38/07/11


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 17): إذا نزل عليه نازل قهرا عليه ومن غير رضاه وصار ضيفا عنده مدة هل تجب عليه فطرته أم لا؟ إشكال وكذا لو عال شخصا بالإكراه والجبر من غيره ، نعم في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدة ظلما وهو مجبور في طعامه وشرابه فالظاهر عدم الوجوب لعدم صدق العيال ولا الضيف عليه)[1] .

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) في هذه المسالة صوراً.

الصورة الاولى:- فيما اذا نزل عليه نازل قهريا من دون رضى صاحب البيت وقد أشكال في وجوب الفطرة عليه اذا بقي عنده فترة زمنية ، ومعنى الاشكال وجوب الاحتياط على المنفق ان يدفع فطرته.

الصورة الثانية:- لو عال شخصا بالجبر او الاكراه من غيره وايضا أشكل في وجوب الفطرة عليه.

الصورة الثالثة:- وهي ما اذا أرسل اليه الظالم عاملاً ليأخذ المال منه وبقي عنده فترة زمنية وهو غاصب ولكن لا يقدر على اخراجه فذكر (قدس الله نفسه) انه لا تجب فطرته عليه في هذه الصورة

اما الصورة الاولى وفيها ثلاث فروض.

الاول:- ان يبقى عنده مدة وهو متكفل لتمام مخارجه وان لم يكن راضيا بأصل النزول ولكن بعد النزول هو يدفع له الاطعمة والاشربة وسائر لوازمه ولكن برضاه فاذا كان الامر كذلك فلا شبهة في صدق عنوان العيلولة عليه فتجب فطرته عليه لأنه من أحد أفراد عائلته فاذا فرضنا ان أخاه نزل عليه قهرا في اواخر شهر رمضان وهو غير راضٍ ولكن بعد النزول هو يتكفل جميع مخارجه برضاه فحينئذ لا شبهة في انه من احد افراد عائلته وصدق عنوان العيال عليه فتجب فطرته عليه.

الثاني:- ان لا يكون راضيا قلبا بتكفل مخارجه وهو قادر على إخراجه ولكنه لم يخرجه لسببٍ من الاسباب إما من جهة انه من احد اقربائه او اصدقائه او اجنبي لكن بسبب من الاسباب لم يخرجه من داره ففي هذا الفرض ايضا تجب فطرته عليه إذ يصدق عليه عنوان العيلولة وانه من احد افراد عياله إذ لا يعتبر في صدق العيلولة ان يكون تكفله لجميع مخارجه برضاه قلبا.

الثالث:- انه غير راض بذلك ولا يقدر على اخراجه ايضا بسبب من الاسباب ولا يكون متكفلا لجميع مخارجه انما انفق عليه الطعام والشراب فقط اما سائر مخارجه فلا يكون متكفلا بها فاذا مرض لا يعتني به ولا يرسله الى الطبيب ولا يعطي اجرة الطبيب او ثمن الدواء وما شاكل ذلك فحينئذ لا يصدق انه عياله ولا تجب عليه فطرته.

ولعل مراد السيد الماتن (قدس الله نفسه) من الصورة الاولى هو هذا الفرض الثالث ، اما في الفرض الاول والفرض الثاني لا شبهة في صدق عنوان العيلولة ، واما في هذا الفرض الثالث فلا يصدق عليه عنوان العيلولة ، ولعل اشكال الماتن ناظر الى هذه الفرض الثالث.

واما الصورة الثانية فأيضا يتصور فيه هذه الصور الثلاثة.

واما الصورة الثالثة فلا شبهة فيها كما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من انه لا يصدق عليه عنوان العيلولة لأنه ظالم وغاصب ويأخذ المال غصباً وظلما فلا شبهة عدم صدق عنوان العيلولة عليه ، وهو ليس من تابعيه فان عنوان العيلولة منوط بان يكون تكفله بيده وهو من تابعيه وهو ليس من تابعيه لأنه ظالم وغاصب.

اما في الصورة الاولى والثانية ففي هاتين الصورتين يتصور ثلاث فروض في الاول ولا شبهة في صدق العيلولة عليه وكذلك في الامر الثاني والثالث فالظاهر ان الماتن استشكل فيه ولكن الظاهر انه لا مجال للإشكال ، ولكن قد يستدل على ان روايات العيلولة أي الروايات التي تدل على ان زكاة العيال على المعيل هذه الروايات منصرفة عن هذه الفرض الاول والفرض الثاني كما ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه.

ولكن الظاهر ان مراد السيد الاستاذ (قدس سره) من الانصراف ليس الفرض الاول من الصورة الاولى فان في الفرض الاول هو يتكفل مخارجه برضاه واذا تكفل مخارجه برضاه فلا شبهة في انه في كفالته ومن تابعيه ويصدق عليه عنوان العيلولة فتجب فطرته عليه ولا وجه لانصراف الادلة عن هذا الفرض ، انما الكلام في الفرض الثاني والفرض الثالث ، ولا وجه للانصرف ايضا في الفرض الثاني من الصورة الاولى فان الروايات التي تدل على ان زكاة العيال على المعيل وزكاة المعال على المعيل هذه الروايات مطلقة سواء أكان الانفاق والتكفل لمصاريفه برضاه قلبا ام لم يكن برضاه قلبا فهي تشمل كلا الفرضين معا ولا وجه لتخصيص هذه الروايات بالفرض الذي يكون راضيا قلبا.

واما في الفرض الثالث ذكرنا انه لا يصدق عليه عنوان العيلولة فلا شبهة في انه غير مشمول لروايات العيلولة فلا تجب فطرته على صاحب البيت.

وقد يستدل على عدم وجوب الفطرة بحديث الرفع (وضع عن امتي تسعة منها الاكراه) فاذا كان الضيف بالاكراه فلا محالة آثار الاكراه مرفوعة ومن جملة آثاره وجوب فطرته على صاحب البيت ، اذن هو مرفع بمقتضى هذا الحديث.

ولكن الظاهر ان الاستدلال بهذا الحديث مما لا وجه له اصلا فان وجوب الفطرة لا يترتب على الفعل المكره بعنوانه الاولي حتى يكون مرفوعا بالاكراه بل وجوب الفطرة مترتب على عنوان العيال وعنوان المعال لا على فعل المكلف ، وحديث الرفع ناظر الى رفع الحكم الشرعي الثابت للفعل بعنوانه الاولي فاذا صدر هذا الفعل عن شخص اكراها فحكمه مرفوع والمرفوض ان وجوب الفطرة ليس من آثار الفعل المكره حتى يكون مرفوعا بالاكراه بل وجوب الفطرة من آثار عنوان العيلولة وعنوان المعال وعنوان من يعوله وعنوان العيال فانه عنوان إنتزاعي ليس فعل المكلف ، نعم هو مسبب عن فعل المكلف ، اذن لا وجه للاستدلال بهذا الحديث. نعم هنا وجه اخر نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.