37/11/26


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/11/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

الكلام يقع في مسألتين.

المسالة الاولى:- ان الزكاة تعلقت بالاعيان الخارجية بتمام اصنافها سواء أكانت الزكاة في الغلاة الاربعة او في النقدين او في الانعام ، ولكن كيفية تعلقها تختلف من صنف الى صنف آخر على ما هو المختار عندنا ، فان تعلق الزكاة في الغلاة الاربعة بنحو الاشتراك في العين بنحو الاشاعة وهو الظاهر من كملة (العشر او نصف العشر) الواردة في الروايات ، فان هذه الكلمة تدل على ان الفقير شريك مع المالك في عشر ماله من الحنطة او الشعير او التمر او الزبيب ، بمعنى ان كل جزء من اجزاء الحنطة عشر منه للفقير وتسعة اعشار منه للمالك ، ولهذا لا يجوز تصرف المالك فيه قبل اخراج الزكاة منه لأنه مال مشترك بينه وبين الفقير ، وهكذا الحال في الخمس فان الظاهر من ادلة الخمس ان الامام (عليه السلام) مع فقراء السادة شريك مع المالك في خمس ماله ، بمعنى ان كل جزء من اجزاء مال المالك اربعة اخماس له وخمسٌ للإمام (عليه السلام) مع فقراء السادة.

اما في زكاة النقدين فالظاهر ان تعلق الزكاة في الاعيان بنحو الكلي في الذمة لا بنحو الاشتراك في العين ، واما في زكاة الاغنام ايضا بنحو الكلي في المعين ، واما في زكاة البقر فالمعروف والمشهور بين الاصحاب الاشتراك في المالية بمعنى اشتراك الفقير مع المالك في المالية وكذا في زكاة الابل.

ولكن استفادة هذا المعنى من الروايات مشكل ، فان الوارد في الروايات (ان في خمس ابل شاة) ، فقد يقال ان هذا بنحو الاشتراك في المالية وان مالية التي تكون ملكا للفقراء متمثلة في شاة وهذا بعيد ، ولكن الظاهر من هذه الروايات ان الشارع جعل شاة واحدة زكاة لخمس ابل كما جعل تبيع او تبيعته زكاة لثلاثين بقرة ، هذا في مرحلة الجعل.

واما في مرحلة الامتثال فتوجد اقوال.

القول الاول:- وهو المعروف والمشهور بين الاصحاب انه في مرحلة الامتثال هو ان الشارع رخص بين اخراج الزكاة من نفس النصاب او اخراج الزكاة بدفع بديل له مثل النقدين الفضة او الذهب او بدفع جنس اخر ، لا ان بديله مصداق للزكاة فان مصداق الزكاة هو الحنطة او الشعير او التمر او الزبيب واما النقدين فهو ليس مصداق للزكاة وكذا الجنس الاخر ليس مصداقا للزكاة ، فان الزكاة متعلقة بالحنطة ، والنقدين ليس مصداقا للحنطة ولكن الشارع في مقام الامتثال رخص للمكلف تسهيلا وامتنانا رخص بدفع الزكاة اما بإخراج الزكاة من نفس العين الزكوية او بدفع بديلها كأحد النقدين او جنس اخر ، هذا هو المعروف بين الاصحاب.

القول الثاني:- وهو ان الواجب في مقام الامتثال هو الجامع بين اخراج الزكاة من نفس العين وبين دفع احد النقدين بديلا عن الزكاة فالمكلف مخير بينهما والواجب على المكلف هو الجامع.

القول الثالث:- وهو المختار وهو ان المكلف مخير في زكاة الغلاة فقط وزكاة النقدين مخير بين دفع الزكاة من نفس العين وبين دفع البديل له ولكن البديل منحصر في النقدين فقط ولا يجوز دفع زكاة الحنطة من الشعير او من التمر او من الزبيب او من جنس اخر ، فلابد ان يكون دفع زكاة الحنطة اما من نفس الحنطة او من احد النقدين الذي هو بديل له فالواجب هو الجامع.

فان قيل:- ان وجوب الجامع هل هو وجوب نفسي مولوي او انه وجوب طريقي او وجوب ارشادي او وجوب عقلي؟

الجواب:- الظاهر انه ليس وجوبا مولويا لان المجعول في باب الزكاة هو الحكم الوضعي أي وضع الزكاة على اموال الاغنياء وليس المجعول في باب الزكاة الحكم التكليفي ، فان الحكم التكليفي غير مجعول في باب الزكاة ، اذن وجوب الجامع ليس وجوبا مولويا تكليفيا ، وكذا ليس وجوبا طريقيا لان الوجوب الطريقي جعله لغرض الحفاظ على الاحكام الواقعية في موارد الاشتباه والالتباس اما في المقام فلا اشتباه ولا التباس لان دفع زكاة الحنطة اما من نفس الحنطة او من بديلها وهو احد النقدين ، وكذا هذا الوجوب ليس وجوبا ارشاديا فان المرشد الى المرشد وليس له مرشدا ليه ، اذن ليس هو وجوب ارشادي بل هو وجوب عقلي باعتبار انه وجوب في مرحلة الامتثال والوجوب في مرحلة الامتثال وجوب عقلي والامر في مرحلة الامتثال بيد العقل وليس بجعل من الشارع ، اذن هذا الوجوب وجوب عقلي وهو وجوب في مرحلة الامتثال.

ومن ناحية اخرى ان الزكاة بما انها تعلقت بنفس الاعيان فاذا علم المكلف اجمالا ان الزكاة اما متعلقة بالحنطة او بالشعير او بالحنطة او بالتمر فهذا العلم الاجمالي منجز لأنه علم اجمالي بين المتباينين وهو منجز فالاصول المؤمنة لا تجري في اطرافه اما لقصور المقتضي او من جهة المعارضة.

واما اذا انتقلت الزكاة الى الذمة كما اذا تلفت الحنطة تحت يد المالك بتقصير منه او اتلفها فتنتقل الزكاة الى ذمته وبما ان الحنطة مثلية فذمته مشغولة بالمثل وحيث ان هذا العلم الاجمالي لم يتعلق بالمثل لان العلم الاجمالي انما تعلق بالاعيان الخارجية لا بالاعيان الذهنية والعين الذهني بديل للاعيان الخارجية وليست متعلقة للعلم الاجمالي ولكن العلم الاجمالي منجز للاعيان الخارجية بما لها من القيمة وبما لها من المثل ، اذن العلم الاجمالي مع انه منجز للزكاة المتعلقة بالحنطة في الخارج او الزكاة المتعلقة بالشعير الذي في الخارج ومقتضى تنجيز العلم الاجمالي يجب على المكلف بعد التلف اعطاء المثل ايضا فلابد ان يخرج مثل زكاة الحنطة ان يخرج او قيمتها من النقدين وكذا مثل زكاة الشعير او قيمتها من النقدين ، فان هذا العلم الاجمالي منجز للعين الخارجية بما لها من القيمة مثليا او قيميا لا فرق من هذه الناحية ، هذا اذا كان مثليا.

واما اذا كان قيميا كما اذا علم ان الزكاة اما تعلقت بشياته او تعلقت بأبقاره فانه يعلم اجمالا ان احد الصنفين متعلق للزكاة اما صنف الاغنام او صنف الابقار فالزكاة تتعلق بالعين الخارجية ، واما اذا تلفت كما لو تلف صنف الاغنام او تلف صنف الابقار فأيضا تنتقل الى ذمته قيمة الشاة باعتبار ان الشاة قيمية فتكون ذمة المالك مشغولة بقيمة الشاة وتكون ذمة المالك مشغولة بذمة التبيع ، ففي مثل ذلك هل يكون العلم الاجمالي منجز او لا يكون منجزا؟

الجواب:- الظاهر هو التنجيز لان العلم الاجمالي الذي تعلق بتعلق الزكاة بالعين فهو منجز فاذا علم اجمالا ان الزكاة اما تعلقت بأغنامه او تعلقت بأبقاره فهذا العلم الاجمالي منجز وهو منجز للزكاة المتعلقة بالاغنام بما لها من القيمة ، اذن يجب على المالك دفع قيمة الشاة للفقراء ودفع قيمة التبيع للفقراء.

ولكن السيد الماتن (قدس الله نفسه) احتاط في ذلك[1] واحتمل ان العلم الاجمالي ينحل اما حقيقة او حكما ، وذهب بعضهم الى ان العلم الاجمالي ينحل بالعلم التفصيلي بالاقل والشك البدوي في الاكثر فاذا فرضنا ان قيمة الشاة عشرين دينارا وقيمة التبيع ثلاثين دينارا فهو يعلم تفصيلا ان ذمته مشغولة بعشرين دينارا سواء اكانت الزكاة شاة او تبيعا ويشك في اشتغال ذمته بالزائد وهو عشرة دنانير فحينئذ العلم الاجمالي ينحل الى علم تفصيلي وشك بدوي.

يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.

 


[1] - افتى بوجوب دفع الاقل واحتاط وجوبا في دفع الزائد.