34/05/25
تحمیل
الموضوع:- الدليل الثالث للاستصحاب ( التمسك بالأخبار ) / أدلة الاستصحاب / الاستصحـاب / الأصول العملية.
وفي مقام التعليق على ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) نقول:-
أولاً:- إنه(قده) أتعب نفسه لإثبات أن جواب إن الشرطية محذوف وأن العلّة قد أقيمت مقامه وليس الجواب هو ( فإنه على يقين من وضوئه ) ولا ( ولا ينقض اليقين أبداً بالشك ) بل الجواب محذوف وقوله ( فإنه على يقين من وضوئه لا ينقض ... ) تعليل لصغرى وكبرى لذلك الجواب المحذوف فهذا الذي أتعب نفسه الزكيّة به ليس هو القضية المهمّة في إثبات العموم بل القضية كل القضية هي أن نثبت أن اللام في قوله عليه السلام ( ولا ينقض اليقين ) - أي في كلمة ( اليقين ) - أنها جنسيّة فإن ثبت أنها جنسيّة فقد ثبت العموم وإذا لم يثبت أنها جنسيّة واحتمل الاختصاص باليقين المذكور في الرواية - أعني اليقين بالوضوء - فلا ينفع حينئذ التمسك بالصغرى والكبرى والجواب المحذوف فالشيء الذي ينبغي تسليط الأضواء عليه وصب الجهود عليه هو إثبات أن اللام في كلمة ( اليقين ) - أعني في فقرة ( ولا ينقض اليقين أبداً بالشك ) - يثبت أن هذه اللام جنسيّة فإذا ثبت هذا ثبت المطلوب وإذا لم يثبت هذا فلا ينفعنا ذاك . إذن هذا تعليق على أصل المنهجة فالمنهجة التي قام بها الشيخ(قده) مرفوضة.
ولكن الحق أن الشيخ(قده) ذكر في كلامه وقال:- ( والمهم هو إثبات أن اللام جنسيّة ) فلعله يظهر من هذا الكلام أنه كان ملتفتاً إلى هذه القضية وأنها هي المهمّة.
وثانياً:- إنه ذكر أن في جواب ( إن ) الشرطية احتمالات ثلاثة وحيث إن الأخيرين باطلان فيتعيّن الأول . ونحن نقول:- يوجد احتمال رابع لعله هو أوجه الاحتمالات وذلك بأن يقال إن الصغرى والكبرى هما معاً الجواب - أي جواب إن الشرطية - والتقدير هكذا ( وإلا ) يعني وأن لم يستيقن أنه قد نام ( فهو على يقين من وضوئه ) يعني فالمفروض أنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشك والنتيجة حذفها الإمام عليه السلام - يعني ( إذن لا يجب عليه الوضوء ) - فعدم وجوب الوضوء قد حذف ولكن لا على أساس أنه هو جواب إن الشرطية كما صنعه الشيخ الأعظم(قده) بل جواب إن الشرطية هو الصغرى والكبرى معاً وعدم وجوب الوضوء يصير نتيجة ، وهذا احتمالٌ موجودٌ ولا يضرّ الشيخ الأعظم بل إن كان ذلك الذي ذكره نافعاً له فهذا نافع له أيضاً ولا فرق بينهما ، ولكن الذي نريد أن نقوله هو أنه لماذا حصر الشيخ الأعظم الاحتمالات في ثلاثة والحال أنها أربعة اثنان منها ينفعانه بناءً على ما يتصوّر من أن التعليل بذكر الصغرى هو بنفسه يثبت المطلوب فإذا تمّ هذا فكما هو حاصل بالاحتمال الأول الذي ذكره هو حاصل أيضاً بهذا الاحتمال الرابع الذي ذكرناه . وهذا الاشكال الذي نذكره أشبه بالإشكال الفنّي وأنه فنيّا يوجد احتمال رابع وهو ينفعك كالاحتمال الأول .
ولعل هذا الاحتمال هو أوجه الاحتمالات باعتبار أنه يتلاءم مع ظاهر التعبير فإن ظاهر التعبير هو أن قوله عليه السلام ( فإنه ) هو جواب إن الشرطية ونحن سرنا على هذا الظهور وجعلناه جواباً غايته أن النتيجة حذفت لشدّة وضوح المطلب.
التقريب الثاني:- ما أشار إليه(قده) في كلامه وهو التمسك بعموم التعليل فإنه وإن لم يذكره بالصراحة ولكن قوله ( إن الإمام حذف الجواب وعلّل بصغرى وكبرى ) يستبطن التمسك بفكرة عموم التعليل وإلا فتلك الكبرى والصغرى من دون إدخال التمسك بعموم التعليل لا فائدة فيه ولا معنى له.
وفيه:- إن عموميّة التعليل وهكذا الصغرى والكبرى يلتئمان مع لام العهد أيضاً ولا يتوقف على ارادة الجنس غايته نقول إن هذا التعليل يكون عاماً بلحاظ باب الوضوء فقط فكل من تيقن بالوضوء ثم شك في البقاء فهناك قاعدة عامة تقول ( سواء كان الشك بسب طروّ النوم أو كان الشك بسبب طروّ مانعٍ آخر لا يعتنى بالشك مادام هناك يقين بالوضوء ) إن هذا أيضاً تمسك بعموم التعليل غايته في مساحة أضيق وتمسكٌ بكبرى وصغرى أيضاً ولكن في مساحة ضيّقة وهي باب الوضوء غايته نعمّم الشك لغير الشك بطرو النوم - يعني نعممه للشك بطروّ النوم والشك بسبب طرو مانعٍ آخر - فالعمومية إذن متصوّرة ولا محذور فيها.
ومنه اتضح وهن التقريب الثالث
التقريب الثالث:- إنه لو لم يقصد العموم غير باب الوضوء يصير الدليل عين المدّعى والمدعى هو الدليل فإن الإمام عليه السلام قال:- ( وإلا ) يعني وإن لم يستيقن أنه قد نام فلا يجب عليه الوضوء لأنه لا ينقض اليقين بالوضوء بالشك في بقاء الوضوء ، وهذا الدليل هو عين المدّعى لا أنه شيء آخر ومن الواضح أن المناسب في منهجة الاستدلال هو أن يكون الدليل أوسع من المدّعى وإلا كان من باب تعليل الشيء بنفسه.
وجواب هذا اتضح مما سبق:- فإننا نسلّم أن التعليل يلزم أن يكون أعم من المدّعى ولكن يكفي أن تكون العموميّة عموميّة في باب الوضوء خاصة فيكون المقصود هو ( ولا ينقض اليقين بالوضوء بالشك أعم من كون الشك بسبب احتمال النوم أو بسببٍ آخر ) إن هذه قاعدة عامة ولكن في خصوص باب الوضوء وإنما يصير المورد من تعليل الشيء بنفسه لو جعلنا الكبرى هكذا ( ولا تنقض اليقين بالوضوء بالشك بالنوم بخصوصه ) فهنا يصير المورد من تعليل الشيء بنفسه ، إنا إذا عمّمنا الشك وأنه في باب الوضوء لا فرق بين أن يكون الشك في الانتقاض بسبب النوم أو بسبب آخر إنه يحكم ببقاء الوضوء ، وبناءً على هذا لا يصير المورد من تعليل الشيء بنفسه . إذن هذا التقريب باطل.
التقريب الرابع:- إن الأصل في اللام أن تكون جنسيّة . وبناءً على ذلك نحكم بأن اللام في كلمة ( اليقين ) هي للجنس - أي ولا ينقض جنس اليقين - وهذا ما يظهر من الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية فإنه تمسك بالأصل المذكور.
وجوابه:- إن هذا الأصل من أين ؟ إن منشأه والمقصود منه ليس إلا الظهور - يعني ظاهر اللام حينما تذكر في الكلام - فحينما يقال ( الرجل يلزم أن يتصف بكذا ) هو الجنس ، وحينئذ نقول إن هذا الظهور إنما يكون مقبولاً لو لم تكن اللام مسبوقة بما يصلح للقرينية على العهد والمفروض أنه قد سبق الحديث عن باب الوضوء فيتزعزع ويتخلخل هذا الظهور للاتصال بما يصلح للقرينية وبالتالي لا يمكن أن نقول إن ظاهر اللام هو الجنسيّة حتى في مثل هذا المورد . ومن الغريب أن صاحب الكفاية(قده) ذكر أن الأصل في اللام هو الجنس ومجرد سبق اليقين بالوضوء لا يوجب رفع اليد عن الأصل المذكور . إن جوابه قد اتضح حيث نقول:- إن هذا الأصل هو بمعنى الظهور ومادام قد اقترن هذا الظهور - أي هذه اللام - بما يصلح للقرينية إذ المفروض أن ذاك يصلح للقرينية جزماً فكيف لا يتزعزع هذا الظهور بعد أن فرضا أن الأصل هو الظهور فهذا خلاف الوجدان ؟!