37/07/09
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كان الكلام في ان القاعدة الواحدة يمكن ان يستفاد مشروعيتها واصل تشريعها ولو مع مجيء عنوان الموضوع وان لم يؤتى بعنوان المحمول ولو سيق ذكر عنوان موضوعها سياق حكمة التشريع لأنه كما مر باب حكمة التشريع مرتبط ارتباطا وثيقا باصول التشريع وكون الحكمة غير مطرد وليس هي كالعلة نعم هذا على طبق منهج القواعد التطبيقية صحيح فان الحكمة غير مطردة وبالتالي غير منعكسة وبالتالي لا يمكن ان يستدل بها وبالتالي ليست هي موضوع الحكم نعم كل هذا صحيح ولكن كل هذا مشيا على منهج قواعد التطبيق الذي هو منهج وسطاني ولا يستغنى عنه شبيه بالفقه النيابي ولكن ليس هو كل مناهج الفقه كما مر بنا امس ان الدورات الفقهية كل دورة لها منهج معين فطبيعة بعضها البحث عن اصول التشريع كما في مبسوط الشيخ الطوسي (رحمه الله) فهو غالبا يبحث عن اصول التشريع وكذا فقه القران للراوندي وكتب آيات الاحكام لأعلامنا الماضين (رحمهم الله) وكتاب الانتصار للسيد المرتضى هو متخصص في اصول التشريع ، ومر بنا بالامس ان لاصول القانون او اصول التشريع خواص من اهمها ابهام كيفية تنزل اصول التشريع من جهة انطوائها خفاء في المعاني التي تتنزل بها شبيه تنزل الفقه القانون الدستوري في القانون البرلماني او القانون الوزاري وهذه بحوث مهمة مر ت بنا امس ، اذن يجب ان نفتح ابواب موازية للابواب الموجودة مرتبطة باصول القانون او اصول التشريع كما مر بنا بالامس الابواب المحاذية للعام والخاص وتوجد ابواب محاذية للظهور الاستعمالي والتفهيمي والجدي ، اذن توجد حجية ظهور الالفاظ وحجية ظهور المعاني ، اذن اصول القانون لها ابواب وهي موجودة وممتزجة مع ابواب دليلية الدليل ودلالة الادلة.
وكذا الخاصية الثانية لاصول التشريع واصول القانون التي مرت بنا بالامس ان تنزل الاصل التشريعي والمبدأ الاحكامي واسس الحكم غالبا لا يتنزل بمفرده بل غالبا لما يتنزل تتنزل جملة من الاصول التشريعية مع بعضها البعض في ضمن عنوان معين وقاعدة معينة ولا يتنزل قاعدة واحدة كما هو الحال في الفقه التطبيقي بل غالبا يتنزل بشكل مجموعي اما اندماجي او امتزاجي او تزاحمي او توازني او غيرها من تناسب العلاقات الموجودة بين اصول التشريع لا انها محصورة بالورود والحكومة وان كان انه ليس كل اقسام الورود والحكومة من سنخ دلالة الدليل ودليلية الدليل لأنه توجد حكومة دلالية وحكومة ثبوتية سياتي بحثها والورود كذلك وان كان غالبا هو ثبوتي وليس اثباتي.
اما حكمة التشريع فنستفيد منها تشريع ذلك الاصل التشريعي الذي جعل حكمة وهو غير مطرد لأنه لابد ان تكون معه اصول تشريعية اخرى توازنه وتنضم معه ولكن اجمالا يستفاد ان هذا الاصل التشريعي مشرع او ان هذه الحكمة عنوانها مشرع كاصل تشريعي ، من ثم بحث فلسفة الاحكام الذي لا يهتم به اصحاب منهج التطبيق والطبقات الوسطى فان هذه اليت هي فلسفات التشريع اصول تشريعية مهيمنة ومرعية على طبقات التشريع النازلة التي هي من قبيل الفقه القانون البرلماني وامثلتها كثيرة فمثلا الشيخ الطوسي (قدس سره) يقيد من احيا ارضا فهي له باصول تشريعية فوقية وكذا في ابواب عديدة فالفقهاء يقولون روح الشريعة ومذاق الشريعة ومقصودهم هو هذه الاصول التشريعية المهيمنة على الطبقات المتوسطة فتقيد اطلاقها وتفسر هوية اطلاقها وهلم جرا.
فانه حتى على منهج التطبيق يمكن ان نستفاد من حكمة التشريع فانه اقل ما يقال ان هذا العنون اصل تشريعي مشرع فوقيا ، اما كيف يتنزل وكيف يراعى فهذا له موازين بحث اصول القانون او اصول التشريع لا انه لا نستفيد منه ، ومن ثم ان كثير من الآيات التي جعلت فلسفات تشريع وليس هي من آيات الاحكام فان الصحيح انها من آيات الاحكام غاية الامر هي من آيات الاحكام الاصول التشريعية الدستورية الفوقية وليست من آيات الاحكام الخمسمئة التي هي متوسطة في التشريع.
اذن جملة من طبقات التشريع وقوانين التشريع التي جملة من الفقهاء الذين منهجهم منهج تطبيقي يعزفون عنها ولا يعتنون بها غير صحيح هذا بل هي محل اعتناء ولكن محل اعتناء دورها وادائها الفقهي فوقي وليس وسطي.
وما يعرف الان بثقافة الدين وهو رائج قديما وحديثا فصحيح ان الثقافيات تمثل طبقة اصول التشريع ، فلو كان الشخص ذو فضيله وهو قوي في ثقافيات الدين فان هذا يعني انه قوي في اصول التشريع وكونه ليس لديه باع وعاضة فقهية في الابواب الفقهية الوسطى فهذا قد يكون صحيح وهذا ايضا لا يفيد لان الثلاث طبقات مطلوب وضرورية الطبقة الفوقية والطبقة الوسطى والطبقة الدنيا.
فمن ثم سيكون الاستدلال حتى بروايات الاخذة بعنوان الضرر الى ما شاء الله فهي كثيرة ولو بنحو حكمة التشريع ولكن يجدر بنا اولا ان نستدل بالروايات التي هي محط نظر الاعلام ثم نزيد عليها من الروايات الاخرى.
الرواية الاولى:- ما رواه الشيخ الكليني في الكافي، عن علي بن محمد بن بندار، عن احمد بن أبي عبد الله، عن ابيه، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (إن سمرة بن جندب كان له عذق وكان طريقه إليه في جوف منزل رجل من الأنصار فكان يجيئ ويدخل إلى عذقه بغير إذن من الأنصاري فقال له الأنصاري: يا سمُرة لا تزال تفاجئنا على حال لا نحب أن تفاجئنا عليها فإذا دخلت فاستأذن فقال: لا أستأذن في طريق وهو طريقي إلى عذقي قال: فشكا الأنصاري إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فأرسل إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فأتاه فقال له: إن فلانا قد شكاك وزعم أنك تمر عليه وعلى أهله بغير إذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل فقال: يا رسول الله أستأذن في طريقي إلى عذقي؟ فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": خل عنه ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا، فقال: لا، قال: فلك اثنان، قال: لا أريد فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق، فقال: لا، قال: فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبى، فقال: خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة، قال: لا أريد، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن، قال: ثم أمر بها رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فقلعت ثم رمى بها إليه وقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": انطلق فاغرسها حيث شئت)[1] .
الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ الصدوق(قدّس سرّه) في الفقيه، قال: وروى الحسن الصيقل، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: قال ابو جعفر(عليه السلام): (كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان ، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شيء من أهل الرجل يكرهه الرجل ، قال : فذهب الرجل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فشكاه ، فقال : يا رسول الله إن سمرة يدخل علي بغير إذني فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه ، فأرسل إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فدعاه فقال : يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول : يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك ، يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ، ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال : لا ، قال : لك ثلاثة؟ قال : لا ، قال : ما أراك يا سمرة إلا مضارا ، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه)[2] .
الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ الكليني(قدّس سرّه) في الكافي، عن عدّة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: (إنّ سمُرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجلٍ من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان وكان يمر به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمُرة، فلمّا تأبى جاء الأنصاري إلى رسول الله "صلّى الله عليه وآله وسلّم" فشكا إليه وخبّره الخبر، فأرسل إليه رسول الله "صلّى الله عليه وآله وسلّم" وخبّره بقول الأنصاري وما شكا، وقال: إن أردت الدخول فاستأذن، فأبى، فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال: لك بها عذق يُمد لك في الجنة، فأبى أن يقبل، فقال رسول الله "صلّى الله عليه وآله وسلّم" للأنصاري: أذهب فاقلعها وارمِ بها إليه، فأنّه لا ضرر ولا ضرار)[3] .
وكذا في التهذيب موجودة في المجلد 7 ص 146 ، وفي الفقيه ايضا في المجلد 3 ص147 وص233 ، فنفس المتن اصحاب الكتب الاربعة يذكروه في مواطن متعددة بطول وقصر ، هذه قضية سمرة ابن جندب التي فيها لا ضرر ولا ضرار ، وكذا في الفقيه (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام).
الرواية الرابعة:- ما رواه في الكافي أيضاً بنفس السند السابق بلا أي تغيير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:(قضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالشُفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال: لا ضرر ولا ضرار، وقال: إذا رُفت الأرف وحُدت الحدود، فلا شُفعة)[4] .