37/04/23


تحمیل

الموضوع:- معونة الظالمين – مسألة ( 18 ).

الوجه الثاني:- قال العلامة(قده) ما نصّه:- ( أن الكليني قال إن المراد بقولي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى هو محمد بن يحيى وعلي بن موسى الكمنداني و .... والمراد بقوله عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد البرقي هو علي بن إبراهيم و .....والمراد بقولي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد هو علي بن محمد بن علان و ... )[1] [2] ، إن البعض قد اعتمد على هذا الكلام للعلامة ، وحيث أن العدة الأولى يوجد فيها محمد بن يحيى وهو رجل ثقة فلا مشكلة ، وفي العدة الثانية يوجد علي بن إبراهيم هو ثقة فلا مشكلة ، وهكذا الحال في العدة الثالثة .

إذن تزول المشكلة اعتمادا على ما ذكره العلامة.

وجوابه واضح:- حيث إن العلامة لم يذكر مستنده في ذلك وأنه اعتمد على أي شيء ، فلا يمكن حينئذٍ الاعتماد على نقله.

إن قلت:- إن العلامة رجل محقق ومدقق فكيف لا نعتمد على نقله ؟

قلت:- إن كونه ثقة وعالم وثقة شيء ، والاعتماد على ما ينقله شيء آخر ، ولعل ما ينقله حصل عليه اعتمادا على بعض الأمور لو اطلعنا عليها لم نوافقه على ذلك ، فعلى هذا الأساس لا يمكن الاعتماد على نقله.

نعم واحدة من هذه العدد يمكن الاعتماد عليها ، وهي العدّة عن احمد بن محمد بن عيسى ، فهذه نعتمد عليها بالخصوص لأن النجاشي في ترجمة احمد بن محمد بن عيسى ذكر أن له كتبا والنجاشي يقول أن كل هذه الكتب وصلتني بهذا الطريق وفي وسط الطريق الشيخ الكليني ، ونص عبارته بعد أن ذكر أن له كتباً وذكر جملة منها قال:- ( وقال لي أبو العباس احمد بن علي بن نوح[3] اخبرنا بها أبو الحسن بن داود[4] عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم ومحمد بن يحيى وعلي بن موسى بن جعفر وداود بن كورة واحمد بن إدريس عن احمد بن محمد بن عيسى بكتبه ) فبالتالي هذا طريق معتبر ينقل فيه الكليني عن علي بن إبراهيم وهو رجل ثقة ، ومحمد بن يحيى ثقة ، واحمد بن إدريس ثقة ، فهؤلاء فيهم ثقاة ثلاثة على الأقل عن احمد بن محمد بن عيسى بكتبه ، وحينئذ نقول هذا الطريق إما هو عين ما يقصده الكليني في كتابه الكافي حينما ينقل عن العدة عن احمد بن محمد بن عيسى أو أن هذا طريق آخر ، فإن كان نفسه فهو المطلوب ، وإن كان غيره فهو أيضاً ينفعنا في الوصول إلى المقصود إذ سوف يثبت أن الكليني له طريق آخر إلى كل ما رواه احمد بن محمد بن عيسى وبذلك يثبت المطلوب فإنه قال ( له كتب) وبعد ذلك قال (أخبرنا بها ....... عن احمد بن محمد بن عيسى ) ، فإذن لا مشكلة في البين.

اللهم إلا أن يقول قائل:- لعل الكليني بعد أن وصلت إليه كتب ابن عيسى بهذا الطريق الذي ينقله النجاشي وصلت إليه روايات أخرى لأحمد بن محمد بن عيسى بطريق آخر وحيث نجهل ذلك الطريق ويحتمل أن بعضها هو المسجل في كتاب الكافي فحينئذٍ كلّ ما في كتاب الكافي عن العدة عن أحمد بن محمد بن عيسى يسقط عن الاعتبار.

ولكن كما ترى:- فإن هذا احتمال عقلي وليس عقلائياً.

والنتيجة النهائية من خلال ما بيناه:- هو أن ما ذكره العلامة من تفسير لا يمكن الاعتماد عليه ، نعم نعتمد على واحدة من الثلاث وهي العدة عن احمد بن محمد بن عيسى لما نقله النجاشي.

إن قلت:- إن الذي نقله النجاشي من طريقٍ وبالتالي تفسير العدة بالخمسة التي ذكرناها والذي ثلاثة منهم ثقاة هو بعينه العبارة التي يذكرها العلامة ، فهو حينما يفسر العدة عن احمد بن محمد بن عيسى ما يذكره هناك نفس الذي ذكره النجاشي هنا ، وبناء على هذا يثبت أن جميع التفاسير الثلاثة معتبرة لا خصوص تفسير العدة عن احمد بن محمد بن عيسى.

قلت:- هذا مجرد ألفاظ ، فإن أحد الطرق أو التفاسير الثلاثة التي ذكرها العلامة إذا كانت صحيحة فبقرينة ما ذكره النجاشي كيف يثبت بذلك إن التفسيرين الآخرين للعدة هما صحيحان ، إنه لا توجد ملازمة عقلية ولا عقلائية ولا عرفية.

الوجه الثالث:- تطبيق حساب الاحتمال ، وهو له بيانان:-

البيان الأول:- أن يقال إن العدة أقلهم ثلاثة ن ومن البعيد أن جميع الثلاثة الذين هم من مشايخ الكليني يعتمدون على الكذب والوضع ، فيحصل بذلك الاطمئنان بأن ما نقلوه هو صواب وحق.

البيان الثاني:- وهو نفس البيان الأول من حيث الروح إلا أنه يطعّم ببعض الأمور وذلك بأن يقال ، هناك مقدمات ثلاث:-

الأولى:- إن الكليني يروي عن ستة من مشايخه بكثرة ، يأتي أولهم علي بن إبراهيم فقد روى عنه ( 4957 ) حديثاً - يعني لعله روى عنه ربع الكافي - ، وثانيهم محمد بن يحيى فإنه يروي عنه ( 3114 ) حدثاً ، وثالثهم أحمد بن إدريس وهو أبو علي الأشعري يروي عنه ( 803 ) حديثاً ، ورابعهم الحسين بن محمد الأشعري القمي ( 663 ) حديثاً ، وخامسهم محمد بن إسماعيل يعني عن الفضل بن شاذان يروي عنه ( 513 ) حديثاً ، وواضح أنه يوجد كلام في محمد بن إسماعيل وأنه مجهول ومردّد ولكن لا يبعد أن يقال إن كثرة نقل الكليني عنه هو بنفسه من دوال وثاقة الرجل ، وسادسهم حميد بن زياد الذي هو من أهالي نينوى حيث يروي عنه ( 361 ) حديثاً ن فإذن نتمكن أن نقول إن ثلثي الكافي هو من هؤلاء الثقاة ، وأما القسم الباقي فيرويه عن جماعة متفرقة القسم الكبير منهم ثقاة أيضاً والقسم الآخر الذي - وهو أقل - لم تثبت وثاقتهم.

الثانية:- إنه لو لاحظنا روايات أحمد بن محمد بن عيسى لوجدنا الكثير منها يروي عنه محمد بن يحيى الأشعري - الذي هو شيخ الشيخ الكليني - ، وإذا أتيت إلى البرقي تجد أن علي بن محمد بن بندار يروي عن البرقي كثيراً ، وهكذا بالنسبة عن العدة عن سهل فإن ابن بندار يروي كثيرا عن سهل ، وهذه قضية لابد من أخذها بعين الاعتبار.

الثالثة:- إن العدة كما قلنا أقلها ثلاثة ، فمن البعيد أن العدّة ليس فيهم أحد هؤلاء الثلاثة الذين فيهم هذه الخصوصيات التي أشرنا إليها.

فإذن التوقف من ناحية العدّة لا مجال له ولم أر ولم اسمع من توقف في ذلك.


[1] خلاصة الأقوال، العلامة، الفائدة الثالثة، ص271، ط المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف.
[3] هذا ما يعبر عنه بالسيرافي وهو من ثقاة أصحابنا وهو شيخ للنجاشي.
[4] وهذا أيضا من ثقاة أصحابنا حيث يترجمه النجاشي ويوثقه.