32/12/25


تحمیل
 توضيح ذلك:- ان المرأة إذا انتهى إذا انتهى حيضها وشكت في بقاء الدم في الباطن فتدخل القطنة فان خرجت نقية اغتسلت ، وأما إذا خرجت ملوثة فتارة يكون ذلك في أيام العادة وأخرى يكون بعد انتهائها ، فان كان في العادة فيكشف ذلك عن كونها حائضاً ، وأما إذا كان ذلك بعد انتهاء العادة فتارة تعرف انقطاع الدم قبل نهاية العشرة فحينئذ تحكم بكونه حيضاً ، وأما إذا فرض أنها كانت تعرف من حالها الاستمرار إلى ما بعد العشرة فتحكم بكون المقدار الزائد على العادة استحاضة فان الحيض لا يكون أكثر من عشرة.
 وإنما الإشكال فيما لو لم تعرف حال الدم وانه يستمر إلى ما بعد العشرة أو ينقطع قبل انتهائها فهنا ماذا تصنع ؟ هل تحكم بأنها حائضاً فتترك العبادة أو مستحاضة فتغتسل وتأتي بالعبادة ؟ هنا يأتي دور يوم الاستظهار فقد دلت بعض الروايات على أنها تستظهر فترة يوم بمعنى أنها تطلب ظهور حال الدم وانه من هذا القبيل الذي يستمر إلى ما بعد العشرة أو ذاك فتستظهر يوماً واحداً تاركةً العبادة وترتب أحكام الحائض فلا تصلي ولا تصوم .
 وسمي هذا بيوم الاستظهار لأن المرأة تطلب ظهور حال الدم فيه ويكون ذلك إذا لم تعرف من حالها استمرار الدم أو عدمه ، أما إذا عرفت فلا معنى للاستظهار فانه فرع خفاء حال الدم.
 ورب سائل يسأل:- كم يوماً تستظهر المرأة هل هو يوماً واحدا أم أكثر ؟ وعلى تقدير كونه يوماً أو أكثر فهل ذلك واجب أو جائز ؟ اختلف الفقهاء في ذلك فبعض قال ان الاستظهار يوم واحد وهو واجب ، وأما الباقي إلى تمام العشرة فهي بالخيار بين الأمرين بين أن تستظهر وبين أن تترك الاستظهار ، وبعض قال لا يجب عليها الاستظهار حتى في اليوم الواحد بل هي بالخيار حتى في اليوم الاول من أيامه.
 والذي يهمنا أنه لو بنينا على وجوب الاستظهار يوماً واحداً مثلاً فذلك اليوم الواحد نعده من جملة أيام الحيض ، أي لا يجوز لها أن تأتي بالطواف ، وإذا فرض جعله أكثر من يومين فالمفروض عدّ ذلك من أيام الحيض والدليل على عدّ يوم الاستظهار بحكم أيام الحيض ترك العبادة فيه فيلزم أن تترك فيه الطواف فيكون بمثابة الحيض.
  التنبيه التاسع:- حكمنا فيما سبق أن المرأة في بعض الحالات تنتقل إلى حج الإفراد كما إذا كان الحيض طارئاً قبل الإحرام أو فرض طروه بعده واختارت القلب إلى الإفراد ، فالسؤال هل يجزيها حج الإفراد بدلاً عن الحج الواجب عليها وهو حج التمتع الواجب على البعيد ؟
 والجواب:- نعم يجزيها وذلك:-
 أولاً:- من قال أن ذمتها مشغولة بحج التمتع بل وظيفتها ابتداءً هي حج الإفراد فالتمتع وظيفة البعيد إذا لم يكن من قبيل المرأة التي طرأ عليها الحيض قبل الإحرام ، أما ما كان من القبيل المذكور فلا يجزم باشتغال ذمته من البداية بالتمتع حتى يقال أن المورد يصير من موارد الشك في السقوط ، أي أنه هل يسقط ما اشتغلت به الذمة - وهو التمتع - بالإفراد أو لا ؟ ان هذا الكلام يأتي لو جزمنا أن ذمتها مشغولة من البداية بالتمتع ونشك في اجزاء الإفراد عنه ، أما إذا فرض أنا نشك من البداية في اشتغال ذمتها بالتمتع أي نحتمل أنه من البداية قد اشتغلت ذمتها بحج الإفراد فحينئذ لا يكون المورد من موارد الشك في السقوط وإنما يكون من موارد الشك في وجوب أمر زائد عليها يعني هي مكلفة بالإفراد جزماً ويشك في وجوب الإتيان بحج التمتع بعد ذلك ، انه شك في أصل الاشتغال فيكون مجرى للبراءة.
 وثانياً:- هناك دليل اجتهادي ومعه لا تصل النوبة إلى الأصل العملي وهو التمسك بالإطلاق المقامي ، بمعنى أن الروايات التي قالت تأتي بحجة مفردة سكتت عن وجوب الإتيان بحج التمتع بعد ذلك أي في السنة الآتية فلو كان ذلك واجباً لكان على الإمام عليه السلام أن ينبه إليه فسكوته وهو جزماً في مقام بيان وظيفتها يدل على عدم وجوب ذلك عليها وهذا تمسكاً بإطلاق المقام وليس تمسكاً بإطلاق اللفظ إذ لا يوجد لفظ معين نريد التمسك به حتى يصير من موارد الإطلاق اللفظي بل الإمام عليه السلام بين أنها تخرج إلى عرفات وتأتي بحجة مفردة وبعد ذلك تأتي بعمرة مفردة ، أما انه يجب عليها حج التمتع بعد ذلك فلم يذكره وهذا هو الإطلاق المقامي فنتمسك به.
 
 
 مسألة 291 :- إذا حاضت المحرمة إثناء طوافها فالمشهور على ان طرو الحيض إذا كان قبل ان تتجاوز النصف بطل طوافها وإذا كان بعده صح ما أتت به ووجب عليها إتمامه بعد الطهر والاغتسال . والأحوط في كلتا الصورتين ان تأتي بطواف كامل تنوي به الأعم من التمام والإتمام . هذا فيما إذا وسع الوقت وإلا سعت وقصرت وأحرمت للحج ولزمها الإتيان بقضاء طوافها بعد الرجوع من منى وقبل طواف الحج على النحو الذي ذكرناه.

 انه في المسالة السابقة ذكرنا حالة طرو الحيض قبل الإحرام أو بعده ولكن قبل ان تشرع في الطواف وأما في هذه المسألة فيشار إلى حكم من طرأ عليها الحيض إثناء الطواف ، والمشهور قد فصل بين ما إذا كان ذلك بعد تجاوز النصف فلا يبطل ما سبق بل متى ما طهرت واغتسلت تأتي بالباقي وأما إذا طرأ قبل تجاوز النصف فيبطل ما سبق وعليها إذا طهرت واغتسلت عليها ان تأتي بالطواف من جديد ولا يكفيها إتمام ما سبق هذا ما عليه المشهور وقد بنى عليه المحقق في الشرائع وعلق صاحب الجواهر بقوله ( على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ) [1] ، وفي مقابل ذلك رأي الصدوق على ما نقل في الجواهر ( ) [2] وهو انه يحكم بالصحة مطلقا يعني حتى لو طرأ قبل النصف فانه يكفيها إتمام الباقي ولا يبطل ما سبق ، وهناك رأي ثالث لابن إدريس وهو انه يحكم ببطلان ما سبق مطلقا يعني حتى لو كانت قد تجاوزت النصف ويظهر من صاحب المدارك [3] الميل إلى ذلك.
 إذن الأقوال في المسالة ثلاثة والمشهور هو الاول.
 أما من حيث الروايات فتوجد أربع روايات في صالح الرأي المشهور ولكنها ضعيفة السند إما بالإرسال أو ببعض رجال السند
 وفي المقابل توجد رواية واحدة صحيحة السند هي في صالح الشيخ الصدوق
 أما الروايات الأربع فمن جملتها رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ( إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا أو بين الصفا والمروة فجازوت النصف فعلَّمت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته فان هي قطعت طوافها في اقل من النصف فعليها ان تستأنف الطواف من أوله ) [4] وهي كما ترى واضحة الدلالة على المدعى . نعم هي اشتملت على ذكر الصفا والمروة يعني ان حكم السعي حكم الطواف والحال نحن نعرف ان السعي لا يشترط فيه الطهارة فلابد من حمل هذا على الجواز والاستحباب دون اللزوم.
 والمشكلة فيها هي من حيث السند إذ ورد فيه سلمة بن الخطاب وهو لم يوثق أو ضعف ، وعل منوالها بقية الروايات اعني رواية احمد بن عمر الحلال [5] وهي ضعيفة بسبب الإرسال حيث ذكر فيها ( عمن ذكره ) ، وعلى منوالها رواية إبراهيم بن إسحاق عمن سأل أبا عبد الله عليه السلام ) [6] ولو غضضنا النظر عن إبراهيم بن إسحاق وحكمنا بوثاقته ولكنه مشترك بين شخصين احدهما ثقة والأخر ضعيف فالمشكلة تبقى من حيث الإرسال لأنه عبر ( عمن سأل أبا عبد الله ) فالذي سال مجهول ، ونفس هذه الرواية قد رواها إبراهيم إسحاق أو ابن أبي إسحاق عن سعيد الأعرج [7] ، وعلى منوال ذلك أيضا رواية أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ قال حدثني من سمع أبي عبد الله.. ) [8] وهي ضعيفة بإسحاق صاحب اللؤلؤ وبالإرسال. هذا من حيث مستند المشهور من حيث الروايات التي يمكن الدغدغة السندية فيها.
 وأما مستند الشيخ الصدوق فهو صحيحة محمد بن مسلم ( سألت أبا عبد اله عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو اقل من ذلك ثم رأت دما قال تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت واعتدت بما مضى) [9] ودلالتها واضحة كما ان سندها تام والشيخ الصدوق قال في الفقيه بعد هذا الحديث ( بهذا الحديث أفتي دون الحديث السابق عليه لان إسناده متصل ومضمونه رخصة ورحمة بخلاف الاول أي الروايات الدالة على رأي المشهور ، وقد نقل المضمون المذكور صاحب الوسائل في ذيل صحيحة محمد بن مسلم
 هذا من حيث الأقوال والروايات.


[1] الجواهر 18 39.
[2] الجواهر 18 40.
[3] المدارك 7 182.
[4] الوسائل 13 453 85 من أبواب الطواف ح1.
[5] المصدر السابق ح2 .
[6] المصدر السابق ح4.
[7] الوسائل 13 456 86 من الطواف ح1.
[8] المصدر السابق ح2.
[9] الوسائل 13 454 85 من أبواب الطواف ح2.