35/08/10


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, تعمد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم.
الوجوه المذكورة لرفع الاضطراب في موثقة سماعة :-
الوجه الاول:- كما ذكر بعضهم ان قوله وهو صائم تعود الى صدر الرواية بأعتبار ان السائل سأل عن مطلق الكذب في شهر رمضان وليس عن الكذب من الصائم في شهر رمضان فأجابه الامام عليه السلام ان هذا الكذب اذا كان في شهر رمضان افطر وعليه قضاءه في حال كونه صائما .
الوجه الثاني:- ان يكون المقصود بقوله (وهو صائم ) الصوم الاضافي أي الصوم من الجهات الاخرى بقطع النظر عن الكذب فهو صائم من الجهات الاخرى وقد افطر من جهة الكذب وان لم يأتي بالمفطرات الاخرى .
الوجه الثالث:- ان يكون المراد بقوله ( وهو صائم ) الصوم اللغوي وان هذا الجملة وان كانت خبرية الا انها في مقام الطلب والمراد ان من كذب في شهر رمضان افطر وعليه قضاءه وهو صائم يعني يجب عليه الامساك التأدبي .
فالحاصل انه لا جزم بتعدد هذه الروايات, لا روايات ابي بصير ولا روايتي سماعة , فالأمر في رواية سماعة لعله كما قال السيد الخوئي واضح الاتحاد وفي روايات ابي بصير وان يكن بذلك الوضوح الا ان الاحتمال وارد فيها , وعليه يحتمل ان تكون هذه الزيادة موجودة فيها وهو يمنع من الاستدلال بالرواية , ويضاف الى ما ذكرناه انه حتى على فرض التعدد فقد يقال ان اشتمال الرواية الاخرى على (الوضوء) مع فرض الفراغ ان الكذب لا يوجب بطلانه وانما المراد به هو نفي الكمال فأنه يؤثر على الرواية التي ليس فيها الوضوء فأنه قد يشكّل قرينة على المراد , لا سيما ان الراوي واحد والسؤال واحد فأنه يشكل قرينة على ان المراد بالرواية التي ليس فيها الوضوء هو نفس ما في الرواية المشتملة على الوضوء والمفروض اننا فرغنا من عدم الظهور في الرواية المشتملة على الوضوء على نفي الصحة ان لم نقل بأنها ظاهرة في نفي الكمال .
وعلى كل حال تبين من هذه المناقشة ان كلا الجوابين غير تام , وعليه فالمناقشة الاولى في الاستدلال _ القائلة ان اقتران الصوم بالوضوء في الروايات يمنع من الاستدلال _ الى هنا يبدو انها تامة .
المناقشة الثانية:- وهي مذكورة في كلمات المتقدمين وحاصلها ان هناك روايات تدل على حصر المفطرات بالأمور الثلاث او الاربع كما في صحيحة محمد بن مسلم (قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال : الطعام والشراب، والنساء، والارتماس في الماء)[1] فكون الكذب على الله ورسوله من المفطرات يكون منافيا للحصر في هذه الروايات وحينئذ قد يقال ان نحمل الروايات الدالة على مفطرية الكذب على نفي الكمال لرفع المنافاة بينها وبين روايات الحصر .
وقيل ان ما يؤيد حمل نصوص الباب على نفي الكمال ما ورد انه يبطل صوم الصائم في الغيبة والسباب ومطلق الكذب وغير ذلك من المحرمات وهو من الواضح ان المراد به نفي الكمال لا نفي الصحة وهناك الكثير من الروايات[2] في هذا المقام , فكأن هذا يؤيد ان تحمل رواياتنا على نفي الكمال .
وهذه المناقشة تعتمد على المعارضة بين الرواية الحاصرة (صحيحة محمد بن مسلم ) وبين نصوص الباب, حيث ان بينهما تهافت فأن الصحيحة تقول ان غير الثلاثة لا يفسد الصوم , وهذه النصوص تقول ان غير الثلاث يفسد الصوم وهو الكذب على الله وعلى الرسول , فنحن بين امرين اما ان نبقي ظهور الصحيحة على حاله ونلتزم به, ونرفع اليد عن ظهور نصوص الباب في المبطلية ونحملها على نفي الكمال , واما بالعكس أي نبقي ظهور نصوص الباب على حاله ونرفع اليد عن الحصر في الصحيحة الحاصرة , وكأنه يراد ان يقال ان ما ذكرنا من الروايات (الواردة في مبطلية الغيبة والسباب ) مرجحة للتصرف في نصوص الباب بحملها على نفي الكمال وابقاء الصحيحة الحاصرة على ظهورها في الحصر .
واجيب عن هذه المناقشة_ الجواب المتكرر غالبا في الروايات الحاصرة_ ان غاية ما يثبت فيها هو الاطلاق, فهي تكون دالة على عدم مفطرية الكذب على الله ورسوله بالإطلاق, لأنها تقول لا يضر الصائم اذا اجتنب ( الاكل والشرب والجماع ) مثلا فمقتضى اطلاقها ان غير هذه الثلاثة لا تضر الصائم فهي تشمل الكذب على الله والرسول بالإطلاق , ويمكن تقييده بما دل على المفطرية بالنسبة الى الكذب كما هو الحال في سائر الموارد الاخرى التي ثبتت مفطريتها وليست هي من الثلاثة كما في تعمد القيء والاستمناء والبقاء على الجنابة .
واما هذه الروايات الواردة في السب والغيبة وغير ذلك فقد ذكر السيد الخوئي انها ضعيفة سندا وعلى فرض تماميتها سندا فلابد من حملها على نفي الكمال , للتسالم على ان هذه الامور لا تبطل الصوم, وهذا غير محل الكلام فليس عندنا تسالم على ان الكذب على الله ورسوله لا يبطل الصوم لكي نحمل هذه الروايات على نفي الكمال , هذا ما ذكره[3] السيد الخوئي (قد) وذكره غيره ايضا .
ويلاحظ على هذا الجواب:-
الملاحظة الاولى : ان تقديم الخاص على العام ليس ثابتا في جميع الموارد , وانما يقدم عليه بأعتبار نكتة الاظهرية أي ان الخاص اظهر من العام في مورده , فمورد الخاص يشمله العام بالعموم بينما الخاص يكون نصا فيه فيكون اظهر من العام , وفي المقام قد يشكك في كون الخاص اظهر من العام, وذلك بأعتبار ان العام هو عبارة عن الحصر الموجود في الرواية الحاصرة وفي قبال ذلك النصوص الواردة في الكذب على الله والرسول فالرواية الحاصرة وان كانت تشمل ذلك بالإطلاق الا ان ظهورها فيه اقوى من ظهور هذه النصوص لأن هذه النصوص قد تقدم ما فيها وعلى الاقل ان النكات التي ذكرت والقرائن الداخلية والخارجية التي ذكرت تقتضي ان هذه النصوص لا يُعمل بظهورها في المبطلية فأن هذه القرائن[4] تضعّف هذا الظهور, وعليه فلا مجال لتقديم الاخص على الاعم والالتزام بالتقييد .
الملاحظة الثانية : وهي الملاحظة المهمة انه اذا رجعنا الى الرواية الحاصرة نجد انها لو كانت مقتصرة على الحصر لكان من الممكن ان يقال ان ظهور الروايات يساوي ظهور هذه الرواية , لكن هذه الرواية فيها (عدد) حيث قالت لا يضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال وهذا ما يؤكد الحصر, فكيف يمكن تحويل العدد من ثلاث الى اربع او خمس , والظاهر ان هذا يقوي ظهور الرواية الحاصرة في الحصر على الاقل بأن نقول ان ظهورها اقوى من ظهور نصوص الباب في المبطلية ومن هنا نقول ان الالتزام بالتقييد لا يخلو من صعوبة كما ذكرنا , ومن هنا يظهر ايضا ان المناقشة الثانية تامة ايضا .
أي انه على فرض التسليم بظهور الروايات في المبطلية عند الكذب على الله ورسوله لكن في المقابل توجد صحيحة حاصرة وهذه الصحيحة الحاصرة تنفي المبطلية فيما عدا هذه الامور الثلاثة .
قد يقال ان هناك موارد ثبت فيها الحكم بالمفطرية قطعا وهي غير الموارد الثلاث كتعمد القيء والبقاء على الجنابة فما هو الجواب عن ذلك ؟
ويجاب عن ذلك بإمكان ادخال هذه الامور (غير الثلاثة) بأحد العناوين الثلاثة مثلا ادخال الاستمناء في عنوان النساء أي ان يكون المقصود من النساء مطلق خروج المني , وادخال الاحتقان في المائع مثلا وتعمد القيء في عنوان الاكل والشرب .