38/05/03


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

ذكرنا ان قاعدة الجب قاعدة غير ثابتة إذ لا دليل عليها الا رواية مرسلة فلا تكون حجة ، نعم قد إدعي الاجماع على هذه القاعدة والتسالم على ثبوتها ولكن من الواضح انه لا يمكن الاعتماد على هذا الاجماع فانه مضافا الى انه لا طريق لنا الى هذا الاجماع والتسالم قد وصل الينا من زمن الائمة (عليهم السلام) وكذا يحتمل ان مدرك هذا الاجماع هو الرواية المرسلة.

ولكن ذكرنا ان قاعدة الجب ثابتة بالسيرة القطعية من زمن الني الاكرم (صلى الله عليه واله) وزمن الائمة (عليهم السلام) فانه لم يوجد في أي رواية ولو كانت ضعيفة ولم يسجل في التاريخ ان من اسلم عند النبي الاكرم أمره بقضاء ما فات عنه ، وكذلك الحال في زمن الائمة (عليهم السلام) مع ان الناس كثيرا يدخلون في الاسلام ، ولكن ذكرنا ان هذا لا يدل على ان الكفار مكلفون بالفروع لو قلنا ان الكفار مكلفون بالفروع فبطبيعة الحال هذه القاعدة تدل على عدم وجوب القضاء اذا اسلم سقط وجوب القضاء عنهم واما اذا قلنا بان الكفار ليس مكلفين بالفروع فحينئذ عدم الامر بالقضاء من جهة عدم الموضوع لا من جهة ان الشارع رفع اليد عن القضاء فلا موضوع للقضاء حينئذ فعدم الامر من جهة عدم الموضوع في البين.

بقي هنا شيء وهو انه هل الكفار مكلفون بزكاة الفطرة؟ فعلى تقدير تسليم انهم مكلفون بالفروع فهل هو مكلف بزكاة الفطرة.

الجواب: ذهب جماعة منهم السيد الاستاذ (قدس سره) ان الكفار ليس مكلفين بزكاة الفطرة لان تكليفهم بزكاة الفطرة لا يمكن.

الوجه في ذلك: اما في حال كفر الكفار فلا يتمكن الكافر من اعطاء زكاة الفطرة واداء زكاة الفطرة باعتبار انه لا يصح من الكافر قصد القربى ولا يأتي منه قصد القربى فلا يتمكن من قصد القربى فمن اجل ذلك دفع زكاة الفطرة من الكافر غير صحيح من جهة فقدانه قصد القربة ، واما اذا اسلم فقد سقطت عنه وجوب زكاة الفطر مع ان وقت الزكاة باقية فاذا اسلم بعد هلال شوال سقط عنه وجوب زكاة الفطرة مع ان وقتها يمتد الى صلاة العيد او الزوال فمن هذه الناحية فلا يمكن تكليف الكفار بإيتاء زكاة الفطرة وما ذهب اليه جماعة هو الصحيح.

النتيجة ان الكفار وان قلنا انهم مكلفون بالفروع ولكنهم ليس مكلفين بزكاة الفطرة لان تكليفهم بها يكون لغوا ولا يمكن صدروه من المولى الحكيم.

ثم ذكر الماتن (قدس الله سره): وأما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه)[1] .

وهذا واضح ويدل على ذلك مجموعة من الروايات واستثنى في هذه الرواية الزكاة والزكاة اعم من زكاة المال وزكاة الفطرة فلا يجب اعادة ما فات من العبادات عنه الا الزكاة ، اما اذا لم يؤدي الزكاة فهو واضح فعليه اداء الزكاة واما اذا ادى الزكاة فأيضا يجب عليه اعادتها وعلل في الروايات لأنه وضع الزكاة في غير موضعها فان موضع الزكاة من قَبِلَ الولاية وان من لم يقبل الولاية فلا يستحق الزكاة ونقرأ بعض هذه الروايات.

الرواية الاولى: صحيحة بريد بن معاوية العجلي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته، ثم من الله عليه وعرفه الولاية، فإنه يؤجر عليه، إلا الزكاة فإنه يعيدها، لأنه وضعها في غير مواضعها، لأنها لأهل الولاية، وأما الصلاة، والحج، والصيام، فليس عليه قضاء)[2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة ان الناصب اذا عرف الولاية واستبصر سقط عنه قضاء ما فات الا الزكاة سواء اكان لم يؤدي الزكاة او اداها فان التعليل يشمل كلتا الصورتين فلابد من اعادة الزكاة لأنه وضعها في غير مواضعها فموضع الزكاة هم اهل الولاية فمن اجل ذلك تجب عليه اعادة الزكاة واما الصلاة والصيام والحج فلا قضاء عليه بعد استبصاره.

الرواية الثانية: صحيحة عمر بن اُذينة ، عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي كلهم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه ، أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك ؟ قال : ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة ، لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية)[3] .

فان هذه الصحيحة وهي صحيحة الفضلاء واضحة الدلالة وغيرها من الروايات.

لا يقال: ان الروايات لم يصرح بزكاة الفطرة فيها؟

فنقول: اطلاق الزكاة يشمل زكاة الفطرة ايضا ولا تختص الزكاة بزكاة المال بل اطلاقها يشمل زكاة الفطرة ، اذن كما تجب بعد الاستبصار اعادة زكاة المال يجب عليه اعادة زكاة الفطرة ايضا ن وهذه الروايات تدل على ذلك.

مضافا الى دعوى الاجماع ، ولكن الاجماع لا اثر له لاحتمال ان مدرك الاجماع هذه الروايات فمع وجود هذه الروايات الصحيحة المعتبرة الواضحة الدلالة لا حاجة الى دعوى الاجماع والتسالم في المسالة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 3): يعتبر فيها نية القربة كما في زكاة المال فهي من العبادات ولذا لا تصح من الكافر)[4] .

فكما ان قصد القربى معتبر في زكاة المال كذلك معتبر في زكاة الفطرة وهي من العبادات.

وقد استدل على ذلك بوجوه.

الاول: الاجماع والتسالم بين الاصحاب فانه قائم على ان قصد القربى معتبر في زكاة الفطرة كما هو معتبر في زكاة المال.

ولكن ذكرنا المناقشة في هذا الاجماع.

الثاني: الارتكاز بين المتشرعة فان اعتبار قصد القربى مرتكز عند المتشرعة وكذا في زكاة المال امر مرتكز بين المتشرعة.

ولكن ذكرنا ان سيرة المتشرعة الجارية على شيء وارتكاز المتشرعة لا يمكن اثبات حجيته طالما لم يحرز ان هذا الارتكاز موجود في زمن الائمة او ان هذه السيرة موجودة في زمن المعصومين عليهم السلام فان سيرة المتشرعة انما تكون حجة بالإمضاء والا فهي في نفسها لا تكون حجة ، ولا يمكن احراز الامضاء الا اذا كانت في زمن المعصومين عليهم السلام وكان المعصومون ساكتين عن هذه السيرة ولم يرد ردع عنها منهم فعدم الردع والسكوت كاشف عن الامضاء وحيث ان هذه السيرة لم يحرز اتصالها بزمن المعصومين وكذا هذه الارتكاز فلا يمكن الاستدلال بها.

الثالث: الروايات التي تدل على ان الاسلام بني على الخمس منها الزكاة فان هذه الروايات تدل على اهتمام الشارع بالخمس منها الزكاة ولا شبهة في ان الصلاة عبادة والصوم عبادة وكذا الحج عبادة اذن ذكر الزكاة في سياق هذه العبادات يدل على انها عبادة ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.