37/06/09
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كان الكلام فيما ذكره الميرزا النائيني (قدس سره) من تقدم الامتثال التفصيلي على الامتثال الاجمالي في العبادات ، وحينئذ الاحتياط ومشروعيته او وجوبه ليس في عرض الادلة الاجتهادية ، فان الاحتياط شأنه شأن بقية الاصول العملية فمشروعيته والالزام به متأخر رتبة عن الامارات.
تتمة لانواع الاحتياط:-
ولا باس بالتنبيه على نقطه وهي ان انواع الاحتياط تقدم ذكرها وهي الاحتياط بين الاحتمالات والاحتياط بين المحتملات والاحتياط بين الاقوال وكيفية الجمع بين هذه الجهات الثلاث وبكلمة مختصرة انه مر بنا الفرق بين الاحتمالات وبين المحتملات فان الاحتمالات ترجع الى درجة الكشف والمحتملات يرجع الى درجة اهمية الحكم وملاكه وهذا قد اشاروا اليه في بحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ، اما تميز الاحتياط بين الأقوال عن هاتين الجهتين باعتبار ان الاقوال ليس من الضروري ان تستوعب كل المحتملات ولا كل المحتملات ، والجمع بين بين هذه الامور الثلاثة يراعى كل من الجهات الثلاث بصيغة معينة في الاحتياط ، طبعا مع اتقان انواع الاحتياط الغريبة التي مرت بنا مثل الاحتياط في الاستنباط او الاحتياط في التقليد التي هي غير مأنوسة فان الجمع بين الجهات الثلاث يسهل.
ونعود الى كلام الميرزا النائيني (قدس سره) وهو ان الاحتياط في العبادات مؤخر عن الدليل الاجتهادي فان الدليل الاجتهادي امتثاله تفصيلي ، اذن ما يكتبه الاعلام من ان المكلف اما ان يحتاط او يجتهد او يقلد والي معناه ان مشروعية الاحتياط او وجوبه التخييري في عرض الادلة الاجتهادية هذا لا يقر به الميرزا النائيني (قدس سره) ، وكذا قبله الميرزا القمي (قدس سره) ، ونحن ايضا نوافقهم مطلقا أي في العبادات او في غيرها لوجوه سوف نذكرها ولا يخفى ان هذا الكلام في الاحتياط المطلق والا فان انواع الاحتياط الاخرى التي مرت بنا لا تتنافى ولا تتباين مع الاجتهاد والتقليد.
اذن دعوى الميرزا النائيني (قدس سره) هو ان الامتثال التفصيلي ولو الظني التعبدي مقدم في العبادات على الاحتياط الذي هو عبارة عن الامتثال الاجمالي.
وقد مر بنا من باب المقدمة لكلام الميرزا (قدس سره) ان العبادات درجات شدة وضعفا ، كما ان الطاعة درجات شدة وضعفا فهما من سنخ واحد وليس درجة واحدة ، فان اعبد خلق الله واطوع خلق الله محمد (صلى الله عليه واله) ن وفي احد ادعية الامام زين العابدين (اللهم وفر من النية حضي) ، ولذا العبادة في الصلاة كالعبادة في الحج وليس الحج كالصوم وهذا في الروايات موجود مثل ابواب مقدمات العبادات في الوسائل ولعله الباب الاول او الثاني تبين العبادة ذات مراتب في ابواب العبادات.
اذا اتضح هذا فان الميرزا (قدس سره) يقول حينئذ انبعاث المكلف عن الامر التفصيلي ولو كان ظني تعبدي علمي اكثر عبودية وطوعانية من انباعثه عن احتمال الامر ، وبعبارة اخرى اذا كان داعي الامتثال والامر المولوي المعلوم ولو ظنا هذا الداعي ادخل في العبادية من داعوية احتمال الامر عقلا او وجدانا.
هذا ملخص استدلال الميرزا النائيني (قدس سره).
واما الاعتراضات التي أوردت على كلامه.
الاعتراض الاول:- ان داعي احتمال الامر عبادي ومَن قال انه ليس عبادي وهو في عرض عبادية داعوية الامر بل قد يقال ان داعوية احتمال الامر اكثر عبادية من داعوية نفس الامر بدليل ان الذي ينبعث عن احتمال الامر وينقاد الى احتمال امر المولى مؤشر على ان انبعاثه وانقياده عن الامر يكون بشكل اشد ، لأنه عن احتمال الامر هو ينبعث فكيف عن الامر ، اذن هذا اكثر عبودية وطوعانية.
الاعتراض الثاني:- ان الاحتياط فيه جمع ورعاية لمحتملات الواقع واحتمالات الواقع وهذه الحيطة والرعاية ابلغ واتم في تحصيل مراد المولى من الاكتفاء بأحد الاحتمالات ولو كان ظنيا ومقتضى هذا ان لم يكن عبادية الاحتياط مقدم واكفئ لا اقل هو مساوي.
الاعتراض الثالث:- ان المحرك في داعوية احتمال الامر عين المحرك في داعوية الامر لان احتمال الامر يحرك لأجل الامتثال وكون العبد ماثل امام ارادة امر مولاه ، اذن داعوية احتمال الامر هو نفس الامر ليس شيئا اخر مختلف كي يغاير بينهما الميرزا النائيني (قدس سره).
والجواب عنها:-
اولا:- ان القسم منها هي اثبات لعبادية داعوية احتمال الامر مع ان الميرزا (قدس سره) لا يستشكل في عبادية داعوية احتمال الامر ، انما هو يستشل في ان الدرجة العبادية في الاحتياط هي في نفس درجة الامتثال التفصيلي ام هي دون ذلك.
الثاني:- انه عقلا او وجدانا ان تحري العبد لمواطن ارادة مولاه وامره بالفحص وبتعلم موارد تلك المواطن من الواضح انه آلية للانقياد ومقدمة من مقدمات الامتثال بينما الذي يحتاط يهما تفقد امر مولاه ، بمعنى ان كلامنا ليس في الاحتياط الاكبر وهو العمل بالأمارات وزيادة بل كلامنا في خصوص الاحتياط المطلق المباين للدليل الاجتهادي حينئذ هذا الاحتياط وان كان فيه عبادية ولكن من قال انه اكثر او مساوي لعبادية الامتثال التفصيلي والحال انه توجد مقدمة مائزة بين الاثنين وهي ان في الامتثال التفصيلي اعتناء من العبد بأمر مولاه ولا ريب ان الفحص مقدمة وجودية او علمية للانقياد والطوعانية.