37/11/27


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/11/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

تحصل مما ذكرنا ان الزكاة حكم وضعي ومجعولة للاعيان الخارجية ، فمثلا الزكاة مجعولة للحنطة والشعير والتمر والزبيب وتعلق الزكاة بالحنطة بما لها من المالية في تمام مراتبها سواء أكانت ماليتها في ضمن عنوان الحنطة ام كانت ماليتها في ضمن النقود الرائجة ام كانت ماليتها في جنس اخر ، فمتعلق الزكاة الحنطة بما لها من المالية بتمام مراتبها ، واما الحكم التكليفي فهو غير مجعول في باب الزكاة وانما انتزع بحكم العقل ، فان الحكم التكليفي كوجوب دفع الزكاة الى الفقير فهو وجوب منتزع ووجوب عقلي ، وهذا الوجوب لا اثر له ، والاثر انما هو للحكم الوضعي وهو الزكاة فالزكاة تعلقت بالحنطة بما لها من المالية في تمام مراتبها سواء أكانت ماليتها في ضمن نفس الحنطة او ماليتها في ضمن النقود الرائجة او في ضمن اجناس اخرى ، فحينئذ العلم الاجمالي اذا تعلق بالزكاة في الحنطة كما اذا علم اجمالا بان الزكاة اما تعلقت بحنطته او بشعيره فهذا العلم الاجمالي منجز والاصول المؤمنة لا تجري في طرفيه اما من جهة قصور المقتضي او من جهة سقوطها بالمعارضة.

وكذا اذا أراد المالك اعطاء الزكاة في ضمن مالية اخرى ، كما اذا اعطى الزكاة من النقود فان هذا العلم الاجمالي منجز لان الزكاة تعلقت بالحنطة بماليتها بتمام مراتبها سواء أكانت ماليتها في ضمن النقود الرائجة او في ضمن اجناس اخرى.

ومن هنا يظهر ان ما ذكره الماتن (قدس سره) من انه اذا اعطى زكاة الحنطة من النقود لا يبعد ان يكون الواجب عليه هو الاقل دون الاكثر لانحلال العلم الاجمالي وان اشكل فيه بعد ذلك ، فانه ليس الامر كذلك ، فان هذه المالية منجزة سواء أكان في ضمن الحنطة او في ضمن النقود الرائجة او في ضمن اجناس اخرى.

وكذا على القول الاخر وهو ان الواجب هو الجامع بين زكاة الحنطة وبين النقود ، فان المالك مخير بين ان يعطي زكاة الحنطة من نفس الحنطة او يعطي زكاتها من النقود الرائجة ، فان الامر كذلك لان العلم الاجمالي منجز للزكاة المتعلقة بالحنطة بما لها من المالية سواء أكانت ماليتها في ضمن الحنطة او ماليتها في ضمن النقود.

واما اذا تلفت الحنطة والشعير اشتغلت ذمته بالمثل فحينئذ ايضا العلم الاجمالي منجز لان المثل بدل للزكاة ، لان الزكاة تعلقت بالحنطة بما لها من المالية سواء أكانت ماليتها مثلية ام قيمية فلا فرق من هذه الناحية.

واما اذا كان العلم الاجمالي بين جنسين مختلفين ، كما اذا علم اجمالا بان شياته اما متعلقة بالزكاة او ابقاره متعلقة بالزكاة ، فهو يعلم اجمالا ان الواجب عليه اما دفع الشاة او دفع التبيع ، ولا شبهة في ان هذا العلم الاجمالي منجز ، ولكن اذا تلفت الشاة وتلف التبيع فحينئذ انتقل الى قيمته وتشتغل ذمة المالك بالقيمة أي بقيمة الشاة وبقيمة التبيع باعتبار ان الشاة قيمية وان التبيع قيمي ، ففي مثل ذلك ذكر الماتن (قدس الله نفسه) وكذا غيره ان القيمة مرددة بين الاقل والاكثر كما اذا فرضنا ان قيمة الشاة عشرون دينارا وقيمة التبيع ثلاثون دينارا ، ففي مثل ذلك يعلم المكلف ان ذمته مشغولة بعشرين دينار على كل تقدير سواء أكانت الزكاة تبيعا ام كانت الزكاة شاة ولا ندري ان ذمته مشغولة بالزائد وهو عشرة دنانير او لا؟ ففي مثل ذلك ينحل العلم الاجمالي الى العلم التفصيلي بوجوب الاقل والشك البدوي في الاكثر ، فلا مانع من الرجوع الى استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزائد. هكذا ذكر الماتن 0قدس الله نفسه) وكذا غيره.

ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك لان الزكاة تعلقت بالشاة بما لها من المالية بتمام مراتبها ومنها النقود سواء كانت ماليتها في ضمن عنوان الشاة ام كانت ماليتها في ضمن النقود الرائجة ، فقيمة الشاة عشرين دينارا فهي منجزة بالعلم الاجمالي وقيمة التبيع ثلاثون دينارا وهو منجز بالعلم الاجمالي ولهذا يجب الاحتياط بدفع عشرين دينارا للفقير بعنوان زكاة الشاة وثلاثون دينار بعنوان زكاة الابقار وما ذكره جماعة منهم الماتن (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه.

وكذا السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) قد بنى على انحلال العلم الاجمال في المقام ، ولكن الامر ليس كذلك.

نــعــم لو كان هنا حكم تكليفي لا حكم وضعي ، فانه يعلم اجمالا ان الواجب عليه اما دفع عشرين دينارا او ثلاثين دينارا لان في مثل ذلك يدور بين الاقل والاكثر فالعلم الاجمالي لا محالة ينحل الى العلم التفصيلي بالأقل والى الشك البدوي في الاكثر ، اذن يجب عليه ان يدفع الاقل ويرجع الى الاصول المؤمنة في الاكثر ، هذا اذا كان هنا حكم شرعي تكلفي لا حكم وضعي أي ان الزكاة تعلقت بالشاة فقط وبالتبيع فقط واما قيمة الشاة فليست متعلقة للزكاة بل هي متعلقة للحكم التكليفي ، فحينئذ ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي بوجوب الاقل والى شك بدوي بالنسبة الى الاكثر ولا مانع من الرجوع الاستصحاب او الى اصالة البراءة في الزائد ، هذا بناء على ان يكون دوران الامر بين الاقل والاكثر في الحكم التكليفي.

ولكن الامر في المقام ليس كذلك فان المجعول في المقام هو الحكم الوضعي وهو جعل الزكاة لا الحكم التكليفي ، والحكم التكليفي منتزع من الحكم الوضعي والانتزاع انما هو من قبل العقل ، فالعقل ينتزع الوجوب التكليفي من الحكم الوضعي فهذا الوجوب وجوب عقلي وليس بوجوب شرعي فلا اثر له.

هذا تمام كلامنا في هذه المسالة.