1441/04/27
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
41/04/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الديات
(مسألة 208): إذا هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات، أُخذت الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب إليه(2)(مسألة 210): إذا أرادت العاقلة أداء الدية من الإبل اعتبر أن يكون ثلاثون منها حقّة، وثلاثون منها بنت لبون، وعشرون منها بنت مخاض، وعشرون منها ابن لبون(3)2- كان الكلام في امكان اثبات هذه الاحكام على القاعدة بقطع النظر عن الروايات الخاصة
اما اخذ الدية من مال الجاني اذا هرب ولم يقدر عليه او مات فهو على القاعدة
واخذها من اقربائه الاقرب فالاقرب ان لم يكن له مال فيمكن الالتزام بذلك لان قرابة الميت يرثون ديته لو قُتل فيلزمون بدفع ديته لو قَتل وهذا ما تدل عليه صحيحة عبدالله بن سنان ، وعبدالله بن بكير جميعاً ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ((قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل وجد مقتولا لا يدرى من قتله ، قال : إن كان عرف له أولياء يطلبون ديته اعطوا ديته من بيت مال المسلمين ولا يبطل دم امرئ مسلم لان ميراثه للامام فكذلك تكون ديته على الامام))[1]
واما الحكم باخذ الدية من بيت المال ان لم تكن له قرابة فيمكن اثباته بان بيت المال موضوع لمصالح المسلمين وهذا منها، وتدل عليه صحيحة ابي بصير المتقدمة الواردة في القتل العمدي فيمكن التمسك بعموم التعليل فيها فان القدر المتيقن من التعليل رجوعه الى الحكم الاخير
مضافاً الى انه يشهد له الروايات الواردة في ان الدية تؤدى من بيت المال في موارد متعددة معللة بانه لا يبطل دم امريء مسلم
منها: رواية محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن مكاتب قتل رجلا خطأ؟ قال : فقال : ((إن كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه إن عجز فهو رد في الرق فهو بمنزلة المملوك يدفع إلى أولياء المقتول فان شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا باعوا ، وإن كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه ، وكان قد أدى من مكاتبته شيئا فان عليا (عليه السلام) كان يقول : يعتق من المكاتب بقدر ما أدى من مكاتبته ، فان على الامام أن يؤدي إلى أولياء المقتول من الدية بقدر ما اعتق من المكاتب ولا يبطل دم امرئ مسلم))[2]
ومنها: معتبرة أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ((إن وجد قتيل بأرض فلاة ، اديت ديته من بيت المال ، فان أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم))[3]
3- اختلفوا في اوصاف الابل اذا اختارت العاقلة دفعها في دية الخطأ المحض فهناك احتمالات اربعة وبعضها اقوال:
الاول: ثلاثون حقّة، وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون، وهذا هو المشهور وعليه الاكثر وعامة المتاخرين كما ذكروا، وتدل عليه صحيحة عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : ((قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن دية ذلك تغلظ ، وهي مائة من الابل : منها أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة ، وثلاثون ابنة لبون ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ذكر))[4]
الثاني: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقّة، وخمس وعشرون جذعة، وقد اختاره ابن حمزة في المراسم، وتدل عليه روايتان
الاولى: رواية العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : والخطأ مائة من الابل ، أو ألف من الغنم ، أو عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، وإن كانت الابل فخمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ، والدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر والعصا الضربة والاثنتين فلا يريد قتله فهي أثلاث : ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية ، كلها خلفة من طروقة الفحل))[5] ويفهم من قوله (والدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد) ان الحكم السابق كان في الخطأ المحض
الثانية: مرسلة العياشي عن عبد الرحمن ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ((كان علي (عليه السلام) يقول : في الخطأ خمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وقال : في شبه العمد ثلاثة وثلاثون جذعة ، ( وثلاث وثلاثون ) ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة ، وأربع وثلاثون ثنية))[6]
ولكن في كلتا الروايتين اشكال سندي فالارسال في رواية العياشي واضح للفاصل الكبير بين العياشي وبين من يروي عن الامام الصادق (عليه السلام)، واما رواية العلاء بن فضيل فوقع محمد بن سنان في جميع طرقها
ونقل عن الشيخ الطوسي في الخلاف اجماع الفرقة على العمل بالروايتين، ولا بد من توجيهه فان المشهور يذهب الى القول الاول
القول الثالث: عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون وعشرون بنت لبون وعشرون حقّة وعشرون جذعة، وهو المحكي عن الشيخ في المبسوط وابن ادريس في السرائر، ونص فقهاؤنا عى انه لا شاهد عليه من النصوص الواصلة الينا
الرابع: ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها ، كلها خلفة إلى بازل عامها، ومنشأ هذا الاحتمال هو صحيحة محمد بن مسلم ، وزرارة وغيرهما ، عن أحدهما (عليهما السلام) في الدية ، قال : ((هي مائة من الابل ، وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك ، قال ابن عمير : فقلت لجميل : هل للابل أسنان معروفة؟ فقال : نعم ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها ، كلها خلفة إلى بازل عامها ، قال : وروى ذلك بعض أصحابه عنهما ، وزاد علي بن حديد ـ في حديثه ـ : إن ذلك في الخطأ))[7] والاستدلال بها يكون بقول علي بن حديد بان هذا في الخطأ فان هذا شامل لمحل الكلام باطلاقه
ولكن الصحيح ان الاعتماد على كلام علي بن حديد مشكل لانه مضعف ولا يمكن الاعتماد عليه لاثبات حكم شرعي، مما يعني ان موضوع هذا التقسيم هو مطلق الدية لان اصل المسالة في الدية، بل حتى لو اخذنا بتفسير علي بن حديد وخصصنا التقسيم بخصوص دية الخطأ فنقول يتعين تقييدها بصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة لانها مفصلة وصريحة في انه في الخطأ المحض تختلف المواصفات عن هذه المذكورة في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة
نعم تقدم ان ما تدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان في الخطأ شبه العمد له معارض فهو معارض بما ذكر في معتبرة ابي بصير فكل منهما واردة في الخطأ شبه العمد مع اختلاف اسنان الابل المذكورة في احداهما عن الاخرى، ولذا قلنا بانه لا يمكن تخصيص صحيحة محمد بن مسلم وزرارة بصحيحة عبد الله بن سنان الا بعد علاج تعارضها مع معتبرة ابي بصير، الا ان صحيحة عبد الله بن سنان لا معارض لها في دلالتها على اسنان الابل في دية الخطأ المحض