الموضوع: الشهادة الثالثة في التشهّد

 بعد أن مرّ بنا أصل اثارة المسألة وهي الشهادة الثالثة في التشهد في موثقة ابي بصير حيث مرّ ان فيها نسخ متعددة

 وان اثارة مشروعية الشهادة الثالثة في التشهد فان هذا البحث يمكن البحث فيه في صياغات متعددة

 الصياغة الاولى: هو ماذكرناه بأن يأتي بلفظة التشهد وهي: أشهد ان لا اله الاّ الله وأشهد ان محمدا رسول الله وأشهد أن عليا ولي الله أو أشهد أن الله نعم الرب وأشهد ان محمدا نعم الرسول وأن عليا نعم الامام

 الصياغة الثانية: ويمكن اثارة هذا البحث وهو الشهادة الثالثة في التشهد في الصلاة بصيغة ثانية وهي صيغة تشهد لآخر صحابي بقي من صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو كدير الضُبي كما يقال وترجمته موجوده في كتب العامة

 ان كدير الضُبي من صحابة رسول الله كما قال صاحب الجواهر كان يأتي بالشهادة الثالثة في التشهد وهذا من الامور المسلمة في مصادر العامة لكن ليس بما ذكرناه من الصيغة بل بصيغة ثانية وهي (اللهم صل على النبي والوصي علي) وكان هذا هو السبب الذي جعلهم لايروون عنه شيء

 وهذا أقدم نقل تاريخي من مصادر العامة وبطرق متعددة عنهم فهو يأتي بالشهادة الثالثة وهو الإقرا في الصلاة بأن عليا (عليه السلام) وصي رسول الله (صلى الله علية واله) فجاء بهذه الشهادة في الصلاة التي هي جزء التشهد

 وأيضا هذا المطلب موجود في الفقه الرضوي ففيه صياغتين للشهادة الثالثة صياغة (أشهد ان عليا نعم المولى ونعم الامام) وصياغة ثانية في الفقه الرضوي في الصلاة التي هي جزء التشهد (اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وعلى الائمة الراشدين من ولد الحسين) وهذا هو أيضا شهادة ثالثة

 وان الأعلام حينما استشكلوا في الشهادة الثالثة لم يجزموا بالبطلان والظاهر انهم حينما استشكلوا لم يعطوا النظر حقه في المسألة فلو لاحظوا ما ذكره الأعلام في الدخول في الاسلام أو الدخول في الإيمان بأنه يتحقق بأي مفاد وبأيّ مبرز لما استشكلو في المسألة

 فالصياغة الثانية هي الاتيان بالشهادة الثالثة في الصلاة وهذه صيغة ثانية لبحث التشهد

 وهذه الصيغة الثانية أشار اليها في عيون أخبار الرضا فمن ضمن احتجاجات الامام علي بن موسى الرضا على امامة اهل البيت (عليهم السلام) وكونها منصب الهي فقد احتج (صلوات الله عليه) بهذه الجملة وهي (اللهم صل على محمد وال محمد) ومفاده الاحتجاج هو ان كل حقنا ومقامنا موجود فيها

 فيريد ان يقول (عليه السلام) ان نفس هذه الصلاة بهذه الصيغة المسلّمة كونها من الأذكار الراجحة عند المسلمين ولايقدم على آل محمد أحد في الصلاة فيستدل انهم ورثة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)

 وهناك رواية اخرى رواها الشيخ بهجت (قده) عن الائمة (عليهم السلام) ان الامام المعصوم يذكر ان أحد المؤمنين عندما مات فأتاه منكر ونكير يسئلانه عن ربه ودينه وعقائده فقال (اللهم صل على محمد واله محمد) قد أجبت عن كل ذلك وفعلا قد أجاب عن كل منظمومة العقائد

 واذا كانت هذه الصيغة وهي (اللهم صل على محمد واله محمد) واجبة فيعني ان الشهادة الثالثة واجبة في التشهد وفي الصلاة غاية الأمر بصيغة غير مصرحة لكي يأمن المؤمنين على أنفسهم

 فاذا كانت الصلاة الواجبة فيها الشهادة الثالثة فكيف يمكن القول بأن الشهادة الثالثة محل كلام وانها ليست من الصلاة

 الصياغة الثالثة: للشهادة الثالثة هو التسليم المستحب فالفقهاء تارة جعلوه ضمن التشهد وتارة جعلوه ضمن التسليم

 ومراد الفقهاء هو انه بمجيئ التسليم المستحب لايخرج الشخص من الصلاة فهو جزء التشهد الثاني ومن توابعه ومرادهم انه من التسليم هو انه بالتالي يشتمل على مادة التسليم والسلام وهو من لواحق التسليم الواجب فيؤتى به مقدمة لذا لايؤتى به في التشهد الأول فكلا التصريحين من الفقهاء هو صحيح بلحاظ الحيثيتين

 وان كل القدماء بالاتفاق افتوا انه من المستحب المجيئ بعد السلام على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يستحب المجيئ بالسلام على الائمة الاطهار (عليهم السلام) وهو (السلام على الائمة من ال طه وياسين) وقال البعض هو (السلام على الائمة الهادين المهديين) وهو إقرار بالامامة بعد النبوة وقال البعض (السلام على الائمة الراشدين) فهي صياغات متعددة وكلها مشتملة على التسليم على الائمة (عليهم السلام) ولايستشكل بها أحد بل وحتى الصدوق يفتي بها في الفقيه

 الصياغة الرابعة: وقد أفتى بها كل القدماء حتى الشيخ الصدوق حيث قالوا انه بعد تكبيرات الاحرام وقبل الشروع بالفاتحة يستحب دعاء التوجه لمن لم يأتي به قبل التكبيرة بأن تقول (وجهت وجهي على ملة ابراهيم ودين محمد ومنهاج علي) وقال المفيد في المقنعة (وولاية أمير المؤمنين و أولاده المعصومين) عليهم السلام

 الصياغة الخامسة للشهادة الثالثة داخل الصلاة: وقد أفتى بها تقريبا كل القدماء ومن صرح بها الشيخ الصدوق والشيخ المفيد وذلك في دعاء القنوت فيستحب ان تسمي الائمة بوصف الائمة وتصلي عليهم

 وقد فصل الشيخ المفيد في المقنعة أكثر حيث ذكر أسمائهم بالتفصيل وسيما في دعاء قنوت الجمعة

 و قد وردت بهذه الصيغة نص صحيح أعلائي أفتى به العلماء وهو صحيح الحلبي فقد أفتى به العلامة الحلي حيث ذكره في مبطلات الصلاة

 وموضع سادس تذكر فيه الشهادة الثالثة في خطبتي صلاة الجمعة بنحو اللزوم فلابد من ذكرها في صلاة الجمعة

 ومحل البحث والخلاف في الصحة والرجحان والمشروعية هو في الصيغة الاولى

 أما من جهة الأقوال:

 فان علي بن بابويه في الفقه الرضوي ذكر هذا الشيء وكذا سلار ذكر هذا الشيء في المراسم وأفتى به وحُذف من بعض طبعات المراسم

 وان المجلسي الأول افتى بها في الفقه الفارسي وعليه حاشية السيد اليزدي والميرزا الصغير صاحب ثورة العشرين والسيد اسماعيل الصدر فيظهر من هؤلاء الاعلام تقريرهم على ذلك

 أيضا صاحب الحدائق في الحدائق افتى باستحباب التشهد المذكور وكذا النراقي افتى في المستند باستحباب التشهد المذكور في الفقه الرضوي وأتى بنفس المتن وقال باستحبابه وفيه (وأشهد ان عليا نعم المولى) ومن علماء البحرين أيضا الشيخ حسين العصفور

 أيضا ممن صرح بذلك الميرزا النوري في المستدرك وكذا ممن صرح باستحباب في التشهد الشيخ مرتضى آل ياسين ضمن فتواه المعروفة باستحباب الشهادة الثالثة في الأذان والاقامة

 والعلامة الحلي في المنتهى ذكرنا انه يفتي باستحباب الشهادة الثالثة بصيغة الصلاة على الائمة بوصف الائمة في كل الصلاة

 وصاحب الجواهر لم يصرح بالخصوص لكنه قال ان هيئات الفاظ التسليم كالتشهد تختلف كمالا ونقصا

 وقد يستظهر من الشيخ الطوسي في التهذيب حيث أورد صحيح الحلبي في موضعين ولم يستثني ذلك

 المهم أن اتفاق القدماء على الصيغة الثانية الى السادسة على المشروعية أو الوجوب أو الرجحان حسب اختلاف المواضع يدل دلالة واضحة على اتفاق الكل على ان الشهادة الثالثة هي ذكر صلاتي ولازم هذا الاتفاق جواز ذكر الشهادة الثالثة في التشهد

 وهذا كالاجماع المستنبط من كلام الأعلام

 وللكلام تتمة