38/03/05


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): الخامسة والعشرون: يجوز للفقير أن يوكل شخصا يقبض له الزكاة من أي شخص وفي أي مكان كان، ويجوز للمالك إقباضه إياه مع علمه بالحال، وتبرأ ذمته وإن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير ولا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلا على ذلك)[1] .

ما ذكره (قدس الله نفسه) واضح ، فان التوكيل في الامور الاعتبارية من العقود والايقاعات يكون على القاعدة ، فان فعل الوكيل فعل الموكل حقيقة وينسب الى الوكيل واقعا وحقيقة ، فاذا وكّل شخصاً في بيع ماله فباع حينئذ يصح اسناد البيع الى المالك وانه باع ماله او داره او كتابه ، وكذا في الطلاق والنكاح وما شاكل ذلك ، فان الوكالة في الامور الاعتبارية تكون على القاعدة فقد جرت على ذلك السيرة القطعية من العقلاء الممضاة شرعا بواسطة الروايات والآيات ، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾[2] ، وقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾[3] ، وما شاكل ذلك هذا مما لا شبهة فيه.

كما انه لا شبهة في ان الوكالة لا تصح في الامور التكوينية فان الامور التكوينة غير قابلة للتوكيل كالأكل بان يوكل شخصا يأكل بدلا عنه او في الشرب او في السفر او في النوم وما شاكل ذلك فانه غير معقول فان الاكل فعل الآكل فلا يمكن اسناده الى غيره وكذا الشرب وكذا السفر والنوم.

ولكن أستثني من ذلك القبض والإقباض وإحياء الارض وما شاكل ذلك فان القبض أمر تكويني ومع ذلك يقبل الوكالة وذلك بان يوكل في قبض مال كما اذا وكل الفقير شخصا في قبض الزكاة من قبله وكالة او قبض الخمس او ما شاكل ذلك او وكل البائع في قبض الثمن او وكل المشتري في قبض المثمن او في قبض دينه فلا شبهة في ان الوكالة تصح في القبض والإقباض فاذا وكل الفقير شخصا في قبض الزكاة فيجوز للمالك إقباضه إياه وبالإقباض تبراء ذمته ان تلفت الزكاة قبل الوصول الى الفقير لان قبض الوكيل قبض الموكل فيصح إسناده الى الموكل ، وكذا الحال في الاحياء كما اذا وكل شخصا في احياء الارض او في الحيازة او ما شاكل ذلك فان الاحياء مستند الى الموكل ويصح ان يقال ان الموكل هو أحيا هذه الارض او يستولي على هذه الارض بالحيازة فيصدق عليها حقيقة ، اذن مقتضى القاعدة ان الامور التكوينية غير قابلة للوكالة الا في بعض الموارد مثل القبض والإقباض والاحياء والاستيلاء والحيازة وما شاكل ذلك فان السيرة العقلائية قد جرت على ذلك في مثل هذه الامور التكوينية والشارع امضى هذه السيرة ولم يرد ردع من قبل الشارع عن هذه السيرة وعدم صدور الردع كاشف الامضاء.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): السادسة والعشرون: لا تجري الفضولية في دفع الزكاة فلو أعطى فضولي زكاة شخص من ماله من غير إذنه فأجاز بعد ذلك لم يصح نعم لو كان المال باقيا في يد الفقير أو تالفا مع ضمانه بأن يكون عالما بالحال يجوز له الاحتساب إذا كان باقيا على فقره)[4] .

ذكرنا ان صحة بيع الفضولي بالإجازة تكون على القاعدة فان الفضولي أنشاء البيع أي انشاء ملكية مال شخص لشخص آخر فضولا والانشاء امر اعتباري لا وجود له في الخارج الا في عالم الاعتبار والذهن وهذا الانشاء صدر من الفضولي وهذا البيع الذي صدر انشاءه من الفضولي لم يكن مستندا الى المالك.

واما اذا اجاز المالك هذا البيع او هذا الشراء فحينئذ صار البيع بيع المالك وصار الشراء شراء المالك فحينئذ يكون مشمولا لقوله تعالى اوفوا بالعقود واحل الله البيع ويحكم بالصحة ، فاذا كان مشمولا لأدلة الامضاء فيحكم بصحة البيع وبصحة الشراء وبصحة النكاح وتكون صحته على القاعدة ولا يحتاج الى دليل اخر فانه بالإجازة يستند العقد الى المالك فاذا استند الى المالك فهو مشمول لأدلة الامضاء ولهذا يحكم بالصحة ومن هنا قلنا في مسالة الفضولي ان مقتضى القاعدة هو النقل دون الكشف فان العقد انما يحكم بالصحة من حين تحقق الاجازة فاذا اجاز المالك من هذا الحين تحقق العقد وصار العقد عقد المالك ومشمول لأدلة الامضاء والاجازة وان تعلقت بالعقد السابق الا ان المجاز فعلي ولا يعقل ان يكون المجاز امرا سابقا والا لزوم انفكاك الاثر عن المؤثر وهذا مستحيل فاذا اجاز المالك العقد الفضولي فالعقد من حيث الاجازة مؤثر ومن حين الاجازة مشمول لأدلة الامضاء ولهذا لابد من القول بالنقل فان النقل هو مقتضى القاعدة في العقد الفضولي دون الكشف ولا دليل على الكشف واما الكشف الحقيقي فهو غير معقول واما الكشف الحكمي فأيضا لا دليل عليه على تفصيل ذكرناه في محله.

بقي هنا شيء وهو ان عقد الفضولي في المقام يختلف عن عقد الفضولي في سائر المقامات فان عقد الفضولي في سائر المقامات ليس تصرفا في ملك المالك فانه قام ببيع مال زيد من عمر فضولا بدون التصرف بمال عمر وباع دار زيد من عمر بدون التصرف في داره ، واما في المقام فالفضولي يتصرف في مال الغير فانه اعطى زكاة غيره فضولا للغير وهو تصرف في مال الغير بغير اجازته وبغير اذنه وهو محرم فاذا كان الاعطاء الزكاة للفقير فضولا محرم فلا يعقل ان يكون مصداقا للزكاة فان الزكاة امر عبادي ولابد ان يكون محبوبا والمبغوض لا يمكن ان يكون مصداقا للزكاة.

والجواب عن ذلك يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.