37/06/27
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كان الكلام في ان قاعدة لا ضرر في الحقيقة من امهات القواعد وهي ذات لون وهيمنة من بدأ الدين الى نهاية الدين وهي ذات مراتب ، ومر بنا ان هذه القاعدة لها ادراك عقلي او متعلق عقلي ولها ادراك فطري وجبلي وطبعي ، والمراد من الادراك العقلي يعني سواء بالعقل النظري او بالعقلي العملي ، وتعريف العقل العملي عند ابن سينا وما بعده يختلف عن تعريف العقل العملي عند الاقدمين بل في بيانات الوحي كذلك ، وجود ضابطة في معرفة النفس تقرر ذكرت في الروايات هذه القاعدة العقلية وهي ان كل فعل يصدر من ذات الانسان ذو سنخ معين ونمط معين منشأه جوهر وقوة معينة في ذات الانسان وهذا برهان تعدد القوى او تعدد الجواهر في ذات الانسان واشير له حتى في اصول الكافي ، اذن خاصية العقل العملي ان يكون محموله ليس تنظير القبح وتنظير الحسن بل تنظير القبح مثلا كما تقول الظلم قبيح فانه بالدقة المحمول هنا ليس قبيح وانما المحمول هو الظلم ثابت له القبح او قبحه ثابت ، أي ثبوت ولا ثبوت ووجود ولا وجود هي لغة العقل النظري وهذا ما اشتبه فيه ابن سينا وما بعده ، اذن كما قالوا علامة العقل النظري وجود ولا وجود ومحموله دائما ثبوت ولا ثبوت ووجود ولا وجود الذي هو العلم الحصولي كما قالوا ، اما العقل العملي فليس محموله مفاهيم قد يكون موضوعه مفهوم ومتعلق الحكم فيه مفهوم ولكن محموله واقع الاثر وواقع الانجذاب ، فلما ينجذب الانسان روحيا وعاطفيا الى العدل فهذا حسن انجذاب ، فمحمول العقل العملي في الحقيقة ليس مفهوم الحسن ولا مفهوم المدح بل محموله اثر الحسن والانجذاب اليه فان العلم الحضوري بالحسن يولد انجذاب او العلم الحضوري بالقبح يولد نفرة ، اذن العقلي العملي بالدقة محموله ليس مفاهيم بل احكام تكوينية وليس احكام مفهومية بل سيطرة العقل العملي والحاكم في الحقيقة في قضايا العقلي النظري ليس العقل النظري بل بعون العقل العملي لان مفهوم الموضوع ومفهوم المحمول الربط بينهما يقوم به العقل العملي فان التصديق عمل وحكم تكويني والاذعان عمل علمي وهو حكم تكويني يقوم به العقل العملي.
اذن وجوب دفع الضرر او وجوب دفع الضرر المحتمل يحكم به العقل النظري بلغة العقل النظري ويحكم به العقل العملي بلغة العقل العملي.
اذن امر ذاتي جبلي عقلي يمكن ان تقول جبلة العقل تدرك سواء العقل النظري او العقل العملي ، فيمكن تفسير الجبلة بطبع العقل العملي وهو صحيح ، وايضا بالامكان التفسير بفطرة العقل النظري وبفطرة العقل العملي لان احد مراتب الفطرة هو العقل ، اذن يمكن تفسير الاربعة عناوين بتفسير واحد أي العقل والفطرة والجبلة والطبع.
ولكن ايضا للفطرة تفسير اخر لان الفطرة كما حقق ذلك علماء الامامية لتأكيد القران واهل البيت على الفطرة كثيرا وربما اوسع بحث للفطرة عند البشر هو ما موجود بالثقلين ولا سيما مدرسة اهل البيت.
الحاصل ان الفطرة لها مراتب وبقية مراتب الفطرة ايضا هي الاخرى تحكم وتذعن لوجوب دفع الضرر او دفع الضرر المحتمل ، ومن احد استعمالات واطلاقات الفطرة كما تذكر في اليقينيات هي الفطريات وهي متأخرة عن الاوليات.
والاوليات وهي التي تتبادر لذهن الانسان بلا مؤونة وهي اول اليقينيات ، والفطريات يعني باصطلاح العصر الحديث العقل الباطن وهي متأخرة عن الاوليات لأنها تحتاج الى مؤونة.
اذن وجوب دفع الضرر تستطيع ان تكون عقلي بمعنيي العقل وفطري بمعاني الفطرة ومن معاني الفطرة تشمل العقل وتشمل الجبلة وتشمل الطبيعة.
وكذا وجوب دفع الضرر جبلي والجبلة اصطلاح عقلي ولا يبعد ان يكون الوحي بهذا الاستعمال وارد وتطلق في الاستعمال العقلي على الغرائز والنزعات الحيوانية ، وكما مر الجبلة تستعمل بمعنيين او اكثر ولكن المعنى الاكثر استعمالا هذا ، فان الحيوان ينفر ويبتعد عن الضرر وينجذب الى مواطن الامان من الضرر جبلة.
ولذا وجوب دفع الضرر حجة الحجج فانه حتى الحيوان يدركها ﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ، قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾[1] ، اذن قاعدة لا ضرر من تجذر حجيتها ان كل المخلوقات تدركها ، وطبقات ذات الانسان كلها تدركها لا فقط العقل ، فلا مفر من هذه الحجة البالغة.
بل اعمق من الجبلة وهي الطبيعة فإنها يشترك فيها كل المخلوقات النباتية والحيوانية والانسانية فان النبات له حركة غير حركة الانسان ولكن الزراع يرصدونها فانه يبتعد عن موارد الضرر وينجذب الى الامان من الضرر.
اذن الانسان بكل طبقاته ينفر من الضرر وهو جهنم كما في الرواية اعظم الضرر واساسه جهنم ومعدن الخير واساس الخير الجنة والجنان ، فان حرمتني لا فينفعني ما دونها وان عصمتني فلا ينفعني ما لم تقني منه دونها.
الجهة الثالثة:- ان طبقات لا ضرر تتوالد من بعضها البعض بقانون اصول القانون بالاستخراج والنسبة فيما بينها ليست تطبيق وانما استخراج واستيلاد كما مر بنا ، وان كان بعض الموارد اليسيرة بين طبقتين تكون على نحو التطبيق هذا قد يوجد ولا ننفيه كما في الضرر الشخصي ولكن غالبا هو استخراج.
هذا تمام الكلام في جهات خريطة لا ضرر مبدئيا.