36/11/27
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة11 [1] .
الصورة الرابعة: اذا سافر وافطر قبل وصوله إلى حد الترخص, ثم اكمل سفره, فهل أن السفر الذي يحصل بعد الافطار يوجب سقوط الكفارة عنه أو لا؟؟
السيد الماتن يقول _ والحق معه _ لا تسقط عنه الكفارة بسفره أي الذي اكمله بعد الافطار, والظاهر أن هذا هو المعروف بينهم والمنقول عن المحقق دعوى الجزم بوجوب الكفارة على من افطر من المسافرين قبل بلوغ حد الترخص وان اكمل سفره بعد ذلك.
والوجه في ذلك, هو أن مسألة جواز الافطار للصائم وحرمته ليس المدار فيها السفر وحده وإنما المدار فيها السفر مع الوصول إلى حد الترخص , فإذا افطر قبل ذلك وجبت عليه الكفارة, فلا اثر للسفر قبل الوصول إلى حد الترخص.
الصورة الخامسة: اذا كان العارض والمانع من الصوم اضطرارياً, كما لو افطر ثم عرض له ذلك العارض بعد الافطار, كالمرأة اذا افطرت ثم حاضت, والسيد الماتن يقول في هذه الصورة (ففي السقوط وعدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني وأقواهما الأول)[2] , والاكثر بنوا على عدم السقوط وهو الصحيح, نعم حكي السقوط عن بعضٍ, والشيخ صاحب الجواهر يقول لم اتحقق قائله, فالمعروف هو عدم السقوط, والسيد الماتن اختار السقوط (القول غير المعروف) ولذا اختار القول الثالث من الاقوال المتقدمة وهو التفصيل بين المانع الاختياري والاضطراري, فيوجب عدم سقوطها في المانع الاختياري وسقوطها في المانع الاضطراري, ففرق بين السفر والحيض مثلاً.
ويمكن أن يوجه هذا التفصيل كما في المستمسك بأن المانع القهري (الاضطراري) يستلزم المنع من التكليف بالصوم لأن المكلف مع المانع القهري لا يستطيع اتمام الصوم, فينتفي موضوع الكفارة (الذي هو الصوم الواجب).
أما المانع الاختياري فهو لا يمنع من القدرة على الصوم ويمكن تكليفه به, فيكون صومه واجباً فيتحقق موضوع الكفارة, فتجب عليه.
وهذا الكلام لا يمكن قبوله لأنه تقدم في الابحاث السابقة أن السقوط وعدمه يدور مدار كون الصوم حال الافطار محكوم بالصحة ولو ظاهراً؟ أو لا؟
فإذا كان الصوم حين الافطار محكوماً بالصحة ولو ظاهراً تجب الكفارة, واذا فرضنا عدم الحكم بالصحة لا واقعاً ولا ظاهراً لا تجب الكفارة, هذا هو المناط, وعلى ضوء ما تقدم سابقاً يتنقح بهذا الشكل(بأنه تارة نقول بعدم الكشف, والموانع توجب بطلان الصوم من حين عروضها وحينئذ لابد من الالتزام بوجوب الكفارة ولا فرق بين كون المانع اختيارياً أو اضطرارياً, واذا قلنا بالكشف وقلنا بأن موضوع الكفارة هو الصوم الواجب ولو ظاهراً فحينئذ لا تسقط الكفارة لأن هذا المكلف يجب عليه الصوم ظاهراً على الاقل, وتجب الكفارة في هذا الفرض سواء كان المانع اختيارياً أو اضطرارياً واذا قلنا بالكشف وقلنا بأن موضوع الكفارة هو الصوم الواجب واقعاً, فحينئذ لابد من القول بسقوط الكفارة حتى لو كان المانع اختيارياً لأن حصول المانع يكشف بحسب الفرض عن عدم الوجوب واقعاً) وبهذا الميزان لا نفرق بين الموانع الاختيارية والموانع الاضطرارية.
نعم هناك تفصيل آخر في الموانع الاضطرارية لم يتعرض له السيد الماتن وهو التفصيل في المانع الاضطراري بين صورة العلم حين الافطار بحصول المانع بعد ذلك وبين صورة الشك (حين الافطار) في عروضه بعد الافطار, فهناك من فصل بين هاتين الصورتين, فذكر عدم وجوب الكفارة في صورة العلم ووجوبها في صورة عدم العلم.
والوجه في هذا التفصيل بحسب الصناعة هو أن يقال في صورة العلم بناءً على الكشف يكون العلم بعروض المانع لاحقاً مساوقاً للعلم بعدم التكليف حدوثاً, واذا علم بعروض المانع يلزمه العلم بعدم التكليف حدوثاً, فالمرأة التي تعلم بأنها سيطرأ عليها الحيض تعلم بأنها غير مكلفة بالصوم, وحينئذ لا وجوب للصوم عليها لا واقعاً لأن المفروض انها تعلم بعدمه واقعاً ولا ظاهراً لأستحالة جعل الوجوب الظاهري بحق العالم, لأن الوجوب الظاهري يعقل جعله بحق الشاك والمتردد, ومع عدم التكليف لا واقعاً ولا ظاهراً لابد من الالتزام بسقوط الكفارة عنها في المقام.
وأما اذا كانت غير عالمة فيمكن جعل التكليف بالصوم عليها ولو ظاهراً ومقتضى القاعدة والادلة وجوب الكفارة عليها وعدم سقوطها بعروض المانع.
وهذا التفصيل اذا تم فالظاهر أنه لا يختص بالمانع الاضطراري بل يشمل المانع الاختياري ايضاً, فإذا فرضنا علم المكلف بسفره بعد ساعتين (قبل الزوال) وافطر متعمداً, يقال ايضاً أن علمه بعروض المانع يساوق العلم بعدم التكليف واذا صار عالماً بعدم التكليف يستحيل جعل التكليف عليه لا واقعاً ولا ظاهراً واذا افطر لا تجب عليه الكفارة.
نعم يمكن أن يقال بأن السفر له خصوصية وهي أن الادلة _ وهي مورد اتفاق العلماء_ ظاهرة في أن الحاضر يجب عليه الصوم ويحرم عليه الافطار اذا سافر قبل الوصول إلى حد الترخص, فكما أنه لا يجوز له التقصير قبل وصوله إلى حد الترخص كذلك لا يجوز له الافطار قبل ذلك, وهذه القضية واضحة ومسلمة, ومقتضى اطلاق الادلة الدالة عليها واطلاق كلمات الفقهاء المتفقين عليها عدم الفرق بين المسافر الذي يجب عليه الصوم ما دام لم يصل إلى حد الترخص بين أن يكون عالما ً بأنه سيسافر أو غير عالم, وهذا الأمر مستفاد من الادلة ويختص بالسفر.
فلو اردنا التفصيل فينبغي التفصيل بين السفر _لقيام الادلة على أن الصائم حتى لو علم أنه سيسافر لا يجوز له الافطار ما لم يبلغ حد الترخص فإذا افطر قبل ذلك تجب عليه الكفارة _وبين ما عداه فيأتي فيه الكلام السابق.