37/11/24


تحمیل

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/11/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ كيفية التيمم

الثالث: مسح تمام ظاهر الكف اليمنى بباطن اليسرى ثم مسح تمام ظاهر اليسرى بباطن اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع، ويجب من باب المقدمة إدخال شيء من الأطراف، وليس ما بين الأصابع من الظاهر فلا يجب مسحها، إذ المراد به ما يماسه ظاهر بشرة الماسح، بل الظاهر عدم اعتبار التعميق والتدقيق فيه. بل المناط صدق مسح التمام عرفا [1] .

افاد السيد الاعظم ان هذه الروايات التي اعتمد عليها ابن بابوية انها مخالفة للكتاب وموافقة للعامة وبذلك ترفض وتحمل على التقية , اما انها موافقة للعامة فهو كما في فتاويهم فلا نحتاج الى التعب فهم يمسحون من المرفق الى الاصابع .

انما الكلام في ماقاله السيد الاعظم بان هذه الروايات مخالفة لكتاب الله العزيز وذلك بان الآية ( فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً )[[2] ] والباء للتبعيض والمقصود هو مسح بعض الوجه المقصود غسله في الوضوء وبعض اليد المقصود غسلها بالوضوء , هكذا افاد السيد الاعظم , فما دل على ان المسح من الذراعين هو مخالف لكتاب الله , فكتاب الله العزيز يقول ان التيمم هو مسح لقسم من اليد واليد التي تغسل في الوضوء.

وما افاد فغير واضح :

الملاحظة الاولى : لو فرضنا انه مخالفة لكتاب الله فهذا يقتضي رفضها وليس حملها على التقية فما خالف كتاب الله زخرف وباطل كما قال الائمة ع فلابد من طرحها وليس حملها على التقية .

الملاحظة الثانية : اذا قصر النظر على الآية والتزمنا من ان الباء تأتي للتبعيض وان انكره ابناء العامة ولكن ثبت انه يأتي هذا الحرف للتبعيض , فأقصى ما تدل عليه الآية هو وجوب بعض اليد لا بعض ما يغسل من الوضوء , نعم صحيحة زرارة التي وردت عن الامام الباقر والامام ع هناك فسر بكلامه الشريف انه بعض اليد الذي يراد غسله , فهذا جزء من كلام الامام الباقر ع وليس جزءا من الآية فيكون هذا الكلام وهو مسح اليد من المرفق مخالف لصحيحة زرارة فكيف تجعل ذلك قرينة على انه مخالف لكتاب الله فهذا غير واضح , فبقرينة الصحيحة وتفسير الامام الباقر ع للآية الشريفة يقول المقصود به البعض الذي امر بغسله بالوضوء فهذا ليس مدلول الآية الشريفة .

السيد حكيم الفقهاء ايضا قال يحمل الامر بالغسل على الدلالة على الاستحباب .

قلنا في الجلسة السابقة ليس في الروايات التي استدل بها ابن بابويه امر حتى يفسر على الاستحباب انما جاء الروايتان في مقام عمل المعصوم وكان في مقام تحديد مايمسح بالتيمم وتفصيل ما يغسل بالوضوء فهذا تحديد وعليه يقتضي الوجوب وليس الى الاستحباب , فالحمل على الاستحباب كما ذكر العلمان السيد الحكيم والسيد الاعظم جدا غير واضح _ لم يقولوا في فتاويهم بالمسح الى المرفق ولكن طرحوا هذا الاحتمال في مقام البحث العلمي _ .

والصحيح للروايات المتقدمة وغيرها هو ان المعصوم لم يمسح ذراعيه (وعنه ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن حمّاد بن عثمان ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : وذكر التيمّم وما صنع عمار ـ فوضع أبو جعفر ( عليه السلام ) كفّيه على الأرض ثم مسح وجهه وكفّيه ، ولم يمسح الذراعين بشيء)[[3] ] فهذا تنصيص على ان المسح على الذراعين ليس بواجب . وهناك بعض الروايات الاخرى .

والروايات التي يؤيد ابن بابويه بها قوله هي :

معتبرة ابن ابي عمير (وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن التيمّم ؟ فضرب بكفّيه الأرض ، ثمّ مسح بهما وجهه ، ثمّ ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع ، واحدة على ظهرها ، وواحدة على بطنها ، ثمّ ضرب بيمينه الأرض ، ثمّ صنع بشماله كما صنع بيمينه ، ثم قال : هذا التيمّم على ما كان فيه الغسل ، وفي الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين ، وألقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا يومّم بالصعيد )[[4] ] وقلنا ان هذه الرواية تحمل على التقية لأنها موافقة لأبناء العامة ومخالفة للروايات التي اعتمدها المشهور .

وهذا الذي قلناه ان الرواية التي فسر الامام الباقر ع فيها الآية ببعض ما يغسل

(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة أنّه قال لأبي جعفر ( عليه السلام ) : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟ ـ وذكر الحديث إلى أن قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ـ : ثمّ فصل بين الكلام فقال : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) فعرفنا حين قال : ( بِرُءُوسِكُمْ ) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ـ إلى أن قال ـ : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ) فلمّا أن وضع الوضوء عمّن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحاً ، لأنّه قال : ( بِوُجُوهِكُمْ ) ثمّ وصل بها ( وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ) أي من ذلك التيمّم ، لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه ، لأنّه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكفّ ولا يعلق ببعضها ، ثمّ قال : ( مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ) والحرج : الضيق )[5] فهاهنا وهو مسح بعض ما يغسل بالوضوء هو كلام الامام ع فما افاده الاعلام غير واضح .

الشيخ الصدوق قال يجب مسح الكف فوق الكف قليلا ودلت على ذلك روايتان

الرواية الاولى: (وعن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيّوب الخرّاز ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن التيمّم ؟ فقال : إن عمّاراً أصابته جنابة فتمعّك كما تتمعّك الدابّة ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا عمّار ، تمعّكت كما تتمعّك الدابة ؟ فقلت له : كيف التيمّم ؟ فوضع يده على المسح ، ثمّ رفعها فمسح ... )[6] فهذه معتبرة سندا وواضحة الدلالة والتي تدل على ما أفاده الشيخ الصدوق رض .

الرواية الثانية : وهي معتبرة (محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن التيمّم ؟ قال : إنّ عمّاراً أصابته جنابة فتمعّك كما تتمعّك الدابّة ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو يهزأ به : يا عمّار ، تمعّكت كما تتمعّك الدابّة ؟! فقلنا له : فكيف التيمّم ؟ فوضع يديه على الأرض ثمّ رفعهما فمسح وجهه ويديه فوق الكفّ قليلاً )[[7] ] فأيضا دلت على ما ذكره الصدوق رض .

السيد الاعظم حاول التخلص من هاتين الروايتين قال هذه واردة في نقل الفعل والفعل لا يدل على الوجه لا على الوجوب ولا على نحو الاستحباب, يقول الضاهر ان النبي ص مسح فوق الكف قليلا انه من باب المقدمة لأجل الجزم بتحقق المسح لليد , وهذا موافق لكلام السيد الحكيم .

وهذا جدا غير واضح ان الفعل لا يدل على الوجوب فهذا اشكالنا عليهم لما استفادوا من الروايات الحاكية لفعل المعصوم استفادوا الوجوب وقلنا ان الفعل لا يدل على الوجوب فهنا التزموا ولم يقبلوا من الشيخ الصدوق الاستدلال بهذه الرواية , فاصل الكلام تام ولكن ننقض على قولهم هناك فهو تهافت في كلامهم , وايضا يلاحظ على الاعلام الثلاثة انه كان من باب المقدمة فنقول هل دخلت الى قلب النبي ص وعلمت انه رفع المسح فوق اليد قليلا انه من باب المقدمة ! فكان على النبي ص ان يبين ذلك فهو في مقام التعليم , فمن اين علمتم انه كان من باب المقدمة ؟! فما افاده الاعلام غير واضح .