38/04/01


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): السابعة والثلاثون: إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرها يكون هو المتولي للنية ، وظاهر كلماتهم الإجزاء ولا يجب على الممتنع بعد ذلك شئ، وإنما يكون عليه الإثم من حيث امتناعه، لكنه لا يخلو عن إشكال بناء على اعتبار قصد القربة، إذ قصد الحاكم لا ينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه)[1] .

ملخص ما ذكرناه ـــ في هذه المسالة ـــ من ان الحاكم الشرعي اذا اخذ الزكاة من الممتنع كرهاً فقد ذكر الماتن (قدس سره) انه هو المتصدي لقصد القربى وما ذكره (قدس سره) صحيح فان الحاكم الشرعي ليس كالوكيل فان الوكيل معنى حرفي وفعل الوكيل فعل الموكل حقيقة والموكل هو مأمور بقصد القربى دون الوكيل ولا اثر لقصد قربى الوكيل لانه أجنبي ، فالحاكم الشرعي مستقل بمقتضى ولايته على الزكاة ، كما ان المالك مستقل كذا الحاكم الشرعي فالحاكم الشرعي حيث أخرج الزكاة الممتنع من النصاب وعينها وافرزها للجهة المالكة قصد القربى بذلك ثم دفعها الى الفقراء والى مواردها ، ودفْعُها وايصالها الى الفقراء ذكرنا ان وجوبه توصلي باي عنوان وباي طريق اوصل الزكاة الى موردها هو مجزي سواء أكان بطريق جائز او بطريق محرم فهو كغسل الثوب بالماء المغصوب فانه يطهر وإن إرتكب محرم فان ارتكاب الحرام لا يمنع من الاجزاء.

ودعوى ان الحاكم الشرعي لا يتمكن من قصد القربى لان قصد القربى متوقف على وجود الامر والمفروض ان الامر بإيتاء الزكاة وادائها موجه الى المالك دون الحاكم الشرعي اذن الحاكم الشرعي لا يتمكن من ان يقصد التقرب بالأمر المتوجه الى المالك فان قصد القربى معناه انه يأتي بالمأمور به بقصد التقرب بالأمر المتوجه اليه أما الامر الموجه الى شخص اخر فلا معنى للتقرب به ، واما الامر بالأخذ فهو امر توصلي وليس امرا عباديا ، واما الامر بالاستنابة على تقدير تسليم ان الامر الاستحبابي بالاستنابة في العبادة عن الميت موجود ولكن لا شبهة انه لا دليل على هذا الامر الاستحبابي العبادي بالنسبة الى النيابة عن الحي.

مضافا الى الحاكم ليس بنائب بل هو مستقل كما انه ليس بوكيل ليس بنائب ايضا.

ودعوى انه في المقام لابد من التفصيل بين الحكم الوضعي والحكم التكليفي وقصد القربى متوقف على الحكم التكليفي وهو والحاكم الشرعي لا يتمكن من قصد القربى في المقام لان الامر بأداء الزكاة غير موجه اليه فهو متمكن من الوضع اي من اخراج الزكاة من النصاب وتعيينها وافرازها للجهة المالكة واعطائها للفقير فهو متمكن من ذلك فقط ولا يتمكن من قصد القربى لان الامر غير متوجه اليه وهذا المقدار يكفي في المقام فان الحاكم الشرعي اذا اخذ الزكاة من الممتنع كرها واوصلها في محلها فهذا المقدار يوجب براءة ذمة الممتنع ومجزي ولا دليل على اعتبار قصد القربى في مثل المقام ولاسيما لو قلنا بان الدليل هو الاجماع فلا شبهة ان القدر المتيقن منه غير هذا المورد.

وهذه الدعوى ايضا مدفوعة فان هذه الدعوى مبنية على ان قصد القربى يتوقف على الامر فلو لم يكن امر فلا يكون المكلف متمكنا من قصد القربى والامر ليس كذلك فان قصد القربى متوقف على كون الفعل محبوبا لله تعالى كان هناك امر او لم يكن امر كما اذا كان هناك مانع عن وجود الامر فاذا كان الفعل في نفسه محبوب لله تعالى وحينئذ فيتمكن المكلف من قصد القربى به اذا اتى به لله خالصا فقد تحقق قصد القربى والاخلاص ولا يتوقف على وجود الامر وهذا التفصيل على وجود الامر ولا وجه له اصلا.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثامنة والثلاثون: إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادرا على الكسب إذا ترك التحصيل لا مانع من إعطائه من الزكاة إذا كان ذلك العلم مما يستحب تحصيله وإلا فمشكل)[2] .

قد جاء في تقرير السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) انه لا شبهة في استحباب تحصيل العلوم الدينية واما العلوم غير الدينية كالهندسة وعلم النجوم وعلم الافلاك وما شاكل ذلك لم يثبت استحبابه فحينئذ لا يجوز اعطاء الزكاة لمن يشتغل بهذه العلوم وقادر على الكسب اذا ترك الاشتغال ، ولهذا اشكل على الماتن لان الماتن اشكل في اعطاء الزكاة ولا وجه للإشكال بل لا يجوز اعطاء الزكاة له.

ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فانه ليس فقط يستحب بل لا شبهة في ان تحصيل العلوم الدينية واجب كفائي ولا شبهة في ذلك فحينئذ لابد من الفرق بين من كان مجدا في تحصيل العلم وله قدرة ذاتية في تحصيل العلم فقد يجب عليه عينيا اذا كان مجداً وله مستقبل زاهر وعنده قدرة ذاتية مثل الذكاء فمثل هذا الشخص قد يجب عليه تحصيل العلم عينا ولا شبهة انه اذا كان فقيرا يجوز اعطاء الزكاة له واذا كان من السادة يجوز اعطاء الخمس له.

واما سهم الامام (عليه السلام) فلا يعتبر فيه الفقر بل المعتبر في سهم الامام خدمة الدين وتحصيل العلم من اظهر مصاديق خدمة الدين اذا كان غرضه خدمة للدين فلا شبهة في انه مستحق لسهم الامام ، وأما سهم السادة بما انه يعتبر فيه الفقر ومعنى الفقر انه لا يتمكن من الكسب للإعاشة إما انه مريض او كسبه لا يكفي او الكسب غير موجود ففي مثل ذلك هو مستحق للزكاة او لسهم السادة ، وأما اذا كان الكسب موجودا وهو قادر على الكسب ولم يقم بالكسب فلا يجوز له اعطاء الزكاة او سهم السادة لأنه غني والمراد من الغني أعم من ان يكون عنده مال او عنده قدرة على الكسب فمن كان قادرا على الكسب فهو غني وليس بفقير ولا يجوز له اعطاء الزكاة اذا كان عاميا وسهم السادة اذا من السادة.

واما اذا كان طالب العلم ليس جاداً في الدراسة وكسلان في الدراسة فلا يجوز له ان يأخذ من الزكاة اذا كان قادرا على الكسب ولم يكن جادا في تحصيل العلم فلا يجوز ان يأخذ من سهم السادة اذا كان من السادة ومن الزكاة اذا كان عاميا.

وهذا التفصيل الذي ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) وكذلك غيره هو الصحيح لان الغني أعم من ان يكون غنيا بالمال الموجود عنده او غنيا بقوته على الكسب فلا يجوز له اخذ الزكاة ولا اخذ سهم السادة اذا كان من السادة.

واما اذا كان مشتغلا بسائر العلوم كعلم الهندسة والاقتصاد والطب وما شاكل ذلك فهل يجوز له اخذ الزكاة اذا كان عاميا او اخذ سهم السادة اذا كان من السادة؟ نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.