35/05/09


تحمیل
الموضوع : الصوم : النية مسألة 16
الرواية الثانية التي يُستدل بها على صحة صوم يوم الشك بنية رمضان معاوية بن وهب (قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فيكون كذلك، فقال : هو شيء وفق له .)[1]
فهي تدل على الاجزاء بلا اشكال , وانما الكلام في موضوع هذا الحكم فأن استفدنا من العبارة انه صام يوم الشك بنية شهر رمضان _وهذا مبني على تعلق الجار والمجرور (من شهر رمضان )ب(يصوم ) _ فأنها تدل على الاجزاء في محل الكلام , ويصح الاستدلال بها على هذا القول , لكن يحتمل ان يكون (من شهر رمضان) متعلق ب(يشك) ولعل هذا الاحتمال هو الاقرب بأعتبار كون (يشك) هو العامل الاقرب الى الجار والمجرور وبناء على هذا الاستظهار فأن الرواية لا تدل على المدعى , وعلى تقدير عدم الاستظهار فأن الرواية تكون مجملة ولا يصح الاستدلال بها على الاجزاء .
وهناك روايات اخرى من هذا القبيل لا تنهض لأثبات الاجزاء في محل الكلام .
الى هنا يتم الكلام في هذه المسألة وقبل الانتقال الى المسألة الاخرى نتعرض الى امرين :
الامر الاول : مسألة تعميم حكم الاجزاء الى ما صامه بنية القضاء او النذر او الكفارة , فأنه قد يقال ان القدر المتيقن من الاجزاء هو ما صامه بنية الندب والتطوع , اما اذا صامه بنية الوجوب فما هو الدليل على الاجزاء لو تبين انه من رمضان ؟
الامر الثاني :هل ان الاجزاء يختص بما لو صام يوم الشك مع العلة والشبهة كما لو كان الجو غائما ؟ او انه يعم ما لو لم يكن علة ؟ ومنشأ هذا السؤال بعض الروايات التي قد يظهر منها الاختصاص .
اما بالنسبة الى الامر الاول _ وان تقدم الكلام عنه مرارا الا انه لم نبحثه بشكل مستقل _ والكلام فيه ليس في الجواز فأنه لا اشكال فيه , وانما الكلام في اجزاءه عن شهر رمضان فيما لو تبين ان الصوم وقع فيه , فقد يقال ان نصوص الاجزاء ليس فيها اطلاق يشمل محل الكلام , وانما هي مختصة بالصوم التطوعي , ولا يمكن التعدي الى الصوم الواجب ( كالكفارة والقضاء والنذر).
وهذا المدعى يأتي من دعوى ان الموجود في نصوص الاجزاء هي عبارات من قبيل (اني صمت اليوم الذي يشك فيه , صوم يوم الشك ,انما يصام يوم الشك من شعبان , انما ينوي من الليلة انه يصوم من شعبان)
فيقال ان هذا ينصرف الى صومه تطوعا بأعتبار ان هذا (أي الندب والتطوع ) هو حكم صوم شعبان فأنه لو قيل (ان فلانا صام شعبان) , فأن الذي يفهم منه انه صام تطوعا وهذا هو الذي ينصرف اليه الذهن , وبناء على هذا الانصراف يقال ان الادلة ليس فيها اطلاق , فأنها منصرفة الى صوم التطوع , فلابد من التماس دليل لأثبات المدعى في محل الكلام .
ويمكن المناقشة بأن دعوى الانصراف وان كانت ممكنة في المثال الذي ذكرناه_ فلان صام شعبان _ الا ان الروايات فيها ( انه يصوم من شعبان , وليس يصوم شعبان ) وعبارة يصوم من شعبان _أي بعض شعبان _ كاليوم مثلا , وهو اعم من ان يصومه ندبا او وجوبا , فأنه يصدق على الامرين بدون حصول الانصراف الى الندب .
ويؤيد ذلك التعليلُ الوارد في رواية الزهري المتقدمة (لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه .) وهذا التعليل عام يشمل محل كلامنا حتى على فرض ان مورد الرواية في الصوم المندوب , فأن الامام عليه السلام يقول لأنه وقع على الفرض بعينه وهذا يتحقق سواء صام بنية الوجوب او الندب .
السيد الحكيم (قد) في المستمسك استشكل على الاستدلال بعموم التعليل في محل الكلام حيث قال (وأما التعليل في رواية الزهري : بأن الفرض وقع على اليوم بعينه، فمقتضاه الاجزاء ولو مع العلم، مع أنه فيها قد نفى الاجزاء معه، كما أشرنا إلى ذلك آنفا)[2]
ومقصده ان عموم التعليل على فرض الالتزام به لابد من الالتزام بالاجزاء في المسألة السابقة (اذا صامه بنية رمضان مع العلم ) فأن عموم التعليل يشمله لأنه يصدق عليه ان الصوم وقع على اليوم بعينه , وهكذا في حالات اخرى , وعدم امكان الالتزام بعموم التعليل في بعض الموارد مؤشر على ان عموم التعليل غير ثابت , وعلى الاقل من حصول الاجمال , ومن هنا لا يمكن الاستدلال بعموم التعليل في محل الكلام .
وليس ذلك من جهة عدم امكان الالتزام به فحسب , وانما نفس رواية الزهري تحكم بعدم الاجزاء, بينما مقتضى عموم التعليل هو الحكم بالاجزاء , ومن هنا لا يمكن التمسك بعموم العليل .
اقول يمكن ان يقال _ في محاولة الجواب عن هذا الاشكال الذي يرتبط برواية الزهري والاستدلال بالتعليل _ ان الموارد التي ثبت عدم امكان الالتزام بالاجزاء فيها نلتزم بتخصيص عموم التعليل من ناحيتها , فيكون التعليل يحكم بالاجزاء في كل مورد يكون الفرض فيه واقعا على اليوم بعينه الا في موارد خاصة قام الدليل فيها على عدم الاجزاء .
وهذه المناقشة قد تصح فيما لو كان المحذور هو عدم امكان الالتزام بعموم التعليل في هذه الموارد ,اما اذا كانت نفس الرواية حكمت بعدم الاجزاء .فالالتزام بالتعميم حينئذ غير واضح .
اقول يمكن تأييد التعميم في محل الكلام بما ذكر في ذيل موثقة سماعة (فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله وبما قد وسع على عباده، ولولا ذلك لهلك الناس .)
فيمكن التمسك في الذيل لأثبات التعميم لوضوح انه لا فرق _ في التفضل والتوسعة _ بين ان يصومه تطوعا او ان يصومه قضاء , خصوصا قوله (ولولا ذلك لهلك الناس).
فأن هذا الهلاك (الصعوبة)غير مختص بمن صام يوم الشك ندبا , لكي يكون مجزيا له خوفا ان يقع في الهلاك , بل هو يشمل من صام يوم الشك قضاء او كفارة , بل لعله في هذه الموارد اولى لأنه على القول بعدم الاجزاء يجب عليه قضاء ذلك اليوم عن شهر رمضان وقضاء ما كان عليه من كفارة او غيرها.
ويمكن الاستدلال بما ذكر في ذيل الموثقة على ان الروايات مطلقة وليست مختصة بالصوم المندوب , مضافا الى ما قلنا من ان دعوى الانصراف ليست تامة .
نعم في رواية بشير النبال (والا كان تطوعا) وهذه العبارة قد يفهم منها الاختصاص , وقلنا ان هذا مورد من الموارد وليس الرواية مختصة به , مضافا الى انها غير تامة سندا .
هذا بالنسبة الى اصل الاطلاق في الروايات وتبين انه تام , وعلى فرض التنزل عن هذا الاطلاق , فهل يمكن التعدي من هذه الروايات على فرض اختصاصها بالمندوب الى محل الكلام ؟ قيل بأمكان التعدي على اساس احد امور :-
الاول: الاجماع على القول بعدم الفصل بين صومه تطوعا وصومه وجوبا , فالدليل الذي يدل على اجزاء الصوم تطوعا بضميمة الاجماع على عدم الفصل يثبت الاجزاء في محل الكلام .
الثاني : الاولوية
الثالث : الغاء خصوصية التطوع فهو وان كان مورد الروايات الا انه ليس له خصوصية فنعمم الحكم ليشمل الصوم الواجب .
فأذا تم احد هذه الامور الثلاثة يمكن التعدي من هذه الروايات حتى لو سلمنا عدم الاطلاق فيها , ولكن هذه الامور غير تامة .
اما بالنسبة الى الاجماع فهو غير واضح من كلماتهم , ففي بعض المتون يفترضون الصوم المندوب في هذه المسألة كما في الشرائع (ولو نواه مندوبا اجزأ عن رمضان اذا انكشف انه منه)[3] فهو يفترض انه نواه تطوعا .
وبعضهم ذكر الحاق ما اذا صامه قضاء او كفارة بما اذا صامه تطوعا من حيث الاجزاء , لكن من الصعوبة ان نحصل على الاجماع من هذه الكلمات .
اما الاولوية فالمقصود منها غير واضح فلا يمكن الحكم بتمامها او عدمه .
واما الغاء الخصوصية فهو يحتاج الى الجزم والقطع بعدم الخصوصية او استظهار عدم الخصوصية من الدليل بحيث يكون الدليل ظاهرا بعدم الخصوصية لمورده , فحينئذ يمكن التعدي , والا فالتعدي يكون مشكلا , ودعوى وجود جزم بعدم الخصوصية في المقام غير واضحة , فهذه الاحكام امور تعبدية , فلعله اذا صامه ندبا وتبين انه من شهر رمضان يجزي اما اذا صامه قضاء اونذرا او كفارة لا يجزي , كما انه على فرض التسليم بأن مورد الروايات الصوم المندوب فلا يظهر منها الغاء الخصوصية .
فالصحيح في هذه المسألة هو التعميم على اساس الاطلاق في نصوص الاجزاء .