
الموضوع:لا فرق في وجوب الكفارة بين العالم والجاهل
ولا فرق في وجوبها أيضا بين العالم والجاهل المقصر والقاصر على الأحوط وإن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل خصوصا القاصر والمقصر الغير الملتفت حين الإفطار نعم إذا كان جاهلا بكون الشئ مفطرا مع علمه بحرمته كما إذا لم يعلم أن الكذب على الله ورسوله من المفطرات فارتكبه حال الصوم فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة تقدم الكلام فيما قاله صاحب العروة من وجوب الكفارة على من أفطر عالما عامدا والأدلة في ذلك وافية
ذكر بعد ذلك بان هذا الذي يستعمل المفطر سواء كان عالما بالمفطرية أو جاهلا بان هذا مفطر وحرام حيث قال لا فرق في وجوبها أيضا بين العالم والجاهل المقصر والقاصر على الأحوط وإن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل خصوصا القاصر والمقصر الغير الملتفت حين الإفطار وهذه مسألة خلافية بين العلماء
فقال مشهور العلماء بأن الجاهل بتعداد المفطرات عليه القضاء والكفارة بينما القول الآخر يقول لاكفارة عليه بل لاقضاء أيضا
ومثاله الواضح هو الانسان البعيد الحوزات العلمية والعلماء فهو يقول بوجوب الصوم وعدم جواز الأكل والشرب لكنه يعتقد ان من كان عنده مرض سكر فله ان يستعمل دواء السكر وهي الحبوب باعتبارها ليست من المقويات فكأنه يتصور ان استعمال الدواء في النهار ليس حراما وليس مفطرا
ففي مثل هذا الشخص محل خلاف في ثبوت الكفارة والقضاء فهنا يقول صاحب العروة اذا كان جاهلا بان الشيء مفطرا مع علمه بحرمته مثل ما اذا لم يعلم ان الكذب على الله ورسوله من المفطرات بمعنى انه يعلم ان الكذب على الله ورسوله حرام لكنه لايعلم بالمفطرية
فالخلاف بين العلماء في الصورة الاولى وهو كون الشيء حراما ومفطرا ولكنه يعتقد انه ليس بحرام وليس بمفطر فحين العمل يرى ان العمل ليس حراما من الناحية التكليفية وليس بمفطر من الناحية الوضعية، فهل في مثل هذ الصورة يثبت القضاء والكفارة؟
الأقوال في هذه المسألة في الجاهل بالحكم والموضوع ثلاثة
المشهور يقول بعدم الفرق وهو الذي أشار اليه صاحب العروة بقوله على الاحوط فالعالم بكون هذا الشيء مفطر وحرام عليه القضاء والكفارة وهكذا الجاهل بان استعمال الدواء مثلا مفطر وحرام عليه القضاء والكفارة أيضا
والسبب في ذلك قالوا بأن الجاهل بالحكم هو عامد بالفعل فيدخل فيمن أفطر عمدا وقال المشهور أيضا ان الجاهل بالحكم غير معذور أي يعقاب فالجاهل بالحكم عامد
وهذا القول الأول الذي ذكره المشهور يمكن ان نرتب له قياس منطقي من الشكل الأول بناء على القاعدة التي تقول ان الجاهل بالحكم عامد بالفعل وتكون صغرى القياس هي ان الجاهل بالحكم اذا أكل فهو عامد للأكل والكبرى هي ان كل عامد للأكل فعليه الكفارة فتكون النتيجة ان كل عامد للأكل فعليه الكفارة
القول الثاني يقول ان الجاهل بالحكم عليه القضاء دون الكفارة وقد ذهب اليه السيد الخوئي
القول الثالث يقول ان الجاهل بالحكم لاشيء عليه أصلا فلا قضاء عليه ولاكفارة كما توجد بعض الروايات الصريحة والصحية بهذا المضمون
ومن الأدلة الصحيحة على القول الثالث هو موثق زرارة وأبي نصر في الباب 9 مما يمسك عنه الصائم الحديث 12 قالا سألنا الامام الباقر (عليه السلام) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان وأتى أهله وهو محرم وهو لايرى الاّ ان ذلك حلال له؟ قال ليس عليه شيء
وصحيحة عبد الصمد في الباب 45 من تروك الإحرام في لبس المخيط أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه وقد تعرضنا لها فيما تقدم
فالمشهور جاء الى هذه الروايات وقالوا ان (لاشيء عليه) معناه انه ليس عليه شيء في الآخرة
ولكن هذا التوجيه باطل فان السائل يسأل عن حكمه ومعه فلامعنى لأن يجيبه الامام (عليه السلام) بأنه لاشيء عليه في الآخرة فهذا الكلام ليس بتام من المشهور
كما قالوا انه (لاشيء عليه) من ناحية الأكل أما القضاء فلانه لم يأت بالواجب أي لاكفارة
وهذا باطل أيضا لأن لا نافية للجنس أي لاشيء عليه أصلا لامن ناحية الكفارة ولامن ناحية القضاء وهذا غير تام أيضا
فهذا القول الثالث تسنده الأدلة فمن يقول عليه القضاء كالسيد الخوئي يقول لاكفارة عليه فان (لاشيء عليه) تنفي الكفارة أما القضاء فان موضوعه عدم اتيان الصوم وهذا لم يات بالصوم
فتفصيل السيد الخوئي بدون مبرر
وأما القول الأول الذي يقول لافرق بين العالم بالحكم والجاهل بالحكم للقاعدة التي تقول ان الجاهل بالحكم عامد فان الجاهل بالحكم عامد مخصصة بهاتين الرواياتين فان الجاهل بالحكم اذا فعل الشيء الذي يجهل بحكمه عامد لكن هذه مخصصة لأن هذه الجملة وهي ان الجاهل بالحكم عامد تشمل صورتين
الأول: الجاهل بالحكم الذي يحتمل الحرمة والافطار
الثاني: الجاهل بالحكم الذي لايحتمل الحرمة والافطار
وان الروايتان تقولان ان الثاني لاشيء عليه وأما الأول فيبقى تحت القاعدة وهي ان الجاهل بالحكم عامد فالنص يخصص القاعدة - لو قبلناها - التي تقول بأن الجاهل عامد بالمورد الأول وهو الجاهل بالحكم الذي يحتمل الحرمة والإفطار وتخرج المورد الثاني لأنه ليس بعامد
ثم اننا نقول من أين أتت هذه القاعدة وهي ان الجاهل بالحكم عامد ولذا نرجع للقياس الذي صورناه لهم فنقول ان الجاهل بالحكم عامد لا اساس لها فان الجاهل بالحكم هو جاهل اما العامد فماهو محله
ثانيا ان المفطر هو ان يعمد الى شيء فيستعمله بعنوان انه مفطر فان من اكل وشرب الدواء قد عمد الى الفعل ولكنه لم يعمد الى عنوان المفطرية وان الدليل دلّ على ان من جاء بالفعل بعنوان المفطرية تجب عليه الكفارة بينما هذا لم يأت به بعنوان المفطرية فهو كناسي الصوم فهو قد عمد الى الفعل لكنه لم يعمد الى كونه مفطرا وموضوع الكفارة هو العمد الى المفطرية أي أفطر عامدا بينما هذا أكل عامدا
فالقياس الذي اثبتناه لهم وهو ان الجاهل بالحكم إذا أكل فهو عامد للأكل وليس عامد للمفطرية ثم ان كل عامد للأكل فعليه الكفارة هو غلط وليس بصحيح
فالأولية في غير موردنا ثم الكبرى غلط بل ان العامد للمفطرية عليه الكفارة فالقياس لايصح
اذاً النص الوارد يقول ان هذا ليس بإفطار وان سمي لغة افطار الاّ ان الشارع يقول بإنه لم يفطر فليكن هنا من هذ القبيل
فالمورد الثاني الذي قلنا انه اذا استعمل المفطر وهو لايرى الاّ انه حلال له فهذا لاشيء عليه سواء كان قاصرا أومقصرا نعم المقصر معاقب على تقصيره وان الموثقة والصحيحة تشمل الغافل أيضا
ولكن التقييدات الواردة على هاتين الروايتين، هي:
أولا: ان المراد من الجهالة هنا هي الجهالة بالتحريم والجهالة بالإفطار وهو الجهالة بالحكم التكليفي والجهالة بالحكم الواضعي
ونريد من هذه الجهالة الجهالة بالحكم الواقعي والجهالة بالحكم الظاهري
أما اذا كان جاهلا بالحكم الواقعي لكنه عالم بالحكم الظاهري وهو وجوب الاحتياط كما في الشبهة الحكمية قبل الفحص فلو ارتكب قبل الفحص فان الرواية لاتشمله لأنه لايرى الحلية باعتباره يشك بالحرمة فيجب عليه الاحتياط عقلا ونقلا
اذن اذا ارتكب ماشك في حكمه قبل الفحص فيكون مرتكبا لحرام التجري فيصدق عليه انه ارتكب أمرا بجهالة ولايصدق عليه انه لايرى ذلك الاّ حلال له بل ارتكب عن علم بالحرمة فهذا عليه الكفارة
فلابد من تخصيص الحكم بمن هو جاهل بالحكم الواقعي والظاهري وجاهل بالمفطرية أما اذا كان جاهلا بالحكم الواقعي الواقعي لكنه عالم بالحكم الظاهري وهو وجوب الاحتياط فلا تشمله الرواية
ثانيا: ان الجهالة في الروايتين هي الجهالة بالحكم التكليفي والحكم الوضعي اما اذ كان يعلم بالحرمة ولايعلم بالمفطرية كما اذا استمنى ويعلم بأنه حرام مطلقا لكنه لايعلم بأنه مفطر أو الكذب على الله وعلى رسوله بان لايعلم بأنه مفطر لكنه يعلم بأنه حرام فهذا لاتصدق عليه الروايتين لانه لايصدق عليه انه ركب أمرا بجهالة ولايصدق عليه انه لايرى الاّ ان هذا حلال له بل يرى ان هذا حرام
فهذه الملاحظة الثانية أيضا صحيحة وهو ماقاله صاحب العروة من ان هذا كان يعتقد الحرمة ولايعتقد الافطار فهذا لاتشمله الروايات وعليه القضاء والكفارة