37/12/24


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/12/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

الامر الثالث:- يقع الكلام في الديون ، فتارة تكون الديون ديون عرفية كما اذا كان زيد مديون لعمر ، واخرى تكون الديون من الديون الشرعية كما اذا كان مديونا من الزكاة او مديونا من الخمس ، إما من جهة ان الزكاة من الاول متعلقة بذمة المالك وذمته مشغولة بها فهو مديون بالزكاة وكذا الحال في الخمس من الاول متعلق بذمة المالك او ان متعلق الزكاة الاعيان الخارجية ـــ كما هو الصحيح ـــ ، وكذا متعلق الخمس العين الخارجية لا الذمة ولكن اذا أتلف المالك العين الزكوية فتنتقل الزكاة الى ذمته فذمته مشغولة بالزكاة وهو مديون لها وهذا الدين دين شرعي.

أما الدين اذا كان عرفيا فلا شبهة في جواز التبرع سواء أكان التبرع بأمر المدين او لم يكن بأمر المدين ، ولكن للدائن حق ان لا يأخذ دينه من المتبرع ويقول انا آخذ ديني من المدين فقط وله ان يقبل فالاختيار بيد الدائن ، كما ان للدائن حق الامتناع عن اخذ دينه في بلد اخر فيقول انا آخذ ديني في بلد الدين فقط ، فلو اقرض زيد عمرا في النجف الاشرف فيجوز لزيد ان لا يقبل ان يأخذ دينه الا في النجف فقط ولا يأخذه في بلد اخر ، هذه الحقوق والخصوصيات موجودة للدائن في الديون العرفية ، كما ان له الحق اذا كان مديونا بالمثلي فله حق الامتناع عن قبول القيمة ، واما اذا قبل فتحققت البدلية باعتبار ان الدائن مالك لما في ذمة المدين وما هو في ذمة المدين ملك للدائن فاذا قبل الدائن بدله تحققت البدلية فان بدله صار ملكا للدائن بقبوله والمبدل وهو الدين ينتقل الى المدين وبعد الانتقال يسقط عن ذمته وتبراء ذمته باعتبار ان قصد القربى غير معتبر في الديون العرفية بل المناط بقبول الدائن فاذا قبل الدائن سواء أكان البدل من جنس الدين او من غير جنسه ، فاذا قبل بعنوان البدلية تحققت البدلية بينهما فيكون البدل ملكا للدائن ويكون المبدل ـــ الذي هو ملكا للدائن ـــ ملكا للمدين ويسقط عن ذمته ، هذه الخصوصيات موجودة في الديون العرفية

اما الديون الشرعية فاذا كان الدين مثليا كما اذا كانت العين الزكوية من الحنطة او من النقود وتلفت بتفريط من المالك فتنتقل الزكاة الى ذمة المالك ، وليس للفقير حق الامتناع عن أخذ كل ما دفعه اليه المالك سواء دفعه من النقدين ام كان ما دفعه من جنس اخر على المشهور ، باعتبار ان ما في ذمة المالك ليس ملكا للفقير بل هو ملك لطبيعي الفقير لا ملك لهذا الفقير الخاص حتى يمتنع عن قبول بدله ، وكذا في أي بلد دفع بدل الزكاة ليس له حق الامتناع عن اخذه سواء أكان الدفع في بلده او بلد اخر فليس للفقير حق الامتناع.

وكذا بقبول الفقير لم تتحقق البدلية لان ما في ذمة المالك ليس ملكا للفقير حتى تتحقق البدلية بقبول الفقير بدله ، وعندئذ مَنْ يدفع الزكاة الى الفقير ان كان له ولاية على هذا التبديل فهو والا فالتبديل غير صحيح لان التبرع اذا لم يكن بأمر المالك فليس له ولاية على التبديل فتبديل الزكاة بجنس من بل التبرع غير صحيح واذا لم يكن صحيحا فلن يتمكن من قصد القربى ايضا ، ومن أجل ذلك هذا الاعطاء باطل ولا يجزي عن الزكاة ، فمن هذه الناحية يختلف الدين الشرعي عن الدين العرفي.

الامر الرابع:- هنا طائفتان من الروايات قد يستدل بهما على جواز التبرع مطلقا وان لم يكن بأمر المالك.

الطائفة الاولى:- تدل على جواز تبرع الولد لزكاة والده الميت وأنَّ له ان يدفع زكاة والده الميت ، ومن الواضح ان الموت لا خصوصية له ولا فرق بين ان يكون التبرع بزكاة الحي او التبرع بزكاة الميت.

والجواب عن ذلك ان هذه الرواية موردها وان كان الولد لزكاة والده الميت الا هذه الرواية بنفسها تدل على ان لهذا الولد ولاية على تبديل الزكاة بجنس اخر ، ومن الواضح انه لا خصوصية للولد كما انه لا خصوصية للوالد ، اذن يمكن التعدي عن مورد هذه الرواية على جميع موارد التبرع ولا مانع من ذلك ، اذن لا يمكن الاستدلال بهذه الطائفة من الروايات على جواز التبرع مطلقا فان هذه الرواية تدل على ان لهذا المتبرع ولاية على التبديل.

الطائفة الثانية:- ما ورد من انه يجوز التبرع بالتصدق عن الاحياء وهذا يدل على جواز هذا التبديل.

ولكن مورد هذه الروايات هو الصدقة المستحبة وفي الصدقة المستحبة الصدقةُ باقية في ملك المالك ولهذا لا يعتبر في الصدقة المستحبة دفعها الى الفقير فيجوز دفعها الى الغني بل الى اهل الكتاب باعتبار انها ملك للمالك وله ان يتصرف في ملكه ما شاء واراد.

هذا تمام كلامنا في هذه المسالة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الحادية عشر: إذا وكل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير هل تبرأ ذمته بمجرد ذلك أو يجب العلم بأنه أداها، أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟ لا يبعد جواز الاكتفاء إذا كان الوكيل عدلا بمجرد الدفع إليه))[1] .

ذكر الماتن (قدس سره) انه تبرأ ذمته بالدفع شريطة ان يكون الوكيل عدلا.