36/01/29
تحمیل
الموضوع:- تنبيهات الأخبار
العلاجية- التنبيه الثالث.
التنبيه الثالث:-
هل يقتصر على المرجّحات المنصوصة - بناءً على لزوم إعمال المرجّحات خلافاً لصاحب الكفاية - أو يتعدّى إلى كلّ مرجّحٍ يوجب أقربيّة صدور أحدهما بلحاظ الآخر ؟
المناسب لو خلّينا نحن والقاعدة الاقتصار على خصوص ما هو منصوص فإنّ التعدّي يحتاج إلى دليلٍ وهو معدومٌ.
بيد أنّ الشيخ الأعظم في رسائله[1]ذكر ثلاثة وجوه لإثبات التعدّي:-
الوجه الأوّل:- إنّ من جملة المرجّحات التي ذكرت في مقبولة ابن حنظلة هي الأوثقيّة والأصدقيّة، ولماذا هذه كانت مرجّحة ومن المزايا الموجبة للترجيح ؟ إنه ليس إلا أنّ الأوثق أو الأصدق هو أقرب إلى الواقع من صاحبه وهذا مما لا إشكال فيه ف، على هذا الأساس يلزم الأخذ بكلّ مزيّة توجب الأقربيّة إلى الواقع ولا نقتصر على المرجّحات المذكورة فإن المدار في الترجيح على ما يوجب الأقربيّة إلى الواقع حيث استفدنا ذلك من ذكر الأوثقيّة والأصدقيّة فكلّ ما يوجب ذلك يكون مزيّةً ومرجّحاً.
وفيه:- إنّ مجرّد جعل صفةٍ من الصفات كالأوثقيّة مرجّحاً لإحدى الروايتين وهي تشتمل - أي هذه الصفة - على كونها موجبة للأقربية لا يفهم منه عرفاً أنّ تمام النكتة للترجيح هي الأقربيّة إلى الواقع . نعم لو علّل الإمام بذلك فبها ولكنّه لم يعلّل وإنما قال ( خذ بالأصدق وبالأوثق ) فلا يمكن أن نفهم من هذا أنّ كلّ ما يوجب الأقربيّة يكون موجباً للترجيح إذ لعل الأوثقيّة قد جعلها الامام مرجّحاً لأنها توجب الأقربيّة بنظره بدرجة 70% مثلاً فلذلك جعلها مرجّحاً، إنّ هذا شيء محتمل ومعه كيف نتعدّى إلى كلّ ما يوجب الأقربيّة ولو لم نحرز أنّه يوجب الأقربية بدرجة 70% إذ من أين ندري أنّ هذا المرجّح الذي نريد أن نتعدّى إليه هو يوجب الأقربية بدرجة 70% ؟!! فمادام الإمام عليه السلام قد سكت عن النكتة فنحتمل أنّ النكتة هي الأقربية بدرجة 70% مثلاً ومعه لا يمكن التعدّي إلى كلّ مزيّة من المزايا التي توجب أقربيّة هذا الخبر إلى الواقع من ذاك.
هذا مضافاً إلى أنّ لازم ما ذكره(قده) أن نقول:- إنّه لو كان سلسلة هذا الخبر خمسة رواة مثلاً - يعني خمس عنعنات - بينما كانت سلسلة سند الثاني ست رواة فالذي فيه أقربيّة إلى الواقع هو صاحب الخمس رواة لأنه كلّما قلّت العنعنات ضعف احتمال الخطأ فيصير من كانت سلسلة سنده خمسة أشخاص أقرب إلى الواقع، وهل تلتزم بذلك ؟ إنه غير مقبول، فعلى هذا الأساس لا يمكن أن نقول إنّ كلّ ما يوجب الأقربية إلى الواقع يكون مقدّماً لأجل أنّ الإمام ذكر أنّ من أحد المرجّحات هو الأوثقيّة أو الأصدقيّة.
على أنّ هذان المرجّحان قد ذكرا في مقبولة ابن حنظلة وهي ناظرة إلى الحاكمين وليس إلى الروايتين المتعارضتين فهي ترجحٌ للحاكمين فما معنى الاستناد إلى ذلك ؟!!
والخلاصة:- إنّه لا معنى للتمسّك بما أشار إليه.
الوجه الثاني:- إنّه ورد في بعض الروايات تعليل لزوم الأخذ بالمشهور وعلّل الإمام ذلك بأنّ المشهور لا ريب فيه، فإذا اتضح هذا نقول:- ما المقصود من قول الإمام ( لا ريب فيه ) فهل المقصود أنّه لا ريب فيه في حدّ نفسه أو المقصود أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى الآخر ؟ وحيث إنّ الأوّل باطلٌ فالثاني هو الصحيح، وإذا ثبت أنّ الثاني هو الصحيح فكلّ مزيّةٍ في أحد الخبرين توجب أن يصدق عليه أنّ هذا الخبر هو لا ريب فيه بالقياس إلى ذاك فحينئذٍ سوف يكون مقدّماً وإن لم تكن تلك المزّية منصوصةٌ فإن المشتمل على المزّية هو لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه الفاقد لها.
أمّا لماذا أنّ الاحتمال الأوّل باطلٌ ؟ وذلك لأجل أنّ صاحب المزيّة يمكن أن يشتمل على ألف ريبٍ في حدّ نفسه لا أنه فاقدٌ للريب، فالإمام حينما يقول ( المشهور لا ريب فيه ) يعني لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه وليس في حدّ نفسه فهو في حدّ نفسه قد يكون فيه ريب لأمورٍ أخرى ولكن بالقياس إلى صاحبه هو لا ريب فيه فنستفيد من ذلك أنّ كل مزيّة توجب أن يصدق على الخبر أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى ذلك يلزم أن تكون مرجّحةً.
وفيه:- إنّ الاحتمالات في المقصود من كلمة ( لا ريب ) ثلاثة وليست اثنين، فإنه تارةً يقال إنّ المقصود من ( لا ريب فيه ) هو أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه، وأخرى يقال إنّ المقصود منها أنّه لا ريب فيه في حدّ نفسه، والذي في حدّ نفييه ينقسم إلى قسمين لا ريب فيه في نفسه بحسب الدّقّة ولا ريب فيه في نفسه بلحاظ العرف والصدق العرفي فصارت الاقسام ثلاثة، ونحن نسلّم للشيخ أنّ لا ريب فيه بلحاظ نفسه إذا كان المقصود هو بحسب الدّقّة فالحقّ معه فإنه بحسب الدّقّة قد يكون في المشهور ألف ريبٍ - كما قال - ولكن بحسب النظرة العرفيّة يصدق على المشهور أنّه لا ريب فيه لأجل أنّه مشهورٌ لأنّ شهرة الرواية تعني وضوحها بين أصحاب الحديث وإذا كانت الرواية واضحة عندهم فيصدق بالنظرة العرفيّة أنّها لا ريب فيها، فنفس الشهرة توجب أن يصدق عليها أنّه لا ريب فيها بحسب النظرة العرفيّة، إنّ هذا احتمالٌ ثالثٌ موجودٌ في البين ونحن نحتمل أن يكون المقصود من ( لا ريب فيه ) حينما علّل الإمام هو هذا - يعني لا ريب فيه عرفاً - وهذا هو المناسب أن يكون مقصوده ومعه كيف نتعدّى إلى كلّ مزيّة توجب أن يصدق على الخبر أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه ؟!! وإنّما المدار على تلك المزيّة التي توجب أن يصدق على الخبر أنه لا ريب فيه في حدّ نفسه بالنظرة العرفيّة وهذا ينحصر بالشهرة الروائية أما كلّ مزيّة فلا يمكن التعدّي إليها.
هذا مضافاً إلى أنّه لو كان المدار على كلّ مزيّة توجب أن يصدق على الخبر أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه يلزم ما أشرنا إليه قبل قليل وهو أنّ أحد الخبرين لو كانت الوسائط فيه خمساً بينما الثاني كانت الوسائط فيه ستاً يلزم تقديم صاحب الخمس لأنه لا ريب فيه بالقياس إلى ذاك وإن كان هو فيه ألف ريبٍ ولكن بالقياس إلى ذاك هو لا ريب فيه، وهل تلتزم بهذا ؟ إنّه من الغرائب.
الوجه الثالث:- ورد في بعض الروايات تعليل لزوم الأخذ بالمخالف للقوم لأنّ الرشد في خلافهم، وليس المقصود إلّا الرشد الغالبي يعني غالباً - وليس المقصود دائما فإنه باطل - يكون الرشد في الجانب المخالف، يعني أنّ الواقع يكون في الجانب المخالف - يعني أنّ الحكم الواقعي يكون في الرأي المخالف دون الرأي الموافق - فإذا كان المدار على الرشد الغالبي فكلّ ما يوجب الرشد غالباً يكون مزيّة مرجّحة ولا نقتصر على خصوص مخالفة القوم، فأيّ مزيّة من المزايا توجب أن يكون الخبر فيه الرشد غالباً - يعني بالقياس إلى صاحبه فصاحبه - تكون حينئذٍ مرجّحة مادام فيها الرشد الغالبي.
التنبيه الثالث:-
هل يقتصر على المرجّحات المنصوصة - بناءً على لزوم إعمال المرجّحات خلافاً لصاحب الكفاية - أو يتعدّى إلى كلّ مرجّحٍ يوجب أقربيّة صدور أحدهما بلحاظ الآخر ؟
المناسب لو خلّينا نحن والقاعدة الاقتصار على خصوص ما هو منصوص فإنّ التعدّي يحتاج إلى دليلٍ وهو معدومٌ.
بيد أنّ الشيخ الأعظم في رسائله[1]ذكر ثلاثة وجوه لإثبات التعدّي:-
الوجه الأوّل:- إنّ من جملة المرجّحات التي ذكرت في مقبولة ابن حنظلة هي الأوثقيّة والأصدقيّة، ولماذا هذه كانت مرجّحة ومن المزايا الموجبة للترجيح ؟ إنه ليس إلا أنّ الأوثق أو الأصدق هو أقرب إلى الواقع من صاحبه وهذا مما لا إشكال فيه ف، على هذا الأساس يلزم الأخذ بكلّ مزيّة توجب الأقربيّة إلى الواقع ولا نقتصر على المرجّحات المذكورة فإن المدار في الترجيح على ما يوجب الأقربيّة إلى الواقع حيث استفدنا ذلك من ذكر الأوثقيّة والأصدقيّة فكلّ ما يوجب ذلك يكون مزيّةً ومرجّحاً.
وفيه:- إنّ مجرّد جعل صفةٍ من الصفات كالأوثقيّة مرجّحاً لإحدى الروايتين وهي تشتمل - أي هذه الصفة - على كونها موجبة للأقربية لا يفهم منه عرفاً أنّ تمام النكتة للترجيح هي الأقربيّة إلى الواقع . نعم لو علّل الإمام بذلك فبها ولكنّه لم يعلّل وإنما قال ( خذ بالأصدق وبالأوثق ) فلا يمكن أن نفهم من هذا أنّ كلّ ما يوجب الأقربيّة يكون موجباً للترجيح إذ لعل الأوثقيّة قد جعلها الامام مرجّحاً لأنها توجب الأقربيّة بنظره بدرجة 70% مثلاً فلذلك جعلها مرجّحاً، إنّ هذا شيء محتمل ومعه كيف نتعدّى إلى كلّ ما يوجب الأقربيّة ولو لم نحرز أنّه يوجب الأقربية بدرجة 70% إذ من أين ندري أنّ هذا المرجّح الذي نريد أن نتعدّى إليه هو يوجب الأقربية بدرجة 70% ؟!! فمادام الإمام عليه السلام قد سكت عن النكتة فنحتمل أنّ النكتة هي الأقربية بدرجة 70% مثلاً ومعه لا يمكن التعدّي إلى كلّ مزيّة من المزايا التي توجب أقربيّة هذا الخبر إلى الواقع من ذاك.
هذا مضافاً إلى أنّ لازم ما ذكره(قده) أن نقول:- إنّه لو كان سلسلة هذا الخبر خمسة رواة مثلاً - يعني خمس عنعنات - بينما كانت سلسلة سند الثاني ست رواة فالذي فيه أقربيّة إلى الواقع هو صاحب الخمس رواة لأنه كلّما قلّت العنعنات ضعف احتمال الخطأ فيصير من كانت سلسلة سنده خمسة أشخاص أقرب إلى الواقع، وهل تلتزم بذلك ؟ إنه غير مقبول، فعلى هذا الأساس لا يمكن أن نقول إنّ كلّ ما يوجب الأقربية إلى الواقع يكون مقدّماً لأجل أنّ الإمام ذكر أنّ من أحد المرجّحات هو الأوثقيّة أو الأصدقيّة.
على أنّ هذان المرجّحان قد ذكرا في مقبولة ابن حنظلة وهي ناظرة إلى الحاكمين وليس إلى الروايتين المتعارضتين فهي ترجحٌ للحاكمين فما معنى الاستناد إلى ذلك ؟!!
والخلاصة:- إنّه لا معنى للتمسّك بما أشار إليه.
الوجه الثاني:- إنّه ورد في بعض الروايات تعليل لزوم الأخذ بالمشهور وعلّل الإمام ذلك بأنّ المشهور لا ريب فيه، فإذا اتضح هذا نقول:- ما المقصود من قول الإمام ( لا ريب فيه ) فهل المقصود أنّه لا ريب فيه في حدّ نفسه أو المقصود أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى الآخر ؟ وحيث إنّ الأوّل باطلٌ فالثاني هو الصحيح، وإذا ثبت أنّ الثاني هو الصحيح فكلّ مزيّةٍ في أحد الخبرين توجب أن يصدق عليه أنّ هذا الخبر هو لا ريب فيه بالقياس إلى ذاك فحينئذٍ سوف يكون مقدّماً وإن لم تكن تلك المزّية منصوصةٌ فإن المشتمل على المزّية هو لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه الفاقد لها.
أمّا لماذا أنّ الاحتمال الأوّل باطلٌ ؟ وذلك لأجل أنّ صاحب المزيّة يمكن أن يشتمل على ألف ريبٍ في حدّ نفسه لا أنه فاقدٌ للريب، فالإمام حينما يقول ( المشهور لا ريب فيه ) يعني لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه وليس في حدّ نفسه فهو في حدّ نفسه قد يكون فيه ريب لأمورٍ أخرى ولكن بالقياس إلى صاحبه هو لا ريب فيه فنستفيد من ذلك أنّ كل مزيّة توجب أن يصدق على الخبر أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى ذلك يلزم أن تكون مرجّحةً.
وفيه:- إنّ الاحتمالات في المقصود من كلمة ( لا ريب ) ثلاثة وليست اثنين، فإنه تارةً يقال إنّ المقصود من ( لا ريب فيه ) هو أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه، وأخرى يقال إنّ المقصود منها أنّه لا ريب فيه في حدّ نفسه، والذي في حدّ نفييه ينقسم إلى قسمين لا ريب فيه في نفسه بحسب الدّقّة ولا ريب فيه في نفسه بلحاظ العرف والصدق العرفي فصارت الاقسام ثلاثة، ونحن نسلّم للشيخ أنّ لا ريب فيه بلحاظ نفسه إذا كان المقصود هو بحسب الدّقّة فالحقّ معه فإنه بحسب الدّقّة قد يكون في المشهور ألف ريبٍ - كما قال - ولكن بحسب النظرة العرفيّة يصدق على المشهور أنّه لا ريب فيه لأجل أنّه مشهورٌ لأنّ شهرة الرواية تعني وضوحها بين أصحاب الحديث وإذا كانت الرواية واضحة عندهم فيصدق بالنظرة العرفيّة أنّها لا ريب فيها، فنفس الشهرة توجب أن يصدق عليها أنّه لا ريب فيها بحسب النظرة العرفيّة، إنّ هذا احتمالٌ ثالثٌ موجودٌ في البين ونحن نحتمل أن يكون المقصود من ( لا ريب فيه ) حينما علّل الإمام هو هذا - يعني لا ريب فيه عرفاً - وهذا هو المناسب أن يكون مقصوده ومعه كيف نتعدّى إلى كلّ مزيّة توجب أن يصدق على الخبر أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه ؟!! وإنّما المدار على تلك المزيّة التي توجب أن يصدق على الخبر أنه لا ريب فيه في حدّ نفسه بالنظرة العرفيّة وهذا ينحصر بالشهرة الروائية أما كلّ مزيّة فلا يمكن التعدّي إليها.
هذا مضافاً إلى أنّه لو كان المدار على كلّ مزيّة توجب أن يصدق على الخبر أنّه لا ريب فيه بالقياس إلى صاحبه يلزم ما أشرنا إليه قبل قليل وهو أنّ أحد الخبرين لو كانت الوسائط فيه خمساً بينما الثاني كانت الوسائط فيه ستاً يلزم تقديم صاحب الخمس لأنه لا ريب فيه بالقياس إلى ذاك وإن كان هو فيه ألف ريبٍ ولكن بالقياس إلى ذاك هو لا ريب فيه، وهل تلتزم بهذا ؟ إنّه من الغرائب.
الوجه الثالث:- ورد في بعض الروايات تعليل لزوم الأخذ بالمخالف للقوم لأنّ الرشد في خلافهم، وليس المقصود إلّا الرشد الغالبي يعني غالباً - وليس المقصود دائما فإنه باطل - يكون الرشد في الجانب المخالف، يعني أنّ الواقع يكون في الجانب المخالف - يعني أنّ الحكم الواقعي يكون في الرأي المخالف دون الرأي الموافق - فإذا كان المدار على الرشد الغالبي فكلّ ما يوجب الرشد غالباً يكون مزيّة مرجّحة ولا نقتصر على خصوص مخالفة القوم، فأيّ مزيّة من المزايا توجب أن يكون الخبر فيه الرشد غالباً - يعني بالقياس إلى صاحبه فصاحبه - تكون حينئذٍ مرجّحة مادام فيها الرشد الغالبي.