37/06/11
تحمیل
الموضوع: الأصول العمليّة / شرائط جريان الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر
تقدّم سابقاً أنّه استُدل على دعوى المحقق شيخ الشريعة الأصبهاني(قدّس سرّه) بشيءٍ آخر غير ما ذكره هو، ونقلنا سابقاً الاستدلال على ذلك، وكان مرجعه عدم صحة تطبيق هذه الكبرى على هذين الموردين، يعني مورد الشفعة ومورد منع فضل الماء، وأنّ كبرى (لا ضرر ولا ضرار) لا يمكن تطبيقها على هذين الموردين، فعدم صحة التطبيق جُعلت دليلاً على أنّ حديث (لا ضرر ولا ضرار) هو حديث وقضاء مستقل ولا ارتباط له بموردي الشفعة ومنع فضل الماء؛ لعدم صحة تطبيقه عليهما، فمن عدم صحة التطبيق الذي يعني أن لا ضرر لا يمكن أن يكون تعليلاً للحكم في باب الشفعة ولا تعليلاً للحكم في باب منع فضل الماء، فإذا لم يكن صالحاً للتعليل ولم يكن صالحاً لتطبيق كبراه على هذين الموردين، إذاً: لابد أن لا يكون هناك ارتباط بين حديث (لا ضرر ولا ضرار) وحديث الشفعة وحديث منع فضل الماء، وبالتالي يثبت ما يقوله هذا المحقق من أنّ الحديث مستقل والقضاء مستقل لا ارتباط له بهذين الحديثين، وهو الذي يريد إثباته، لكن هو استدل عليه بشيءٍ والجماعة استدلوا عليه بشيء آخر والذي هو عدم صحة تطبيق الحديث على هذين الموردين، وذكرنا ما هو الدليل على عدم صحة التطبيق في باب الشفعة، وما هو الدليل أيضاً في باب منع فضل الماء.
الآن نريد أن نستعرض هذه الأدلة ونرى هل هي تامة، أو لا ؟ وهل تمنع من التطبيق، وبالتالي تمنع من فرضية الارتباط والتعليل في حديث لا ضرر أو أنها لا تمنع من ذلك ؟ ما ذكرناه سابقاً كان هو بالنسبة إلى مورد الشفعة قلنا استدل بدليلين على منع صحّة تطبيق حديث (لا ضرر ولا ضرار) على باب الشفعة:
الدليل الأول: أن بين ثبوت الشفعة وبين تضرر الشريك بالبيع نسبة العموم والخصوص من وجه، بمعنى أنّه قد يتضرر الشريك ببيع شريكه ومع ذلك لا يثبت حق الشفعة كما إذا كان الشركاء ثلاثة فصاعداً، وقد يثبت حق الشفعة من دون أن يتضرر الشريك ببيع شريكه كما إذا فرضنا أنّ البائع كان رجلاً مزعجاً للشريك وباع حصّته على شخصٍ مؤمنٍ محسنٍ، فهنا لا يتضرر الشريك الأول ببيع الشريك الثاني حصته المشاعة؛ لأنّها باعها من رجل مؤمنٍ ومحسنٍ، فهنا يثبت حق الشفعة ولا يتضرر الشريك. وقد يجتمعان وهي الحالات الاعتيادية وهي الأكثر. وبناءً على أنّ النسبة بينهما هي نسبة العموم والخصوص من وجه، فبناءً على هذا لا يصحّ لنا أن نستدل على الحكم في باب الشفعة بكبرى لا ضرر مع أنّ لا ضرر لا تثبت في جميع موارد ثبوت حق الشفعة؛ لأنّ بعض موارد ثبوت حق الشفعة لا يكون فيها ضرر كما ذكرنا؛ وحينئذٍ يقال كيف نستدل على ثبوت حق الشفعة لهذا الشريك في هذا البيع بقاعدة لا ضرر ؟ والحال أنّه لا يتضرر بهذا البيع.
ويلاحظ على هذا الدليل : نحن لا نلتزم بأنّ النسبة هي العموم والخصوص من وجه؛ بل الظاهر أنّ النسبة هي العموم والخصوص المطلق، لا من وجه، بمعنى أنّنا نبقى مصرّين على عدم ثبوت حق الشفعة، إلا حيث يكون هناك ضرر، لكن ليس كل ما فيه ضرر يوجب ثبوت حق الشفعة، فتكون النسبة هي العموم والخصوص المطلق، في كل الموارد التي يثبت فيها حق الشفعة يكون هناك ضرر، حتى في هذا المثال الذي ذُكر؛ لأنّ الضرر الذي يُلحق في المقام ليس هو الضرر الخارجي الذي يحصل من الشريك، وإنّما هو الضرر الحاصل من نفس الشركة؛ لأنّ الشريك يكون في معرض الضرر بالشراكة، فالشراكة هي في حدّ الضرر، ليس المقصود بالضرر هو الضرر الذي يحصل من الشريك حتى يقال إذا باعه من شخصٍ مأمون محسن إلى شريكه لا يوجد ضرر، وإنّما نفس الشركة هي ضرر، كما لعله أشير إليها في بعض النصوص من قبيل آية الخلطاء(وإنّ كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضن ) بناءً على تفسيره بالشركاء، الشركة ضرر، وفي باب أرث الزوجة منعت الزوجة من أن ترث من الأرض، وعُلل ذلك بأنه حتى لا تُزاحم أهل الميراث في ميراثهم.
على كل حال، الضرر الملحوظ في المقام هو الضرر الناشئ من نفس الشركة، وهذا موجود في كل الحالات التي يُحكم فيها بالشفعة هناك ضرر. نعم، لا عكس، يعني ليس كل ما فيه ضرر على الشريك يحكم فيه بالشفعة كما في ما إذا كان الشركاء ثلاثة فصاعداً، حيث الضرر موجود، لكن لا يحكم بالشفعة لقيام الدليل؛ لأنّ الدليل قام على أنّ حق الشفعة لا يثبت إلاّ إذا كان هناك شريكان لا أكثر من ذلك ممّا يفهم منه أنّ الضرر الذي يوجب حق الشفعة شرعاً هو الضرر الخاص لا مطلق الضرر، لكن في كل مورد نحكم فيه بالشفعة هناك ضرر، والمقصود بالضرر ليس هو الضرر الذي يحصل من الشريك، وإنّما المقصود من الضرر هو الضرر الحاصل من نفس الشركة؛ لأنّ الشركة في حد نفسها ضرر, وبهذا حينئذٍ يمكن الاستدلال على الحكم في باب الشفعة وثبوت حق الشفعة بكبرى لا ضرر ولا مانع من هذا الاستدلال، إذا قلنا أنّ الضرر الملحوظ في المقام هو الضرر الحاصل من نفس الشركة. ومن هنا يظهر صحة تعليل الحكم في باب الشفعة بكبرى الضرر، وبالتالي يمكن الالتزام بالارتباط؛ وحينئذٍ لا يمكن أن يقال بعدم الارتباط بين الحديثين؛ بل تطبيق الكبرى في باب الشفعة أمر ممكن ولا محذور فيه.
الدليل الثاني : أنّ مفاد قاعدة حديث (لا ضرر ولا ضرار) هو إمّا نفي الحكم الضرري، أو نفي الموضوع الضرري على الخلاف المعروف الآتي في هذا الباب، في محل الكلام لا إشكال أنّ الضرر الذي يلحق الشريك إنّما يلحقه باعتبار بيع شريكه حصّته المشاعة، فالضرر يأتي من قِبل البيع، فإذا أردنا تطبيق قاعدة(لا ضرر ولا ضرار) على منشأ الضرر الذي هو البيع؛ فحينئذٍ نحن أمام امرين:
الأمر الأول : إمّا أن نلتزم ببطلان البيع، باعتبار أنّ صحّة البيع فيها ضرر بالنسبة إلى الشريك وحديث (لا ضرر ولا ضرار) ينفي ما يكون سبباً للضرر والحكم الضرري الذي هو الحكم بصحة البيع، فحديث (لا ضرر ولا ضرار) ينفي الصحة ويُلتزم ببطلان البيع.
الأمر الثاني : أن نقول أنّ الضرر لا ينشأ من صحّة البيع، وإنّما ينشأ من لزوم البيع، فإذا أردنا تطبيق الكبرى، فلابدّ من رفع هذا اللزوم، فنرفع اللّزوم ونقول أنّ هذا البيع صحيح، ولكنه ليس لازماً، بمعنى ثبوت الخيار للشريك الآخر.
فإمّا أن نلتزم ببطلان البيع إذا أردنا تطبيق هذه الكبرى، أو نلتزم بعدم لزوم هذا البيع، بينما ما يُلتزم به ليس بطلان البيع، ولا عدم لزوم البيع، وإنّما ما يُلتزم به هو ثبوت حق للشريك يُسمّى(حق الشفعة) بحيث أنّ هذا الحق ليس هو حق فسخ العقد، وإنّما هو حق استرداد ما باعه الشريك الآخر إلى نفسه، والدليل يقول لا يمكن إثبات هذا الحق بقاعدة (لا ضرر) ؛ لأنّ هذه القاعدة ليس مفادها هو إثبات حكم في مورد الضرر، وإنما مفادها هو نفي الحكم الذي ينشأ منه الضرر، سواء قلنا أنّ مفادها هو نفي الحكم الضرري، أو قلنا هو نفي الموضوع الضرري، وحتى نفي الموضوع الضرري المراد به هو نفي الحكم، لكن بلسان نفي الموضوع. ومن هنا يُستشكل في تطبيق القاعدة على مورد الشفعة لإثبات حق يُعبّر عنه بحق الشفعة لهذا الشريك.
ويجاب عن هذا الدليل: بأننا لا نريد أن نثبت حق الشفعة بهذا المعنى تمسّكاً بكبرى (لا ضرر ولا ضرار)، وإنّما هذا الحق يثبت بدليلٍ آخر منفصل ولا علاقة له بكبرى(لا ضرر ولا ضرار)، ما نريد إثباته بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) هو نفي الحكم الذي ينشأ منه الضرر، أمّا ثبوت حقٍ للشريك يُعبّر عنه بحق الشفعة، فهذا يثبت بدليلٍ آخر، ومن الواضح عدم المنافاة بينهما؛ وحينئذٍ ينحل الإشكال، فالإشكال كان مبنياً على افتراض أننا نثبت حق الشفعة للشريك تمسّكاً بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، فيقول أنّ هذا التطبيق ممنوع؛ لأنّ مفاد القاعدة هو النفي لا الإثبات، فكيف نثبت حق الشفعة للشريك تمسكاً بقاعدة(لا ضرر ولا ضرار) ؟! إذاً: تطبيق (لا ضرر ولا ضرار) على مورد الشفعة ممنوع وغير صحيح، وبالتالي يتوصّل بهذا إلى فك الارتباط بينهما.
الجواب هو: أنّ ثبوت حق الشفعة ليس واضحاً أنه يُستند فيه إلى قاعدة(لا ضرر ولا ضرار) وإنّما يُستند فيه إلى دليل آخر.
الجواب الثاني: يمكن إثبات حق الشفعة بهذا المعنى تمسّكاً بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار). سيأتي أنه على بعض المباني في تفسير القاعدة؛ حينئذٍ يمكن إثبات حق الشفعة، وليس فقط نفي الصحة ونفي اللزوم، وإنّما إثبات حق الشفعة للشريك تمسكاً بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار). فهذا الجواب يقول: نحن لا نلتزم بأنّ قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) لا يمكن أن يثبت بها حق الشفعة للشريك، وهذا سيأتي بحثه.
الأمر الآخر الذي يمكن أن يقال على هذا هو أنّ هذا الاستدلال غير صحيح من ناحية منهجية؛ وذلك لأنّ الظاهر من هذا الكلام الذي نقلناه عن السيد الخوئي(قدّس سرّه) والموجود في كلمات المحقق النائيني(قدّس سرّه) كأنّه هو من البداية يُفسّر الحديث بتفسير خاص ويقول أنّ معنى الحديث هو نفي الحكم الضرري، ثمّ يقول أنّ هذا المعنى الذي نفسّر به الحديث لا يمكن تطبيقه على مورد الشفعة لإثبات الحكم المناسب في حق الشفعة؛ لذا هو يقول أنّ التطبيق غير صحيحٍ، فإذا كان التطبيق غير صحيح، فلابدّ من افتراض أنّ الحديث لا علاقة له بباب الشفعة، فيثبت المطلوب وهو أنّ الحديث مستقل وغير مرتبط بباب الشفعة.
هذا ليس أولى من العكس، يعني ليس أولى من أن يقال أنّ ظاهر الرواية طُبّق على باب الشفعة؛ إذ أنّ ظاهر الحديث هو تعليل الحكم في باب الشفعة بهذا الحديث، فليكن هذا دليلاً على أنّ تفسيرنا للحديث بأنّه عبارة عن نفي الحكم الضرري هو تفسير غير صحيح، فنختار تفسيراً آخر ينسجم مع تطبيقه على باب الشفعة، أمّا أن نفترض مسبقاً أنّ معنى الحديث هو هذا، ثمّ نقول أنّ هذا التطبيق ينافي ما اخترناه من معنى الحديث مع أنّ هذا التطبيق هو ظاهر الرواية؛ إذ أنّ ظاهر الرواية هو أنّها طبّقت حديث (لا ضرر ولا ضرار) على مورد الشفعة، ونحن نقول نرفع اليد عن هذا الظهور ونلتزم بعدم الارتباط الذي هو خلاف الظاهر قطعاً؛ لأننا اخترنا في تفسير الحديث معنىً لا يمكن تطبيقه على مورد الشفعة، وهذا ليس أولى من العكس كما قلنا . هذا بالنسبة إلى مسألة الشفعة.
أمّا بالنسبة إلى مسألة منع فضل الماء، أيضاً قيل لا يمكن تطبيق الحديث على هذه المسألة، واستُدل على ذلك بدليلين:
الدليل الأوّل: كان هو أنّه ليس هناك ضرر في المقام، يعني مالك الماء حينما يمنع فضل ماءه، فهو إنّما تصرّف في ملكه، وهذا لا يعتبر إضراراً بالغير، يعني عندما يمنع فضل مائه عن الغير لا يكون هذا إضراراً بالغير أصلاً، والضرر غير موجود أصلاً، وإنّما الموجود هو عدم منفعة، أي أنّ الغير لا ينتفع بهذا الماء، لا أنّه بمنعه قد أضر بالغير حتى يقال أنّ الضرر موجود، فتجري كبرى (لا ضرر ولا ضرار) لانتزاع الحكم المناسب في هذا الباب، فالضرر غير موجود في المقام، وإنما الموجود هو عدم الانتفاع، وعدم الانتفاع ليس ضرراً، فكيف يُمكن تطبيق كبرى(لا ضرر ولا ضرار) على هذا المورد، والحال أنّ الضرر غير موجود ؟!
ويجاب عن هذا الدليل: بأن يقال أنّ الذي يُفهم من رواية منع فضل الماء هو أنّها تريد أن تقول: حينما يكون الماء موجوداً في مكان ويوجد بجنبه كلأ أو مرعى، والمالك يملك الماء ولا يملك المرعى، هذا الغير عندما يكون عنده غنم ويأتي بها لترعى في هذا المرعى، وبطبيعة الحال عندما تأكل الغنم تحتاج إلى ماء، والمالك للماء إذا منع الماء عنها، فأنّ الراعي للغنم سوف يضطر إلى أن ينتقل إلى مكانٍ آخر ولا يستفيد من هذا الكلأ؛ لأنّ استفادته من هذا الكلأ مع منع مالك الماء إياها من شرب الماء، هذا سوف يؤدي إلى هلاك الغنم، وهذا يُعد نوعاً من الإضرار بهذا الغير.
قد يقال: أنّ هذا ليس إضراراً، وإنّما هو عدم منفعة، وعدم المنفعة ليس ضرراً.
أجيب عنه: بأنّ هذا إنّما يكون صحيحاً عندما لا يكون المقتضي للانتفاع تاماً، لكن عندما يكون المقتضي موجوداً؛ حينئذٍ عدم الانتفاع يُعد ضرراً عرفاً كما في ما نحن فيه، حيث المقتضي للانتفاع موجود وهو المرعى والكلأ الموجود والمباح للجميع، وهذا مقتضٍ للانتفاع، فعندما يمنع المالك الماء عنه كأنّه يحرمه من الانتفاع بهذا الكلأ مع وجود المقتضي للانتفاع، وهو وجود هذا الكلأ، هذا الحرمان من الانتفاع مع وجود المقتضي له، عرفاً يُعد ضرراً بالنسبة إلى هذا الغير، فكأنّ المالك بمنعه الماء يسبب له ضرراً بمعنى أنّه يحرمه من الانتفاع بهذا الكلأ مع وجود المقتضي له. نعم، مع عدم وجود المقتضي لا يُعد عدم الانتفاع ضرراً. وهذه مسألة عرفية.
الدليل الثاني: دعوى أنّ النهي في المقام ليس نهياً تحريمياً، وإنّما هو نهي تنزيهي، بمعنى لا يحرم عليه أن يمنع فضل الماء عن الغير، وإنّما يكره له ذلك، فإذا فرغنا عن كون النهي نهياً تنزيهياً؛ فحينئذٍ تأتي مسألة أنّ تطبيق الكبرى على هذا المورد غير صحيح، فلا يصح التطبيق، وهو ما يُراد إثباته في المقام بهذا الدليل؛ لأنّ مقتضى تطبيق كبرى لا ضرر في محل الكلام هو الالتزام بالتحريم لا الالتزام بالكراهة، والمفروض أننا لا نلتزم بهذا، وإنّما نلتزم بالكراهة. إذاً: ما نلتزم به، وما ينتجه تطبيق هذه الكبرى لا نلتزم به، وهذا يعني عدم صحّة التطبيق. والسبب في أنّ تطبيق الكبرى في محل الكلام لا ينتج الكراهة، وإنما ينتج التحريم؛ هو ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ الضرر لا ينشأ من الإباحة، أي الجواز بالمعنى الأخص حتى يقال أنّ تطبيق الكبرى يرفع الجواز بالمعنى الأخص، وهذا لا ينافي ثبوت الكراهة، وإنّما ينشأ الضرر من الجواز بالمعنى الأعم؛ لوضوح أنّ الضرر كما يكون في حالة الإباحة بالمعنى الأخص، كذلك يكون في حالة الكراهة أو الاستحباب، أو الوجوب، فتطبيق القاعدة عليه لابدّ أن يكون (لا ضرر ولا ضرار) رافعاً للجواز بالمعنى الأعم، وإذا رفع الجواز بالمعنى الأعم باعتبار أنه يكون سبباً للضرر؛ حينئذٍ يكون الثابت هو التحريم، بينما هم لا يلتزمون بالتحريم وإنّما يلتزمون بالكراهة، فمن هنا تكون هذه المشكلة في تطبيق كبرى(لا ضرر ولا ضرار) في محل الكلام.
والجواب عن هذا هو: أنّ قضية عدم إمكان الالتزام بالتحريم ليست واضحة جداً، فلماذا لا يمكن الالتزام بالتحريم ؟! في هذا المورد يمكن الالتزام بالتحريم، بالخصوصية التي تقدّمت سابقاً وهي أنّ هذا يمنع فضل الماء، ومنع فضل الماء يؤدي الى حرمان الناس من الانتفاع بالمرعى، بهذه الخصوصية يمكن الالتزام بالتحريم؛ بل نُقل كما يقال عن بعض الفقهاء التزامه بالتحريم، فليست هناك مشكلة في هذا التطبيق أيضاً من هذه الجهة.