34/08/07


تحمیل
 موضوع الدرس:المسألة 105
 هناك تنبيهان يرتبطان بالدرس السابق :
 الاول : ويرتبط بمسالة العذرة حيث تقدم ان هناك روايات تدل على ثبوت العذرة بشهادة النساء منفردات ، وذكرنا ان من هذه الروايات صحيحة العلاء وصحيحة محمد بن مسلم ، والملفت للنظر ان هذه الروايات لم تحدد عدد النساء اللواتي يشهدن باربع نسوة بل ذكرت النساء مطلقاً .
 ولكن الفقهاء ، قالوا ان المرتكز في اذهان المتشرعة ،الحاصل من الخطابات الشرعية هو ان شهادة المراتين تعادل شهادة رجل واحد وهذه القضية متفق عليها بينهم ، ويؤيد هذا الارتكاز ماسيأتي في المسالة القادمة مسالة التقسيط في باب الوصية وفي باب الارث عندما تشهد المرأة الواحدة في الوصية تثبت ربع الوصية ، واذا شهدت امراتان تثبت نصف الوصية ، واذا شهدت القابلة بأستهلال المولود يثبت له ربع الارث وكذا في الدية ، وهذا التقسيط قرينة واضحة على ان المراة تحسب شهادتها نصف شهادة الرجل الواحد وان المراتين تحسب شهادتهما بشهادة الرجل الواحد .
 وهذا الارتكاز هو الذي يكون قرينة متصلة في المقام بحيث يفهم من قبول شهادة النساء في العذرة ما يعادل شهادة رجلين ، وهذا معناه شهادة اربع نسوة .
 نعم حكي عن المفيد وغيره كسلّار قبول شهادة امراتين مسلمتين مستورتين في هذه الموارد ومنها العذرة وسائر الموارد المتقدمة مما لايجوز للرجل النظر اليه ثم ترقى اكثر كما حكي عنه فقال اذا لم توجد الا امراة واحدة مأمونة قبلت شهادتها في هذه الموارد ، ومعناه انه لايشترط شهادة اربع نساء فيكون مخالفاً لما هو المشهور من ان هذه الامور لاتثبت باقل من شهادة اربع نساء ، كما ان العلامة في التحرير نقل عنه شيء مشابه لذلك وظاهره الاكتفاء بشهادة امراة واحدة في العذرة .
 وهذا الراي المخالف للمشهور قد يستدل له ببعض الروايات من قبيل رواية عبد الله بن سنان اوعبد الله بن سليمان في بعض النسخ ، قال : سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلا امرأة أتجوز شهادتها ؟ فقال : لا تجوز شهادتها إلا في المنفوس والعذرة [1] .
 باعتبار ان الرواية ظاهرة في ان شهادة المراة الواحدة لاتكفي في الوصية وانما يكتفى فيها في العذرة والمنفوس .
 وهذه الرواية قلنا ان في بعض النسخ مروية عن عبد الله بن سليمان وهو لم تثبت وثاقته ، وبقطع النظر عن الاشكال السندي توجد مشكلة في عدم قبول شهادة المراة الواحدة في الوصية المستفاد من هذه الرواية حيث انه سيأتي في المسالة اللاحقة ان شهادة المراة الواحدة تقبل في الوصية ولكن بمقدار ربع الوصية ، فلابد من حملها على عدم قبول شهادة المرأة الواحدة في جميع الوصية .
 والاستدلال بالرواية مبني على افتراض ان قول السائل في الرواية (وليس عندها الا امراة ) محمول على النكرة ، فتفيد الوحدة إذ تنوين التنكير يفهم منه الوحدة .
 وأما اذا حملنا امرأة على ارادة الجنس فيكون معنى وليس عندها الاامراة ليس عندها رجل ، وحينئذٍ لايكون فيها دلالة على قبول شهادة المراة الواحدة في العذرة وانما المراد منها ان جنس المراة تقبل شهادتها في العذرة وهذا لايمنع من اشتراط التعدد في النساء عند الشهادة ، وحينئذٍ لايصح الاستدلال بالرواية على كفاية المراة الواحدة في الشهادة على العذرة .
 واما ماهو المفهوم من الرواية هل هو النكرة او الجنس ؟
 فنقول على اسوء التقادير يكون المفهوم منها النكرة فتدل على الوحدة وحينئذ تكون منافية للروايات السابقة التي ظاهرها اشتراط اربع نسوة في ثبوت العذرة على ان سند الرواية فيه مشكلة كما ذكرنا .
 وقد يستدل له ايضاً بصحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (ع) : وسألته عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة [2] .
 وظاهرها كفاية شهادة القابلة الواحدة وترتيب جميع الاثار عليها .
 هذا ولكن الفقهاء لم يرتضوا بهذه الدلالة وحملوها على قبول شهادتها في الجملة في مقابل رفض شهادتها بمعنى قبول شهادتها في ربع الميراث ولا يثبت تمام الميراث الا بشهادة اربع نساء قابلات مثلاً ، فليس فيه دلالة على قبول شهادة القابلة الواحدة لاثبات الولادة على نحو يترتب عليه تمام الميراث ، والشاهد على هذا الحمل الرواية الاتية فانها صريحة في ان القابلة الواحدة لايثبت بها الا ربع الميراث .
 هذا بالنسبة الى التنبيه الاول.
 الثاني : ان العذرة والرضاع وعيوب النساء الباطنة وما لايجوز للرجال النظر اليه قلنا ان المشهور والصحيح في ثبوتها شهادة اربع نساء منفردات ، وقد طرحنا مسالة لم يتعرض لها الماتن وحاصلها ان هذه الامور هل يشترط في ثبوتها شهادة اربع نساء منفردات وان شهادة النساء منضمات الى الرجال لاتنفع في ثبوتها او ان المسالة هو الاكتفاء في ثبوت هذه الامور بشهادة اربع نسوة منفردات وحينئذٍ لامانع من قبول شهادة النساء منضمات الى الرجال ، وقد قلنا ان استظهار الاحتمال الاخير يعتمد على ان المفهوم من الادلة انها في مقام التخفيف والتسهيل على المكلفين باعتبار ان ما هو الاصل في الشهادة هو شهادة عادلين وحيث يصعب اقامة مثل هذه الشهادة في هذه الامور فخفف عليهم واكتفي بشهادة اربع نساء وحينئذٍ يجوز التعدي من شهادة نساء اربع منفردات الى شهادتهن منضمات مع الرجال .
 واما اذا قلنا ان المفهوم من هذه الادلة هو تعين اثبات هذه الامور بشهادة اربع نسوة منفردات ولاتثبت بشهادة النساء منضمات الى الرجال فحينئذٍ لايجوز التعدي .
 ولكن الفقهاء ذهبوا الى عدم اختصاص ثبوت هذه الامور بشهادة النساء منفردات بل تثبت بشهادة الرجال ايضاً وما يمكن ان يكون دليلاً في هذا المجال هو مسالة التمسك بالعمومات حيث انها تدل على قبول شهادة الرجلين العادلين في كل شيء لانها الاصل في الشهادة كما تقدم ، والروايات الواردة في باب العذرة وامثالها ليس لسانها لسان الاشتراط وانما لسانها لسان الاكتفاء فان في جميع الروايات ورد (أتجوز) وما بمعناها وهذا اللسان لايفهم منه تعين اثبات هذه الامور بشهادة النساء منفردات وانما يفهم منه الاكتفاء بذلك وهذا الاكتفاء لاينافي التمسك بعمومات حجية البينة وحجية شهادة الرجل والامراتين لاثبات الجواز في محل الكلام .
 واما ان هذا يلازم النظر من الرجل الى ما لايحل له فهو شيء اخر غير المسألة المبحوث عنها مع امكان حصول الشهادة من الرجل في هذه الامور مع عدم ترتب محذور فيها كما لو كان الرجل قد شاهد هذه الامور وكان غافلاً او كان في مورد الضرورة او كان زوجاً للمراة ونحو ذلك .
 وعليه فلا يبعد ان يكون ماذهب اليه الفقهاء من قبول شهادة الرجلين العادلين ونحوها في اثبات هذه الامور هو الصحيح .
 قال(قده) : ( مسألة 105 ) : يثبت بشهادة المرأة الواحدة ربع الموصى به للموصى له ،كما يثبت ربع الميراث للولد بشهادة القابلة باستهلاله، بل بشهادة مطلق المرأة وإن لم تكن قابلة .وإذا شهدت اثنتان ثبت النصف ، وإذا شهدت ثلاث نسوة ثبت ثلاثة أرباعه ، وإذا شهدت أربع نسوة ثبت الجميع ، وفي ثبوت ربع الدية بشهادة المرأة الواحدة في القتل ، ونصفها بشهادة امرأتين ، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث ، إشكال وإن كان الأقرب الثبوت .ولا يثبت بشهادة النساء غير ذلك .
 وفي هذه المسالة فروع نتعرض لها انشاء ا... تعالى
 الفرع الاول :ثبوت ربع الموصى به للموصى له بشهادة المراة الواحدة .
 وهو مما لم ينقل الخلاف فيه عن احد من الاصحاب ، ويدل عليها النصوص الكثيرة المعتبرة وهي :
 1. صحيحة ربعي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي فقال : يجوز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها [3] .
 وفيها اشارة الى الارتكاز الذي ذكرناه في ان شهادة المراة تعادل نصف شهادة الرجل فاذا شهدت يثبت الربع لان الرجل اذا شهد يثبت النصف .
 2.صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قضي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في وصية لم يشهدها إلا امرأة ، فقضي أن تجاز شهادة المرأة في ربع الوصية [4] .
 وواضح ان المقصود من المراة هنا المراة الواحدة وان الامام (ع) اجاز شهادتها في ر بع الوصية .
 3. صحيحة محمد بن قيس قال : قال أبو جعفر (عليه السلام ) : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في وصية لم يشهدها إلا امرأة أن تجوز شهادة المرأة في ربع الوصية إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها [5] .
 ولعلها نفس الرواية السابقة .
 فإذاً الروايات صحيحة ومعتبرة سنداً وواضحة الدلالة .
 نعم في مقابل ذلك ذكر الفقهاء انه توجد بعض النصوص التي قد تكون مخالفة لما ذكر من قبيل صحيحة عبد الرحمن قال: سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة تجوز شهادتها ؟ قال : تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس ، وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجل [6] .
 والمراد من عبد الرحمن ، عبد الرحمن بن ابي عبد الله ، وقد يقال ان السؤال وقع عن الوصية التمليكية وجواز شهادة النساء فيها ، فقال الامام (ع) تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس ومعنى هذا عدم جواز شهادة النساء في الوصية وحيث انها مطلقة فيكون المراد عدم جواز شهادتها مطلقاً ، فلو كانت امراة واحدة _كما لعله يفهم من الرواية _ لاتقبل شهادتها في الوصية حتى لاثبات ربع الوصية .
 ولكن هذه الرواية في الحقيقة لاتشكل مانع من الاخذ بالروايات السابقة لان غاية ما فيها الاطلاق على عدم قبول شهادة المراة الواحدة لاثبات ربع الوصية ،وحينئذٍ يقيد هذا الاطلاق بالروايات السابقة الصريحة الدالة على قبول شهادة المراة الواحدة في ربع الوصية . وبعبارة اخرى نحملها على عدم قبول شهادة المراة الواحدة في الوصية في الجملة او لاثبات تمام الوصية .
 4.رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال : كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) : امرأة شهدت على وصية رجل لم يشهدها غيرها ، وفي الورثة من يصدقها ، ومنهم من يتهمها ، فكتب : لا الا أن يكون رجل وامرأتان ، وليس بواجب أن تنفذ شهادتها [7] .
 وهذه الرواية من حيث السند الظاهر انها تامة لانه ليس فيها من يخدش فيه الا ابراهيم بن محمد الهمداني والسيد الماتن رد الرواية به لانه لم ينص على وثاقته ، واما احمد بن هلال فليس له دور الا الكتابة وانما الرواية نقلها ابراهيم بن محمد الهمداني لانه شاهد الكتاب بخط الامام(ع) ، ومن المظنون قوياً ان كتابة احمد بن هلال العبرتائي كانت قبل انحرافه وصدور اللعن في حقه .
 ولكن الظاهر وا... العلم ان الهمداني محل اعتماد وذلك لانه من وكلاء الامام (ع) في قم او الري ،والوكالة لاتختص به بل ابوه وجده بل توارثوا الوكالة اباً عن جد ،ونحن نرى ان الوكيل للامام(ع) في منطقة يلازم الاعتماد عليه وهو يلازم الوثاقة باعتبار انها تستلزم تبليغ المؤمنين باوامر الامام والاحكام الشرعية لانها في العادة تصل اليهم من طريق الوكيل ومن البعيد جداً وضع شخص وكيلاً من دون ان يكون بالغاً حد الوثاقة ، وان كان السيد الماتن لايرضى بذلك حيث يقول ان الوكالة ليس فيها دلالة على التوثيق .
 وعليه فالرواية معتبرة سنداً.


[1] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص ،باب 24 ،ح24
[2] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص351 ،باب24،ح2
[3] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص355،باب24،ح16
[4] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27 ،ص355،باب24،ح15
[5] وسائل الشيعة(آل البيت) ج19،ص317،باب 22 من ابواب الوصايا،ح3
[6] وسائل الشيعة(آل البيت) ج19،ص318،باب22 من ابواب الوصايا ،ح6
[7] وسائل الشيعة(آل البيت) ج19،ص319،باب 22 من ابواب الوصايا ،ح8