38/06/13
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/06/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- زكاة الفطرة.
قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 5): يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير من مال الموكل ويتولى الوكيل النية ، والأحوط نية الموكل أيضا على حسب ما مر في زكاة المال ويجوز توكيله في الإيصال ويكون المتولي حينئذ هو نفسه، ويجوز الإذن في الدفع عنه أيضا، لا بعنوان الوكالة، وحكمه حكمها بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة، كما يجوز التبرع به من ماله بإذنه أو لا بإذنه وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا وسابقه)[1] .
ذكرنا انه لا شبهة في جواز التوكيل في دفع زكاة الفطرة من ماله ، وكذا لا شبهة في جواز التوكيل في ايصال زكاة الفطرة الى مستحقيه ، وكذا يجوز ان يأذن لشخص باخراج الزكاة من ماله لا بعنوان الوكالة ، وذكرنا ان الاذن هو الوكالة ولا فرق بينهما فان الوكالة عقد اذني ليس كالبيع والشراء على تفصيل ذكرناه ، وايضا يجوز التوكيل في دفع الزكاة عنه من ماله ثم الرجوع الى الموكل ويأخذ ماله منه مثليا او قيما ، وقلنا ان كل ذلك صحيح ويتولى في جميع هذه الصور المكلف نية القربى لا الوكيل ولا المأذون فان الخطاب موجه الى الموكل والى المكلف فهو مأمور بإيتاء الزكاة عن قصد القربى إما مباشرة او بالتسبيب فعلى كلا التقديرين هو يتولى نية القربى.
واما اذا تبرع شخص بزكاة فطرة شخص اخر فتارة يكون مع الاذن واخرى بدون الاذن ، اما اذا كان مع الاذن فلا يبعد الحكم بالاجزاء لأنه مستند في الحقيقة الى المكلف فان المكلف اذن ان يؤدي فطرته تبرعا ومجانا ولا فرق بين هذه الصورة وبين او يؤدي زكاة فطرته من ماله ثم يرجع الى المكلف ويأخذ بدل ماله منه ففي كلتا الصورتين يجزي سواء أكان دفع الزكاة تبرعا باذن المكلف او دفع الزكاة من ماله ثم الرجوع اليه ولم يكن تبرعا.
واما اذا كان التبرع بدون اذن المكلف او المكلف لا يكون مطلعا على ذلك فهل يجزي او لا يجزي؟
الجواب:- ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه) انه يجزي وان كان الأحواط عدم الاجزاء فالاحتياط لا محالة يكون استحبابيا فهو افتى بالاجزاء وبعد ذلك قال وان كان الأحواط عدم الاجزاء.
ولكن الظاهر عدم الاجزاء لان اجزاء فعل الغير عن الواجب بحاجة الى دليل فانه مكلف بدفع زكاة الفطرة عن نفسه واجزاء فعل الغير عنه بحاجة الى دليل كما هو الحال في كل واجب فإجزاء صلاة الغير عن صلاته بحاجة الى دليل والدليل انما ورد في الميت فقط واما في الحي فلا دليل على ان صلاة زيد تجزي عن صلاة عمر سواء أكان عمر عاجزا عن الصلاة او لم يكن عاجزا ، وكذا الحال في سائر الواجبات كما اذا تبرع باطعام ستين مسكينا عن شخص اخر فيجب عليه اطعام ستين مسكين فلا يجزي ذلك فان اجزاء غير الواجب عن الواجب بحاجة الى دليل والا فمقتضى القاعدة عدم الاجزاء لان ما تبرع به ليس مصداقا للواجب ولا ينطبق عليه الواجب فكيف يكون مجزيا؟! ، وما نحن فيه كذلك فان زكاة الفطرة واجبة على المكلف ولكن قام غيره بالتبرع بها ودفعها الى الفقير فان غير الواجب يكون مجزيا عن الواجب بحاجة الى دليل فان غير الواجب ليس مصداقا للواجب والواجب لا ينطبق على المدفوع تبرعا حتى يكون مجزيا.
مضافا الى الاخلال بقصد القربى فان قصد القربى معتبر في دفع زكاة الفطرة فالمتبرع كيف يقصد القربى فانه لا معنى لقصد القربى من المتبرع فان المكلف هو المأمور بقصد القربى ، اذن من هذه الناحية ايضا لا يجزي.
نعم اذا قلنا بان وجوب الفطرة وجوب مالي ووجوب وضعي وانها دين في ذمة المكلف وذمة المكلف مشغولة بها كالدين فحينئذ اذا تبرع شخص بفطرة شخص اخر فالمعروف انه مجزي فان التبرع عن الدين يكون مجزيا لان الدين ينطبق على المدفوع فاذا انطبق على الدين فتبرا ذمة المدين وتفرغ ذمة المدين , وما نحن فيه ايضا كذاك.
ولكن فرق بين ما نحن فيه وبين الدين العرفي فان في الدين العرفي اذا تبرع شخص للدائن عن دين المدين فاذا قبل الدائن وقبض فهو يجزي وينطبق عليه الدين على المدفوع فتبرأ ذمة المدين , واما اذا لم يقبل الدائن وامتنع عن القبول وعن القبض الا من نفس المدين لانه قد يكون للدائن حق ذلك كما اذا فرضنا ان الدائن اقرض شخصا في بلده ولكن المدين ادى دينه في بلد اخر فللدائن الامتناع عن قبول الدين والمطالبة باداء الدين في بلد الدين فله الحق في ذلك وفي ما نحن فيه يمكن ان يكون للدائن حق في ذلك فان الدائن لا يقبل اداء الدين من شخص اخر الا من نفس المدين والحاصل ان الدين سقط عن ذمة المدين اذا قبل الدائن التبرع وقبض واما ذا لم يقبل ولم يقبض لم يسقط الدين عن ذمة المدين.
واما في ما نحن فيه فليس هنا دائن فالمكلف مدين بالفطرة والدائن هو طبيعي الفقير لا الفقير الموجود في الخارج فانه ليس دائنا.
نعم اذا كان المتبرع ادى الدين للحاكم الشرعي وهو قبض الدين بعنوان الولاية سقط عن ذمة المكلف , اما اذا ادى الدين للفقير فالفقير ليس دائنا للمدين فليس الدائن هو الفقير فاذا لم يكن هو الدائن فقبضه لا اثر له الا ان يكون قبضه باذن من الحاكم الشرعي فاذا كان باذنه تبرء ذمة المدين بذلك.
واما اذا قلنا بان وجوب الفطرة وجوب تكليفي ـــ كما هو الصحيح ــــ فان الواجبات التكليفية على قسمين قسم منها متعلقه المال وقسم منها متعلقه فعل المكلف كالصلاة والصيام والحج وما شاكل ذلك فان متعلق التكليف فعل المكلف وقد يكون متعلق التكليف مال المكلف كإطعام ستين مسكينا او عتق رقبة او كفارة شاة او كفارة بقرة وما شاكل ذلك فان هذه التكاليف تكاليف شرعية ليست وضعية والوجب وجوب تكليفي لكن متعلقه المال وما نحن فيه متعلقه المال وهو ان يدفع الفطرة لمستحقيها فهل يجزي التبرع عنه بقطع النظر عن اعتبار نية القربى؟
الجواب:- الظاهر انه لا يجزي ولهذا لو كان على شخص كفارة التظليل ويذبح شخص اخر تبرعا شاة من ماله فهو لا يجزي او اذا كان على شخص اطعام ستين مسكينا او اطعام عشرة مساكين فقام شخص بهذا الاطعام تبرعا لا يجزي فان اجزاء غير الواجب عن الواجب بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك فان فعله ليس مصداقا للواجب ولا يجزي.
النتيجة ان التبرع لا يكفي ولا يكون مجزيا فما ذكره الماتن لا يمكن المساعدة عليه.