37/06/09
تحمیل
الموضوع: في بعض حدود النصاب.
هذا وينبغي النظر في ان الظاهر من النص في التحديد بقوله ع: "ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة، عشرين ديناراً" هل المقصود المثلية من حيث الجنس او القيمة. وثانيا: إذا كانت القيمة فهل ذكر العشرين للمثال فيكفي فيه ايضاً ما قيمته مئتا درهم (نصاب الفضة) اوان للعشرين خصوصية فهي النصاب والمناط الذي يدور وجوب الخمس مدارها وجودا وعدما. وثالثا: هل المقصود بالعشرين قيمتها في زمان التشريع فقط وهو مائتا درهم او يوم الاخراج. ورابعا: هل المقصود بالعشرين قيمته في خصوص مكان الاخراج او في أي مكان كان.
اما الاول: فالظاهر ان المثلية المنظورة للصحيحة هي المثلية في القيمة والماليّة لا في الجنس، لان الزكاة مختصة بمعدن الذهب والفضّة فلو كانت المثلية في الجنس لاختص الجواب بهما خاصة ايضا، ولازمه اعتبار النصاب فيهما خاصة، دون سائر المعادن. وهو خلاف الظاهر من الصحيحة سؤالا وجوابا؛ لأن السؤال فيها عن مطلق المعدن، وهذا يستدعي كون الجواب كذلك. والا كان الجواب ناقصا. فلا مجال لكون المثلية في الجنس فيتعين كون المثلية في المالية، فكأنه قال: يبلغ مالية او قيمة فيها الزكاة.
واما الثاني: فالظاهر ان "العشرين دينارا" هي النصاب والمناط. وذلك لان المثلية لما كانت بلحاظ المالية والقيمة، فيكون معنى قوله ع: "حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة" ان نصاب المعدن هو قيمة ما تجب فيه الزكاة، وغير خفي ان ما تجب فيه الزكاة ليس له قيمة ثابتة كي يتحدد نصاب المعدن بها، بل تختلف باختلاف نصابي الذهب والفضة واختلاف كل منهما باختلاف الازمنة والامكنة ارتفعا وهبوطا، وعليه يكون نصاب المعدن مرددا مجملا. لكنه ع اضاف "عشرين ديناراً" فبين المقصود من الكلام المجمل فيكون بدلا من الموصول "ما" الذي في كلامه ع. ويكون هو النصاب والمناط. وحمله على المثال من دون اضافة "مثل او نحوها" خلاف الظاهر جدا خصوصا بملاحظة ما يلزمه من بقاء الكلام على اجماله.
واما الثالث: فالظاهر إن المدار على قيمة العشرين دينارا وقت الإخراج، فلا تكفي مائتا درهم لو كانت قيمة عشرين دينارا أكثر منها وقت الإخراج، وذلك لان الاطلاق في الامور التي تختلف باختلاف الأزمنة، المنصرف منه هو زمان تحقق موضوع الحكم.
وما نسب الى الشهيد من الاجتزاء بقيمته القديمة التي كانت للعشرين دينارا في صدر الإسلام، لعلها لا أصل لها، لأنه قال في البيان: "ويشترط فيها بلوغ عشرين ديناراً أو قيمتها بعد المؤنة، والظاهر الاكتفاء بمائتي درهم أيضا، كما هو ظاهر الأصحاب، وإن كانت صحيحة البزنطي عن الرضا عليه السّلام لم تتضمنها"[1] . ومن القريب ان يكون اكتفائه بذلك ليس بلحاظ اتحاد قيمته مع قيمة العشرين دينارا عند التشريع بل بلحاظ انه مما تجب فيه الزكاة الذي هو مضمون العبارة الاولى، وذكر العشرين من باب المثال لا التعيين خصوصا مع ما ذكره الشيخ الانصاري من "أنّ الأصل في نصاب النقدين هو المائتان واعتبار العشرين؛ لأنّها عدل المائتين، كما يظهر من الأخبار"[2] .
ويمكن ان يقال: انه لو تم ظهور الاخبار بان الاصل في النصاب هو المائتان[3] فتركها وذكر العشرين في رواية البزنطي ادل على كون العشرين لها موضوعية في زكاة المعدن وليست مثالا محضا. اذ الاولى ذكر النصاب الاصلي لو اراد ذكر نصاب الزكاة كُلّا، فتركه وذكر النصاب غير الاصلي ـ كما هو المفروض ـ يكشف عن كون المنظور بعضا خاصا من نصاب الزكاة وهو نصاب الدنانير دون الدراهم. وبالتالي تكون "عشرين دينارا" هي نصاب الخمس.
واما احتمال كون جملة "حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة" هي المناط وان "عشرين ديناراً" للمثال فقد عرفت جوابه في الامر الثاني.
واما الرابع: فالظاهر ايضاً ان المنصرف من الاطلاق كون قيمة العشرين بلحاظ محل الاخراج إذا اخلفت القيمة بين محل الاخراج غيره.