38/06/19


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

تحصل مما ذكرنا ان وجوب زكاة الفطرة لم يجعل على المعال أصلا سواء أكان المعال مكلفا في نفسه ام لم يكن مكلفا كالصبي والمجنون والعبد والفقير ، أما المعال بقطع النظر عن عنوان المعال فان كان بالغا قادرا وغنيا وعاقلا فبطبيعة الحال تجب عليه زكاة الفطرة بالعنوان الاولي وهو جامع للشروط وأما اذا انتفت هذه الشروط وانقلب الموضوع الى موضوع آخر وصار معالا فببيعة الحال انتفى وجوب زكاة الفطرة بانتفاء موضوعه فان موضوعه المكلف البالغ العاقل الغني والمفروض ان هذا موضوع آخر وهو المعال فتبدل الموضوع الاول بعنوان اولي الى موضوع اخر بعنوان ثانوي وهو المعال ولم يجعل زكاة الفطرة على المعال في الشريعة المقدسة اصلا وانما جعلت على المعيل غاية الامر ان عنوان المعال منشأ لجعل وجوب الزكاة على المعيل وسبب لذلك ، اما الواجب انما هو على المعيل وعلى هذا فالعبرة بكون المعيل هاشميا او غير هاشمي فاذا كان هاشميا جاز له دفع زكاة نفسه وزكاة المعال معا الى الهاشمي واذا لم يكن هاشميا لم يجوز لا دفع زكاة نفسه ولا دفع زكاة المعال وان كان المعال هاشميا باعتبار انها واجبة عليه لا على المعال.

هذا اذا كان وجوب زكاة الفطرة عينيا ـــ كما هو الصحيح ــــ واما اذا كان كفائيا بان تكون زكاة الفطرة واجبة على كل من المعيل والمعال بنحو الكفاية ففي الواجب الكفائي قولان.

القول الاول:- بان مرجع الواجب الكفائي الى وجوبات متعددة مشروطة أي وجوب زكاة الفطرة على المعيل مشروط بعدم دفع المعال زكاة الفطرة ووجوب زكاة الفطرة على المعال مشروط بعدم دفع المعيل زكاة الفطرة.

القول الثاني:- ان الوجوب الكفائي يرجع الى وجوب واحد اما على الطبيعي فان متعلق الوجوب هو عنوان احدهما وكل واحد منهما مصداق الواجب او ان الوجوب تعلق بمجموعة من الافراد هذه المجموعة التي تكفي امتثال الواجب الكفائي كدفن الميت فانه لا بد من قيام مجموع الافراد بذلك فانه وجوب واحد متعلق بالمجموع سواء أقام بدفن الميت هذه المجموعة او تلك المجموعة او مجموعة ثالثة فأي مجموعة قامت باتيان هذا الواجب سقط عن باقي المجموعات , إذن في الواجب الكفائي هذان القولان كما هو الحال في الواجب التخييري قول بان الوجوب التخييري يرجع الى وجوبات متعددة مشروطة فان وجوب صوم شهرين متتابعين مشروط بعدم اطعام ستين مسكينا ووجوب اطعام ستين مسكين مشروط بعدم عتق الرقبة او يرجع الى وجوب واحد متعلق بالجامع وهو عنوان احدها والمكلف مخير بين الاتيان بصوم شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكينا او عتق رقبة كما هو مخير في الواجبات العينية بين افرادها.

وبناء على هذا فاذا كان مرجع الوجوب الكفائي الى وجوبات متعددة مشروط فحينئذ اذا قام المعيل بدفع زكاة الفطرة فاذا كان هاشميا جاز دفعها الى الهاشمي وان لم يكن هاشميا يحرم عليه دفعها الى الهاشمي فالمناط بالمعيل بكونه هاشميا او غير هاشمي أي المناط بمن يتصدى لدفع هذه الزكاة واعطائها واذا قام المعال بدفع زكاة الفطرة فان كان هاشميا جاز له دفعها الى الهاشمي وان لم يكن هاشميا لم يجز له دفعها الى الهاشمي , اذن المناط بالدافع.

واما اذا كان مرجع الوجوب الكفائي الى وجوب الجامع وهو عنوان احدهما فحينئذ أي منهما قام بدفع زكاة الفطرة فالمناط به فاذا كان هاشميا جاز دفعها الى الهاشمي وان لم يكن هاشميا لم يجز دفعها الى الهاشمي , فأيضا المناط بمن قام بدفع الزكاة هذا هو ملاك الحكم اذا كان وجوب زكاة الفطرة كفائيا.

وذكر السيد الحكيم (قدس الله نفسه) في المستمسك[1] ان زكاة لفطرة هذه يصدق عليها عنوانان متباينان احدهما كون المعطي لها هاشميا والاخر كون المعطي لها غير هاشمي فاذا فرضنا ان المعيل هاشمي والمعال غير هاشمي وزكاة الفطرة زكاة واحدة هل يجوز اعطائها للهاشمي او يحرم اعطائها للهاشمي؟ فكلا العنوانين يجتمع على هذه الزكاة , اذن يقع التعارض بين دليل جواز اعطائها للهاشمي وبين دليل حرمة اعطائها للهاشمي بالنسبة الى هذه الزكاة الفطرة التي اجتمع عليها عنوانان عنوان جواز اعطائها للهاشمي وعنوان حرمة اعطائها للهاشمي فتقع المعارضة بين دليلين احدهما يدل على الجواز والاخر يدل على الحرمة وبالتعارض يسقط كلا الدليلين فالمرجع هو اطلاقات ادلة الجواز.

ولكن ما ذكره السيد الحكيم (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه , فلا تعارض بين الدليلين فان الواجب الكفائي ان كان مرجعه الى وجوبات مشروطة ففي المقام يرجع وجوب الكفائي الى وجوبين مشروطين وجوب على المعال مشروط بعدم اعطاء المعيل الزكاة ووجوب على المعيل مشروطا بعدم اعطاء المعال زكاة الفطرة , فلا تعارض بينهما فان المعيل اذا قام بدفع الزكاة فالمناط بكونه هاشميا او غير هاشمي فان كان هاشميا جاز اعطائها للهاشمي وان لم يكن هاشميا لم يجز دفعها الى الهاشمي ولا تعارض بينهما اصلا ، وكذلك المعال اذا كان هاشميا جاز له دفعها الى الهاشمي وان لم يكن هاشما لم يجز له دفعها الى الهاشمي , فما ذكره قدس الله من التعارض لا وجه له اصلا ولا يتصور أي تعارض في البين.

وكذا ان كان الواجب الجامع بينهما بان يكون مرجع الوجوب الكفائي الى وجوب واحد وهو متعلق بالجامع بينهما فحينئذ أي منهما قام بدفع زكاة الفطرة فالمناط بكونه هاشميا او غير هاشمي فان قام المعيل بالدفع فان كان هاشميا جاز له دفعها الى الهاشمي وان لم يكن هاشميا لم يجز له دفعها الى الهاشمي وكذلك المعال اذا قام بدفع الزكاة فان كان هاشميا جاز له دفعها الى الهاشمي وان لم يكن هاشميا لم يجز له دفعها الى الهاشمي.

اذن ما ذكره السيد الحكيم (قدس الله نفسه) في المستمسك لا يمكن المساعدة عليه ابداً.

ثم قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 8): لا فرق في العيال بين أن يكون حاضرا عنده وفي منزله أو منزل آخر أو غائبا عنه، فلو كان له مملوك في بلد آخر لكنه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته، وكذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك كما أنه إذا سافر عن عياله وترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم، نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه سواء كان الغير موسرا ومؤديا أو لا. وإن كان الأحوط في الزوجة والمملوك إخراجه عنهما مع فقر العائل أو عدم أدائه، وكذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا في عياله ولا في عيال غيره، ولكن الأحوط في المملوك والزوجة ما ذكرنا من الإخراج عنهما حينئذ أيضا)[2] .