33/05/05
تحمیل
الموضوع :- مسألة ( 321 ) ، ( 322 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
مسألة(321):- اذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمداً مع العلم بالحكم أو مع الجهل به ولم يتمكن من التدارك قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته وعليه اعادة الحج من قابل وقد مر أن الأظهر بطلان احرامه أيضاً لكن الأحوط أن يعدل الى حج الافراد ويتمه بقصد الأعم من الحج والعمرة المفردة.
واذا ترك الاطواف في الحج متعمداً ولم يمكنه التدارك بطل حجه ولزمته الاعادة من قابل واذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضاً.
في البداية لابد وأن نعرف أنه (قده) فرغ من أحكام الشك في الطواف ومن الآن يشرع في بيان بعض الأحكام الأخرى التي ترتبط بالطواف ، وقلنا فيما سبق أن المناسب فنيّا أن يجعل العنوان ( أحكام الطواف ) بدلاً من عنوان( الشك في الأشواط ).
ومضمون هذه المسألة - الذي هو قصير من حيث المعنى وكبير من حيث الألفاظ - قد تقدم تحت عنوان شرائط الطواف حيث قال ( شرائط الطواف ) ثم ذكر تحت هذا العنوان ( الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع ويفسد الحج بتركه عمداً سواءً كان عالماً بالحكم أم كان جاهلاً به أو بالموضوع ..... ) ، فكل ما هو مذكور في هذه المسألة قد تقدم سابقاً.
نعم الذي تقدم هو بيان حكم تارك الطواف عمداً وأما التارك له سهواً فلم يتقدم ويريد الآن أن يتعرض اليه ، ولكن حينما أراد أن يتعرض الى الترك السهوي كرّر حكم الترك العمدي ، وكان من المناسب فنيّاً اختصار الفاظ المسألة فيقول هكذا مثلاً ( تارك الطواف عمداً في العمرة أو في الحج بحيث لا يمكنه التدارك يبطل حجّه وعليه الاعادة من قابل وحكم الجاهل حكم العامد ) فان هذا أخصر وأوضح.
ومن المناسب فنيّاً أيضاً عدم التكرار ، فانه ذكر هذه المسألة الطويلة هنا والمفروض أنه ذكرها بالكامل هناك.
كما أن من المناسب أن يذكر الترك العمدي والسهوي في مسألة واحدة فيقول هكذا ( من ترك الطواف في الحج أو في العمرة فتارة عن عمدٍ وأخرى عن سهوٍ ، فان كان عن عمدٍ فحكمه كذا ، وان كان عن سهوٍ فحكمه كذا ) ان هذا هو المناسب فنيّاً في مقام ضبط المسألة . اذن لا يوجد عندنا شيء جديد في هذه المسألة غير ما تقدم فنكتفي بهذا المقدار.
مسألة ( 322 ):- اذا ترك الطواف نسياناً وجب تداركه بعد التذكّر فان تذكّره بعد فوات محلّه قضاه وصحّ حجّه والأحوط اعادة السعي بعد قضاء الطواف ، واذا تذكره في وقت لا يتمكن من القضاء أيضاً كما اذا تذكّره بعد رجوعه الى بلده وجبت عليه الاستنابة والأحوط أن يأتي النائب أيضاً بالسعي بعد الطواف.
..........................................................................................................
ان المسألة السابقة تعرضت الى حكم الترك العمدي للطواف في العمرة أو الحج وهذه المسألة تتعرض الى الترك السهوي في العمرة أو الحج ، والمضمون هنا قصير معنىً أيضاً وكبير لفظاً ، ومحصله هو:- اذا ترك المكلف الطواف سهواً فمع امكان التدارك وجب والّا قضاه بالمباشرة ان أمكن والّا فبالنيابة.
وما أجمل عبارة المحقق الحلّي في الشرائع فانه جمع حكم السهو والعمد في مسألة واحدة مختصرة حيث قال(قده):- ( الطواف ركن من تركه عامداً بطل حجّه ومن تركه ناسياً قضاه ولو بعد المناسك ولو تعذر العود استناب فيه ).
وعلى أي حال هذا ما ذهب اليه الاصحاب - أي ان بقي المحلّ أتى به والّا قضاه بنفسه ان أمكن أو بالنيابة - وهو المشهور بل قال صاحب المدارك ( هـذا مذهـب الاصحـاب لا أعلـم فيـه مخالفـاً )
[1]
، وقال في الجواهر ( بلا خلاف معتدّ به أجده فيه )
[2]
.
وعلى أي حال الكلام يقع في نقطتين:-
النقطة الأولى:- ان المكلف اذا نسي الطواف فتارةً يوجد مجالٌ لتداركه وأخرى لا يوجد ، فعلى الأول يلزمه التدارك كما اذا نساه قبل أن يذهب الى عرفات وكان يوجد مجالٌ لا يفوت معه موقف عرفات فانه يلبس ثوبي الاحرام ويذهب لقضائه . نعم هل عليه أن يعيد السعي أو لا ؟ ان هذا ما ستأتي الاشارة اليه في النقطة الثانية .
فانه اذا امكن التدارك يلزم التدارك ، والوجه في ذلك:- اقتضاء القاعدة ، أي أنا لا نحتاج الى دليلٍ على الحكم المذكور اذ القاعدة تقتضي ذلك ، فانه ما دام يمكنه الاتيان به فيلزمه ذلك وقد دلت عليه ايضاً بعض الروايات من قبيل صحيحة اسحاق بن عمار ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف اذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت ؟ قال:- يرجع الى البيت فيتم طوافه ثم يرجع الى الصفا والمروة فيتم ما بقي ، قلت:- فانه بدأ بالصفا والمروة قبل أن يبدأ بالبيت ؟ فقال:- يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة ، قلت:- فما الفرق بين هذين ؟ قال:- لأن هذا قد دخل في شيء من الطواف وهذا لم يدخل في شيء منه )
[3]
، وعلى منوالها غيرها ، فهي قد دلت على أنه لو التفت أثناء السعي فعليه أن يتدارك ما مضى . هذا كله اذا امكن التدارك
وأما اذا لم يمكن التدارك كما اذا انتهى من عمرة التمتع وأحرم للحج وذهب الى عرفات - فانه لا يمكن التدارك آنذاك اذ قد فرغ من احرام العمرة والآن هو في احرام الحج -فمقتضى القاعدة في مثل ذلك هو البطلان ، أي تبطل العمرة وبالتالي يبطل الحج وبالتالي يلزمه الاعادة في السنة المقبلة.
ولكن المشهور بين الاصحاب هو الحكم بالصحة ولم يُعرف خلاف الّا من الشيخ الطوسي(قده) في التهذيب غايته يقضي الطواف بنفسه ان أمكن والّا فبالنيابة ومستند ذلك ما سوف نذكره انشاء الله تعالى ولكن كما قلنا المخالف هو الشيخ الطوسي
[4]
فانه قال [ ( ومن نسي طواف الحج حت رجع الى اهله فان عليه بدنة وعليه اعادة الحج ) ثم ذكر تحت هذا الحكم روايتين احداهما صحيحة علي بن يقطين ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة ، قال:- ان كان على وجه جهالة في الحج أعاد وعليه بدنة ) ثم ذكر رواية علي بن أبي حمزة ( سئل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتى رجع الى أهله ، قال:- ان كان على وجه جهالة أعاد الحج وعليه بدنة ) ثم قال والذي رواه على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام ( سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع ؟ قال:- يبعث بهدي ان كان تركه في حج ... ) فمحمول على طواف النساء ] . انتهى.
والشاهد من نقل هذا الكلام هو أنه(قده) في العنوان حكم بأن من نسي طواف الحج حتى رجع الى أهله بأن عليه بدنة واعادة الحج ولم يقل ( قضاه بنفسه أو بالنيابة ) بل أوجب الاعادة.
وأشكل عليه المتأخرون:-
أولاً:- بأن الروايتين اللتين ذكرتهما هما واردتان فيمن جهل لا فيمن نسي فلا تصلحان كشاهدٍ لما أردت.
وثانياً:- انه بعد ذلك حينما ذكر صحيحة علي بن جعفر التي قالت ( يبعث هدياً وليس عليه اعادة الحج ) حمل الطواف فيها على طواف النساء ، وهذا لا داعي اليه بل نبقي كلمة ( الطواف ) على اطلاقها ولا تنافي بين هذه وبين تينك الروايتين فان الروايتين السابقتين الحاكمتين بالإعادة ناظرتان الى حالة الجهل بينما صحيحة علي بن جعفر التي حكمت بعدم الاعادة ناظرة الى حالة السهو.
والنتيجة:- هي أن المشهور بين الأصحاب هو أن الناسي لا يعيد الحج بل عليه قضاء الطواف بنفسه ان أمكن والّا فبالنائب ، والمخالف هو الشيخ الطوسي(قده).
أما كيف نستدل على الصحة وعدم وجوب الاعادة ؟ استدل صاحب الجواهر(قده)
[5]
بحديث رفع الخطأ والنسيان وقاعدة رفع الحرج.
[1] المدارك 8 175.
[2] الجواهر 19 374.
[3] الوسائل 13 413 63 من ابواب الطوا ح1 .
[4] في التهذيب 5 127.
[5] الجواهر 19 374.