38/01/24
تحمیل
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه
38/01/24
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : التيمم _ شرائط التيمم _ الترتيب .
قلنا المولات واجبة بدليلين ذكرناهما احدهما التيممات البيانية للائمة ع بقرينة ان الامام ع كان في مقام تعليم المخاطب ومع هذه القرينة يتم الدليل والثاني ان نفس دليل وجوب الطاعة يقتضي وجوب الموالاة بالمعنى الذي فهمناه وهو المحافظة على الارتباط الاعتباري بين اجزاء المركب الاعتباري فاذا انفصل بعض عن البعض فلا يبقى هناك فعل به يتحقق الامتثال وهذا الحكم نلتزم به مطلقا سواء كان بدلا عن الوضوء او عن الغسل ولكن يظهر من بعظهم ان هذا الحكم بوجوب الموالاة يلتزم به بما اذا كان بدلا عن الوضوء دون الغسل لان الغسل لايجب فيه الترتيب ولكن هذا الحكم متوقف على الالتزام بان دليل الموالاة هو البدلية يعني بما ان التيمم بدل عن الوضوء والوضوء تجب فيه الموالاة فتجب في البدل ايضا , فلو كان الدليل على وجوب الموالاة هو دليل البدلية لكان ماقاله هؤلاء البعض متين جدا حيث ان المبدل منه وهو الوضوء تجب فيها الموالاة اما في الغسل فلا تجب فيه الموالاة .
ثم دخل السيد اليزدي في الشرط الاخر وهو الترتيب بين اجزاء التيمم , معلوم ان الترتيب مرة بين الاجزاء ومرة بين نفس الجزء الواحد مثلا نفس الوجه كما في من الاعلى الى الاسفل او من الاسفل الى الاعلى او لايجب الترتيب , وكذلك في مسح الكفين الترتيب انما هو بين الكفين هو المبحوث عنه في المقام اما في نفس الكف يكون من الزند الى الاصابع او من الاصابع الى الزند او من العرض الى الطرف الثاني فهذا يأتي ان شاء الله , والكلام فعلا في الترتيب بين الاجزاء فقط .
ادعي الاجماع في المقام وحاول حكيم الفقهاء استقصاء المدعين للإجماع , وجمهرة من اعلامنا ادعوا الاجماع وعند حكيم الفقهاء يقول ان هذا هو الدليل على الترتيب .
السيد الاعظم اعترف بوجود دعوى الاجماع ولكن قال ان هذا الاجماع منقول فلا يكون دليلا يقول بل يوجد ما ينقض الاجماع وهو فتوى الصدوق في كتابه المقنع والهداية فهناك افتى بلزوم الترتيب بين الوجه وبين الكفين ولم يأمر بالترتيب بين الكفين وكذلك سلار امر بالترتيب بين الوجه والكفين ولم يأمر به بين الكفين فمخالفة هذين الفقيهين ينقض الاجماع المدعى .
ولنا عدة ملاحظات في كلامه الشريف :
الملاحظة الاولى انه انت لا تقول بحجية الاجماع المنقول وهذا رأيك ولكن تريد ان تنقض الاجماع بمخالفة الفقيهين غير واضح لان الصدوق وكذلك سلار افتى بالترتيب بين الوجه والكفين ولم يفتي بالترتيب بين اليدين لا انه افتى بعدم الترتيب بينهما وهذا العدم يستفاد من اطلاق كلامه والاطلاق في كلام الفقيه لا يتم لان مقدمات الحكمة لاتجري في كلمات غير المعصوم فلعل الصدوق غفل عن ذلك فالنتيجة مجرد عدم صراحة الصدوق بلزوم الترتيب بين الكفين لا يكون نقضا للإجماع وكذلك سلار .
الملاحظة الثانية : لو فرضنا جريان مقدمات الحكمة او وجود قرينة في كلامه تقتضي انه يفتي بعدم وجود الترتيب بين الكفين ويفتي بصحة التيمم لاو قدمت اليسرى على اليمنى فمخالفة الصدوق معلوم النسب ومخالفة سلار معلوم النسب لا يضر الاجماع اذن نقض الاجماع من قبل السيد الاعظم استنادا الى كلام الفقيهين غير واضح .
ثم ان السيد الاعظم عنده حاشية على العروة طبعت في حياته اكثر من مرة بصورة الكراس واخيرا طبع قبل وفاته العروة بكاملها مع حاشيته عليها وفي مقدمة الحاشية يقول انني كتبت هذه الحاشية لاستفادة الناس فاذا كان رأي اليزدي مخالفا لرأيي ولكن كلامه مطابق للاحتياط فانا لم اصرح بمخالفته وابقيته على حاله فحينئذ المكلفون يعملون رجاء ولم اصرح بالمخالفة .
هذا الكلام منه رض في مقدمة الحاشية ولما وصل الى بحث التيمم محل الكلام وهو الترتيب لم يخالف الاجماع فهذا معناه ان الترتيب بين اليمنى واليسرى على طبق الاحتياط فلماذا لم تقل في التنقيح والاحتياط يقتضي التقديم ؟ ان قلت انه لم يفتي بذلك لان عنده دليل اجتهادي على عدم الترتيب فمع وجود الدليل الاجتهادي على عدم وجوب الترتيب فلماذا يصرح بما هو مقتضى الاحتياط ؟ هذا صحيح ولكن يلزم من ذلك ان المكلفين سوف يلتزمون بالترتيب بنية الوجوب ! فهذا تخريب لاعمالهم لان اليزدي افتى بالوجوب , فالمقلد العامي لا يعمل انك مخالف ولم تصرح بالمخالفة , فما فعله السيد الاعظم غير واضح .
قلنا ان حكيم الفقهاء ادعى الاجماع عند الفقهاء ولايوجد عنده دليل اخر على الترتيب وهذا كلامه مجمل لان الترتيب المبحوث عنه في مقامين بين الوجه والكفين يوجد دليل وهو الروايات واما الترتيب الثاني لا يوجد في الروايات دليل حسب زعمه فحينئذ قوله ان الدليل كله الاجماع غير واضح .
والذي ينبغي ان يقال ان عندنا روايتان معتبرتان احداهما يستقرب دلالته على الترتيب بين الكفين والثانية صريحة في وجوب الترتيب بين الكفين والرواية الاولى التي ليس فيها صراحة في الترتيب بين الكفين هي الرواية :
(محمّد بن إدريس في آخر ( السرائر ) نقلاً من كتاب ( نوادر ) أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : أتى عمّار بن ياسر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله ، إنّي أجنبت اللّيلة فلم يكن معي ماء ، قال : كيف صنعت ؟ قال : طرحت ثيابي وقمت على الصعيد فتمعّكت فيه ، فقال : هكذا يصنع الحمار ، إنّما قال الله عزّ وجلّ : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) فضرب بيده على الأرض ثمّ ضرب إحداهما على الأُخرى ، ثمّ مسح بجبينه ، ثمّ مسح كفّيه كلّ واحدة على الأُخرى ، فمسح اليسرى على اليمنى ، واليمنى على اليسرى )[1] فان قلنا ان المعطوف مجموع مسحة الكفين فحينئذ لا تدل الرواية على الترتيب بين الكفين اما ان قلنا ان كل منهما مسح اليمنى باليسرى معطوف على الوجه ثم مسح اليسرى باليمنى معطوف آخر على ذاك فحينئذ تكون دالة على الترتيب ولكن الرواية غير ظاهرة على الترتيب , ولكن العمدة هي الرواية :
(وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن التيمّم ؟ فضرب بكفّيه الأرض ، ثمّ مسح بهما وجهه ، ثمّ ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع ، واحدة على ظهرها ، وواحدة على بطنها ، ثمّ ضرب بيمينه الأرض ، ثمّ صنع بشماله كما صنع بيمينه ، ثم قال : هذا التيمّم على ما كان فيه الغسل ، وفي الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين ، وألقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا يومّم بالصعيد )[2] وهذه الرواية مشتملة على عدة احكام مسح بتمام الوجه وهذا مقتضى روايات متواترة معنى او اجمالا ونحمل هذا الحكم على التقية , وكذلك الحكم بلزوم المسح من المرفق الى الاصابع بكلتا اليدين ايضا يحمل على التقية من جهة وجود روايات متواترة معنى او اجمالا بان المسح من الزند وليس من المرفق والحكم الثالث وهو الترتيب بين الوجه وتقديمه على مسح اليد اليمنى ثم تقديم مسح اليمنى على مسح اليسرى فهذا الترتيب ايضا دلت روايات صراحة فيه ودعوى الاجماع موجودة في هذا من فقهائنا الابرار , ونحن نحمل الحكمين الاولين على التقية وحمل هذا الثالث على التقية لاموجب له بل اننا عندنا شهرة او اجماع على لزوم هذا الترتيب , فهذه الرواية بعض ما فيها تركه لأجل التقية واما البعض الذي لم تثبت مخالفته للمذهب لا نتركه وما اكثر ما فعل الفقهاء ذلك رواية تكون فيها عهدة احكام يأخذون بعض الاحكام ويتركون بعضها , مثلا السيد الاعظم يقول بالتطويق في الهلال مع ان الرواية فيها حكم ثان هو ان الضوء اذا كان واضحا هو ليومين وهو لا يؤمن بهذا فاخذ بحكم وترك الاخر لوجود قرينة , فكذلك في المقام نأخذ وجوب الترتيب ونترك المسح من المرفق الى اليدين وتمام الوجه وذلك لمخالفتها للمذهب وهذا اوضح دليل على وجوب الترتيب ويؤيد هذا الحكم بدعوى الاجماع .