38/04/19


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

ذكرنا ان ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من التقسيط والتجزئة اذا كان العبد حرا جزءا منه وجبت فطرته على كلٍ من المالك والعبد بالنسبة ، ويقع الكلام في ذلك ثبوتا وعلى تقدير امكانه ثبوتا فهل يوجد دليل على ذلك في مقام الاثبات او لا يكون دليل في مقام الاثبات على ذلك.

واما قياس ذلك بزكاة المال قياس مع الفارق فان جوب زكاة المال وجوب مالي والفقير شريك مع المالك في الكسر المشاع في الغلاة الاربعة او في النقدين او شريك في الكلي في المعين في زكاة الاغنام فلابد من التقسيم والتجزئة بين المالك والفقير بالنسبة ، واما زكاة الفطرة فوجوبها تكليفي وليس وجوبها ماليا فالتجزئة والتقسيم في التكليف غير معقول فان الوجوب امر اعتبار بسيط ولا يكون قابلا للتجزئة والتقسيط وهو فعل اختياري للمولى مباشرة فللمولى ان يجعله وله ان لا يجعل ، اذن الوجوب غير قابل للتجزئة والتقسيم , وكذا سائر الاحكام الشرعية فانها امور اعتبارية بسيطة امرها بيد الشارع فللشارع اعتبارها وللشارع عدم اعتبارها فهو فعل مباشر للشارع ولا يعقل في الاحكام الشرعية التجزئة والتقسيط ، اذن في المقام لا يتصور التجزئة والتقسيط ، أي تقسيط الوجوب بين المالك والعبد بان يكون جزء الوجوب على المالك وجزئه الآخر على العبد فلا يتصور ان يكون للوجوب جزء فان الوجوب امر اعتبار بسيط لا واقع موضوعي له في الخارج حتى يكون قابلا للتقسيط وللتجزئة لا وجود له الا في عالم الاعتبار والذهن فلا معنى للتقسيط في الامور الاعتبارية لأنه لا واقع موضوعي لها في الخارج حتى يكون قابلا للتقسيم.

واما تقسيم الصاع على كل راس صارع من زكاة الفطرة فانه قابل للتقسيم وهذا صحيح ولكن تقسيم الصاع لا يعقل بدون تقسيم الوجوب فان كان الوجوب موجه الى المالك فإعطاء الصاع على المالك وان كان موجها الى العبد فإعطاء الصاع ودفعه الى الفقير على العبد فلا يتصور التقسيم والتجزئة في الصاع الا بتقسيم الوجوب ولا يعقل تقسيط الوجوب وتجزئته ، فما ذكره الماتن (قدس الله نفشه) لا يمكن ثبوتا.

ولهذا لا تصل النوبة الى مقام الاثبات فان البحث عن مقام الاثبات انما هو فيما يمكن في مقام الثبوت فالبحث في كل مسالة في مقام الاثبات منوط بإمكان ثبوت تلك المسالة في مقام الثبوت ، واما اذا كان غير ممكن ثبوتا في هذا المقام فلا معنى للبحث في مقام الاثبات.

ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان التجزئة والتقسيط ممكن في مقام الثبوت ولكن لا دليل على ذلك في مقام الاثبات فان الدليل اما ان يدل على وجوب الفطرة على العبد او يدل على عدم الوجوب وذكرنا ان كلا قسمي الدليل لا يشمل العبد المبعض فالمرجع فيه العمومات الفوقانية وهذه العمومات التي تدل على ان الفطرة على كل مكلف سواء اكان حرا او عبدا او مبعضا فلا فرق من هذه الناحية فالمرجع هو تلك الاطلاقات كما تقدم.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الرابع: الغني وهو أن يملك قوت سنة له ولعياله زائدا على ما يقابل الدين ومستثنياته فعلا أو قوة بأن يكون له كسب يفي بذلك، فلا تجب على الفقير وهو من لا يملك ذلك وإن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكا لقوت السنة وإن كان عليه دين، بمعنى أن الدين لا يمنع من وجوب الإخراج ويكفي ملك قوت السنة، بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكا عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها وإن لم يكفه لقوت سنته، بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مؤنة يومه وليلته صاع)[1] .

وهو من يملك قوة سنته له ولعائلته ويملك ما يوازي دينه اذا كان مديونا وسائر لوازمه بالفعل او بالقوة كما اذا كان عنده كسب او عنده عمل يومي يكفي لمؤونته او يكفي لأداء دينه فهو غني وان لم يكن له مال فعلا ولكن عنده عمل وقادر على العمل يعمل كل يوم بمقدار مؤونته او بمقدار ما يؤدي دينه.

ثم ذكر الماتن (رحمه الله) جملة من الاحتياطات والظاهر ان هذه الاحتياطات جميعا احتياط استحبابي كما سوف نتكلم فيها.

وهذا الذي ذكره هو المعروف والمشهور بين الاصحاب فالغني من بملك قوة سنته له ولعائلته ويملك ما يفي بدينه وسائر لوازمه ومستثنياته بالفعل او بالقوة فهذا لا يكون مستحقا لأخذ الزكاة لا زكاة المال ولا زكاة الفطرة.

وتدل على ذلك جملة من الروايات.

الرواية الاولى: صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : سُئل عن رجل يأخذ من الزكاة ، عليه صدقة الفطرة ؟ قال : لا) [2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على عدم وجوب زكاة الفطرة.

الرواية الثانية: صحيحة عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه (عليهم ‌السلام) ـ في حديث زكاة الفطرة ـ قال : ليس على من لا يجد ما يتصدّق به حرج)[3] .

يعني انه فقير لا يجد ما يتصدق به.

الرواية الثالثة: موثقة إسحاق بن المبارك قال : قلت لأبي إبراهيم (عليه ‌السلام) : على الرجل المحتاج صدقة الفطرة ؟ فقال : ليس عليه فطرة)[4] .

فان هذه الموثقة تدل بوضوح على ان المحتاج ليس عليه فطرة.

ويؤيد ذلك رواية ابن مسكان عن يزيد بن فرقد قال : قلت لأبي عبد الله (عليه ‌السلام) : على المحتاج صدقة الفطرة ؟ فقال : لا)[5] .

وهكذا سائر الروايات وهي كثيرة لا يبعد بلوغها حد التواتر الاجمالي وتدل على عدم وجوب زكاة الفطرة على المحتاج الذي يأخذ من زكاة المال تدل على عدم وجوب زكاة الفطرة بالسنة مختلفة.

ولكن في مقابلها بعض الروايات التي تدل على وجوب زكاة الفطرة عليه ، ونتكلم في ذلك ان شاء الله تعالى.