36/03/18
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
452 )، مسألة ( 543 )، مسألة ( 454 ) – أحكام المحصور.
ذكرنا في المسالة أن المكلف لو أحصر وبعث الهدي ولكن بعد أن بعثه آذاه رأسه بحيث لا يتمكن من أن يصبر ويحتاج إلى حلق شعر رأسه فهنا يتمكن أن يحلق بشرط أن يكفّر بأحد أمورٍ ثلاثةٍ كما بيّنا.
لكن كان هناك إشارة عابرة ذكرناها:- وهي أنّ الشاة التي يكفّر بها هل هي نفس الهدي الذي أرسله أو أنها شيء آخر ؟ وقلنا في المحاضرة السابقة هو شيءٌ آخر غير الهدي فإن الهدي الذي أرسله فهو قد أرسله وانتهي والآن هذا شيءٌ آخر لأجل التعجيل في حلق رأسه.
والآن نستدرك ونقول:- هذا ولكن يمكن أن يقال:- إنّ هذا البحث وإن لم يكن له ثمرة في الزمن السالف إذ في ذلك الزمن بعد أن أرسل الهدي فحتما يكون ما سوف يذبحه يغاير ذاك الذي قد أُرسِل ولا يتمكّن أن يتفاداه بأن يخبرهم بأن لا تذبحوه فإني قد ذبحت في مكاني، ولكن في زماننا يمكن هذا الشيء، فيأتي السؤال:- هل يتمكّن أن يتصل بهم ويقول لهم لا تذبحوا لي وإنما أنا أذبح هنا ؟ فنحن سابقاً قلنا نعم يلزم هدي آخر، ولكن الآن نستدرك ونقول:- إذا رجعنا إلى الآية الكريمة فيمكن أن يقال إنّ ظاهرها كفاية الهدي الذي يذبحه الآن ولا حاجة إلى الهدي السابق حيث قالت الآية الكريمة:- ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلّه فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسك ﴾ [1]والنسك هنا هو عبارة عن الهدي، فيفهم من الآية أنّ من يؤذيه رأسه مخيّرٌ بين هذه الأمور الثلاثة وذاك الذي يرسل هديه هو مَن لا يؤذيه رأسه . إذن لا يوجد هديان في حقّ هذا الشخص بل يستفاد منها هديٌ واحدٌ، والآية التي قرأناها فيما سبق لا يُستَظهر منها شيءٌ يغاير ما تعطيه هذه الآية الكريمة . إذن يمكن أن يقال بكفاية هذا الهدي بلا حاجة إلى الهدي الذي أرسله لو أمكن الاتصال والإخبار.
مسألة ( 452 ):- لا يسقط الحج عن المحصور بتحلّله بالهدي فعليه الاتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو كان مستقراً في ذمته.[2]
..........................................................................................................
مضمون المسألة واضح وقد تقدّم في المصدود فإنّه ذكر مثل هذا الحكم أيضاً، والنكتة واحدة وهي أنّ ما دلّ على أنّ المصدود أو المحصور يتحلّل أمّا في مكانه كما في المصدود أو بالذبح في محلّه كالمحصور، هذا أقصى ما يدلّ عليه هو أنّه لا مانع أن يتحلّل ويرجع إلى بلده أمّا أنّ ما أتى به يجزي فلا يستفاد منه ذلك، فهو ساكتٌ عنه، ومادام ساكتاً عنه فنتمسّك بمقتضى القاعدة وهي تقتضي أنّه إذا كان يجب عليه الحجّ في السنّة الثانية إن كانت الاستطاعة مستقرّة في ذمته فيجب أن يحصّل الحج الجديد ولو بالاستدانة، وإذا لم تكن مستقرّة فيلزم أن يتحفّظ عليها مادامت بمقدار الاستطاعة إلى السنة الثانية ليؤدّي الحج، نعم إذا سقطت عن مقدار الاستطاعة باعتبار أنّه صرف جزءاً منها في المجيء إلى مكة والباقي لا يفي بمقدار الحج للسنة الثانية إذن هو ليس بمستطيع أمّا إذا كان الباقي بمقدار الاستطاعة فيلزم أن يتحفّظ عليه إلى السنة الثانية.
وقد تسال وتقول:- إذا كان يجب عليه التحفّظ عليها فماذا يفعل في أكله وشربه وزواج أولاده وفي شراء دارٍ له أفهل يبقيها محافظاً عليها ويترك كلّ هذه الأمور ؟
قلت:- الجواب هو الجواب في الحالات الاعتياديّة - أعني حالة غير المحصور والمصدود - فلو فرض أني حصلت على مقدارٍ مال الاستطاعة الآن أفلا يجب التحفّظ عليه ؟!! نعم يجب التحفّظ عليه ولكن يبقى المأكل والمشرب والزواج يدور الأمر فيها مدار الحرج فإذا فرض أنّه إذا لم أصرف هذا المال - وهذا كله قد تقدّم - في المأكل أو المشرب أو الزواج أو شراء الدار أو تزويج الأولاد وقعت في الحرج - المقصود من الحرج المشقة الشديدة - فحينئذٍ يجوز أن أتزوّج ويجوز أن أصرفه في المأكل والمشرب كما لو صرفته للضيوف . إذن الأمر يدور مدار الحرج فإذا فرض أنه يقع في الحرج إذا لم يصرف هذا المال في هذه الموارد فيجوز له أن يصرفه ولا يجب عليه الحجّ، وإذا كان لا يقع في الحرج فيجب عليه المحافظة على المال ويجب عليه الحجّ في السنة الأخرى، ومن هذا يتّضح أنّ هذا يختلف من شخصٍ إلى آخر فربَّ شخصٍ يكون شاباً وهو بحاجةٍ ماسّة إلى الزواج بحيث يقع في الحرج لو لم يتزوّج فنقول له اصرف المال في الزواج لأنك تقع في الحرج و ﴿ ما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾ [3]تنفي عنك وجوب الحج، وهذه قاعدة حاكمة على جميع الأدلة إلا ما خرج بالدليل، وأمّا الشاب الآخر الذي يقول أنا أصبر فنقول له يحرم عليك صرف المال ويجب عليك الحجّ، وهكذا الحال في شراء الدار وغير ذلك.
إن قلت:- أوليس المدار على أشهر الحج فالاستطاعة لابد وأن تحصل في اثناء أشهر الحج ؟
قلت:- هذا بحثٌ تقدّم في أوائل مناسك الحج وهناك بيّنا وقلنا صحيح أنّ هناك رأي يقول إنَّ المدار على أشهر الحج ولكن الرأي السائد الآن هو أنّه ليس المدار على أشهر الحج لأنّ الآية الكريمة تقول:- ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ [4]والآن حينما حصل المكلف على المال هل يصدق عليه أنه استطاع - وهو الزاد والراحلة - ؟ نعم يصدق أنّه استطاع، فإذا استطاع فإذن يشمله خطاب ﴿ لله على الناس ﴾، فالوجوب يكون فعلياً والواجب يكون استقبالياً بنحو الواجب المعلّق، فإذن الحج واجبٌ على هذا الشخص.
مضافاً إلى أنّ الوجوب قد يستفاد من بعض روايات المحصور أو المصدود، من قبيل صحيحة البزنطي المتقدمّة الواردة فيمن كسرت ساقه فإنه جاء في آخرها :- ( قلت:- أصلحك الله ما تقول في الحجّ ؟ قال:- لا بد أن يحجّ من قابلٍ )[5]، وهكذا قد يدلّ على ذلك غيرها، والموضوع لا يحتاج إلى تفصيلٍ وتأكيدٍ بل تكفينا القاعدة.
مسألة ( 453 ):- المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام على ما تقدّم.[6]
..........................................................................................................
مضمون المسالة واضحٌ حيث ذكرنا أن المحصور يجب عليه أن يبعث هدياً بيد أصحابه.
والسؤال:- لو فرض أنّ الشخص لم يكن عنده هديٌ فماذا يصنع وكيف يتحلّل ؟
والجواب:- دلت بعض الروايات على أنّه يصوم بدل الهدي، من قبيل صحيحة معاوية عن بي عبد الله عليه السلام في المحصور ولم يسق الهدي:- ( قال:- ينسك ويرجع، قيل:- فإن لم يجد هدياً ؟ قال:- يصوم )[7]، وعلى منوالها صحيحته الأخرى[8] إن لم تكن نفسها، إنّها دلّت على أنّه إذا لم يجد الهدي فعليه الصوم، ولكن ما هو مقداره ؟ سكت الإمام عليه السلام ولم يبينه فكيف نعيّن أنّه عشرة أيام ؟ يمكن التمسّك بفكرة الاطلاق المقامي، يعني بتعبير آخرٍ إنَّ الإمام عليه السلام سكت عن بيان المقدار والكيفيّة ونفس سكوته يدلّ على أنّه حوالة على ما هو المعروف والمعهود في الحجّ فإنَّ من لا يتمكن من الهدي يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى مكانه كما دلّت عليه الآية الكريمة وحينما سكت الإمام فهذا يفهم منه التحويل على تلك القضيّة والحالة المعهودة.
مسألة ( 454):- يستحب للمحرم عند عقد الإحرام أن يشترط على ربّه تعالى أن يحلّه حيث حبسه وإن كان حِلُّهُ لا يتوقف على ذلك فإنه يحلّ عند الحبس اشترط أم لم يشترط.
..........................................................................................................
وقع الكلام في أنّ الاشتراط المذكور - يعني أن يقول الشخص في أثناء الاحرام ربي حلّني حيث حبستني إمّا مع التلفظ بها كما قال البعض بأنه لا بد من التلفّظ أو بالنيّة - هل هو مستحب في حدّ نفسه أو لا ؟ وإذا قاله فما هي فائدته بعد أن عرفنا أنّ من حُصِرَ قد دلت الروايات على أنّه يحلّ بالهدي الذي أرسله مع أصحابه بماذا يفيده اشتراطه هذا ؟ فهل يرفع عنه الهدي أو ماذا ؟
والجواب:- تعرض السيد اليزدي(قده) إلى هذه المسالة في مبحث الاحرام في مسألة ( 13 ) من فصل إحرام الحجّ وقال في جملة ما قال:- ( واختلفوا في فائدة هذا الاشتراط فقيل إنّها سقوط الهدي، وقيل إنها تعجيل التحلّل وعدم إبطاء بلوغ الهدي محلّه، وقيل سقوط الحج من قابل، وقيل إن فائدته إداك الثواب فهو مستحبٌّ تعبّديٌّ وهذا هو الأظهر ).[9]
وعلى أيّ حال إنَّ الكلام في هذه المسألة ليس بالقصير إلّا أنّه حيث لا ينفعنا باعتبار أنّ الحبس قد يكون موجوداً في زماننا ولكن التفصيل بهذا الشكل بهذه الفائدة حيث قد يكون غيرُ نافعٍ ويأخذ منّا وقتاً كثيراُ فنتركه.
هذا تمام الكلام في كتاب مناسك الحج.
والحمد لله أوّلاً وآخراً.
ذكرنا في المسالة أن المكلف لو أحصر وبعث الهدي ولكن بعد أن بعثه آذاه رأسه بحيث لا يتمكن من أن يصبر ويحتاج إلى حلق شعر رأسه فهنا يتمكن أن يحلق بشرط أن يكفّر بأحد أمورٍ ثلاثةٍ كما بيّنا.
لكن كان هناك إشارة عابرة ذكرناها:- وهي أنّ الشاة التي يكفّر بها هل هي نفس الهدي الذي أرسله أو أنها شيء آخر ؟ وقلنا في المحاضرة السابقة هو شيءٌ آخر غير الهدي فإن الهدي الذي أرسله فهو قد أرسله وانتهي والآن هذا شيءٌ آخر لأجل التعجيل في حلق رأسه.
والآن نستدرك ونقول:- هذا ولكن يمكن أن يقال:- إنّ هذا البحث وإن لم يكن له ثمرة في الزمن السالف إذ في ذلك الزمن بعد أن أرسل الهدي فحتما يكون ما سوف يذبحه يغاير ذاك الذي قد أُرسِل ولا يتمكّن أن يتفاداه بأن يخبرهم بأن لا تذبحوه فإني قد ذبحت في مكاني، ولكن في زماننا يمكن هذا الشيء، فيأتي السؤال:- هل يتمكّن أن يتصل بهم ويقول لهم لا تذبحوا لي وإنما أنا أذبح هنا ؟ فنحن سابقاً قلنا نعم يلزم هدي آخر، ولكن الآن نستدرك ونقول:- إذا رجعنا إلى الآية الكريمة فيمكن أن يقال إنّ ظاهرها كفاية الهدي الذي يذبحه الآن ولا حاجة إلى الهدي السابق حيث قالت الآية الكريمة:- ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلّه فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسك ﴾ [1]والنسك هنا هو عبارة عن الهدي، فيفهم من الآية أنّ من يؤذيه رأسه مخيّرٌ بين هذه الأمور الثلاثة وذاك الذي يرسل هديه هو مَن لا يؤذيه رأسه . إذن لا يوجد هديان في حقّ هذا الشخص بل يستفاد منها هديٌ واحدٌ، والآية التي قرأناها فيما سبق لا يُستَظهر منها شيءٌ يغاير ما تعطيه هذه الآية الكريمة . إذن يمكن أن يقال بكفاية هذا الهدي بلا حاجة إلى الهدي الذي أرسله لو أمكن الاتصال والإخبار.
مسألة ( 452 ):- لا يسقط الحج عن المحصور بتحلّله بالهدي فعليه الاتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو كان مستقراً في ذمته.[2]
..........................................................................................................
مضمون المسألة واضح وقد تقدّم في المصدود فإنّه ذكر مثل هذا الحكم أيضاً، والنكتة واحدة وهي أنّ ما دلّ على أنّ المصدود أو المحصور يتحلّل أمّا في مكانه كما في المصدود أو بالذبح في محلّه كالمحصور، هذا أقصى ما يدلّ عليه هو أنّه لا مانع أن يتحلّل ويرجع إلى بلده أمّا أنّ ما أتى به يجزي فلا يستفاد منه ذلك، فهو ساكتٌ عنه، ومادام ساكتاً عنه فنتمسّك بمقتضى القاعدة وهي تقتضي أنّه إذا كان يجب عليه الحجّ في السنّة الثانية إن كانت الاستطاعة مستقرّة في ذمته فيجب أن يحصّل الحج الجديد ولو بالاستدانة، وإذا لم تكن مستقرّة فيلزم أن يتحفّظ عليها مادامت بمقدار الاستطاعة إلى السنة الثانية ليؤدّي الحج، نعم إذا سقطت عن مقدار الاستطاعة باعتبار أنّه صرف جزءاً منها في المجيء إلى مكة والباقي لا يفي بمقدار الحج للسنة الثانية إذن هو ليس بمستطيع أمّا إذا كان الباقي بمقدار الاستطاعة فيلزم أن يتحفّظ عليه إلى السنة الثانية.
وقد تسال وتقول:- إذا كان يجب عليه التحفّظ عليها فماذا يفعل في أكله وشربه وزواج أولاده وفي شراء دارٍ له أفهل يبقيها محافظاً عليها ويترك كلّ هذه الأمور ؟
قلت:- الجواب هو الجواب في الحالات الاعتياديّة - أعني حالة غير المحصور والمصدود - فلو فرض أني حصلت على مقدارٍ مال الاستطاعة الآن أفلا يجب التحفّظ عليه ؟!! نعم يجب التحفّظ عليه ولكن يبقى المأكل والمشرب والزواج يدور الأمر فيها مدار الحرج فإذا فرض أنّه إذا لم أصرف هذا المال - وهذا كله قد تقدّم - في المأكل أو المشرب أو الزواج أو شراء الدار أو تزويج الأولاد وقعت في الحرج - المقصود من الحرج المشقة الشديدة - فحينئذٍ يجوز أن أتزوّج ويجوز أن أصرفه في المأكل والمشرب كما لو صرفته للضيوف . إذن الأمر يدور مدار الحرج فإذا فرض أنه يقع في الحرج إذا لم يصرف هذا المال في هذه الموارد فيجوز له أن يصرفه ولا يجب عليه الحجّ، وإذا كان لا يقع في الحرج فيجب عليه المحافظة على المال ويجب عليه الحجّ في السنة الأخرى، ومن هذا يتّضح أنّ هذا يختلف من شخصٍ إلى آخر فربَّ شخصٍ يكون شاباً وهو بحاجةٍ ماسّة إلى الزواج بحيث يقع في الحرج لو لم يتزوّج فنقول له اصرف المال في الزواج لأنك تقع في الحرج و ﴿ ما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾ [3]تنفي عنك وجوب الحج، وهذه قاعدة حاكمة على جميع الأدلة إلا ما خرج بالدليل، وأمّا الشاب الآخر الذي يقول أنا أصبر فنقول له يحرم عليك صرف المال ويجب عليك الحجّ، وهكذا الحال في شراء الدار وغير ذلك.
إن قلت:- أوليس المدار على أشهر الحج فالاستطاعة لابد وأن تحصل في اثناء أشهر الحج ؟
قلت:- هذا بحثٌ تقدّم في أوائل مناسك الحج وهناك بيّنا وقلنا صحيح أنّ هناك رأي يقول إنَّ المدار على أشهر الحج ولكن الرأي السائد الآن هو أنّه ليس المدار على أشهر الحج لأنّ الآية الكريمة تقول:- ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ [4]والآن حينما حصل المكلف على المال هل يصدق عليه أنه استطاع - وهو الزاد والراحلة - ؟ نعم يصدق أنّه استطاع، فإذا استطاع فإذن يشمله خطاب ﴿ لله على الناس ﴾، فالوجوب يكون فعلياً والواجب يكون استقبالياً بنحو الواجب المعلّق، فإذن الحج واجبٌ على هذا الشخص.
مضافاً إلى أنّ الوجوب قد يستفاد من بعض روايات المحصور أو المصدود، من قبيل صحيحة البزنطي المتقدمّة الواردة فيمن كسرت ساقه فإنه جاء في آخرها :- ( قلت:- أصلحك الله ما تقول في الحجّ ؟ قال:- لا بد أن يحجّ من قابلٍ )[5]، وهكذا قد يدلّ على ذلك غيرها، والموضوع لا يحتاج إلى تفصيلٍ وتأكيدٍ بل تكفينا القاعدة.
مسألة ( 453 ):- المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام على ما تقدّم.[6]
..........................................................................................................
مضمون المسالة واضحٌ حيث ذكرنا أن المحصور يجب عليه أن يبعث هدياً بيد أصحابه.
والسؤال:- لو فرض أنّ الشخص لم يكن عنده هديٌ فماذا يصنع وكيف يتحلّل ؟
والجواب:- دلت بعض الروايات على أنّه يصوم بدل الهدي، من قبيل صحيحة معاوية عن بي عبد الله عليه السلام في المحصور ولم يسق الهدي:- ( قال:- ينسك ويرجع، قيل:- فإن لم يجد هدياً ؟ قال:- يصوم )[7]، وعلى منوالها صحيحته الأخرى[8] إن لم تكن نفسها، إنّها دلّت على أنّه إذا لم يجد الهدي فعليه الصوم، ولكن ما هو مقداره ؟ سكت الإمام عليه السلام ولم يبينه فكيف نعيّن أنّه عشرة أيام ؟ يمكن التمسّك بفكرة الاطلاق المقامي، يعني بتعبير آخرٍ إنَّ الإمام عليه السلام سكت عن بيان المقدار والكيفيّة ونفس سكوته يدلّ على أنّه حوالة على ما هو المعروف والمعهود في الحجّ فإنَّ من لا يتمكن من الهدي يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى مكانه كما دلّت عليه الآية الكريمة وحينما سكت الإمام فهذا يفهم منه التحويل على تلك القضيّة والحالة المعهودة.
مسألة ( 454):- يستحب للمحرم عند عقد الإحرام أن يشترط على ربّه تعالى أن يحلّه حيث حبسه وإن كان حِلُّهُ لا يتوقف على ذلك فإنه يحلّ عند الحبس اشترط أم لم يشترط.
..........................................................................................................
وقع الكلام في أنّ الاشتراط المذكور - يعني أن يقول الشخص في أثناء الاحرام ربي حلّني حيث حبستني إمّا مع التلفظ بها كما قال البعض بأنه لا بد من التلفّظ أو بالنيّة - هل هو مستحب في حدّ نفسه أو لا ؟ وإذا قاله فما هي فائدته بعد أن عرفنا أنّ من حُصِرَ قد دلت الروايات على أنّه يحلّ بالهدي الذي أرسله مع أصحابه بماذا يفيده اشتراطه هذا ؟ فهل يرفع عنه الهدي أو ماذا ؟
والجواب:- تعرض السيد اليزدي(قده) إلى هذه المسالة في مبحث الاحرام في مسألة ( 13 ) من فصل إحرام الحجّ وقال في جملة ما قال:- ( واختلفوا في فائدة هذا الاشتراط فقيل إنّها سقوط الهدي، وقيل إنها تعجيل التحلّل وعدم إبطاء بلوغ الهدي محلّه، وقيل سقوط الحج من قابل، وقيل إن فائدته إداك الثواب فهو مستحبٌّ تعبّديٌّ وهذا هو الأظهر ).[9]
وعلى أيّ حال إنَّ الكلام في هذه المسألة ليس بالقصير إلّا أنّه حيث لا ينفعنا باعتبار أنّ الحبس قد يكون موجوداً في زماننا ولكن التفصيل بهذا الشكل بهذه الفائدة حيث قد يكون غيرُ نافعٍ ويأخذ منّا وقتاً كثيراُ فنتركه.
هذا تمام الكلام في كتاب مناسك الحج.
والحمد لله أوّلاً وآخراً.