37/12/05


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/12/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

تحصل مما ذكرنا ان المالك وهو البايع اذا اشترط على المشتري اداء الزكاة فهذا الشرط لا يمكن ان يرجع الى نقل الزكاة من العين الى ذمة المشتري ، فلا يمكن نقل الزكاة من العين الى ذمة المشتري ، واذا اشترط ذلك في ضمن العقد فهذا الشرط مخالف للكتاب والسنة وهو باطل والمفروض ان الشرط لا يكون مشرعا فلا اثر لهذا الشرط.

نــعــم يمكن ذلك اذا تعهد المشتري بدفع الزكاة واخذ الزكاة في ذمته وتعهد بدفع الزكاة وقبل الحاكم الشرعي ولاية على الفقراء ، فحينئذ تنتقل الزكاة من العين الى ذمة المشتري والى عهدة المشتري وحينئذ للحاكم الشرعي ان يرجع الى المشتري دون البايع في اخذ الزكاة ، فليس للبايع نقل الزكاة من ذمته الى ذمته المشتري الا بهذا النحو.

النقطة الثالثة:- قد يقال ـــ كما قيل ـــ ان شرط البايع على المشتري اداء الزكاة قرينة على ان البايع باع ماله لا مال الفقير فلا يكون البيع فضوليا فان البايع باع ماله لا مال الفقير ، اذن لا يكون البيع فضوليا وهذا الشرط قرينة على ذلك.

ولكن الامر ليس كذلك فان هذا الشرط لا يصلح ان يكون قرينة على ذلك ، فان هذا الشرط كما ينسجم مع كون البايع باع ماله دون مال الفقير فكذا ينسجم مع كون البايع باع ماله ومال الفقير معا ، فحينئذ يكون البيع فضوليا بالنسبة الى مال الفقير ، اذن هذا الشرط ينسجم مع كلا الامرين وتعيين كلٍ منهما بحاجة الى قرينة ، فان باع المالك ماله ومال الفقير معا فالبيع بالنسبة الى مال الفقير فضوليا فان اجاز الحاكم الشرعي هذا البيع انتقل الثمن الذي في مقابل مال الفقير الى الفقير ، اذن اذا اجاز الحاكم الشرعي صح هذا البيع وخرج عن البيع الفضولي وهو مشمول لدليل الامضاء كأوفوا بالعقود واحل الله البيع ، فاذا صح البيع انتقل الثمن الى مالك المثمن والمثمن ينتقل الى مالك الثمن وهو المشتري.

واما اذا لم يجز الحاكم الشرعي البيع فالبيع فضولي الا اذا ادى المشتري الزكاة ، فان المشتري اذا أدى الزكاة من مال اخر وكالة عن البايع من النقدين او من جنس اخر على المشهور وحينئذ اما ان يؤدي الزكاة من ماله ويرجع به على البايع او ان يؤدي الزكاة من مال البايع فعلى كلا التقديرين يرجع مال الفقير الى البايع ثم ينتقل من البايع الى المشتري باعتبار ان المشتري اعطى الثمن للبايع فاذا اعطى المشتري وكالة عن البايع الزكاة من جنس اخر للفقير انتقلت الزكاة الى البايع وتدخل في قاعدة من باع شيئا ثم ملك ثم ينتقل من ملك البايع الى ملك المشتري ويصح البيع في تمام النصاب أي في مجموع المالين من مال المالك ومال الفقير معا.

النقطة الرابعة:- ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ان البايع تارة يشترط على المشتري ان يؤدي زكاة النصاب وكالة ونيابة عنه وحينئذ لا شبهة في انه يجوز للمشتري ان يؤدي الزكاة من جنس اخر من النقدين او من جنس اخر غير النقدين على المشهور ، واخرى ان البايع يشترط على المشتري ان يؤدي الزكاة من مال اخر لا من نفس النصاب كما اذا باع حنطة متعلقة بالزكاة المشتري واشترط على المشتري ان يؤدي زكاة الحنطة من مال اخر كالنقدين او جنس اخر غير النقدين على المشهور وقد ذكر (قدس الله نفسه) ان صحة هذا الشرط مشكل ، فان الثابت هو ان المالك مخير بين ان يعطي الزكاة من نفس النصاب او من مال اخر او وكيل المالك او نائبه ، واما الاجنبي فلا دليل على ولايته على اخراج الزكاة من مال اخر بان يعطي بدل الزكاة للفقير.

ولكن قد يقال ـــ كما قيل ـــ ان الزكاة متعلقة في العين بنحو الاشتراك في المالية وان الفقير شريك مع المالك في المالية مثلا الفقير شريك في الحنطة في مالية الحنطة وكذا باقي اصناف الزكاة الفقير شريك مع المالك في مالية العين الزكوية لا في نفس العين ، وعلى هذا فاعطاء جنس اخر من النقدين او جنس اخر غير النقدين على المشهور ليس بعنوان المبادلة فليس النقد الذي اعطاء للفقير بدلا عن الزكاة بل هو مصداق الزكاة فان الزكاة هي مالية الحنطة ومالية الحنطة تنطبق على النقدين ايضا وعلى جنس اخر ايضا.

اذن لا مبادلة حتى يحتاج الى الولاية بل اعطاء النقدين اعطاءٌ للزكاة لأنها مصداق لمالية الزكاة ومن افراد المالية فلا فرق بين ان يعطي زكاة الحنطة من الحنطة او يعطي زكاة الحنطة من النقدين فان النقد مصداق للزكاة باعتبار ان الزكاة هي مالية الحنطة ومالية الحنطة تنطبق على النقود ايضا او على جنس اخر على المشهور.

ولكن هذا غير تام ، وقد ذكرنا في محله ان في زكاة الغلاة الاربعة الفقير شريك مع المالك في العين بنحو الاشاعة باعتبار ان ظاهر روايات الزكاة كذلك فان زكاة الحنطة العشر او نصف العشر وكلمة العشر ظاهرة في الاشتراك في العين بنحو الاشاعة ، كما ان الخمس ظاهر في الاشتراك في العين بنحو الاشاعة ، واما زكاة الاغنام فلا يمكن ان يكون بنحو الاشتراك لا في المالية ولا في العين بل زكاة الاغنام بنحو الكلي في المعين واما زكاة الابل فعلى المشهور هو الاشتراك في المالية لا في العين وكذا زكاة البقر ولكن ذكرنا ان ظاهر الادلة ان زكاة الابل شاة وليس الفقير شريك مع المالك في الابل ولا في البقر فان زكاة ثلاثين بقرة تبيع واما الثلاثين بقرة هي ملك طلق للمالك ولا يكون الفقير شريك مع المالك لا في مالية البقر ولا في عين البقر.

اذن بناء على هذا فاذا اعطى زكاة الغلاة الاربعة من النقدين فهو لا يكون مصداقا للزكاة بل هو بدل للزكاة لان الزكاة معنونة بعنوان الحنطة وعنوان الحنطة عنوان مقوم وهذا بحاجة الى الولاية ولا ولاية للأجنبي على ذلك فان ولاية المبادلة انما هي ثابتة للمالك ووكيله ونائبة لا للأجنبي.

هذا تمام كلامنا في هذه المسالة ويأتي الكلام في المسالة التالية ان شاء الله تعالى.