34/08/08


تحمیل
 الموضوع : الشرط اذا كان في ضمن نذر الاعتكاف
 تحصل مما ذكرناه ان الشرط اذا كان في ضمن نذر الاعتكاف لا دليل على صحته , فان الروايات التي تدل على صحة هذا الشرط انما هو فيما اذا كان في ضمن اعتكاف , واما اذا كان في ضمن نذر متعلق بالاعتكاف فلا دليل على صحته فان الاعتكاف المشروع على قسمين احدهما مطلق والآخر مشروط بشرط الرجوع فاذا تعلق النذر بالاعتكاف المطلق فلا دليل على صحة هذا الشرط شرط الرجوع واما اذا تعلق بالاعتكاف المشروط فلا مانع منه فان معنى تعلق النذر بالاعتكاف المشروط انه يجب عليه ان ينوي الاعتكاف المنذور اي حين النية يشترط هذا الشرط فاذا نوى الاعتكاف وحين نيته اشترط شرط الرجوع فقد وفى بنذره وحصل الوفاء بالنذر , لانه نذر الاعتكاف المشروط وهذا هو الاعتكاف المشروط , واما الشرط في ضمن هذا النذر فهو لغو ولا اثر , فالنذر تعلق بالاعتكاف المشروط فاذا اشترط الرجوع في ضمن هذا النذر ايضا فهو لغو ولا اثر لهذا الشرط .وهذا هو ظاهر عبارة الماتن (قده) من تعلق النذر بالاعتكاف المطلق , واما حمله على تعلق النذر بالاعتكاف المشروط فهو خلاف الظاهر وان حمله السيد الاستاذ (قده) على ذلك .
 المسألة (42) : لا يصح ان يشترط في اعتكاف ان يكون له الرجوع في اعتكاف آخر له غير الذي ذكر الشرط فيه , وكذا لا يصح ان يشترط في اعتكافه جواز فسخ اعتكاف شخص آخر من ولده او عبده او اجنبي .
 ما ذكره (قده) صحيح اذ لا دليل على صحة هذا الشرط فان الدليل انما دل على صحة هذا الشرط في ضمن اعتكافه , واما اذا اشترط في ضمن اعتكاف بجواز الرجوع في اعتكاف آخر فلا دليل على صحة هذا الشرط , وكذلك اذا اشترط في ضمن اعتكاف جواز فسخ اعتكاف شخص آخر كولده او عبده او ما شاكل ذلك فلا دليل على صحة هذاالشرط , وتمسك بعضهم بدليل [ المؤمنون عند شروطهم ] في غير محله , فان معنى المؤمنون عند شروطهم نفوذ الشرط على المؤمن فان الشخص اذا اشترط شيء على نفسه فهو نافذ لغيره , اي شروط المؤمنون نافذة على انفسهم لغيرهم , واما في المقام فقد يكون اشترط شيئاً بالنسبة الى غيره فلا دليل على نفوذه , فانه في المقام اشترط على الله الرجوع فاذا امضاه صح هذا الشرط فهذا الشرط خارج عن عموم المؤمنون عند شروطهم ولا دليل على صحة هذا الشرط .
 المسألة (43) : لا يجوز التعليق في الاعتكاف فلوعلقه بطل الاّ اذا علقه على شرط معلوم الحصول حين النية فانه في الحقيقة لا يكون من التعليق .
 كما اذا اعتكف على ان يكون هذا اليوم يوم الجمعة وهو في الواقع يوم الجمعة , واما اذا كان التعليق على امر استقبالي فهو غير صحيح , اما التعليق بالنسبة الى المكث واللبث فهو غير متصور فان الفعل الخارجي غير قابل للتعليق كالمكث واللبث في المسجد والقيام والقعود والضرب وما شاكل ذلك كما اذا ضرب شخصاً معلقاً على انه بكر فلا معنى له فان الضرب وقع في الخارج فهذا التعليق لا اثر له , فالافعال الخارجية غير قابلة للتعليق وامرها يدور بين الوجود والعدم , وكذلك الانشاء غير قابل للتعليق كما ذكرنا وامره يدور بين الوجود والعدم , وكذلك المنشأ بوجوده الانشائي فانه بوجوده الانشائي عين الانشاء ولا فرق بينهما الاّ بالاعتبار كالايجاد والوجود في الامور التكوينية , واما بوجوده الفعلي فلا مانع من التعليق كما اذا انشا ملكية مالٍ بعد شهر او بعد سنة فان الانشاء من الآن قد تحقق والمنشا بوجوده الانشائي قد تحقق من الآن ولكن فعلية الملكية بعد سنة فهذا في نفسه لا مانع منه وقد دل الدليل على ذلك في مقام الاثبات في بعض الموارد كما في الوصية التمليكية وهكذا في بيع الصرف والسلم وما شاكل ذلك , او فرضنا ان المرأة علقت زوجيتها من شخص بعد شهر فلا مانع من ذلك في نفسه فان انشاء الزوجية قد تحقق من الآن والمنشأ بوجوده الانشائي تحقق من الآن لكن بوجوده الفعلي يتحقق بعد شهر فهذا في نفسه لا مانع منه ولكن في مقام الاثبات بحاجة الى دليل , وذكر السيد الاستاذ (قده) ان بطلان ذلك لا يحتاج الى الاجماع الذي ادعي على ان التعليق في العقود والايقاعات باطل بل هو في نفسه باطل لانه غير معهود عند العقلاء , فان تمليك مال بعد شهر او بعد سنة فهو غير معهود عند العقلاء وغير متعارف , وكذلك الحال في الزوجية والنكاح فانه غير معهود عند العقلاء وغير متعارف فلا يكون مشمولاً لأدلة الامضاء [ اوفوا بالعقود ] و [ احلّ الله البيع ] وما شاكل ذلك .
 الظاهر ان مثل هذا البيع وان لم يكن معهوداً سابقاً الاّ انه في الوقت الحاضر متعارف عند العقلاء كما في الاسواق المالية وفي البورصات فان هذه المعاملات متعارفة عند العقلاء وتترتب عليها آثار الصحة , بل في الاسواق المالية الثمن والمثمن كلاهما غير موجود يبيع عشرة اطنان من الحنطة باوصاف مذكورة بعد خمسة اشهر والحنطة غير موجودة في الوقت الحاضر , او يبيع عشرة اطنان من النفط بعد خمسة اشهر والنفط غير موجود في الوقت الحاضر , وفي وقته يحضر المبيع من الحنطة او النفط ويسلمه الى المشتري , فهذه المعاملات المتبادلة الواقعة في الاسواق المالية المتعارفة غالباً مبنية على ذلك , مع ان المعروف عند الفقهاء بطلان مثل هذا البيع فان المبيع اذا كان معدوماً فلا يجوز بيعه ولا دليل على صحة بيعه , فان المعروف عند العقلاء بطلان مثل هذا البيع , ولكننا صححنا مثل هذه البيوع بدليل قوله [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً سورة النساء /الآية 29 ] فلا شبهة في كونها تجارة والتراضي ايضاً موجود وان لم يصدق عليها عنوان البيع ولكن عنوان التجارة عن تراضٍ يصدق عليها , وهذا العنوان عنوان عام فعندئذ لا مانع من صحة هذه المعاملات بهذا العنوان , وفي المقام كذلك لا مانع من تمليك مالٍ للغير بعد اشهرٍ او بعد ثلاثة اشهر , وفي المقام ايضاً كذلك فان انشاء الالتزام بالاعتكاف غير قابل للتعليق , واما المنشأ وهو الالتزام بوجوده الفعلي فهو وان كان قابلا للتعليق الاّ ان الحكم بصحته مشكل بان يكون اعتكافه معلقاً على مجيء زيد او على امر آخر , فهذا لا دليل عليه ولا يستفاد من الروايات ولا دليل على صحته , والمستفاد من الروايات ان يكون الالتزام بالاعتكاف , واما الالتزام بالاعتكاف معلقاً على شيء فلا دليل على صحته .
 هذا تمام الكلام في الاعتكاف وشرائطه ويقع الكلام في احكام الاعتكاف ان شاء الله تعالى.