36/03/14
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الثاني ــــ تنبيهات البراءة ــــ الأصول
العملية.
كان الكلام في قاعدة من بلغ، وانها هل تثبت استحباب المندوبات التي وردت في اخبار ضعاف او لا؟ وهذا عمدة البحث وان كان البحث سيمتد الى المكروهات والواجبات والمحرمات بمعنى ثبوت غير الزامي، وذكرنا القول الاول.
القول الاول:- وهو قول المشهور وحاصله: ان هذه القاعدة في صدد انشاءِ وجعلِ حكم وامر فقهي بإتيان العمل الذي بلغك عليه الثواب بغض النظر عن ان هذا البلوغ مصيب للواقع او مخطئ للواقع فان نفس البلوغ سبب طارئ لرجحان العمل، فانه وان كان الموضوع هو البلوغ المحتمل ولكن المحمول حكم فقهي طارئ بسبب البلوغ وليس هو حكم احتياطي وليس حكم ظاهري بل حكم واقعي، ولعل هذا اشهر قولي المشهور، وهذا ما يسمى بالتسامح في ادلة السنن ومقصودهم منه انه مع كون الدليل الوارد في السنن ضعيف فهو لا يؤثر في اثبات الحكم من السنن وهو ليس اثبات ظاهري بل واقعي يعنى موجب لثبوت الحسن فان الاصل في الخبر ــ بغض النظر عن قاعدة من بلغ ــ هو الإراءة والطريق وهذه الإراءة والطريقية يتسامح في اثبات مفاده بسبب قاعدة من بلغ.
القول الثاني:- وذهب اليه كثير من المشهور وان كان القول الاول مشهور شهرة عظيمة بحسب شواهد عديدة وحاصله: ان نتيجة قاعدة من بلغ هو جبر الحديث الضعيف كما ان الشهرة تجبر الخبر الضعيف.
فعلى هذا القول ان قاعدة من بلغ تقول ان هذا البلوغ لان فيه ثواب مندوب فهو تلقائيا يجبر صدور الخبر فبما ان متن الحديث في المندوبات وقد بلغ فيه ثواب فهو يوجب جبر ضعف الطريق، فعلى هذا القول يكون مفاد قاعدة من بلغ حكم اصولي ظاهري، وبناءً على هذا القول اذا كان الخبر مصيب فيعطى الثواب واذا لم يكن مصيب فلا يعطى الثواب.
القول الثالث :- وهو قول الشيخ الانصاري & واختاره اكثر متاخري هذا العصر وحاصله: ان مفاد هذه القاعدة ليس حكم فقهي واقعي ولا حكم اصولي وانما هو حكم ارشادي محض اما الى الحسن العقلي للاحتياط او الى الحسن العقلي للانقياد، ولا يخفى عليكم الفرق بين المطلبين ومن هنا يمكن ان يقال انه هذا القول بالدقة قولين وليس قول واحد فيكون:
القول الثالث:- ان مفاد هذه القاعدة هو حكم ارشادي محض الى الحسن العقلي للاحتياط.
القول الرابع:- ان مفاد هذه القاعدة هو حكم ارشادي الى الحسن العقلي للانقياد.
فبناءً على ان المرشد اليه حسن الانقياد صار هذا حكم عقلي واقعي وليس ظاهري واما بناء على ان المرشد اليه حسن الاحتياط صار حكم عقلي ظاهري.
تنبيه:- ذكرنا في سنيين سابقة ان الاحكام العقلية والاحكام العقلائية تنقسم الى احكام واقعية وظاهرية وهذا واضح لان تقسيم الاحكام الشرعية الى واقعية وظاهرية هو مأخوذ من تقسيم الاحكام العقلائية الى هذين القسمين لان الشارع لم يؤسس بل امضى وان كان تأسيس العقلاء كله من تعليم الانبياء ^ ومستمد من الوحي ولكن كلامنا بلحاظ شريعة سيد الانبياء ﷺ وهذا التقسيم ذكرناه مبسوطا في اواخر كتابنا العقل العملي وكذا في كتاب الاعتبار.
اذن حسن الانقياد حكم عقلي واقعي لانه وان انكشف الخلاف فلا تبدل فيه اما حسن الاحتياط فهو حكم ظاهري سواء كان عقلي او شرعي فهو حكم ظاهري طريقي قد يصيب وقد يخطأ.
الان نذكر الشواهد على هذا القول وسنبين بالدقة ان القول الثالث يرجع الى القول الاول والقول الرابع يمكن ان يرجع الى القول الثاني.
هذا مختار اكثر المتاخرين وان خالفهم الشيخ صاحب الكفاية + والشيخ النائيني + :-
الشواهد التي ذكرها الشيخ + على القول الثالث والرابع:-
الشاهد الاول:- ان من الواضح في روايات من بلغ ان العمل بداعي احتمال ورجاء اصابة الواقع وهذا الداعي واضح انه احتياط او انقياد وهذا يحكم به العقل واذا كان في البين حكم عقلي فتأسيس حكم شرعي هو اول الكلام بل يكون هذا الأمر ارشاد الى حكم العقل.
الشاهد الثاني:- ان احكام العقلية على نوعين:
اولاً:- احكام عقلية في سلسلة معلولات الحكم الشرعي.
ثانيا:- احكام عقلية في سلسلة علل الحكم الشرعي.
فان وجوب الطاعة حكم عقلي فاذا ورد دليل من الشارع مثل ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾[1] فانه ارشاد وليس وجوب شرعي لان الطاعة هي طاعة الحكم الشرعي وهذا الدليل يقول اطيعوا الحكم الشرعي فيلزم منه تحصيل الحاصل.
ففي سلسلة معلولات الحكم الشرعي يكون الحكم العقلي منفردا وليس مجرى لقاعدة كل ما حكم به العقل حكم به الشرع لانه من سلسلة معلولات الحكم الشرعي
واما الحكم العقلي الذي هو سلسلة علل الحكم الشرعي فهو مجرى لقاعدة كل ما حكم العقل حكم به الشرع
واما حكم العقل بحسن الاحتياط فواضح انه معلول فاذا جاء دليل شرعي يدل على حسن الاحتياط فانه يحمل على الارشاد
واما حكم العقل بالانقياد كذلك فهو عين الطاعة فهو معلول فاذا ورد امر في لسان الشرع فانه يحمل على الارشاد.
الشاهد الثالث:- توجد قاعدة وضابطة حاصلها : اذا ورد امر في لسان الشارع بعمل وهذا العمل في رتبة سابقة على هذا الأمر في هذا الدليل يقتضي الثواب فان هذا الأمر يحمل على الارشاد الى ان هذا العمل يقتضي الثواب في نفسه اما اذا ورد امر من الشارع وهذا العمل ليس في رتبة سابقة يقتضي الثواب فحينئذ يكون هذا الأمر مولويا.
وتطبيق هذه الضابطة فيما نحن فيه فان الانقياد في نفسه يقتضي الثواب وحينئذ يكون امر الشارع بالانقياد امر ارشادي.
الشاهد الرابع:- ان هذا اللسان في روايات من بلغ في مقام بيان عظمة الكرم الإلهي وفي مقام بيان عظمة الاحسان الإلهي وليس هو في مقام التشريع.
وبعبارة اخرى:- ان الاخبار في الآيات والروايات التي تبين كيفية مجازات الله عز وجل يوم القيامة وصفات الله الجمالية في يوم الحساب هذه لا صلة لها بالتشريع فهي لأجل ترسيخ العقيد والمعرفة بالله تعالى وما نحن فيه من هذا القبيل.
وسياتي التعرض لمناقشة هذه الشواهد ان شاء الله تعالى.
كان الكلام في قاعدة من بلغ، وانها هل تثبت استحباب المندوبات التي وردت في اخبار ضعاف او لا؟ وهذا عمدة البحث وان كان البحث سيمتد الى المكروهات والواجبات والمحرمات بمعنى ثبوت غير الزامي، وذكرنا القول الاول.
القول الاول:- وهو قول المشهور وحاصله: ان هذه القاعدة في صدد انشاءِ وجعلِ حكم وامر فقهي بإتيان العمل الذي بلغك عليه الثواب بغض النظر عن ان هذا البلوغ مصيب للواقع او مخطئ للواقع فان نفس البلوغ سبب طارئ لرجحان العمل، فانه وان كان الموضوع هو البلوغ المحتمل ولكن المحمول حكم فقهي طارئ بسبب البلوغ وليس هو حكم احتياطي وليس حكم ظاهري بل حكم واقعي، ولعل هذا اشهر قولي المشهور، وهذا ما يسمى بالتسامح في ادلة السنن ومقصودهم منه انه مع كون الدليل الوارد في السنن ضعيف فهو لا يؤثر في اثبات الحكم من السنن وهو ليس اثبات ظاهري بل واقعي يعنى موجب لثبوت الحسن فان الاصل في الخبر ــ بغض النظر عن قاعدة من بلغ ــ هو الإراءة والطريق وهذه الإراءة والطريقية يتسامح في اثبات مفاده بسبب قاعدة من بلغ.
القول الثاني:- وذهب اليه كثير من المشهور وان كان القول الاول مشهور شهرة عظيمة بحسب شواهد عديدة وحاصله: ان نتيجة قاعدة من بلغ هو جبر الحديث الضعيف كما ان الشهرة تجبر الخبر الضعيف.
فعلى هذا القول ان قاعدة من بلغ تقول ان هذا البلوغ لان فيه ثواب مندوب فهو تلقائيا يجبر صدور الخبر فبما ان متن الحديث في المندوبات وقد بلغ فيه ثواب فهو يوجب جبر ضعف الطريق، فعلى هذا القول يكون مفاد قاعدة من بلغ حكم اصولي ظاهري، وبناءً على هذا القول اذا كان الخبر مصيب فيعطى الثواب واذا لم يكن مصيب فلا يعطى الثواب.
القول الثالث :- وهو قول الشيخ الانصاري & واختاره اكثر متاخري هذا العصر وحاصله: ان مفاد هذه القاعدة ليس حكم فقهي واقعي ولا حكم اصولي وانما هو حكم ارشادي محض اما الى الحسن العقلي للاحتياط او الى الحسن العقلي للانقياد، ولا يخفى عليكم الفرق بين المطلبين ومن هنا يمكن ان يقال انه هذا القول بالدقة قولين وليس قول واحد فيكون:
القول الثالث:- ان مفاد هذه القاعدة هو حكم ارشادي محض الى الحسن العقلي للاحتياط.
القول الرابع:- ان مفاد هذه القاعدة هو حكم ارشادي الى الحسن العقلي للانقياد.
فبناءً على ان المرشد اليه حسن الانقياد صار هذا حكم عقلي واقعي وليس ظاهري واما بناء على ان المرشد اليه حسن الاحتياط صار حكم عقلي ظاهري.
تنبيه:- ذكرنا في سنيين سابقة ان الاحكام العقلية والاحكام العقلائية تنقسم الى احكام واقعية وظاهرية وهذا واضح لان تقسيم الاحكام الشرعية الى واقعية وظاهرية هو مأخوذ من تقسيم الاحكام العقلائية الى هذين القسمين لان الشارع لم يؤسس بل امضى وان كان تأسيس العقلاء كله من تعليم الانبياء ^ ومستمد من الوحي ولكن كلامنا بلحاظ شريعة سيد الانبياء ﷺ وهذا التقسيم ذكرناه مبسوطا في اواخر كتابنا العقل العملي وكذا في كتاب الاعتبار.
اذن حسن الانقياد حكم عقلي واقعي لانه وان انكشف الخلاف فلا تبدل فيه اما حسن الاحتياط فهو حكم ظاهري سواء كان عقلي او شرعي فهو حكم ظاهري طريقي قد يصيب وقد يخطأ.
الان نذكر الشواهد على هذا القول وسنبين بالدقة ان القول الثالث يرجع الى القول الاول والقول الرابع يمكن ان يرجع الى القول الثاني.
هذا مختار اكثر المتاخرين وان خالفهم الشيخ صاحب الكفاية + والشيخ النائيني + :-
الشواهد التي ذكرها الشيخ + على القول الثالث والرابع:-
الشاهد الاول:- ان من الواضح في روايات من بلغ ان العمل بداعي احتمال ورجاء اصابة الواقع وهذا الداعي واضح انه احتياط او انقياد وهذا يحكم به العقل واذا كان في البين حكم عقلي فتأسيس حكم شرعي هو اول الكلام بل يكون هذا الأمر ارشاد الى حكم العقل.
الشاهد الثاني:- ان احكام العقلية على نوعين:
اولاً:- احكام عقلية في سلسلة معلولات الحكم الشرعي.
ثانيا:- احكام عقلية في سلسلة علل الحكم الشرعي.
فان وجوب الطاعة حكم عقلي فاذا ورد دليل من الشارع مثل ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾[1] فانه ارشاد وليس وجوب شرعي لان الطاعة هي طاعة الحكم الشرعي وهذا الدليل يقول اطيعوا الحكم الشرعي فيلزم منه تحصيل الحاصل.
ففي سلسلة معلولات الحكم الشرعي يكون الحكم العقلي منفردا وليس مجرى لقاعدة كل ما حكم به العقل حكم به الشرع لانه من سلسلة معلولات الحكم الشرعي
واما الحكم العقلي الذي هو سلسلة علل الحكم الشرعي فهو مجرى لقاعدة كل ما حكم العقل حكم به الشرع
واما حكم العقل بحسن الاحتياط فواضح انه معلول فاذا جاء دليل شرعي يدل على حسن الاحتياط فانه يحمل على الارشاد
واما حكم العقل بالانقياد كذلك فهو عين الطاعة فهو معلول فاذا ورد امر في لسان الشرع فانه يحمل على الارشاد.
الشاهد الثالث:- توجد قاعدة وضابطة حاصلها : اذا ورد امر في لسان الشارع بعمل وهذا العمل في رتبة سابقة على هذا الأمر في هذا الدليل يقتضي الثواب فان هذا الأمر يحمل على الارشاد الى ان هذا العمل يقتضي الثواب في نفسه اما اذا ورد امر من الشارع وهذا العمل ليس في رتبة سابقة يقتضي الثواب فحينئذ يكون هذا الأمر مولويا.
وتطبيق هذه الضابطة فيما نحن فيه فان الانقياد في نفسه يقتضي الثواب وحينئذ يكون امر الشارع بالانقياد امر ارشادي.
الشاهد الرابع:- ان هذا اللسان في روايات من بلغ في مقام بيان عظمة الكرم الإلهي وفي مقام بيان عظمة الاحسان الإلهي وليس هو في مقام التشريع.
وبعبارة اخرى:- ان الاخبار في الآيات والروايات التي تبين كيفية مجازات الله عز وجل يوم القيامة وصفات الله الجمالية في يوم الحساب هذه لا صلة لها بالتشريع فهي لأجل ترسيخ العقيد والمعرفة بالله تعالى وما نحن فيه من هذا القبيل.
وسياتي التعرض لمناقشة هذه الشواهد ان شاء الله تعالى.